* ويروى عن علي عليه السلام قال: من كان يُؤَمِّلُ أن يعيش غداً، فإنه يؤمل أن يعيش أبداً، ومن كان يؤمل أن يعيش أبداً، قسى قلبه، ورغب في دنياه، وزهد فيما لدى ربه سبحانه.
* وروي عن أمير المؤمنين أنه قال: من سعادة المرء خمسة أشياء: أن تكون امرأته موافقة له، وأولاده أبراراً، وإخوانه أتقياء، وجيرانه صالحين، ورزقه في بلده.
* وعنه عليه السلام أنه قال: الناس أربعة أصناف: جواد، وبخيل، ومسرف، ومقتصد، فالجواد الذي يعطي نصيبه من الدنيا لآخرته، والمسرف الذي يجعل نصيب آخرته لدنياه، والبخيل الذي لا يعطي لواحد منهما نصيبه، والمقتصد الذي يأخذ من دنياه لآخرته.
* الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: الإنسان أصله لبَّه، وعقله دينه، ومرؤته حيث يجعل نفسه، والرزق مقسوم، والأيام دول، والناس إلى آدم شرّع سواء.
* وسئل عليه السلام عن الزهد في الدنيا فقال: الزهد فيها حرامها فتنكبها.
* وعن حذيفة: لو وضع أعمال الأولين والآخرين في الميزان، وقتل علي عليه السلام عمرو بن عبد ود حين حاد منه المسلمون وتضيّق عليهم الخطب لرجح. ولما بلغ قتل عمرو أخته أم كلثوم فقالت: من قتله؟ فقالوا: أمير المؤمنين عليه السلام رثت أخاها عمرواً وذكرت قتل أمير المؤمنين إياه:
لو كان قاتل عمرو غير قاتله .... بكيته ما أقام الروح في جسدي
لكن قاتله من لايعاب به .... وكان يدعى قديماً بيضة البلد(1/441)


* وروي عن ابن عباس: ما رأيت رئيساً كأمير المؤمنين علي عليه السلام، ولقد رأيته يوم صفين وعلى رأسه عمامة بيضاء، وكأن عينيه سراجاً سليط، وهو يحمس أصحابه إلى أن انتهى إليَّ، وأنا في كنف، فقال: معاشر المسلمين استشعروا الخشية، وغضوا الأصوات، وتجلببوا السكينة، واعملوا الّلوم، واخفوا الجنن، واقلقوا السيوف في الغمد قبل السلة، والحظوا الشزر، واطعنوا البتر، ونافحوا بالظبا، وصلوا السيوف بالخطا، وامشوا إلى الموت سجحا، وعليكم الرواق المطنب، واضربوا ثبجه فإن الشيطان راكد في كسره، نافج حضنيه مفترش ذراعيه، وقد قدم للوثبة يداً، وأخر للنكوص رجلاً، قيل السليط: الزيت، وقوله: يحمس: أي يعظهم، يقال: من أحمست الرجل إذا أغضبته، وأحمست النار إذا ألهبتها، الكتف : الجماعة، وغضوا الأصوات: أي أخفوها نهاهم عن اللغط، واللوَّم جمع لأْمة: وهي الدروع، والجنن: الترسه من جننت الشيء إذا سترته وكأنه يسمي بذلك لأنها تستر صاحبها، واقلقوا السيوف: أي سهلوها للسل حتى يهون لهم ذلك عند الحاجة حتى لا تتعسر، والظبا جمع ظبة: السيف أي حده، وصلوا السيوف بالخطا إذا قصرت عن الضرائب تقدموا حتى تلحقوا، والرماح: النبل، أي إذا قصر نبل الرمح ببعد من تطعنه عنك فارمه بالنبل والسهم، وقوله: امشوا إلى الموت مشياً سجحاً: أي سهلاً، وعليكم الرواق المطنب، أي رواق البيت المشدود بالأطناب وهي حبال يشد بها الخيم، والحظوا الشزر: وهو النظر بمؤخر العين، والطعن البتر: ما كان وجاه وجهك وحذاءه، والبتر من الطعن الحلس، وقد قيل: البتر مأخوذ من قولهم (ضرب هبر، وطعن بتر، ورمى سعر) أي يقطع من اللحم قطعة يلقمها، رمى سعر: أي كأنه نار، يقال سعرت النار إذا أضرمتها والهبتها، والحضنان: الجنبان.
* وعن أمير المؤمنين عليه السلام: الصمت داعية المحبة
* وعنه عليه السلام: إذا انقضت المدة كان الحتف في العدة.(1/442)


* يروى أنه قيل في الحسن البصري: إنك قلت في أمير المؤمنين عليه السلام: لو كان في المدينة يأكل من خشفها كان خيراً مما صنع. فقال: يالكع: أما والله لقد فقدتموه سهماً من مرامي اللّه، غير نؤوم عن أمر اللّه، ولا سروقة لمال اللّه سبحانه، أعطى الكتاب عزائمه فيما جل عليه وله، وأحلَّ حلاله وحرم حرامه، حتى أورده ذلك حدائقَ مونقة، ورياضاً مغدقة، ذلك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يالكع.
* وروي أنه عليه السلام افتقد ابن عباس في وقت صلاة الظهر، فقال لأصحابه: ما لابن عباس لم يحضر؟ فقالوا: ولد له مولود فلما صلى قال: امضوا بنا إليه فأتاه فهنأه فقال: شكرت الواهب وبورك لك في الموهوب، ورزقت بره وبلغ أشده ما سميته؟ فقال: أويجوز لي أن أسميه حتى تسميه، فأخرج إليه فأخذه فحنكه ودعا له ثم رده إليه فقال: خذ إليك أبا الأملاك قد سميته علياً، وكنيته أبا الحسن، وكان مفلقاً بليغاً ذا سؤدد وشرف.
* وروي أنه كانت له خمسمائة أصل زيتون يصلي كل يوم إلى أصل ركعتين فكان يدعى ذا الثفنات.
* وضرب بالسوط مرتين كلتاهما ضربه الوليد بن عبد الملك لتزوجه لبابة بنت عبد الله بن جعفر. وروي أنها كانت عند عبدالملك فعض تفاحة وناولها إياها وكان عبدالملك أبخر موصوفاً به فدعت السكين فقال: ما تصنعين؟ فقالت: أميط وانحي الأذى عنها. فطلقها. فتزوجها علي فضربه الوليد لذلك. والأخرى لروايته أن هذا الأمر سيكون في ولده.
* قال الصادق جعفر بن محمد عليه السلام: دخل رجلان على أمير المؤمنين عليه السلام فألقى لهما وسادة فقعد أحدهما عليها وأبى الآخر أن يقعد فقال له: أقعد عليها فإنه لا يأبى الكرامة إلا الحمار.
* وعن الصادق أنه قال: إن أمير المؤمنين عليه السلام كان يقول: التواصل بين الإخوان في الحضر التزاور، وفي السفر التكاتب.(1/443)


* وعن سعيد بن يزيد أبي مسلمة قال: قال أبو نضرة: انطلق بنا إلى الحسن بن علي عليه السلام نسلم عليه فدخلنا معه فسمعناه يقول: قال أمير المؤمنين عليه السلام: من أتى عَرَّافاً فصدقه بما قال فقد كفر بما نزل على محمد صلوات اللّه عليه.
(496) وعن أبي عبد الرحمن السلمي، عن أمير المؤمنين عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قوله تعالى: ?وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ?[الواقعة:82]. قال: ((يقولون: مطرنا بنجم كذا)) .
(497) عن ابن عباس، عن رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: ((من اقتبس علماً من النجوم اقتبس شعبة من الكفر ، وما زاد زاد)).
* وفي بعض مواعظ أهل البيت عليهم السلام: عن أمير المؤمنين عليه السلام: الموت غاية المخلوقين، وسبيل العالمين، معقود بنواصي الباقين، ولا يعجزه لحاق الهاربين، وعند حلوله بأشر أهل الدنيا، تهدم كل لذة وتزايل كل نعمة، يقشع كل بهجة، والدنيا دارٌ منازلها الفناء، ولأهلها منها الخلا، فأكثرهم ينوي بقاها ويعظم فناها، وهي حلوة خضرة قد عجلت للطالب وتزينت بقلب الناظر، تطأ ذا الثروة الضعيف، ويجتنبها الخائف الوجل، فارتحلوا رحمكم اللّه منها بأحسن ما يحضركم، ولا تطلبوا منها أكثر من البلاغ، ولا تسألوا منها فوق الكفاف، وارضوا منها ناسها ولا تمدنَّ أعينكم فيها إلى ما مُتّع به المترفون، واستهينوها ولا تؤثروها على الآخرة، ولا توطئوها، وأضروا بأنفسكم فيها، وإياكم والتنعم والتلهي والفكاهات، فإن ذلك غفلة واغترار، ألا إن الدنيا قد تنكرت وأدبرت واخلولقت وآذنت بوداع. ألا إن الآخرة قد رحلت فأقبلت وأشرفت وأذنت باطلاع، ألا وإن المضمار اليوم والسبق غداً، ألا وإن السبقة الجنة، والغاية النار، أفلا تائب من خطيئته قبل منيته، أو عامل لنفسه قبل يوم بؤسه وفقره.(1/444)


* وكان أمير المؤمنين عليه السلام يقول في خطبته: لا ترتابوا فتشكوا، ولا تشكوا فتكفروا، ولا ترخصوا أنفسكم فتداهنوا، ولا تداهنوا في الحق فتخسروا، إن من الحزم أن تتفقهوا، وإن من الفقه أن لا تغروا، وإن أنصحكم لنفسه أطوعكم لربه، وإن أغشكم لنفسه أعصاكم لربه، من يطع اللّه يأمن ويرشد، ومن يعصه يخب ويندم، سلوا اللّه اليقين، وارغبوا إليه في العاقبة أنتم بخير ما دام في القلوب اليقين، أيها الناس إياكم والكذب، فإن كل راج طالب، وكل خائف هارب.
* وفي بعض مواعظ أهل البيت عليهم السلام أن رجلاً أتى أمير المؤمنين في مقامه فقال: ما أحسن ذل الأغنياء على الفقراء رجاء ثواب اللّه وأحسن من ذلك تِيْه الفقراء عزاً بالله فقال: فقلت: زدني فأخرج يده فإذا فيها مكتوب:
قد كنت ميتاً فصرت حياً .... فعن قليل تعود ميتاً
ابْنِ بدار الفناء بيتاً .... ترج بدار البقاء بيتاً
* قال أمير المؤمنين عليه السلام في مناجاته: اللهم كفى بي عزاً أن تكون لي رباً، وكفى بي فخراً أن أكون لك عبداً، أنت كما أحب فاجعلني كما تحب.
* الأعمش، عن خيثمة، عن سويد بن غفلة، أن أمير المؤمنين علياً عليه السلام كان ينشد هذه الأبيات:
لا دار للمرء بعد الموت يسكنها .... إلاّ التي كان قبل الموت يبنيها
فإن بناها بخير كان مغتبطاً .... وإن بناها بشر خاب بانيها
فاغرس أصول التقى ما دمت مجتهداً .... واعلم بأنك بعد الموت تجنيها
* ولأمير المؤمنين عليه السلام:
همومك بالعيش مقرونة .... فلن يقطع الدهر إلا بِهِمْ
حلاوة دنياك مسمومة .... فلن تأكل الشهد إلا بسم
ملابسك اليوم مذمومة .... فلن تلبس الحمد إلا بذم
إذا كنت في نعمة فارعها .... فإن المعاصي تزيل النعم
إذا تم شيء بدا نقصه .... ترقب زوالاً إذا قيل تم
* وعن أمير المؤمنين عليه السلام: ثلاثة لا يعرفون إلا في ثلاثة مواطن: لا يعرف الأخ إلا عند الحاجة، ولا الحليم إلا عند الغضب، ولا الشجاع إلا عند اللقاء.(1/445)

89 / 101
ع
En
A+
A-