مسألة يجوز التخصيص بالعقل نحو: {الله خالق كل شيء}.
مسألة يجوز تخصيص الكتاب به كقوله تعالى: {وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن}، فإنه مخصص لعموم {والمطلقات يتربصن بأنفسهم ثلاثة قروء} وبالسنة المعلومة وبالظنية وبالإجماع كآية القذف فإن عموم الموصول فيها يوجب الثمانين للحر والعبد فخص بالإجماع على تنصيف الجلد في حق العبد كالأمة المنصوص عليها وهو لتضمن المخصص.
مسألة ويجوز تخصيص السنة بها وبالكتاب(1) وبالإجماع.
__________
(1) ـ كتخصيص خبر مسلم البكر بالبكر جلد مائة بقوله تعلى: {فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب}. تمت(1/41)


مسألة ويجوز التخصيص بالمفهوم نحو في الأنعام زكاة، في السائمة زكاة. يجوز التخصيص بفعله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كما لو قال الاستقبال لقضاء الحاجة حرام على كل مسلم ثُمَّ فعل، أو صوم عاشوراء واجب على كل مسلم، ثُمَّ ترك، فإن ثبت اتباع الأمة له فيه بدليل خاص به كما لو قال أو لا حرام على كل مسلم الصلاة مكشوف الرأس، ثُمَّ صلى كذلك فنسخ للعام بشرطه لوجوب التأسي به فيه لأجل الخاص وهو قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: <صلوا كما رأيتموني أصلي>، وإن ثبت الإتباع بعام وهو دليل التأسي كان دليل التأسي مخصصاً بالعام الأول الذي هو حرام على كل مسلم الخ وإذا كان الخطاب. عاماً للأمة دونه ففعله لا يكون تخصيصاً، وأما بالنسبة إلى الأمة ففيه من التفصيل ما ذكر(1) من أنَّه إن ثبت إتباع الأمة له فيه إلى آخره ويجوز تخصيص العام بتقريره صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فإن تعين معنىً هو العلة لتقريره الحق به مشاركة فيه نحو ما روي أنَّه صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن قتل الهَرِمين، ثُمَّ لما بلغه قتل دريد ابن الصمة في أوطاس لم ينه عن قتله بل قرره، فكان تخصيصاً لمن كان هرماً ذا رأي، وإن لا يتبين معنىً هو العلة الحق به غيره؛ إذ لا دليل على الفرق ويكون العام منسوخاً بشرطه، وأما التخصيص بالقياس فمحل اجتهاد(2) يعمل بالأرجح من الظن الحاصل بالعام والحاصل بالقياس(3).
__________
(1) ـ سبق نسخ.
(2) ـ والراجح عدم جواز التخصيص للكتاب والسنة بالقياس لحديث معاذ بل ولقوله تعالى: {وإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول} ومن رد إلى الكتاب والسنة فوجد العموم فقد وجد الحكم فيهما فوجب عليه أحكامهما. تمت منه
(3) ـ فإن ثبت عليه العلة ينص أو إجماع جانباً لتخصيص به؛ لأن ذلك كالنص الخاص وإلا فلا. تمت(1/42)


مسألة ولا يجوز التخصيص بمذهب الصحابي غير علي عليه السلام نحو ما روي أن ابن عباس روى عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم: <من بدل دينه فاقتلوه، وكان يذهب إلى أن المرتدة لا تقتل، ولا يجوز التخصيص بالعادة الجارية بترك بعض ما تناوله العام، كان يستمر منهم تناول البر دون سائر المطعومات، ثُمَّ يأتي النهي عن بيع الطعام بالطعام، وليس من ذلك ما نقله عرف اللغة إلى غير معناه الأصلي كأن يكون عرفهم إطلاق الطعام على البر مثلاً، ثُمَّ يأتي النهي المذكور فإنه مخصص، وإذا أفرد الشارع فرداً من أفراد العام بالذكر وحكم عليه بما حكم على العام لم يخصصه مثاله قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: <إذا دبغ الإهاب فقد طهر> وما روي أنَّه صلى الله عليه وعلى آله وسلم مر بشاة ميتة، فقال: <هلا استمتعتم بإهابها> فإن الثاني فيه ذكر بعض حكم العام وتعقيب العام بما يكون مختصاً ببعضه لا يقتضي(1) تخصيصه سواء كان ذلك ضميراً مثل: {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء}، ثم قال: {وبعلوتهم أحق بردهن} فالضمير في {بردهن} للرجعيات دون البوائن، أو استثناء مثل: {لا جناح عليكم إن طلقتم النساء..} إلى قوله: {إلا أن يعفون} فإن لفظ النساء يشمل الصغيرة والمجنونة، والعفو يختص المالكات لأمورهن أوامراً من الأمور مثل: {إذا طلقتم النساء فطلقوهن..} إلى قوله تعالى: {يحدث بعد ذلك أمراً} أي رغبة في مراجعتهن وذلك مختص بغير البوائن.
ولا يجوز التخصيص بمقدر مخصوص في المعطوف مثل قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: <لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده> وذلك بأن يقدر في المعطوف بكافر، ثُمَّ يخص بأن يقدر بحربي فلا يلزم من تخصيصه تخصيص المعطوف عليه فلا يقتل المؤمن بالذمي.
__________
(1) ـ وقد يقال ظاهرالعموم الأول يقتضي الإستغراق وظاهر المختص ببعض يقتضي الرجوع إلى جميع ما تقدم فيكون ذلك محل اجتهاد. تمت(1/43)


مسألة يبني العام على الخاص إن تقارنا(1) بأن يتصل أحدهما بالآخر أو تفارقا لمدة لا تتسع للعمل أو جهل التاريخ أو تقدم الخاص بمدة تتسع للعمل، فإن تأخر الخاص بمدة تتسع للعمل فناسخ.
فصل
ويلحق بالعام والخاص المطلق والمقيد، فالمطلق الدال على شائع في جنسه والمقيد المخرَج من شائع بوجه كرقبة مؤمنة، والتقييد كالتخصيص فيما ذكر.
مسألة وهما إن اتحد سببهما وحكمهما نحو: إن ظاهرت فاعتق رقبة، وفي موضع آخر: فاعتق رقب مؤمنة يكونا كبناء العام على الخاص بشروطه، وإن اختلفا حكماً نحو: اكس تميمياً وأطعم تميمياً عالماً لم يحمل المطلق على المقيد سواء اختلفا سبباً أو لا إلاَّ إذا استلزم حكم المطلق بالاقتضاء أمراً ينافيه حكم المقيد إلاَّ عند تقييده بضد قيده نحو: أعتق عني رقبة مع لا تملكني رقبة كافر، فإنه يجب تقييد المطلق حينئذ بضد قيد المقيد وهو الإيمان، وإن اختلفا سبباً لا حكماً كإطلاق الرقبة في كفارة الظهار واليمين وتأييدها بالمؤمنة في كفارة القتل فالحكم واحد وهو وجوب الإعتاق والسبب مختلف حمل المطلق عل المقيد إن قام دليل على الحمل من الأدلة المقتضية للحمل وإلا فلا ويكون تقييد المطلق بالقياس كتخصيص العام(2) بالقياس.
باب المجمل والمبين
المجمل: ما دلالته غير واضحة.
__________
(1) ـ وذلك صوناً للكلام الحكيم عن الإلغاء مع إمكان الجمع وتقدم الخاص قرينة فلا يضر تراخي التعميم ولأن دخول الخاص في العام ظنية ودلالة الخاص على ما دخل تحته قطعية فلا يبطل القطعي بالظني، وليس العمل بهما كتعارض العمومين أو الخصوين لتعذر الجمع في هذا. تمت
(2) ـ وقد مر في الحاشية ما هو الراجح في القياس في العموم عند ذكر التخصيص بالقياس. تمت ص: 5.(1/44)


مسألة ولا إجمال في نحو: حرمت عليكم الميتة بما أضيف فيه التحليل والتحريم إلى الأعيان، ورفع عن أمتي بدلالة العرف على تعيين المحذوف كالأكل في المأكول والشرب في المشروب واللبس في الملبوس والوطء في الموطوء، ورفع حكم ما صدر عن الخطأ والنسيان، وهو في العرف المؤاخذة والعقاب ولم يسقط الضمان، أما أنَّه ليس بعقاب أو بخبر آخر مخصص لعموم هذا الخبر، ولا إجمال في نحو: لا صلاة إلاَّ بوضوء لا عمل إلاَّ بنية الأعمال بالنيات لحمله على الصحة؛ لأنَّه الأقرب إلى نفي الذات وهذا إن لم يثبت في مثله عرف، فإن ثبت عرف شرعي في إطلاق الصلاة ونحوها على الصَّحيح كان المعنى: لا صلاة صحيحة، وإن ثبت عرف فيه لغوي وهو أن مثله يقصد منه نفي الفائدة والجدوى، نحو: لا علم إلاَّ ما نفع ولا كلام إلاَّ ما أفاد تعين ولا في نحو: {امسحوا برؤوسكم} لظهور التعميم؛ لأن الرأس حقيقة في الكل ولا في آية السرقة لظهور اليد في الكل والقطع في الإبانة.
وأما اللفظ(1) المشترك بين معنيين فصاعداً كقرء وعين وماله محمل لغوي ومحمل في حكم شرعي نحو الطواف بالبيت صلاة فإنه يحتمل أن يسمى صلاة لغة ويحتمل أنَّه كالصلاة في اشتراط الطهارة، وماله مسمى لغوي ومسمى شرعي كنهيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن صوم يوم النحر فإن حمل على الشرعي جازالإمساك من غير نية وإن حمل عل اللغوي لم يجز فمجمل.
فصل
البيان يقال عَلَى الفعل أي فعل المبيِّن وعلى الدليل وعلى المدلول، والمبين خلاف المجمل ويقع ابتداء كالسماء والأرض ومسبوقاً بالإجمال ويقع في الفعل مع وجود قرينة تعلقه بالمجمل حتى يكون بياناً كصلاته وحجة ومثله الترك والتقرير كتركه التشهد الأول بعد فعله أو تقرير تاركه فإنه يكون بياناً لكون غير واجب.
__________
(1) ـ مبتدأ خبره مجمل.تمت(1/45)

9 / 13
ع
En
A+
A-