مسألة والحقيقة إن تعددت لفظاً ومعنى (فمتباينة) كالإنسان والفرس، وإن تعددت لفظاً واتحدت معنىً (فمترادفة)كليث وأسد، وإن اتحدت لفظاً ومعنى فإن منع تصور معناه الشركة فيه (فجزئي) كزيد، وإن اشترك فيه كثير (فمتواطئ) إن استوت أفراده كالإنسان بالنسبة إلى أفراده فإنها كلها مستوية في الإنسانية وهو المشترك المعنوي، وأن لا تستوي (فمشكك) كالموجود للقديم والمحدث، وإن وضع اللفظ لكل من تلك المعاني التي يستعمل فيها وضعاً مستقلاً فهو (المشترك) اللفظي كعين للجارحة والجارية.
مسألة والمجاز واقع وفي الكتاب والسنة والعلاقة معتبرة لا آحاد المجاز فلا يجب نقله.
مسألة ويعرف المجاز بالنص عليه من أئمة اللغة إما بعينه أو بحد شامل أو بذكر خاصته نحو هذا لفظ مستعمل في كذا لعلاقة أو بالاستدلال إما بسبق غيره إلى الفهم راجحاً لولا القرينة، أو لاستحالة تعليقه بما علق به نحو نطقت الحال بكذا وكاليد والوجه إذا علقتا بالله تعالى ونحو ذلك كعدم اطراده نحو نخلة لطويل غير إنسان.
مسألة ولا مانع من إرادة المعنى الحقيقي والمجازي معاً فيصح مجازاً ويراد المجموع الإفرادي الصادق على ما وضع له وما لم يوضع كالمس مثلاً في قوله تعالى: {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن}[البقرة: 237] فإنه حقيقة في اللمس باليد مجازاً في الوطء (فوجب المهر بالدخول وبالخلوة) (1).
__________
(1) ـ هكذا وجدت هذه الجملة التي بين القوسين في الأم.(1/6)


مسألة وإذا دار اللفظ بين الاشتراك والمجاز فترجيح أحدهما على الآخر موكول إلى نظر الفقيه فيعمل بما هو الأرجح من حمله على المجاز أو الاشتراك وذلك كالنكاح مثلاً فإنَّه يحتمل أن يكون حقيقة في الوطء مجازاً في العقد وأن يكون مشتركاً بينهما والمجاز أولى من النقل مثاله: لو أطلق الشارع الصيام على الإمساك المخصوص وترددنا في أنَّه وضعه له بحيث نطلقه عليه بلا قرينة أو لم يضعه له وإنما استعمله فيه مجازاً من قبيل إطلاق اسم الكل على البعض فالحمل على المجاز أولى.
مسألة الواو للجمع المطلق عن التقييد بترتيب أو معية.
باب الأحكام
مسألة الحاكم الشرع والعقل.
مسألة والحكم ما ثبت بخطاب الشارع أو بالعقل تعليقه بفعل المكلف اقتضاءاً(1) أو تخييراً أو وضعاً(2) (وهو تكليفي ووضعي) فالأول عام للشرعي والعقلي وهو خمسة أقسام؛ لأن معرف الحكم إن اقتضى الفعل حتماً فمعرف الوجوب أو غير حتم فمعرف الندب، وإن اقتضى الترك حتماً فمعرف الحظر أو غير حتم فمعرف الكراهية وإن خير فمعرف الإباحة، والواجب والمندوب والمباح والمكروه والمحظور الفعل المتصف بذلك أي بالوجوب ونحوه.
مسألة والواجب ما توعد الشارع على تركه ويرادفه الفرض وينقسم إلى معين ومخير وإلى فرض عين وكفاية وإلى مضيق وموسع وأداء وإعادة وقضاء وإلى مطلق ومقيد.
مسألة والأداء ما فعل أولاً في وقته المطلوب، والإعادة ما فعل فيه ثانياً لخلل، والقضاء ما فعل بعده لترك أو خلل.
مسألة وما لا يتم المطلق إلى به وكان مقدوراً واجب بوجوبه إلاَّ الشرط الشرعي فبدليل منفصل.
مسألة المندوب ما أمر به صلى الله عليه وعلى آله وسلم ندباً، فإن واظب عليه فمسنون وإلا فلا.
مسألة والمحظور ما يذم فاعله ويرادفه القبيح والحرام.
__________
(1) ـ وهو الطلب أعني الأمر بالشيء.
(2) ـ هو عبارة عن جعل الشيء سبباً أو شرطاً أو مانعاً.(1/7)


مسألة والمكروه ما يمدح تاركه ولا يذم فاعله وقد يطلق على الحرام كقول أصحابنا: يكره النفل(1) في الثلاثة الأوقات وعلى ترك الأولى كالمندوبات إذا تركت.
مسألة والمباح ما لا يمدح على فعله وتركه ويرادفه الطلق والحلال والجائز وقد يطلق الجائز على غيره.
مسألة والحكم الثابت على خلاف دليل الوجوب أو الحرمة لعذر رخصة وعليه عزيمة.
مسألة والمحكوم فيه الأفعال والمكلف به في النهي فعل هو الكف.
مسألة والمحكوم عليه المكلف، (والثاني) ـ أي الوضعي ـ خاص بالشرعي وهو ثلاثة أقسام لأنَّه إن حكم على الشيء باستلزام وجوده وجود حكم فالمسبب كالزنا فإنه حكم فيه بكونه سبباً لوجوب الجلد، وإن حكم على الشيء باستلزام وجوده عدم حكم أو سبب (فالمانع) كالأبوة في القصاص فإن كون الأب سبباً لوجود الابن يقتضي أن لا يكون الابن سبباً لعدمه وكالدين في الزكاة فإن السبب النصاب والحكمة سد خلة الأصناف (والمانع) وهو حكمة الدين التي هي براءة الذمة يخل بحكمه السبب وإن حكم على الشيء باستلزام عدمه عدم حكم أو سبب (فالشرط) كالحول في وجوب الزكاة فإنه الشرط والحكم وجوب الزكاة وحكمة الحكم مواساة الفقراء ووجوبها من دونه يؤدي إلى الإضرار بذي المال وكالإحصان في سببية الزنا للرجم فإن الحكمة في سببيته الزجر عن ارتكاب ما يوجب اختلاط الأنساب ولو اعتبرت من دون إحصان لأدى إلى كثرة إتلاف النفوس لقوة دواعي الشهوة من غير المحصن.
مسألة والحكم بالصحة والبطلان عقلي فيكونان حكمين عقليين والصحة ترتب الآثار والبطلان نقيضها (والأثر) موافقة الأمر عند المتكلمين وسقوط القضاء عند الفقهاء فالصلاة بظن الطهارة صحيحة على الأول لا الثاني وإلا جزاء كالصحة ولا يوصف به إلاَّ العبادات.
باب الأدلة الشرعية
الدليل ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خبري.
فصل
الكتاب هو المنزل للإعجاز وغيره، والإعجاز بسورة من جنسه.
__________
(1) ـ يظهر أن المذهب أن الكراهة للتنزيه فقط.(1/8)


مسألة البسملة منه في أول كل سورة غير براءة.
مسألة القراءات السبع(1) متواترة أصلاً، وهو جوهر اللفظ كـ (مالك وملك) وهيئة كالتفخيم والترقيق وتخفيف الهمزة وأصل المد والإمالة لا التقدير(2).
مسألة والشاذ معمول به في الفروع كالآحاد ولا يحتمل أن يكون مذهباً لراويه الحقه به.
مسألة وفيه محكم ومتشابه فالأول ما أريد به ظاهره، والثاني مقابلة.
فصل
السنة هي ما صدر عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم غير القرآن من قول أو فعل أو تقرير.
مسألة ما كان من أفعاله صلى الله عليه وعلى آله وسلم جبلياً أو مختصاً به أو بياناً فواضح أن الأول مباح له ولأمته، والثاني لا يشاركه فيه أحد من أمته والثالث حكمه حكم المبيَّن وما عدا هذا فأمته مثله في جميع أفعاله فيما وضحت صفته بالنسبة إليه من وجوب أو ندب أو إباحة وفيما لم تعرف صفته بالنسبة إليه يكفي في وجوب الإتباع علينا مجرد الفعل.
مسألة الفعلان لا يتعارضان فإن وقع مع فعله قول يخالفه ففي ذلك أربعة أقسام:
__________
(1) ـ وقال بعضهم: إن القراءات كلها أحادية وليس المتواتر إلاَّ جوهر القراءات، وعد الإختلاف فيها إنَّما هو اختلاف في الصفة لا في الذات، وهذا الراجح وعليه جماعة من الآل أن الشرط صحة الرواية متواترة أو أحادية. تمت منه
(2) ـ كتطويل المد وتقصيره.(1/9)


الأول: أن لا يدل دليل على تكرير الفعل ولا على تأسٍ لِلأمة به صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فإن كان القول خاصاً به وتأخر فلا تعارض؛ لأن الفعل لا حكم له بعد وقته لفرض عدم التكرار فإن تقدم فالفعل ناسخ مع التمكن وإلا امتنع فإن جهل التاريخ فالوقف إلى ظهور التاريخ(1)، وإن كان القول خاصاً بنا فلا تعارض إذ الفرض عدم وجوب التأسي وإن كان القول عاماً فبطريق التنصيص نحو أن يقول: يحرم عليّ وعليكم فكما تقدم في القول الخاص به وفي الخاص بأمته لا تعارض مطلقاً وبطريق الظهور نحو أن يقول: استقبال القبلة بالحاجة حرام فالفعل المتأخر بلا تراخ يخصه صلى الله عليه وعلى آله وسلم من العموم، ومع التراخي نسخ في حقه، وأما إذا تقدم الفعل فلا تعارض إذ الفرض عدم التكرار وإن جهل فالوقف إذ الفرض عدم وجوب التأسي.
والثاني: أن يدل دليل على التكرار في حقه وعلى تأسي الأمة به، كان يستقبل القبلة ويقول الإستقبال مباح متكرر في حقي فتأسوا بي فيه، فإن كان القول خاصاً به نحو أن يقول: الإستقبال محرم عليّ دونكم فلا تعارض في حقنا وفي حقه المتأخر ناسخ مع التمكن وإلا امتنع فإن جهل المتقدم فالوقف(2)، وإن كان القول خاصاً بنا كأن يقول الاستقبال محرم عليكم دوني فلا تعارض في حقه وفي حقنا المتأخر ناسخ مع التمكن وإلا امتنع فإن جهل فالوقف وإن كان القول عاماً فالمتأخر ناسخ مع التمكن سواء تناوله بطريق الظهور أو التنصيص فإن جهل فالوقف(3).
__________
(1) ـ قال في الفصول المختار القول. تمت
(2) ـ قال في الفصول المختار وفاقاً للجمهور العمل بالقول لاستقلاله. تمت
(3) ـ قال في الفصول: المختار القول. تمت(1/10)

2 / 13
ع
En
A+
A-