* أبو بكر بن أبي مريم: رأيت ورقاء أبو بشر فيما يرى النائم. فقلت: ماذا فُعِلَ بك يا ورقاء؟ قال: نجوت بعد كل جهد. قلت: فأي الأعمال وجدتموها أفضل؟ فقال: البكاء من خشية الله.
* وكان يزيد الرقاشي يدمن البكاء في أغلب حالاته عند طعامه، ورؤية منكر، ورؤية معروف، وجنازة، وعند مجالسة إخوانه.
فقال له ابنه: يا أبتي، لو كانت النار خلقت لك ما زدت عليها. فقال، يزيد: وهل خلقت النار إلا لي ولأصحابي ولإخواننا الأنس والجن، أما تقرأ يا
بني: ?سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلاَنِ? [الرحمن:31]. ?يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلاَ تَنتَصِرَانِ? [الرحمن:35]. ?يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ ?[الرحمن:44]. وجعل يجول في الدار، ويصرخ، ويبكي، حتى يغشى عليه.
* مُصَنِّفُه: البكاء ثلاث: بكاء رقة، وخدعة، وخشية. فبكاء الرقة: بكاء النساء، والعامة. وبكاء الخدعة: بكاء المنافق. وبكاء الخشية: بكاء المؤمن.
* مُصَنِّفُه: بكاء المؤمن دواء، وبكاء المنافق داء.(1/366)


باب في وزر الغيبة والنميمة وأذى المسلم
* قال تعالى: ?مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ?[ق:18].
* وقال تعالى: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ ?[الحجرات:11].
* وقال تعالى: ?وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا ?[الحجرات:12].
* وقال تعالى: ?إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ?[النور:19].
(437) أخبرنا أبو الحسن، أخبرنا أبو أحمد، حدَّثنا علي بن الحسين، حدَّثنا الحسن بن علي، حدَّثنا سعيد بن سليمان، حدَّثنا موسى بن خلف، حدَّثنا قاسم العجلي، عن أنس بن مالك، قال: بينا النبي صلى الله عليه وآله وسلم يخطب، إذ جاء رجل يتخطى رقاب الناس حتى جلس قريباً من النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فلما قضى النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلاته، قال: (( يا فلان، ما منعك أن تجمع ))؟
قال: يانبي، اللّه حرصت أن أضع نفسي في الموضع الذي ترى.
قال: (( قد رأيتك تتخطى رقاب المسلمين وتؤذيهم، من آذى مسلماً فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى اللّه )).
(438) عن أبي عمرو مولى أنس: أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: (( من خزن لسانه، ستر اللّه عورته ، ومن كف غضبه كف اللّه عنه غضبه )).
(439) عبيد بن عمير، عن أبي ذر، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: (( كلام ابن آدم عليه لا له ، إلاَّ أمراً بمعروف، أو نهياً عن منكر، أو ذكراً لله )).(1/367)


(440) جابر بن عبد الله: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( من ضمن لي ما بين لحييه، وما بين رجليه ضمنت له الجنة )).
(441) معاذ بن جبل، قال: خرجت مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في غزوة تبوك، فرأيت منه خلوة، فأوضعت بعيري حتى حاذيته.
فقلت: يا نبي اللّه، ألا تدلني على عمل، أدخل به الجنة؟
قال: (( لقد سألت عن عظيم، وإنه ليسير على من يسره اللّه عليه: تعبد اللّه ولا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة المكتوبة، وتؤتي الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان )).
ثم سار وسرت معه. ثم قال: (( إن شئت أنبأتك بأبواب الخير؟ الصوم جُنَّةٌ، والصدقة تطفي الخطيئة، وقيام الرجل في جوف الليل، ثم قرأ: ?تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ?[السجدة:16] )).
ثم قال: (( إن شئت أنبأتك عن رأس هذا الأمر، وعموده، وذروة سنامه؟ أما رأسه: فالإسلام. وأما عموده: فالصلاة. وأما ذروة سنامه: فالجهاد في سبيل اللّه )).
ثم قال: (( إن شئت أعلمتك ما هو أملك على الإنسان من ذلك )). فأومأ بيده إلى فِيْهِ.
وقال: (( لسانك )).
فقلت: يانبي اللّه، إنا لنؤاخذ بما نتكلم به؟
قال: (( ثكلتك أمك يا ابن جبل، وهل يكب الناس على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم؟ وهل تقول إلا لك أو عليك )).
(442) أنس بن مالك: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: (( من أراد أن يسلم، فليحفظ لسانه )).
* محمد بن القاسم : قال: قرئ على باب صنعاء: إن كانت العافية من شأنك، فسلط السكوت على لسانك.
(443) وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( من صمت نجا )).
* عبد الله بن أبي زكريا: عالجت العبادة فلم أجد شيئاً أشدّ من الصمت.
(444) عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: (( طوبى لمن أمسك الفضل من قوله، وأنفق الفضل من ماله )).(1/368)


(445) عن ابن عمر، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (( لا تكثروا الكلام في غير ذكر اللّه ، فإن كثرة الكلام لغير ذكر اللّه قسوة القلب، وإن أبعد الناس من اللّه القلب القاسي )).
* سعيد بن جبير، عن ابن عباس، أنه أخذ بلسانه، فقال: يا لسان، قل خيراً؛ تغنم، وأمسك عن قبيح؛ تسلم.
* الحسن: في قوله عز وجل: ?وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ?[القيامة:2]. قال: إنَّ المؤمن يلوم نفسه. أو قال: ألا تراه كيف يلوم نفسه، يقول: ما أردت تكلمين يعاتب نفسه، وأن الفاجر يمضي قدماً لا يعاتب نفسه.
(446) عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( شر الناس يوم القيامة من يُتَّقَى مجلسه لفحشه )).
* عن ابن حبان التميمي، قال: كان يقال: ينبغي للمؤمن أن يكون أشدَّ الناس حفظاً للسانه منه لموضع قدميه.(1/369)


فصل
(447) أخبرنا أبو الحسن، أخبرنا أبو أحمد، حدَّثنا عبد الله بن أحمد، حدَّثنا الحسن بن إسرائيل، حدَّثنا أسباط، عن عباد بن كثير، عن الحريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري، وعن: جابر بن عبد الله، قالا: قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (( الغيبة أشدُّ من الزنا ، إنَّ الرجل ليزني فيتوب، فيتوب الله عليه، وإن صاحب الغيبة لا يغفر له، حتى يغفر له صاحبه )).
(448) وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( من اغتيب عنده أخوه المسلم ، فاستطاع أن ينصره فنصره، نصره اللّه في الدنيا والآخرة، ومن خذله خذله اللّه في الدنيا والآخرة )).
(449) عمر بن عبد الله الأنصاري، عن أبي الدرداء، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( من ذكر امرءاً بما ليس فيه ليعيبه ، حبسه اللّه في نار جهنم، حتى يأتي بنفاذ ما قاله فيه )).
* وعن جبير بن نفير، عن أبي الدرداء، قال: أيما رجل أشاد على امرئ مسلم كلمة وهو منها بريء يريد أن يشينه بها، كان حقاً على اللّه أن يعذبه بها في نار جهنم، حتى يأتي بنفاد ما قاله فيه.
(450) أخبرنا أبو الحسن، أخبرنا أبو أحمد، حدَّثنا ابن منيع، حدَّثنا محمد بن حسان السمتي، حدثنا فضيل بن عياض، عن الأعمش، عن أبي سفيان، قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم فهاجت ريح، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (( إن ناساً من المنافقين اغتابوا ناساً من المؤمنين ، فلذلك هاجت هذه الريح )).
* وروي أيضاً، عن جابر بن عبد الله: هاجت ريح منتنة على عهد رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم.. الخبر.
(451) وعن جابر، عن عامر، عن مرة الهمداني، عن أبي بكر، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (( لا يدخل الجنة سيء الملكة ، وملعون من ضار مسلماً أو غره )).(1/370)

74 / 101
ع
En
A+
A-