* وروي عنه عليه السلام أنه قال: عليكم بالإخوان فإنهم عدة الزمان في الدين والدنيا ألم تسمع اللّه تعالى يقول في حقهم: ?فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ ، وَلاَ صَدِيقٍ حَمِيم?[الشعراء:100،101].
* لأمير المؤمنين عليه السلام:
وليس أخوك الذي إِن تشعبت .... عليك أمور ظل يلحاك لائماً
أخوك الذي إن اجهضتك ملمَّة .... من الدهر لم يبرح لِبثك واجماً
* وعنه عليه السلام أنه قال: لا يكون الصديق حتى تحفظه من ثلاثة أشياء: في غيبته، ونكبته، وبعد وفاته.
* وروي أنه عليه السلام وقف على قبر فاطمة عليها السلام بعدما دفنها وواراها وأنشأ يقول:
وإن افتقادي فاطماً بعد أحمد .... دليل على أن لا يدوم خليل
سَيُعرضُ عن ذكري وتنسى مودتي .... ويحدث بعدي للخليل خليل
* ويروى أنه عليه السلام: كان يزور قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقبر فاطمة عليها السلام في كل أسبوع مرة وينشد:
إلى اللّه أشكو لا إلى الناس أنني .... أرى الأرض تبقى والأخلاء تذهب
أخلاي لو غير الحمام أصابكم .... عتبت ولكن ما على الموت معتب
* وروي له هذان البيتان:
ألا أيها الموت الذي ليس تاركي .... أرحني فقد أفنيت كل خليل
أراك بصيراً بالذين أحبهم .... كأنك تنحو نحوهم بدليل
* لأمير المؤمنين عليه السلام:
حياتك أنفاس تعد فكلما .... مضى نفس منها انتقصت به جزءاً
فتصبح في نقص وتمسي بمثله .... ومالك من عقل تحس به رزءاً
ويحييك ما يفنيك في كل ليلة .... غُدوُّك حاد ما يزيدنكا هزؤاً
* وروي أن رجلاً قال: يا أمير المؤمنين ما لنا نحب الدنيا؟ قال: لأنَّا منها، وهل يلام الرجل بحبه لأمه وأبيه؟
* وفي بعض مواعظ أهل البيت عليهم السلام:
نحن بنو الدّنيا ودنيا أمنا .... شيخة سوءٍ أبداً تعمنا
* وأنشد ثعلب:
ونحن بنوا الدنيا خلقنا لغيرها .... وما كنت منه فهو شيء محبب(1/446)
* وروي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: لا تحمل هم يومك الذي لم يأتك على اليوم الذي أنت فيه، فإنه إن يك بقي من أجلك يأت اللّه تعالى فيه برزقك، واعلم أنه لا تكتسب شيئاً فوق قوتك إلا كنت فيه خازنا لغيرك.
* ابن دريد، عن الرياشي، لأمير المؤمنين عليه السلام:
دليلك أن الفقر خير من الغنى .... وأن قليل المال خير من المثري
لقاؤك مخلوقاً عصى اللّه للغنى .... ولم تر مخلوقاً عصى اللّه للفقر
* وروي أن رجلاً مدحه في وجهه فقال: اللهم ،أنت أعلم بنفسي مني، وأنا أعلم بنفسي منهم، فاغفر لي ما لا يعلمون، واجعلني خيراً مما يظنون.
* وأثنى عليه رجل - وهو متهم عند أمير المؤمنين - فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: أنا دون ما قلت، وفوق ما في نفسك.
* وروي أن رجلاً جاءه. فقال له: إني أحبك حباً خالصاً، وودَّا ماحضاً. فقال: إني أبغضك بغضاً خالصاً فقيل له: لو رددت عليه جواباً أحسن من هذا وأرفق كان خيراً؟ فقال: أجده قد نافقني في قوله هذا. قال الرجل: صدقت وقد زال من قلبي ما كان فيه. فقال: إني أحبك الآن.
* وروي عنه عليه السلام أنه قال: أول عوض الحليم من حلمه أن الناس أنصاره على الجاهل.
* وروي عنه عليه السلام: لا تعملن شيئاً من الخير رياءاً ولا تتركنه حياءاً.
* وعن أمير المؤمنين أنه قال: زين الحديث الصدق، وأعظم الخطايا عند اللّه سبحانه اللسان الكذوب، وشر العذيلة عذيلة أحدكم نفسه عند الموت، وشر الندامة ندامة أحدكم يوم القيامة.
أخبرنا أبو الحسين الحسن بن محمد الوبري، أخبرنا أبو بكر الجعابي، حدَّثنا القاسم، حدَّثنا أبي، عن أبيه محمد بن عبد الله، عن أبيه محمد بن عمر، عن أبيه: عمر بن علي عليه السلام هذا الحديث إلا أنه قال: أعظم الخطايا الكذب. بدل قوله: وأعظم الخطايا عند اللّه اللسان الكذوب.(1/447)
* وروى عباد بن يعقوب الأسدي، قال: كان أمير المؤمنين قاعداً في الرحبة فأطال الحديث، وأكثر ثم نهض فتعلق به رجل من همدان فقال: يا أمير المؤمنين حدثني حديثاً. قال: قد حدثتكم كثيراً. قال: أجل إنه كثر فلم أحفظه، وغزر فلم أضبطه، فحدثني حديثاً جامعاً ينفعني اللّه به، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: حدثني رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (إني أَرِدُ وشيعتي رواءاً، ويَرِدُ عدوّنا ظِماءاً). خذها إليك قصيرة من طويلة، أنت مع من أحببت، ولك ما اكتسبت، أرسلني يا أخا همدان.
* وروي أن أمير المؤمنين عليه السلام قال: من أحبنا فليعد للفقر جلباباً أو تحفافاً، والمراد بذلك: من أحبنا زهد في الدنيا وطلبها، وجعل الصبر لفقره جلباباً، لأنه يستر الفقر كالجلباب والتخفاف الذي يستتر به الشيء.(1/448)
[جوابه على أسئلة بعض الخوارج]
* عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، قال: شهدت أمير المؤمنين يخطب وسمعته يقول: سلوني فوالله ما من آية إلا وأنا أعلم بليل نزلت أم بنهار، أو في سهل نزلت أم في جبل. فقام إليه عبد الله بن الكوا، فقال: ما الذاريات ذرواً :؟ فقال له: ويلك سل تفقهاً ولا تسأل تعنتاً. الذاريات ذرواً: الرياح. والحاملات وقراً: السحاب. والجاريات يسراً: السفن. والمقسمات أمراً: الملائكة. قال: فما السواد الذي في القمر؟ فقال: أعمى يسأل عن عميا قال اللّه تعالى: ?وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً?[الإسراء:12] فمحونا آية الليل بالظلمة التي جعلها في القمر ليميز النهار من الليل، ولولا ذلك [الفصل] ما فصَّل بينهما إذ كانا نورين انفصلا من عند الله. قال: فما كان ذو القرنين؟ أنبياً كان أم ملكاً؟ قال:لم يكن نبياً ولا ملكاً ولكن كان عبداً لله تعالى، أحب اللّه فأحبه اللّه، وناصح إليه فنصحه، بعثه اللّه إلى قوم يدعوهم إلى الهدى فضربوه على قرنه الأيسر ولم يكن له قرنان كقرني الثور. قال: فما هذه القوس التي تظهر في السماء؟ قال: هي علامة كانت بين نوح عليه السلام وربه تعالى وهي أمان من الغرق. قال: فما البيت المعمور؟ قال: بيت فوق سبع سموات تحت العرش يقال له: الصراح يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا تعود إليه إلى يوم القيامة. قال: فما بال الذين بدلوا نعمة اللّه كفراً؟ قال: هم الأفجران من قريش قد كفيتموهم يوم بدر. قال: فمن ?الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ?[الكهف: 104]؟ قال :قد كان أهل حرورى منهم. وروي في خبر آخر أن أمير المؤمنين قال له حين سأله عن قوله: ?وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً? أنت يا ابن الكوا وأصحابك. وذلك أن عبد اللّه هذا كان متهماً ببغض أمير المؤمنين إلا أنه يميل إليه لعلمه.(1/449)
[بعض ما جاء في غرائب أحكامه في القضاء]
* وروي أن رجلاً أصابته ضربة على رأسه فضعف منها بصر إحدى عينيه، فاشتبه على الحكام وجل الصحابة، وغمض عليهم وجه الحكومة وقدر الأرش والدية، فأمر أمير المؤمنين عليه السلام الرجل أن يرمي ببصره الصحيح إلى أبعد مداه وعرف مقدار ذلك. ثم أمره أن ينظر بالعين السقيمة ويقبض على العين الصحيحة فألزمه من الدية بمقدار ما عجز عنه من مرأى الصحيحة. وقيل: أنه اعتبر بالبيضة المضبوط عليها. وكذلك اللسان لما قطع فنقص من الكلام فاعتبر فيه الحروف المقطعة.
* وروي أنه قضى في القامصة، والقارصة، والواقصة، وهن ثلاث جوار كن يلعبن معاً، فركبت إحداهن صاحبتها، فقرصتها الثالثة، فقمصت المركوبة، فوقعت الراكبة، فوقصت عنقها. قضى بالدية أثلاثاً وأسقط حصة الراكبة لما أعانت على نفسها.
* مُصَنِّفُه: فكيف لا يهتدى من دعى اللّه وسأل رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: أن يهدي قلبه ويثبت لسانه.
(498) يروى في الظاهر من الأخبار أنه صلوات اللّه عليه وعلى آله لما همَّ أن يوجهه إلى اليمن قال أمير المؤمنين: يا رسول اللّه: بعثتني إلى قوم لأقضي بينهم، ولا أعلم بالقضاء فضرب بيده على صدره فقال: ((اللهم، اهد قلبه وثبت لسانه)) .فقال أمير المؤمنين: فما شككت في القضاء بين اثنين.(1/451)