مسألة وفي لفظ الخبر مسائل منها ألفاظ الصحابي درجات أعلاها أن يقول سمعته أو حدثني أو أخبرني أو نبأني أو شافهني أو شاهدته يفعل وكل ما يدل على عدم الواسطة صريحاً، ثُمَّ قال: أو أخبر أو حدث ولم يضفه إلى نفسه، ثُمَّ أمر أو نهى ثُمَّ أمرنا أونهينا، ثُمَّ من السنة ثُمَّ عنه ص ثُمَّ كنا نفعل وكانوا يفعلون لظهور فعله في زمان عليه السلام وعلمه به (ما ذكره الصحابي) من الأحكام مما لا يمكن إثباته بالاجتهاد أو الاستنباط (فتوقيف) محمول على نص سمعه نحو أن يقول: من فعل كذا فله كذا وإلا الظاهر الاجتهاد منه أو أخذه عن بعض المجتهدين، ومنها رواية غير الصحابي مراتب أعلاها سماعه من الشيخ، ثُمَّ قراءته عليه أو قراءة غيره بمحضرة ثُمَّ كتابة الشيخ إليه سواء كان حاضراً أو غائباً ثُمَّ إجازته وأعلاها المناولة وصورتها أن يدفع إليه اصل سماعه أو فرعاً مقابلاً به، ويقول: هذا سماعي أو روايتي عن فلان أجزت لك روايته، ثُمَّ يبقيه في يده أو إلى أن ينسخه أو يجيء الطالب إلى الشيخ بكتاب من حديثه فيعرضه عليه فيتأمله الشيخ، ثُمَّ يعيده ويقول: أجزت لك روايته عني أو اروه عني ويسمى هذا عرض المناولة ثُمَّ الإجازة لمعين في معين نحو أجزت لك أن ترو عني الكتاب الفلاني أو ما اشتملت عليه فهرستي هذه، ثُمَّ الإجازة لمعين في غيره معين نحو: أجزت لك أو لكم جميع مسموعاتي أو مروياتي، ثُمَّ إجازة العموم في خاص كأجزت للمسلمين أو لكل أحد أو لمن أدرك زماني أن يروي عني الكتاب الفلاني، ثُمَّ العام في العام كأجزت للمسلمين أن يرووا عني جميع مسموعاتي، وإجازة العموم لم يستعملها أحد من الذين يقتدي بهم ولا يصح إجازة المعدوم ولو لنسل فلان أو من يوجد من بني فلان، ثُمَّ الوجادة وهي عن الخط فيقول الواقف على الخط وجدت وقرأت بخط فلان ويسوق الإسناد والمتن ويجوز الأخذ بما صنفه العالم، وإن لم تحصل تلك الطرق وله أن يرويه مذهباً له إن لم يظن أن له(1/16)
قولاً غيره متأخراً، وله أن يقول: قال في كتابه الفلاني، ومنها (المرسل) وهو ما أسقط فيه راوي أو أكثر ويقبل مرسل من غلب على الظن أنَّه لا يرسل إلاَّ عن عدل، (والتدليس) يكون إما بتسمية الشيخ المروي عنه بغير المشهور من اسم أو كنية أو نحو ذلك أو بسبب إسقاط لبعض رجال السند فإن كان التدليس بالتسمية بغير المشهور(1) أو بالإسقاط لضعف فغش منه يجرح به وإلا فكالإرسال في عدم الجرح به وفي قبوله، ومنها النقل للحديث بالمعنى وهو جائز للعارف بمواقع الألفاظ، ومنها نسيان الأصل رواية الفرع بلا تكذيب غير قادح في ذلك الحديث فيعمل به، ومنها زيادة أحد الرواة وهي مقبولة إن تعدد المجلس أو جهل أو اتحد وجاز ذهول الآخرين وكذلك حكم الراوي الواحد إن زاد مرة أو مرات أو حذف الزيادة مرة أو مرات، وكذا يقبل ما أسنده الواحد والباقون أرسلوه أو رفعه إلى الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم والباقون وقفوه على الصحابي، وكذا ما أسنده واحد تارة وأرسله أخرى أو رفعة تارة ووقفه أخرى، وحذف بعض من الخبر لا يتعلق بالمذكور جائز من العارف بمواقع الألفاظ.
__________
(1) ـ في الأصل أو إلاَّ بالإسقاط ولعلها كما أثبتنا وهي في بعض النسخ. تمت(1/17)
مسألة في مدلول الحديث، مسائل منها أنه يُرَد من أخبار الآحاد مخالفة الدليل القطعي إن لم يقبل التأويل ومخالف الصحابي غير الوصي عليه السلام للنص الذي يرويه وحمله للظاهر على خلافه لا يقدح ذلك فيهما بل يعمل بالنص وعلى الظاهر وإذا روي مجملاً وحمله على وجه من الوجوه المحملة له فالظاهر أن حمله على ذلك لقرينة معينة له فنحمله على ما حمله عليه إلاَّ أن يظهر وجه راجح يوجب تعيين غير ذلك الاحتمال فالواجب إتباعه، ومنها خبر الواحد إذا ورد فيما تعم به البلوى كالوضوء من مس الذكر فإنه مقبول، ومنها أن الأحادي(1) مقبول في الحدود والمقادير، ومنها أن مخالف القياس من كل وجه مقدم على القياس.
فصل
الإجماع عام وخاص، فالأول: اتفاق المجتهدين من أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم في عصر على أمر. والثاني الاتفاق من العترة كذلك.
مسألة(2) وهما حجة شرعية وإجماع من عداهما ليس بحجة.
مسألة وقول الوصي عليه السلام أو فعله حجة.
مسألة والتابعي معتبر مع الصحابة والقادر المجتهد كالتابعي معهم ولا يعتبر من سيوجد ولا غير المجتهد ويعتبر الفاسق وكافر التأويل إن صح ولا يختص الإجماع بالصحابة وحدهم ولا يشترط عدد التواتر فالواحد حيث لم يبق غيره من المجتهدين حجة لمضمون الدليل ولا يشترك انقراض الأصل.
مسألة إذا قال بعض وسكت بعض قبل تقرر المذاهب وانتشر فعرف به الباقون ولم ينكره أحد منهم فإن علم قطعاً أن سكوتهم عن رضا وذلك بأن يطلع على أحوال الساكتين وكون المخالف في المسألة آثم يجب إنكار قوله ونحو ذلك فإجماع، وإن لم يعلم فحجة ظنية؛ لبعد السكوت عادة مع المخالفة.
__________
(1) ـ ولصاحب الفصول كلام يجب أن يعرف.
(2) ـ وإجماع الصالحون حجة ظنية اهـ منه.(1/18)
مسألة ويجب السند ولو قياساً أو اجتهاداً بالمعنى الأخص وهو مالا أصل له معين يرجع إليه فما أجمع على موجبه من الأدلة إن كان قطعياً عند أهل الإجماع ومن بعدهم فهو السند وإلا فإن علم أنهم أجمعوا لأجله بأن ينصوا على ذلك أو يتنازعوا أو توقفوا ثُمَّ انقطع التنازع أو التوقف عنه فهو السند أيضاً وإن لم يعلم فمحتمل.
مسألة واختلاف المجتهدين على قولين أو أقوال لا يمنع مَن بعدَهم من أحداث قول غير رافع لما سبق كالمذبوح بلا تسمية، قيل: يحل مطلقاً، وقيل: لا يحل مطلقاً، فالحل مع السهو والتحريم مع العمد غير رافع للقولين.
مسألة يجوز إحداث دليل أو تأويل لم يقولوا به أهل العصر الأول ولم ينصوا على بطلانه.
مسألة ويمتنع عدم علم الأمة براجح مع العمل بمقتضاه حيث كان مشهوراً وإلا جاز.
مسألة والاتفاق من أهل العصر الثاني على أحد قولي الأولين إجماع يجب إتباعه.
مسألة والاتفاق من أهل العصر عقيب خلافهم المستقر إجماع.
مسألة إذا لم تفصل الأمة بين مسألتين فإن صرح أهل الإجماع بعدم الفصل أو علم أن طريقة الحكم التي هي الدليل فيهما واحدة لم يجز الفصل، وذلك كالفصل بين الجماع ناسياً والأكل ناسياً بأن أحدهما يفطر دون الآخر والإجماع ممن تقدم أن لا فصل بينهما وإلا جازا كالفصل بين مسألة الزوج والأبوين، ومسألة الزوجة والأبوين بعد أن قال بعض السابقين: للأم ثلث الأصل قبل فرض الزوج والزوجة، والبعض الآخر: للأم ثلث الباقي بعد فرضهما.
مسألة ويمتنع إجماع أهل العصر الثاني على خلاف إجماع أهل العصر الأول.
مسألة ولا يصح ردة كل الأمة في عصر من الأعصار.(1/19)
مسألة يجوز أن يتمسك بالإجماع فيما لا يترتب الإجماع عليه سواء كان عقلياً أو شرعياً أو لغوياً، وأما ما يتوقف العلم بكون الإجماع حجة على العلم به فلا يصح، فالأول كحدوث العالم، والثاني كوجود الباري وصحة النبوة، وأما الدنيوية فإن تعلق بها عمل واعتقاد فهو حجة فيها لرجوعه إلى الدين كأن يجمعوا على عدم جواز الحرب في موضع معين وإلا فلا كأن يجمعوا على أن التعريس في موضع معين.
مسألة والإجماع قطعي وظني فالقطعي ما نقل إلينا متواتراً، والظني ما نقله الآحاد والسكوتي الذي لم يعلم قطعاً أن سكوتهم عن رضا والقطعي لا يعارض وأما الظني إذا عارضه نص ظني فالجمع واجب إن أمكن وإلا فالترجيح.
مسألة الآخذ بأقل ما قيل في المسألة إذا لم يجد دليلاً على ما عداه آخذ بالإجماع والاقتصار على أقل ما قيل إنَّما هو لفقد الدليل بعد البحث عن مدارك الأحكام فالإثبات في البعض بالإجماع والنفي عن البعض الآخر لفقد الدليل أو بالاستصحاب.
فصل
القياس هو إلحاق معلوم بمعلوم في حكمه أو نقيضه.
للاشتراك في العلة أو للافتراق فيها.
مسألة من شروط حكم الأصل هنا شرعيته ومنها فرعيته إذ لو كان أصلاً لأدى إلى كون الحكم في الفرع كذلك ومنها بقاؤه ومنها ثبوته عند القائس ومنها انتفاء شمول دليله حكم الفرع إلاَّ أن لا ير الخصم الشامل حجة، ومنها أن لا يكون ثابتاً بقياس ومنها أن لا يكون معدولاً به عن سنن القياس وهو قسمان:
الأول مالا يعقل معناه وهو قسمان أيضاً، قسم أخرج عن قاعدة مقررة كشهادة خزيمة، وقسم لم يخرج عن قاعدة كمقادير العبادات.(1/20)