خرج رسول الله صلّى الله عليه و آله فاتّبعته خديجة ، فلمّا دفن رجعت خديجة ومكث النبيّ صلّى الله عليه و آله بعدها ، فرجع وهي تبكي ، فقال : ما يبكيك؟
قالت : يا رسول الله ، لفقد القاسم ، ولو بقي حتى يكمل الرضاع؟!
قال : إن شئتِ أسمعتُكِ صوته في الجنّة .
قالت : صدق الله ورسوله .[149]
33 ـ وبالإسناد عن إبراهيم بن محمد ، عن محمد بن فضيل[150] ، عن السَّرِيّ ، عن عَامِر[151] ، قال : جاء رجل إلى أميرالمؤمنين عليه السّلام ، فقال : يا أميرالمؤمنين ، هلك ابن لي ، فجزعت عليه جزعاً شديداً أخاف أن يكون حبط أجري .
فقال عليّ عليه السّلام : بئس الخلف من ابنك ، يا أيّها الناس ، خذوا عنّي خمساً ـ فوالّذي نفسي بيده لو أتعبتم المطيّ[152] لأنْضَيْتموهنّ[153] قبل أن تدركوهنّ ـ لايرجو العبد إلّا ربّه ، ولايخاف إلّا ذنبه ، ولا يستحي من لايعلم أن يتعلّم ، ولا يستحي العالم إذا سئل أن يقول : الله أعلم .
والصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ، فإذا قطع الرأس انهدم الجسد ، ولا إيمان لمن لا صبر له .[154]
--- ... 117 ... ---(1/117)
34 ـ وبالإسناد عن عمر بن الحسين ، عن علاء بن الأحْوَص[155] بن حكيم ، قال : سمعت أنس يقول : إنّ نبيّ الله صلّى الله عليه و آله قال : ما تجرّع عبد جرعتين أحبّ إلى الله من جرعة غضب ردّها بحلم ، أو جرعة مصيبةٍ محزنةٍ موجعةٍ ردّها عبد بحسن عزاء وصبر .[156]
35 ـ وبالإسناد عن عليّ بن العبّاس ، عن جابر ، عن أبي عبدالله الجدليّ ، قال : سمعت اُمّ سلمة [زوجة رسول الله صلّى الله عليه و آله ][157] تقول : سمعت رسول الله صلّى الله عليه و آله وهو يقول :
--- ... 118 ... ---(1/118)
إذا أصاب المؤمن من الدنيا مصيبة فيذكر مصابه بي فإنّ العباد لم يصابوا بمثلها ، واعلم أنّ المسلم إذا اُصيب[158] بمصيبة وقال : إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، الحمد لله ربّ العالمين.اللّهمّ إنّي احتسبت[159] عندك مصيبتي ، فأبدلني اللّهمّ بها ما هو خير لي منها.
ومن صبر عند الصدمة الاُولى غفر الله له ما مضى من ذنوبه ، وأخلف الله [له][160] ما هو خير منها ، ثمّ لم يذكر تلك المصيبة فيما بقي من الدهر فيقول مثل ذلك إلّا أعطاه الله مثل ما أعطاه يوم الصدمة الاُولى من الثواب .
قالت اُمّ سلمة : فلمّا قبض الله أبا سلمة قلت ما سمعت من رسول الله صلّى الله عليه و آله ، قلت : من أين يخلف الله خيراً من أبي سلمة[161]؟
فلمّا خطبني رسول الله صلّى الله عليه و آله فقلت : يا رسول الله ، إنّي امرأة غيور[162] ، وإنّي أكره أن اُوذيك في نسائك ، ولي أيضاً عيال .
فقال النبيّ صلّى الله عليه و آله [163] : إنّي أدعو فيذهب عنك الغَيرة ، والله يكفيك العيال .
قلت : نعم ، فتزوّجني . فقلت : الحمد لله الّذي أخلف لي خيراً من أبي سلمة .[164]
36 ـ وبالإسناد عن إسحاق بن عمّار ، عن جعفر ، عن أبيه عليهما السّلام أنّ رسول الله صلّى الله عليه و آله
--- ... 119 ... ---(1/119)
[قال : إذا أصاب أحدكم مصيبة فليذكر مصيبته بي ، فإنّها من][165] أعظم المصائب[166] .[167]
37 ـ وبالإسناد عن عيسى بن سوادة ، عن الزهريّ ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه و آله : من اُصيب بمصيبةٍ أو حبيبة[168] ، ثمّ صبر واحتسب[169] ، وقال كما أمره الله : إنَّا ِللهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ [170] ، كان حقاً على الله أن يدخله الجنّة .[171]
38 ـ وبالإسناد عن جابر ، عن محمد بن عليّ عليه السّلام قال : إذا أصاب العبد مصيبة فصبر واسترجع ـ عند الصدمة الاُولى ـ غفر الله له بها ما مضى من ذنوبه ، ثمّ لم يذكر المصيبة فيما بقي من الدهر إلّا أعطاه الله من الأجر مثل ما كان يوم الصدمة الاُولى إذا استرجع حين تذكّرها[172] وحمد الله عزّ وجلّ .[173]
39 ـ وبالإسناد عن محمد بن القاسم الأسديّ ، عن سفيان الثوريّ ، قال : مات
--- ... 120 ... ---(1/120)
ابن لعبدالله بن الربيع بن خُثَيْم ، فقال : أصبحتُ لا أدعو طبيباً لطبّه ، ولكنّي أدعوك يا منزل القطر ، ارزقني صبراً على ما أصابني ، وتعزم لي فيه على الرشد في أمره[174] ، وإنّي لأرجو أن تكون مصيبتي بغيتَ بها خيراً وإن كنتُ لا أدري .
وفي المصيبة بالاُمّ
40 ـ وبالإسناد عن محمد بن القاسم بن زكريّا المحاربيّ ، عن عبّاد بن يعقوب ، عن رِفاعة بن إياس ، عن أبيه ، قال : دخلت على الحارث العُكْليّ[175] وقد ماتت اُمّه وهو يبكي ، فقلت له : تبكي وأنت فقيه أهل المصر!
قال : كيف لا أبكي على باب من أبواب الجنّة كنت أغدو عليه وأروح ، اُغلق عنّي؟
من عزّى مصاباً
41 ـ وبالإسناد عن الحسين بن علوان ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن عليّ عليه السّلام ، قال : من شهد جنازة كتب له أربعة قراريط : قيراط لانتظاره إيّاها ، وقيراط للصلاة عليها ، وقيراط[176] لانتظاره إيّاها حتى يفرغ من دفنها[177] ، وقيراط لتعزية أوليائها .[178]
42 ـ وبالإسناد عن عيسى بن عبدالله ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن عليّ عليه السّلام ، قال[179] :
--- ... 121 ... ---(1/121)