* وفي بعض الأخبار حين ضربه ابن ملجم المرادي قال: كفُّوا عنه وأوثقوه فإن أعش فالحق حقي أرى فيه رأيي، وإن أمت فرأيكم في حقكم. ولعلي عليه السلام أولاد لم يدركوا بعد فقتل الحسن بن علي المرادي. وعن بعض أصحابنا: قتله لأنه كان مرتداً. وعند بعضهم: لأنه كان من المفسدين في الأرض لا بحق القود.
* يحيى بن الحسن: حدثني: النضر بن سلمة، حدثني: الحسن بن عمار، عن أبيه، قال: نظرت إلى الناس حين انصرفوا من الفجر وهم ينشبون أسنانهم، ويثبون عليه كأنهم السباع، ويقولون: يا عدو اللّه ماذا صنعت؟ أهلكت الأمة قتلت خير الناس، إنه لمسح ما يتكلم.
قتل في شهر رمضان سنة أربعين، وضرب ليلة تسعة عشر، ومات أول ليلة من العشر، وصلى عليه الحسن بن علي عليه السلام. وكبر خمساً، كان سنه يوم قتل ثلاث وستون سنة.
* وحكي عن محمد بن الحنفية: لما جاوز خمساً وستين قال: جاوزت سن أبي بسنتين.
* الحسن بن علوان، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، قال: قتل علي بن أبي طالب وهو ابن ثمان وخمسين.
* وعن يحيى بن الحسن: حدثني: سلمة بن شبيب، عن عبد الرزاق، قال: أخبرنا الأجلح، عن أبي إسحاق، عن هبيرة بن يريم، قال: لما مات علي بن أبي طالب صعد الحسن المنبر فحمد اللّه وأثنى عليه ثم قال: أما بعد أيها الناس فإنه قد أصيب فيكم الليلة رجلٌ لم يسبقه الأولون ولا يدركه الآخرون بعلم، ما ترك صفراء ولا بيضاء، إلا سبعمائة درهم بقيت من عطائه أراد أن يبتاع بها خادماً لأهله، ولقد كان رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم يبعثه البعث فيكتنفه جبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره فما ينثني حتى يفتح اللّه على يديه، ولقد صعد بروحه في الليلة التي صعد فيها بروح يحيى بن زكريا.
* وقالت أروى بنت الحارث بن عبد المطلب، ترثي أمير المؤمنين علياً عليه السلام:
ألا يا عين ويحك أسعدينا .... ألاَّ تبكي أمير المؤمنينا
رزئنا خير من ركب المطايا .... وفارسها ومن ركب السفينا
ومن لبس النعال ومن حذاها .... ومن قرأ المثاني والمثينا(1/487)
إذا استقبلت وجه أبي حسين .... رأيت البدر زاغ الناظرينا
فلا والله لا أنسى علياً .... وحسن صلاته في الراكعينا
يقيم الحد لا يرتاب فيه .... ويقضي في الفرائض مستبينا
أفي شهر الصيام فجعتمونا .... بخير الناس طراً أجمعينا
وكان الناس إذ فقدوا علياً .... نعام جال في بلد سنينا
وكنا قبل مهلكه بخير .... يُرى فينا وصي المسلمينا
أشاب ذوائبي وأطار جهدي .... أمامة حين فارقه القرينا
وعبرة أم كلثوم بحزن .... تجرعها وقد رأت اليقينا
فلا تشمت معاوية بن صخر .... فإنَّ بقية الخلفاء فينا
وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن مناف، وهي أول هاشمية ولدت هاشمياً لهاشمي.
(524) الحسن البصري: عن الزبير بن العوام، قال: سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم يدعو النساء إلى البيعة حين نزلت هذه الآية: ?يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لاَّ يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً?..الآية[الممتحنة:12]، فكانت فاطمه بنت أسد بن هاشم أول امرأة بايعت رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم وكانت مهاجرة مبايعة بالروحا مقابل حمام أبي قطيفة.
(525) وروى عيسى بن عبد الله: لما ماتت فاطمة بنت أسد دفنها رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم وكفَّنها في قميصه ، ونزل في قبرها، وتمرغ في لحدها، فقيل له في ذلك، فقال: ((إن أبي هلك وأنا صغير، فأخذتني هي وزوجها، فكانا يوسعان عليَّ ويؤثراني على أولادهما، فأحببت أن يوسع اللّه عليها في قبرها، فليوسع عليها)) أظنه من طريق جعفر بن محمد عليه السلام.(1/488)
فصل الحسن بن علي عليه السلام
* الحسن بن علي ولد سنة ثلاث من الهجرة في النصف من شهر رمضان.
(526) وعق عنه رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم بكبش ، وأمر أن يتصدق بوزن شعره فضة على المساكين. وبين العلوق بالحسين عليه السلام وولادة الحسن خمسون ليلة. قيل: بثلاثة أشهر. وقيل: كان بينهما طهر واحد.
(527) وحلق رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم رأس الحسن عليه السلام .
(528) الزهري: عن أنس بن مالك: لم يكن أحد أشبه برسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم من الحسن عليه السلام ، فسماه رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم حسناً واشتق اسم الحسين عن اسمه.
* وروي أن جبريل [عليه السلام] نزل به في خرقة من حرير من ثياب الجنة.
أخبرنا عن مشائخنا، عن يحيى بن الحسن، حدثني: محمد بن إسحاق البغدادي، حدَّثنا شبابة بن سوار، عن رجل، عن أبي إسحاق، عن هانئ بن هانئ، عن علي، قال: الحسن أشبه الناس برسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم ما بين الصدر إلى الرأس، والحسين أشبه برسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم ما كان أسفل من ذلك.
(529) عن ابن عمر: أن رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم، قال: ((الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، وأبوهما خير منهما)) .
(530) وعن رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (( من أحب الحسن والحسين فقد أحبني ومن أبغضهما فقد أبغضني)).
(531) وروي أن رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم كان يصلي بالناس فجاء الحسن بن علي عليه السلام يثب على ظهره إذا سجد فلما فرغ قال: ((إن ابني هذا سيصلح اللّه به بين فئتين من المسلمين)) .
* وقال الحسن البصري: فلما ولي ما أهريق في سببه محجمة دم.
* جعفر بن محمد عليه السلام: أن الحسن بن علي عليه السلام مات وهو ابن ثمان وأربعين سنة.
* عن عمر بن بشر الهمداني: قلت لأبي إسحاق: متى ذل الناس؟ قال: حيث مات الحسن بن علي، وادعي زياد، وقتل حجر بن عدي.(1/489)
* وسقته السم جعدة بنت الأشعث بن قيس الكندي زوجته لمائة ألف وجهها إليها معاوية لتسقيه وأوصى أن يدفن مع رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم إلا أن يخاف من ذلك أن يراق محجمة دم، فلما سمعت عائشة ركبت بغلاً واستنفرت بني أمية وفيها يقول القائل:
فيوم على بغلٍ ويوم على جملِ
فجمع مروان من هناك من بني أمية واتباعهم، والأوغاد الطغاة وبلغ ذلك الحسين بن علي عليهم السلام فجاء ومن معه في السلاح ليدفنوا حسناً في بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأقبل مروان في أصحابه وذويه وهو يقول:
يا رب هيجاء هي خير من دعة
أيدفن عثمان في البقيع، ويدفن الحسن بن علي في بيت رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم والله لا يكون ذلك أبداً وأنا أحمل السيف، فلما كادت الفتنة تسعر والحسين يأبى أن يدفنه إلا مع رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم فكلمه عبد الله بن جعفر، ومسور بن مخرمة ليدفنه في البقيع، وقال له عبد الله بن جعفر: إنه عهد إليَّ أن أدفنه بالبقيع بحقي عليك عزمت أن لا تكلمني بكلمة، فمضى هناك وانصرف، واتصل الخبر بمعاوية بن أبي سفيان فاستحمد مروان على ذلك فقال مرتين: إيهاً مروان أنت
* وحكي عنه: إن يك ظني صادقاً بمروان لن يصلوا إلى ذلك أبداً.
* وقرأت في بعض الكتب: دفن إلى جنب أمه الزهراء بنت رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم.
* وقيل: أن الحسن بن علي عليه السلام لما قيل له استبكت بنو هاشم بالسلاح وبنو أمية للِّقاء والقتال فقال: إن يك كذلك فادفنوني إلى جنب أمي فاطمة عليها السلام.
* مُصَنِّفُه: فرحل هو عليه السلام إلى ربه شهيداً ممدوحاً، وقاتلته ومَنْ أَمَرَهَا بذلك مذموماً، فلا ذلك المال بقي ولا هم، فشتان موردهما وقت النداء وعند الجزاء.(1/490)
فصل الحسين بن علي عليه السلام
* ولد الحسين بن علي عليه السلام لليال خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة.
(532) وحدثني أبو جعفر محمد بن الحسن، حدَّثنا علي بن محمد، حدَّثنا أبو محمد الحسين بن محمد بن يحيى، حدثني: يحيى بن الحسين، حدثني: يحيى بن الحسن، حدثني: سعيد بن روح أبو حفص العجلي، حدَّثنا محمد بن مصعب القرقساني، حدَّثنا الأوزاعي، عن عبد الله بن شداد أبي عمار، عن أم الفضل بنت الحارث، أنها دخلت على رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم، فقالت: يا رسول اللّه إني رأيت الليلة حلماً منكراً على رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم، قال: وما هو؟ قالت: رأيت كأن قطعة من جسدك قطعت ووضعت في حجري، قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: ((خيراً رأيت. تلد فاطمة ولداً يكون في حجرك)) . فولدت فاطمة الحسين بن علي كما قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم.
(533) فدخلت به يوماً فوضعته في حجره ثم حانت مني التفاتة فإذا عينا رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم يهرقان الدموع فقلت: بأبي وأمي يا رسول اللّه مالك؟ قال: ((أتاني جبريل فأخبرني أن أمتي ستقتل ابني هذا . - فقلت: هذا؟ - قال: نعم. وأتاني بتربة من تربته حمراء)).
(534) يعلى بن مرة، قال: سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ((حسين مني وأنا من حسين أحب اللّه من أحب حسيناً، حسين سبط من الأسباط)).
* قتل يوم عاشوراء فقيل: كان يوم الإثنين، وقيل: يوم الجمعة. وقيل: كان يوم السبت في المحرم سنة إحدى وستين، قتله سنان بن أنس النخعي، وأجهز عليه خولي بن يزيد الأصبحي من حمير، وحز رأسه وأتى به عبيد الله بن زياد اللعين وقال:
قتلت خير الناس أماً وأبا .... أوقر ركابي فضة وذهبا
أنا قتلت الملك المحجبا .... قتلت أعلى الناس حقاً نسبا
ويقال: أن يد خولي بن يزيد الأصبحي أرعدت، فقال له سنان: أبان اللّه يدك. فنزل إليه واحتز رأسه وفيه يقول الشاعر ترثية له:(1/491)