* وعن أبي هريرة: إنَّ في الجنة زوجة، يقال لها: العيناء. إذا مشت؛ مشت سبعون ألف وصيفة عن يمينها؛ وعن يسارها كذلك، وهي تقول: أنا للآمرين بالمعروف، والناهين عن المنكر.
* ابن عباس: إن في الجنة حوراء، يقال لها: لعبة. لو بزقت في البحر، لعذب ماء البحر، مكتوب على نحرها: من أحب أن يكون له مثلي، فليعمل بطاعة ربي.
* يحيى بن أبي كثير: إن الحور العين لتنادي أزواجهن، بأصوات حسان، ويقلن: طالما انتظرناكم، ونحن الراضيات، الناعمات، الخالدات.
ويقلن أنتم حبنا، ونحن حبكم، ليس دونكم مقصر، ولا وراءكم معدل.
* وعن عكرمة في قوله تعالى: ?وَمُلْكاً كَبِيراً? [الإنسان: 20] عني به: مواكبهم.
* وعن بعضهم: استئذان الملائكة عليهم كما قال تعالى: ?وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ? ..الآية[الرعد:23].
* مُصَنِّفُه: إلى ملك جليل، ونعمة لا زوال لها، وراحة لا كدر فيها، وشباب لا هرم، وصحة لا سقم، وأمن لا خوف، وحياة لا ممات، وإجابة منجزة لخواطرك، كما تريده على الوجه الذي تريده، وأحضر منه، أي ملكٍ أكبر من ملك الأماني، فيه أسرع إجابة لك من وحي اللحاظ.
* وعن يحيى بن أبي كثير في قوله: ?أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ ?[الزخرف:70]. قال: السماع. وقيل: تبقون فيها. وقيل: تسرون. وقيل: لا تحزنون أبداً.
* أبو سعيد الخدري: هي: التيجان، أدنى لؤلؤة منها لتضئ ما بين المشرق والمغرب.
* مُصَنِّفُه: من تحقق المطلوب والمرغوب، وجد طوع النفس موقع الأنس، وهان عليه المبذول، وتخفف عليه المحمول، وطوبى لمن أشترى ما لا ثمن له بما له ثمن، فالجنة لا ثمن لها عظماً ومقداراً، والدنيا لا ثمن لها ذلة واحتقاراً. فمن تركها للجنة؛ فقد اشترى ما لا ثمن لها نفاسة؛ بما لا ثمن له خساسة.(1/356)
* قال يحيى بن الحسين: يا نفس، هل غُفر لك ذنبك القديم إذ تجترئي على الحديث؟ وهل شكرت الموجود؛ إذ تجدّين في طلب المفقود؟ وهل وآلاك الشيطان؛ إذ عاديت أولياء الرحمن؟ وهل استغنيت عن الوهاب؛ إذ أعرضت عن طاعته؛ وقرع بابه؟ وهل تخلفت جسر النار؛ إذ أنت في الأمن والقرار؟ وهل وضعت قدمك في جنته؛ إذ تكاسلت عن عبادته؟
* يحيى بن معاذ: يعرف قدر الدنيا؛ ساعة الإقامة في الآخرة.
* مُصَنِّفُه: لا. بل يعرف قدر الدنيا؛ ساعة مذاقة مرة الموت والفزع، لأنه إن كان من أهل الجنة، علم أنها في جنب الجنة لا شيء، وإن كان من أهل النار، علم أن الدنيا لم تسو ساعة للكون في النار.
* أبو حازم: لو كانت الجنة لا تدخلها إلا بترك جميع ما تحب من الدنيا، ولو كانت النار لا تنجو منها إلا بتحمل جميع ما تكره من الدنيا لكان يسيراً في جنبها، فكيف وقد تدخل الجنة بترك جزء من ألف جزء مما تحب، وقد تنجوا من النار؛ بترك جزء من ألف جزء مما تكره، وما أراد الله منك؛ وهو: الخير، أيسر مما أردت منه؛ وهي: الجنة، وما كره اللّه منك؛ وهو: الشر، أيسر مما كرهته أنت وهي: النار.
* يحيى بن معاذ: اكتساب الدنيا ذل النفوس، وفي اكتساب الجنة عزّ النفوس، فيا عجباً!! لمن يختار المذلة فيما يفنى عن العز في طلب ما يبقى.
* المسيح عليه السلام: ذِكْر الَخالِدَيْنِ، قَطَّع قلوب الخائفين - يعني: الجنة والنار-.
* يحيى بن معاذ: ترك الدنيا شديد، وفوت الجنة أشد منها، والدنيا تركها مهر الجنة.
* ثابت البناني: بلغني أنه ما من قوم جلسوا؛ فيقومون قبل أن يسألوا اللّه الجنة، ويتعوذوا بالله من النار، إلاَّ قالت الملائكة: مساكين أغفلوا العظيمين.
* حامد اللفاف: إن أمام بني آدم ثلاثة أشياء:
أولها: موت كريه المذاق.
والثاني: نار إليم العقاب.
والثالث: جنة عظيمة النعيم .(1/357)
فاستعد للموت، استعداد من لا يؤوب بعده، واهرب من النار؛ هرب من لا طاقة له بها، واطلب الجنة؛ طلب من لا غنى له عنها.
* يحيى بن معاذ: قسمت الدنيا بين أهلها مراراً، وإن الجنة لا تقسم إلا مرة، فمن لم يقع له نصيبه؛ يرجع منها إلى الهلاك.
* الحسن: أدركت أقواماً، وصحبت رجالاً، ما سألوا الجنة حياءاً.
* مطرف بن الشخير: إني أراكم تذكرون الجنة، وقد حال ذكر النار بيني وبين الجنة.
* مُصَنِّفُه: يا ابن آدم، أخلص طوعك، فإن الثواب مُخْلَصْ، لا يستحقه إلا مُخْلِصٌ.(1/358)
باب في الرجاء والرغبة والإرجاء في فضل اللّه عز وجل
* قال تعالى: ?نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ?[لحجر: 49].
* وقال [تعالى]: ?قُلْ يَاعِبَادِىَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ ?..إلى قوله: ?وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ?[الزمر:53،54].
* وقال تعالى: ?فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى? [طه: 44]. عن بعضهم: أي خاطباه بكنيته.
* مُصَنِّفُه: هذا فضله مع معاند ادعى الربوبية، فكيف فضله فيمن اعتقد الواحدانية، وبذل العبودية.
* وقال تعالى: ?أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً? [الكهف: 50]. أي استعطاف وترقق من سيد بعبده مثله؟
يقول: إن الشيطان لكم عدو، وأنا ولَيّكم رؤوف بكم، فترفضون الولي الرؤوف الرحيم بالعدو المضل،وكفاك بفضله؛أنك تبارزه عمرك الأطول؛بالموبقات ومعاصيه،فمتىما ندمت قبل زوال التكليف بلحظة أمحا عنك جميع ذلك،وبَوَّأَكَ مثوى من لم يعصه طرفة عين.
(430) وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( يقول اللّه: أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء )).
(431) وأظنه، عن رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (( أحسنوا الظن بالله، فإن اللّه عند ظنكم )).
* وكان يحيى عليه السلام، إذا لقي عيسى عليه السلام عبس، وإذا لقيه عيسى تبسم. فقال له عيسى: تلقاني عابساً، كأنك آيس؟ فقال: تلقاني ضاحكاً، كأنك آمن. قال: أوحى اللّه إليهما: إنَّ أحبكما إليَّ، أحسنكما ظناً بي.(1/359)
(432) ودخل رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم من باب بني شيبة على أصحابه؛ وهم يضحكون، فقال: أتضحكون؟ لا أراكم تضحكون . ثم أدبر حتى كان عند الحجر، رجع إليهم القهقرى، فقال: (( جاءني جبريل عليه السلام، فقال: يا محمد إن اللّه يقول: لمَ تقنط عني عبادي؟ ?نَبِّئْ عِبَادِي أنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرّحِيم، وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمُ?[الحجر:49،50].
* أبو غالب كنت أختلف إلى أبي أمامة بالشام، فدخلت يوماً على فتى من جيرة أبي أمامة، فقال: مريض؛ وعنده عم له، وهو يقول: ياعدو اللّه، ألم آمرك؟ ألم أنهك؟ فقال الفتى: ياعماه، لو أن اللّه تعالى دفعني إلى والدتي، ما كانت صانعة بي؟ قال: فوالله كانت تدخلك الجنة. فقال: اللّه أرحم بي من والدتي.
* وعن الأصمعي: كان رجل يحدث بأهوال القيامة، وأعرابي جالس يسمع فسمع. فقال: يا هذا من يلي أمر العباد؟ قال: اللّه تعالى. فقال الأعرابي: اللّه أكبر إنَّ الكريم إذا قدر غفر.
* هذا رحمك اللّه فيمن تدارك موبقته قبل زوال التكليف، فأمَّا من لم يتب فيتحتم عليه كلمة العذاب، لأنه لو كان الكرم لكان الذنب كلما كان أعظم فغفرانه أعلى وأبلغ في الكرم، فكان يجب أن يغفر ذنوب الكفار، وضرورة تعلم خلافه من دينه عليه السلام، لو جاز إخراجه عن النار لكان تجويزه؛ روحاً له في النار؛ ولا راحة في النار.
* وسئل أبو ذر رحمه اللّه عن ذلك؟ فقال: يتأبد في النار. فقيل: أين رحمة الله؟ قال: إن اللّه يقول: ?إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنْ الْمُحْسِنِينَ? [الأعراف:56].
* مُصَنِّفُه: فلأن تحترز عن النار، وتحتاط لنفسك بالتوبة، خيرٌ من الإغترار برجاء لا يتبعه التوبة، فتزل بك القدم فلا تأمن التلافي.(1/360)