الفقه والأخبار النبويه والتفاسير سيماء في فقه الناصر عَليه السلاَم ، كان لباسه شملتين من خشن الصوف الأ غبر وكوفية صوف ،وكان يأكل من الطيبات ،وقال: هي تستدعي خالص الشكر ،وكان يحي الليل قياما والنهار ذكرا وفكرا ودرسا للعلوم ، وكان يلزم الخلوة ،ويقف في المساجد المهجورة ، يغلق عليه فيها وعمَّر مائة سنه وإثنين وثلاثين سنة فلما عجز عن القيام كان يحي الليل صلاة من جلوس ،وكان له كرامات تروى وفضائل تحكى منها أن جذم غزو اليمن ــ وهم الترك ــ قصدوهم الى بلدهم وأدي الجار، فلزموه وساروا به نحو اليمن كل رجل ممسك بيد وفارس من خلفه قال لي رَحمه الله تعالىَ : رمحه بين جنبيه فجعلت أقرى <يس> وإذا أنا مستقيم، والرجَّالين سايرين، والفارس، وأنا مستقيم حتى تواروا عليَّ بحَمد الله ومنها روى لي سيدي ابراهيم بن احمد قال : زاره الخضر عَليه السلاَم أربع مرات يكالمه ويحادثه ويعلمه أدعية مجابة .
ومنها قال لي : نزعت في الليل من بير في الجلب دلوا وأردت أزيد الاخر سمعت قائلا يقول :قد دلوا ياسيدنا يكفيك ، وقال: واظنه ياولدي من الجن .(1/61)


ومنها أنه حصورما يعرف النساء ، قال: ولايعرف أنه احتلم . ومنها روى لي السيد العالم الفاضل احمد بن عبد الله بن ضمُرة عن ابن عمه السيد........ زمانه وبركة أوانه علي بن عبد الله بن محمد بن أمير المؤمنين يحى بن حمزة عن إبراهيم الكينعي ــ رَحمة الله تعالىَ ــ قال قال أخ من أخوان حسن بن سليمان ويقال له: ـــــــــــــ وكان صالحا عابدا فجائه وهو مسجى ميت فقال: السلام عليك يافلان ففتح عينه ساعة ثم أطبقها . وروى القاضي حسن بن محمد الشامي ،وهو رجل من فضلاء الزيدية زاهداً، عابداً صوَّاماً قواماً، أن القاضي حسن بن سليمان قال : كنت أحمي جربة لنا في وادي الجار فجائني جماعة أظنهم صلحاء قطعت لهم خمس عشرة سبولة كبيرة ، صعيفا ، فقالوا :سرنا من أسفل الوادي الى أعلاه فما ذقنا فيه صعيفاً ،قال فجائت الجراد فأكلت الوادي كله ما سلم فيه إلا جربتنا تلك ،فقال :له القاضي هذا ببركة الصالحين أو بركة الصدقة ، قال الراوي: بل هي كرامة لحسن بن سليمان ، أعاد الله من بركات الصالحين ، ونفحنا بمثل ما نفحهم ،ووفقنا لمثل ما وفقهم آمين آمين .
وكان محباً لأهل البيت ويعتقد أنما أحد منهم يدخل النار ويحتج بايات من كتاب الله العزيز ومن السنة النبوية والاثار المروية .(1/62)


ولما فتح الله تعالى على الامام المهدي لدين الله على بن محمد بذمار وبلادمذحج ، قال لي يوماً لابد لي من إعانة هذا الإمام وولده صلاح عَليهما السلاَم لاسلبهم الله ما خولهم، وحفظ عليهم ما أعطاهم ، بهذا اللفظ لكن ياولدي ما جيت وأنا أحسنه إلا أني أكون أخزن لهم التبن لأن السوس يخونون فيه ويبيعونه ، قلت: صانك الله من ذلك ، فكان يخترف في وادي الجربتين، ووادي عرقب ،وكانوا يعظمَّونه ويتبركون به فحثهم على تأدية الزكاة الى الأمام عليه السلام فامتثلوا وسلموا الحقوق الواجبة ماء ينا والوفاء وهم أهل شوكة وغلبة وأكثرهم كانوا زراعا فأهطعوا المراسمة ،وكان ياخذ من واجبات الواديين والسفل قدر الربع يفرقها على اخوانه المسلمين والضعفاء والمساكين ،والثلاثة الارباع موفرة للجهاد الى الأمام والى ولده ، وشمَّر في حث الناس على الجهاد بين يدي الأمام وولده الناصر عَليهم السلاَم ،وجمعا الأموال التي كان يطلعها أوقارا من البهائم ألوفا وماءينا وكان ربما يصير من هذا الربع الى اخوان ابراهيم الكينعي ،والى أيتام اخوانه منه شيئاً. رأيت في مكة المشرفة بخط السيد الامام احمد بن الجيلاني أعاد الله من بركته زاهد الحسن بن سليمان من وادي الجار قريباً من مدينة ذمار ،وكان هذا السيد من العلماء المبرزين، الراسخين، المجتهدين، العبَّاد، الزاهدين، الورعين، المتقشفين ، خرج من الجيل والديلم لزيارة مولانا الامام المؤيد بالله يحي بن حمزة أبن رسول الله فوصل وقد توفي عَليه السلاَم، فزار الامام المهدي لدين الله على بن محمد بصعدة ،وسار الى اليمن لزيارة ولده الأمام الناصر وهو سيد يقرء في مصنعة بني قيس، ولزيارة هذا القاضي حسن بن سليمان نفع الله بهم الجميع .(1/63)


ولهذا السيد تصانيف في العلوم، وفي الزهديات ما يشفي ، رأيت له كتابا نفيسافي مكة المشرفة يسمي <الصفوة في زهد الصحابة > ــ رضي الله عنهم ــ في علم المعاملة فيه ما يدل على فضله وكرم أصله وقال في آخره: أبياتاً: قال قائلها أحمد بن أمير الحسني استحسنها وهي:
... ... ... أيانفس إن تطلبي عافية ... ... فلابد أن تلزمي زاوية
... ... ... فأكثر أبناء هذا الزمان ... ... سباع إذا فتشوا ضارية
اكف عن الخير محبوسة وألسنة بالختا جارية
... ... ... فطوبا لمستحلس بيته ... ... قنوع له بلغة كافية
... ... ... نداماه دون الورا كتبه ... ... فلا اثم فيها ولا لاغية
... ... ... فإن ضاق يوما بها صدره ... تضجر في خفية خافية
... وأمَّا رياضته في إذلال نفسه
أعني ابراهيم الكينعي، فكان لايعد نفسه إلامن أعظم الاعداء عليه قال رَحمه الله: النفس أعدا الاعداء لأن الشيطان يوسوس وهي تقتل نفسها بنفسها جهاراً ، قلت له يوماً : كيف سيدي ؟ قال :وما حال من هو هكذا ؟ ، وأنشد في ما قاله بعضهم ، قيل: أنها للشافعي:
... ... إني بليت بأربع ماسلطو ... الا لعظم بليتي وعناي
... ... إبليس والدنيا ونفسي والهوا ... كيف السبيل وكلهم أعدئي(1/64)


... وما علم منه أنه ذكر نفسه بخير ولاقومه ولاقوله ولاعمله ،و لاافتخر بشيء مما على الدنيا ، زاره الأمام الناصر لدين الله أمير المؤمنين محمد بن على ابن محمد بمدينة ذمار وكان ــ رحمه الله تعالى ــ في دهليز لبعض اخوانه ، فسَّلم عليه وقبَّل يده في الظلام ، وقال للأمام : إن علم الله مني محبته لوصولك اليّ لم يكن لي جزاء الا النار (1). وزاره رجل فاضل ، فقال : أتينا من أرض بعيدة لزيارتك ، فقال له : أمثلي يزار ..؟ أمثلي يؤتا ؟ وبكى ، وغشي عليه طويلا ، فسقط ما في يد ذلك الرجل وظن أن قد فارق الحياة ، وتلك غشية تصيبه الفينة بعد الفينة . وإذا دخل عليه زائر ومسلم أقعده على مصلاه ،ووقف بين يديه مطرقا ، لعل يطرق سمعه كلمة حكمة ، وكذا إن زار أحدا من اخوانه ،وقف بين يديه ، وكان يزور العلماء ليلا ونهارا ، وقبورهم إن كان معه أحد ، قال له زرو جدك وأنا وجدي ،وقال: يوما عقب زيارته لمشهد السيد الأمام المهدي بن قاسم رحمه الله تعالى : أحجراً تطوف بأحجار ! .. أين القلوب أين القلوب يالهفاه ؟ ؟ وكررها مرارا .
__________
(1) ـ ( في حاشية من النسخة الأصلية ) لعل هنا ........... كلام يتحقق والمعنى مستقيم وذلك أن الكينعي أحمد قد أخرج حب الشهوة من قلبه ومعنى كلامه أن إذا علم الله محبة من الكينعي لزيارة الإمام له لأجل الشهرة والفخر فليس له جزاء إلاّ النار ولهذا صح المعنى .(1/65)

13 / 50
ع
En
A+
A-