من عزّى الثكلى[180] أظلّه الله بظلّ عرشه يوم لا ظلّ إلّا ظلّه .
قال عيسى : وسمعت أبي يقول : قال إبراهيم خليل الرحمن عليه السّلام : يا ربّ ، من أهلُك[181]؟
قال : الّذين يشهدون الجنائز ، ويعزّون الثكلى ، ويصلّون بالليل والناس نيام .[182]
43 ـ وبالإسناد قال : قال رسول الله صلّى الله عليه و آله ما من مسلم يعزّي أخاه المسلم بمصيبة إلّا كساه الله[183] من حلل الكرامة .[184]
44 ـ وبالإسناد عن شعبة ، عن ثابت البُنانيّ ، عن أنس بن مالك ، أنّ النبيّ صلّى الله عليه و آله مرّ بامرأة تبكي عند قبر ولدها[185] ، فقال : يا هذه ، اتّقِ الله واصبري .
فقالت : وما تبالي أنتَ بمصيبتي .
فمضى النبيّ صلّى الله عليه و آله ، فقيل لها : هذا رسول الله! فأخذها شبه الموت .
قال : فانطلقت فلم تجد دونه بوّاباً ، فقالت : يا رسول الله ، فإنّي أصبر .
فقال رسول الله صلّى الله عليه و آله : الصبر عند الصدمة الاُولى .[186]
45 ـ وبالإسناد عن شعبة ، عن ثابت البُنانيّ ، عن أنس بن مالك ، قال[187] : لمّا
--- ... 122 ... ---(1/122)


ماتت رقيّة بنت النبيّ صلّى الله عليه و آله بكت النساء عليها ، فجاء عمر يضربهنّ بسوطه ، فأخذ النبي صلّى الله عليه و آله بيده ، وقال : يا عمر ، دعهنّ يبكين ، وقال لهنّ : ابكين وإيّاكنّ ونعيق الشيطان ، فإنّه مهما يكن من العين والقلب فمن الله ومن الرحمة ، ومهما يكن من اليد واللسان فمن الشيطان .
فبكت فاطمة عليها السّلام ـ وهي على شفير القبر ـ ، فجعل النبيّ صلّى الله عليه و آله يمسح الدمع[188] من عينيها بطرف ثوبه .[189]
46 ـ وبالإسناد عن فَرَج بن فَضَالة ، عن مُعاوية بن صالح[190] ، قال : لمّا مات موسى عليه السّلام إذا صوت في السحاب يقول : مات موسى عليه السّلام ، وأيّ نفس لاتموت؟[191]
47 ـ وبالإسناد عن إسماعيل بن أبان ، عن عبدالملك ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن أبي الدرداء ، قال : غاب أبو الدَرْدَاء[192] غيبة ورجع وقد اُصيب بابن له ، فاستقبلته اُمّ الدرداء[193] فحيّته ورحّبت به ، ثمّ جلس فقرّبت إليه وضوء ه ، وأتته بالطعام ، فأكل
--- ... 123 ... ---(1/123)


وكلّ ذلك يقول : أين ابني؟[194]
ثمّ أتته بالدهن ، ثمّ قالت : يا أبا الدرداء ، ما تقول في قومٍ استعاروا عارية فانتفعوا بها ما شاء الله أن ينتفعوا ، ثمّ جاء صاحبها فطلبها فشقَّ عليهم ، واشتدّ ذلك عليهم؟
فقال : بئس ما صنعوا .
قالت : أما إذاً فاحتسب ابنك ، فإنّه قد كان عارية من الله إلى ما شاء ثمّ قبض عاريته .
[قال :][195] فجزاكِ الله خيراً ، فأنا كان ينبغي لي أن أقول هذا لك ، فأمّا إذا ألهمك ذلك فحمداً لله على ذلك ، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون .[196]
48 ـ وبالإسناد عن [أبي][197] الأحوص ، عن سعيد ، عن عَباية[198] ، قال : كانت اُمّ سُلَيم[199] تحت أبي طَلْحَة[200] فولدت غلاماً ، فانطلق أبو طلحة في حاجةٍ له ومات ابنه ،
--- ... 124 ... ---(1/124)


فسجّته اُمّه ، وجاء أبو طلحة من الليل ، فأتته بنُجعته[201] الّتي كانت تنجعه بها ، ثمّ طلب منها ما يطلب الرجل من امرأته ، فقضى حاجته ، ثمّ قال : أين ابني؟
فقالت : يا أبا طلحة ، ما رأيت ما فعل جيراننا هؤلاء اليوم أنّ بعضهم استعار عارية فطُلبت منه فأبى أن يردّها؟!
قال : بئس ما صنعوا .
قالت : فأنت هو ، كان ابنكَ عارية من الله وإنّه قد توفّي .
فقال : لاجرم والله لا تغلبيني على صبره الليلة ، فأتى النبيّ صلّى الله عليه و آله ، فقال : إنّ ابني قد مات .
فقال : لاعليك ، لاتتعب الناس سائر الليلة ، ولكن إذا أصبحت فادفنه ، فلمّا أصبح حدّث النبيّ صلّى الله عليه و آله بما صنعا ، فقال : اللّهمّ بارك لهما في ليلتهما .
قال : فعلقت بغلام .
قال عباية : لقد رأيت لذلك الغلام سبع بنين كلّهم قد قرأوا القرآن .[202]
49 ـ وبالإسناد عن عليّ بن محمد المُرْهِبيّ ، قال : أخبرني أبي[203] ـ قراء ة عليه ـ ، قال : قال عليّ بن عمرون الأنصاريّ : قال العتبيّ : دخل أبوذرّ[204] على ابنه ذرّ وهو
--- ... 125 ... ---(1/125)


يجود بنفسه فقال : يا بنيّ ، إنّه ما علينا من مودّتك[205] غضاضة ، وما بنا إلى غير الله من حاجة .
فلمّا قضى وصلّى عليه وواراه وقف على قبره ، ثمّ قال : يا ذرّ ، شَغَلَنا الحزنُ لك عن الحزنِ عليك[206] ، لاندري ما قلتَ وما قيل لك؟ اللّهمّ إنّي قد وهبتُ له ما قَصَّرَ فيه بما افترضتَ[207] عليه من حقّي ، فهبْ له ما قَصَّرَ فيه من حقّك ، واجعل ثوابي عليه له ، وهب لي من فضلك ، إنّي إليك من الراغبين .[208]
50 ـ وبالإسناد عن أبي الحسن محمد بن جعفر التميميّ ـ مناولة ـ ، عن عبدالعزيز بن يحيى ، عن موسى بن زكريّا ومحمد بن الحسن ، عن أبي حاتم العتبيّ ، قال : أتى عليّ بن أبي طالب عليه السّلام الأشعث بن قيس[209] يعزّيه على ابنه[210] ، فقال : إن تحزن فقد استحقّ ذلك منك الرحم[211] ، وإن تصبر فإنّ لله منه خلفاً ، مع
--- ... 126 ... ---(1/126)

9 / 23
ع
En
A+
A-