الكتاب : الفـوائـد التـامة |
الفوائد التامة
في علم أصول الفقه
للإمام الهادي لدين اللّه رب العالمين الحسن بن يحيى بن علي القاسمي رحمه الله آمين
الطبعة الأولى
1417هـ ـ 1996م
حقوق الطبع محفوظة للناشر
تم الصف والإخراج بمركز النور للدراسات والبحوث
اليمن ـ صعدة ص. ب (90238)
بسم اللّه الرحمن الرحيم
الحمدلله القائل في كتابه العزيز: {ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم} والصلاة والسلام على القائل: <أنى يتاه بكم عن علم تنوسخ من أصلاب أصحاب السفينة حتى صار في غير نبيكم} وعلى آله الأخيار والأئمة الأطهار رافعي راية علم الجهاد والاجتهاد، وبعد..
فلقد شاء اللّه نشر علوم الأئمة من أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم الأبرار بعد أن كانت مكدسة في الرفوف والخزائن فله الحمد أن سهل ذلك ويسر.
وبعد أن طلب مني بعض الإخوان أبقاهم اللّه الإشراف على مقابلة وفهرسة هذا الكتاب؛ كتاب الفوائد التامة في علم أصول الفقه، وبعد أن تم ذلك بعون اللّه وتوفيقه، أحببت أن أوجز ترجمة للمؤلف رحمه اللّه تعالى اختصرتها من ترجمة مبسطة قد كنت جعلتها له في كتابه المسائل النافعة بالبراهين القوية الصادعة، من مؤلفاته في الفروع.
فأقول: هو الإمام الأعظم والطود الشامخ الأشم نبراس المدارس ذو التصانيف الفاخرة والآراء الصائبة، إمام المعقول والمنقول والفارس في ميدان الفروع والأصول، من نعش اللّه به الدين وأحياه أمير المؤمنين الهادي لدين الله، الحسن بن يحيى بن علي القاسمي رضي اللّه عنه.
نسبه الشريف(1/1)
الحسن بن يحيى بن علي بن أحمد الملقب القاسمي بن علي بن قاسم بن حسن بن علي بن محمد بن أحمد بن حسن بن زيد بن محمد بن أبي القاسم بن الإمام علي بن المؤيد بن جبريل بن المؤيد بن أحمد بن يحيى بن أحمد بن يحيى بن يحيى بن الناصر بن الحسن بن عبد اللّه بن محمد بن الإمام الناصر أحمد بن الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الإمام السبط الحسن بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وابن فاطمة بنت سيد المرسلين محمد بن عبد اللّه بن عبدالمطلب بن هاشم. نسب كما قيل:
نسب فوق السماء فخاره ... وترفعت فوق النجوم مناصبه
وتفرغت أغصانه في دوحة ... وأظل فوق العالمين ذوائبه
والدته عليها السلام
الحرة الطاهرة الفاضلة الشريفة الزاكية والعالمة الزاهرة سيد نساء قطرها نور بنت علي بن أحسن بن محمد بن صلاح الضحياني يتصل نسبها بالإمام علي بن المؤيد رضي اللّه عنه.
والده عليه السلام
السيد العالم الجهبذ الفطاحل الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر الورع الزاهد يحيى بن علي بن أحمد الملقب بالقاسمي رضي اللّه عنه.
مولده رضي اللّه عنه
ولد عليه السلام بهجرة ضحيان محافظة صعدة ليلة السبت خامس يوم في شهر ربيع الأول سنة ثمانين ومائتين وألف هجرية، تربى في حجر والديه ونشأ النشأة المرضية وتخلق بالأخلاق السنية وكان يعرف من أيام صباه بحسن الأدب والعفاف ولما أكمل القرآن على والديه شمر وكدح في تحصيل العلوم فحفظ منطوقها والمفهوم حتى صار إمام العلم والمرجع في كل فن ثم ألف أكثر من ثلاثين مؤلفاً في أغلب فنون العلم مع ديانة صادقة وورع كامل وهمة خارقة.
مشائخه رضي اللّه عنه(1/2)
أخذ عن العلامة الحجة حاوي خصال الكمال حافظ علوم الآل وشيعتهم الكرام فخر الإسلام عبد اللّه بن أحمد العنثري المؤيدي رحمه الله، والقاضي العلامة المجتهد محمد بن عبد اللّه الغالبي رحمه اللّه تعالى وغيرهما من العلماء الأعلام، وهو أول من فتح في الزمان الأخير باب الجهاد والاجتهاد من علماء صعدة وصنف التصانيف العديدة ولقي بسبب ذلك الأود الشديد من المقلدة والحاسدين.
مؤلفاته رضي اللّه عنه
في أصول الدين: التحفة العسجدية فيما دار من الاختلاف بين العدلية والجبرية، والبحث السديد في الأسماء والصفات، ورد على الحشوية في مسألة الاستواء على العرش، ومختصر ينابيع النصيحة.
وفي الفروع: المسائل النافعة بالبراهين القوية الصادعة، من أول كتاب الطهارة إلى السير، ومنسك للحج كامل.
وفي علم الحديث: مجموع فيما وقف عليه من أخبار الانتصار، ومحاسن الأنظار فيما قيل في الأخبار، ومجموعين لطيفين في الرواة، وسبيل الرشاد في طرق الإسناد.
وفي علم النحو: التهذيب، ومنية الراغب في الحروف، وله حاشية على مقدمة ابن الحاجب في الصرف، وحاشية على التلخيص في المعاني والبيان، والأنوار الصادعة في علم الباطن والمعاملة، والنور الصادع ومختصر السفينة في الأدعية، وكتاب الإدراك في المنطق، والمنهل الصافي في العروض والقوافي، والروض المستطاب في الحكم.
والجوابات التهامية على ثلاثين سؤال، وله هذا الكتاب الذي بين يديك، المسمى بالفوائد التامة في أصول الفقه الهامة والذي احتوى على أحد عشر باباً وستة عشر فصلاً ومائة وستة وخمسين مسألة، أتى فيها بالعجب العجاب اختارها لنفسه وبنى عليها اختياراته في الفروع فلا غرو ذرية بعضها من بعض، مؤلفاته تراها منهجاً متكاملاً واضحاً قوياً.
تلامذته
وأما من أخذ عنه فجم غفير يصعب حصرهم ويشق ذكرهم إلا أنا نأتي ببعض من استفاد واجتهد من على يديه.(1/3)
فمنهم العلامة الكبير والنحرير الخطير المجتهد حسن بن حسين عدلان رحمه اللّه تعالى، والعلامة سيبويه زمانه علي بن يحيى العجري رحمه الله، والعلامة الفهامة المحقق المجتهد يحيى بن حسن طيب، والعلامة الحبر الفهامة عبدالكريم بن عبد اللّه العنثري، وولده العلامة المجتهد الجهبذ عبد اللّه بن الإمام، وولده العلامة المجتهد المطلق أحمد بن الإمام، وولده العلامة محمد بن الإمام، وولده العلامة عبدالعظيم بن الإمام، وولده العلامة تاج الدين بن الإمام، وباقي أولاده العلماء الأعلام إلا من لم يبلغ به العمر للقراءة عليه، وهم: قاسم وعلي وصلاح وحسن التسعة الأولاد النجباء الحلماء العلماء الزهاد رحمهم اللّه وغيرهم، وقد أوضحهم في سيرة الإمام الذي صنفها عالم عصره ولده عبد اللّه بن الإمام رحمهم الله.
دعوته
كان ظهورها في سنة (1322 هـ) وقد أبلى بلاء شديداً وجاهد جهاداص مريراً مع سيرة حميدة وأخلاق حسنة صابراً حامداً شاكراً محتسباً كعادة آبائه.
وفاته
انتقل إلى جوار ربه ليلة الإثنين 5 جمادى الأولى عام (1343 هـ)، في مدينة باقم ودفن بساحة الجامع الكبير رحمه اللّه رحمة الأبرار وألحقه بآبائه في جنات تجري من تحتها الأنهار.
هذا ما تيسر بإيجاز وصلى اللّه على محمد وآله وسلم، 15/ شهر رجب/سنة 1417 هـ).
كتبه الفقير إلى اللّه
محمد بن أحمد حسن الهادي عليه السلام
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، اللهم صلي وسلم على محمد الأمين وآله الطاهرين آمين.
(أصول الفقه) القواعد الموصلة بذاتها إلى استنباط الأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية وهي قطعية وظنية.
فالأولى ما كان النظر الصَّحيح في دليلها يوصل إلى العلم كالنص الصريح المتواتر.
والثانية: ما كان النظر الصَّحيح في دليلها يوصل إلى الظن كالآحاد.
باب الموضوعات اللغوية(1/4)
مسألة طريق معرفتها التواتر والآحاد لا العقل مستقلاً ولا تثبت الأسماء اللغوية بالقياس كالنبيذ يسمى خمراً للتخمير، والنباش سارقاً للأخذ بخفيه، واللائط زاني(1) للإيلاج المحرم إلاَّ أن يثبت التعميم بالنقل سواء كان جامداً كرجل أو مشتقاً كعالم أو بالاستقراء كرفع الفاعل.
مسألة والمترادف وهو: اللفظ المتعدد لمعنى واحد واقع في اللغة كجلوس وقعود.
مسألة والمشترك وهو لفظ متحد دال على معان متعددة موضوع لكل واحد منها وضعاً مستقلاً واقع كالعين والقرء والجون وفي الكتاب العزيز والسنة.
مسألة وهو إن صح الجمع حقيقة في الكل من غير ظهور فيه لاحتمال أن يراد به واحد أو كل واحد فهو مجمل.
مسألة الحقيقة: اللفظ المستعمل فيما وضع له، والمجاز: اللفظ المستعمل في غير ما وضع له لعلاقة مع قرينة عدم إرادته، والحقيقة (لغوية) إن كان واضعها واضع اللغة كأسد للسبع، (وعرفية)عامة لا يتعين ناقلها كالدابة لذوات الأربع بعد إن كانت لكل ما يدب أو خاصة يتعين ناقلها كمصطلحات أهل كل علم وصناعة، (وشرعية) دينية وهي المنقولة إلى أصول الدين كالإيمان؛ لأن المؤمن لغة المصدق وشرعاً المطيع، وأما الألفاظ المتداولة على لسان أهل الشرع المستعملة في غير معانيها اللغوية كالصلاة ونحوها فقد صارت حقائق لعدم احتياج فهم هذه المعاني الشرعية عند الإطلاق إلى قرينة في لسان أهل الشرع وعدم الاحتياج إلى القرينة محتمل أن يكون بسبب وضع الشارع إياها فتكون حقائق شرعية، وأن تكون بسبب غلبة استعمالها في تلك المعاني في لسان أهل الشرع حتى صارت حقائق عرفية خاصة لهم فتكون مجازات لغوية في كلام الشارع بمعونة القرائن، فإذا وقعت مجردة عن القرائن في كلام الشارع فمحتملة للشرعية واللغوية.
__________
(1) ـ زانياً.(1/5)