* معاذ بن جبل: إذا أحببت رجلاً فلا تسأل عنه أحداً، فعسى أن توافق نمَّاماً فيفرق بينك وبينه.
* وزار رجل حكيم من المتقدمين حكيماً، فلما لقيه ذكر له عن بعض إخوانه مقالاً. فقال المزُور: يا أخي، قد أبطأت في الزيارة، وأتيتني بثلاث جنايات: بغَّضت إليَّ أخي الحبيب، وشغلت قلبي الفارغ، وأتهمت نفسك الأمين، فما أشر ما أتيت.
* أكثم بن صيفي: الأذِلاَّءُ أربعة: النمام، والكذاب، والمديون، واليتيم. (ح)، كذلك المحتاج إلى الناس، سواء سألهم، أم انتظرهم فقط.
(457) وقال، رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (( شرار عباد اللّه: المشاؤون بالنميمة ، المفسدون بين الأحبة، الباغون الشر، ألعيب )).
* وقال، سليمان بن داود: يا بني، إياكم والنميمة، فإنها أحدُّ من السيف .
(458) وعن رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (( لا يسكن مكة سافك دم ، ولا مشاء بنميم، ولا تاجر بربا )).
* عطاء بن السائب: ذكرت هذا الحديث للشعبي، وقرن النَّمَّام، والقاتل، وآكل الربا.
وقال: وهل تسفك الدماء، وتنتهب الأموال، وتهيج العظام، إلاَّ من أجل النميمة.(1/376)


باب الإشتغال بعيب النفس عن عيوب الناس
* قال تعالى: ?عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ ?[المائدة: 105].
(459) أخبرنا عبد الرحمن، أخبرنا أبو بكر، حدَّثنا مكحول، أخبرنا محمد بن رميح، أخبرنا محمد بن جامع العطار، عن عبد العزيز، عن عبد الصمد، عن أبَّان، عن أنس، قال: قال لي النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس، وانفق من مال اكتسبه من غير معصية اللّه، ورحم أهل الذل والمسكنة، وخالط أهل الفقه وا لحكمة )).
* وعن المسيح عليه السلام: لا تنظروا في عيوب الناس كالأرباب، وانظروا في عيوبكم كالعبيد، ينظر أحدكم القذا في عين أخيه، ولا ينظر الجذع في عينه، مثلكم مثل القبور المجصصه يروق ظاهرها، وباطنها فيها ما فيها. وقد نَظمه بعض الشعراء، فقال:
أهملت نفسك في هواك ولمتني .... لو كنت تنصف لمت نفسك دوني
ما بال عينك لا ترى لقذاءها .... وترى الخفي من القذا لجفوني
* وأتي أمير المؤمنين عليه السلام، برجل استوجب الحد، فقال: إذا اختلط الظلام، فاتوني بشهود متعممين. فلما حضروا للشهادة، قال: نشدت اللّه رجلاً عنده مثل هذا الحد إلاَّ انصرف، فانصرفوا جميعاً.
* قال حكيم لحكيم: والله إني لأحبك في اللّه. فقال له الآخر: لو علمت مني ما علمت من نفسي، لأبغضتني في اللّه. قال له الأول: لو علمت منك ما علمت من نفسك، لكان فيما أعلم من نفسي شغلاً عما أعلم في نفسك.
* مُصَنِّفُه: من أولع باستقصاء عيوب الناس، أستقصيت عليه عيوبه، وبقي بلا صديق، ومن أهمل لسانه عقره، وهدر عرضه، ومن لم يرم طرفه فقد كمد نفسه.
* ولبعضهم:
لا تفتشن مساوي الناس ماستروا .... فيكشف اللّه ستراً من مساويكا
واذكر محاسن ما فيهم إذا ذُكروا .... ولا تعب أحداً منهم بما فيكا
* وفي بعض الكتب المتقدمة: يا ابن آدم، لك مخلاتان: مخلاة خلفك، ومخلاة أمامك، ففي التي خلفك عيوبك، والتي أمامك عيوب غيرك، فلو نظرت التي خلفك شغلتك عن التي أمامك.(1/377)


يا ابن آدم، لا تبغض نفسك على اليقين، وتبغض أخاك على الظن، ما هذا بإنصاف.
* يحيى بن معاذ: اعرف الناس بعيوب أنفسهم أقربهم من ربه، وما سقط الناس إلاَّ من فقد معرفة النفوس.
* مُصَنِّفُه: لا تكن ممن بصَّرك السخط إلى العيوب، والرضى يعميك، ولكن فاجعلها في اللّه تعالى، لتكون بصيراً في الحالين.
* عون بن عبد الله: ما أحسب أحداً يفرح بعيوب الناس، إلاَّ من غفلة غفلها من نفسه.
* مُصَنِّفُه: وإذا رأيت الرجل يكون في جهد عيوب الناس كليل المعرفة بعيوبه فما نالته محنة شغلته عما يكره، فهو في حظه من الخاسرين، وعن رياضة نفسه من الغافلين، وبها من الجاهلين.
* واستوصى رجل راهباً، فقال: أوصيك بسبعة أشياء: لا تحزن على ما فاتك من الدنيا، ولا تحمل على قلبك هم ما لم ينزل بك، ولا تطلب الثناء ممن لا يفعل، ولا تعيب الناس فيما فيك، ولا تنظر بالشهوة إلى ما لا تملك، ولا تغضب على من لا يضره غضبك، ولا تثن على من يعلم اللّه منه خلاف ذلك.
* إبراهيم بن الجنيد ، كان يقول: حق على العاقل أن يتخذ مرءآتين فينظر في إحداهما مساوي نفسه، فيتصاغر بها ويصلح ما استطاع، وينظر في الأخرى محاسن الناس فيجلهم بها، ويأخذ منها ما استطاع.
* أبو قلابة: إذا كان الناس أعلم بالرجل من نفسه؛ فقمن أن يهلك، وإذا كان هو أعلم بنفسه من الناس؛ فقمن أن ينجو.
* الحسن: ما عيرت أحداً بذنبه، مخافة أن أبتلى به.
* عمر بن الخطاب: رحم اللّه امرءاً أهدى إليَّ عيوبي.
* مسعر بن كدام: من يمدحني، ومن يخبرني بعيوبي، سواء عندي.
* مُصَنِّفُه: ولعمري هو كذلك، لأنه عند معرفته بعيوبه ينهض لإزالتها، فيعود مستقيماً ممدوحاً.
* لبعض الحكماء: إذا رأيت أن تنظر إلى العيوب جمة فتأمل عيَّاباً فإنما يعيب بفضل ما فيه من العيب.
* وعن الحسن: إنَّ صحبة الأشرار تورث سوء الظن بالأخيار.(1/378)


* أبو عبيدة: عن الحسن، قال: يا ابن آدم، إنك لن تصيب حقيقة الإيمان، حتى لا تعيب الناس بما فيك، حتى تبدأ بصلاح ذلك العيب من نفسك فتصلحه، فإذا فعلت ذلك، كان شغلك في خاصة نفسك.
* أمير المؤمنين عليه السلام: النمام؛ على الناس طاعن، ولنفسه مداهن.
* وفي بعض مواعظ أهل البيت عليهم السلام: كتب رجل إليَّ، أطرفني بشيء من العلم فكتبت إليه: العلم كثير، ولكن إن قدرت أن تلقى اللّه عز وجل وظهرك خفيف من دماء هذه الأمة، وبطنك خميص من أموالهم، وأنت عفيف عن أعراضهم فافعل.
* وعن الباقر محمد بن علي عليه السلام: يا جابر، ما شيعتنا إلاَّ من أتقى اللّه وأطاعه، وكف الألسن عن الناس إلاَّ بخير...الخبر.
* ولبعضهم:
أرى عيوب العالمين ولا أرى .... عيبي خصوصاً وهو مني أقرب
كالطرف يستجلي الوجوه ووجهه .... أدنى إليه وهو عنه مغيب(1/379)


باب في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
* قال اللّه تعالى: ?وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ?[التوبة:71]. فجعل ذلك من صفات الإيمان.
* وقال [تعالى]: ?وَلْتَكُن مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ?[آل عمران:104].
* وقال تعالى: ?كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُون ?[المائدة:79].
* وقال [تعالى]: ?يَابُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاَةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَك?[لقمان: 17].
* وقال تعالى: ?فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنَا?..الآية[هود: 116].
* وقال تعالى: ?وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللّهِ وَعَمِلَ صالحا ً?..الآية[فصلت:33].
* وقال تعالى: ?ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ?..الآية[النحل: 125].
* وقال[تعالى]: ?خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِين ?[الأعراف:199].
* وقال [تعالى]: ?قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارا ً?[التحريم: 6].
(460) وعن رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (( كلام ابن آدم كله عليه لا له إلاَّ أمراً بمعروف ، أو نهياً عن منكر، أو ذكراً لله تعالى )).
(461) وعنه: صلى الله عليه وآله وسلم: (( لا قدس اللّه أمة لا يأخذ ضعيفها من قويها حقه غير متعتع )).
* وعن المسيح عليه السلام: إنَّ الحريق ليقع في البيت الواحد فما يزال يتقد من بيت إلى بيت إلاَّ أن يستدرك البيت الأول فيهدم من قواعده، وكذلك الظالم الأول، وإن لم يؤخذ على يديه لم يؤخذ على يدي غيره .(1/380)

76 / 101
ع
En
A+
A-