فقال : يا رسول الله ، أما شعرت أنّه مات؟
قال له النبيّ صلّى الله عليه و آله : أما يسرّك ألّا تأتيَ ـ يوم القيامة ـ باباً من أبواب الجنّة إلّا جاء يسعى حتى يفتح لك؟
قالوا : يا رسول الله ، لهذا خاصّة أم لنا عامّة؟
قال : لكم عامّة .[119]
25 ـ وبالإسناد عن عبدالملك بن عمير ، عن معاوية بن قرّة ، عن أبيه[120] أنّه رأى النبيّ صلّى الله عليه و آله ومعه ابن له غلام ، فقال له رسول الله صلّى الله عليه و آله : أراك تحبّه؟
قال : أجل ، يا رسول الله ، فأحبّك الله كما أحببته[121] .
قال : ثمّ إنّ النبيّ صلّى الله عليه و آله فقد الغلام ، فقال : ما فعل ابنك؟
قال : يا رسول الله ، توفّي .
قال : أظنّك قد حزنت عليه حزناً عظيماً شديداً؟
قال : أجل ، يا رسول الله .
فقال صلّى الله عليه و آله : أما يسرّك إن أدخلك الله الجنّة أن تجده عند بابٍ من أبوابها فيفتحها لك؟
قال : بلى ، يا رسول الله .
قال صلّى الله عليه و آله : فهي كذلك إن شاء الله[122] .[123]
--- ... 112 ... ---(1/112)
26 ـ وبالإسناد عن محمد بن عبيد الأمويّ الصفّار ، عن محمد الزهريّ الرمانيّ ، عن شُريح بن مَسلَمة ، عن أبي سهل ، قال : سمعت عطاء بن أبي مَيمُونة[124] يعزّي رجلاً في مسجد الجامع إذ قال : ما فعل أبو الصبيّ[125]؟
قالوا : يا رسول الله ، مات صبيّه الّذي رأيته .
قال : ألا آذنتموني[126] به؟ قوموا بنا إلى أخينا نعزّيه .
قال : فلمّا دخل صلّى الله عليه و آله إذ الرجل كئيب[127] حزين ، قال : يا رسول الله ، كنت أرجوه لضَعفي وكبر سنّي .
فقال النبيّ صلّى الله عليه و آله : ما يسرّك أن يكون يوم القيامة بإزائك[128] فيقال له : ادخل الجنّة ، فيقول : يا ربّ وأبويّ؟
قال : يقال له ذلك ثلاث مرّات ، فيقول : وأبويّ؟ فلايزال يشفع لكما حتى يشفِّعه الله عزّ وجلّ فيدخلكما الجنّة جميعاً .[129]
27 ـ وبالإسناد عن سهل[130] ، عن أبي معاذ عطاء[131] بن أبي ميمونة ، عن أنس أنّ رسول الله صلّى الله عليه و آله مرّ بامرأة عند قبر ميّت لها وهي تعول وتعدّد ، فوقف عليها ، فقال لها : اتّقي الله واصبري . فقال لها ثلاث مرّات وهي لاتعرفه ، فقالت له : يا عبد الله ، اذهب إلى حاجتك .
--- ... 113 ... ---(1/113)
فانصرف النبيّ صلّى الله عليه و آله ، فذهب الفضل بن العبّاس إلى الامرأة وقال لها : ما قال لك رسول الله صلّى الله عليه و آله ؟
فقالت : ويلها! هذا رسول الله ولم أعرفه ، فاتّبعته حتى لحقته عند باب المسجد ، فقالت : بأبي أنت واُمّي ـ يا رسول الله ـ والله ما عرفتك .
فقال النبي صلّى الله عليه و آله :الصبر عند الصدمة الاُولى[132] ـ يقول لها ذلك ثلاث مرّات ـ .[133]
28 ـ وبالإسناد عن عبدالله بن وهب المصريّ ، يرفعه إلى أنس بن مالك ، قال : توفّي ابن لعثمان بن مظعون ، واشتدّ حزنه عليه حتى اتّخذ في داره مسجداً يتعبّد فيه .
فبلغ ذلك[134] رسول الله صلّى الله عليه و آله ، فقال : يا عثمان بن مظعون ، إنّ الله لم يكتب علينا الرهبانيّة ، إنّما رهبانيّة اُمّتي الجهاد في سبيل الله .
يا عثمان ، إنّ للجنّة ثمانية أبواب ، وللنار سبعة أبواب ، فما يسرّك ألّا تأتي باباً [منها][135] إلّا وجدت ابنك إلى جنبك آخذاً بحجزتك[136] يشفع لك[137] إلى ربّك؟
قال : بلى .
--- ... 114 ... ---(1/114)
قال المسلمون : ولنا في فَرَطنا مثل ما لعثمان[138]؟
قال : نعم ، لمن صبر منكم واحتسب .[139]
29 ـ وبالإسناد عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه و آله : يجمع الله أطفال اُمّة محمدصلّى الله عليه و آله يوم القيامة في حياض تحت العرش ، قال : فيطّلع الله تبارك وتعالى عليهم[140] اطّلاعة فيقول : ما لي أراكم رافعي رؤوسكم إليّ؟ فيقولون : يا ربّنا ، الآباء والاُمّهات في عطش القيامة ونحن في هذه الحياض!
قال : فيوحي الله إليهم أن اغرفوا في هذه الآنية من الحياض ، ثمّ تخلّلوا صفوف القيامة فاسقوا الآباء والاُمّهات .[141]
30 ـ وبالإسناد عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال :[142] قال رسول الله صلّى الله عليه و آله : لَسِقطٌ اُقدِّمه قدّامي أحبُّ إليَّ من فارسٍ[143] اُخلّفه خلفي .[144]
--- ... 115 ... ---(1/115)
31 ـ وبالإسناد عن إسماعيل بن زياد ، عن أبان ، عن أنس ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه و آله : يؤتى بالمتضاغين والمتذلّلين . فأمّا المتذلّلون فهم الّذين بذلوا مهج أنفسهم ، وهرقوا دماء هم ، شاهرين سيوفهم ، لايردّ الله لهم حاجة .
قال : فقيل : يا رسول الله ، فمن المتضاغين؟
قال : أطفال المؤمنين اشتدّ عليهم الموقف .
قال : فيتصايحون فيقول [الله تعالى][145] : يا جبريل ـ وهو أعلم بذلك منه ـ : ما هذا الصوت؟
قال : أي ربّي ، أطفال المؤمنين اشتدّ عليهم الموقف .
قال : أظلّهم تحت عرشي .
قال : فيتصايحون كما تتصايح الخرفان إذا عزلن عن اُمّهاتهنّ .
قال : فيقول : يا جبريل ، سقهم إلى الجنّة .
قال : فيتضاغون ويصيحون .
قال : فيقول : ما الّذي يريدون؟
قال : يريدون الآباء والاُمّهات .
قال : فيقول تبارك وتعالى : ألحقوا الآباء والاُمّهات بأطفالهم إلى جنّة رحمتي .[146]
32 ـ وبالإسناد عن إسرائيل ، عن أبي المقدام ـ يعني الغنويّ البصريّ[147] ـ ، عن اُمّه ، عن فاطمة ابنة الحسين عليه السّلام ، قالت : [لمّا][148] توفّي القاسم بن رسول الله صلّى الله عليه و آله ،
--- ... 116 ... ---(1/116)