باب صفة الجنة والنار
* قال اللّه تعالى: ?يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ?[الزخرف:71]. وقد جمع سائر صفات الدواعي، في قوله: ?وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنْفُسُ?.
* وقال عز وجل: ?فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ، عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ، يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ، بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ، لاَ فِيهَا غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ، وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ، كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ?[الصافات:4349].
* وقال [تعالى]: ?أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ ?[الرعد: 35].
* وقال تعالى: ?جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ، وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ، الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لاَ يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلاَ يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ?[فاطر:3335].
* وقوله: ?لاَ يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ?[الحجر: 48]. إلى ما شاكله من الآيات.
(405) أخبرنا أبو الحسن، أخبرنا أبو أحمد، حدَّثنا الجوهري، حدَّثنا عمرو بن شبه، حدَّثنا يونس بن عبيد الله، حدَّثنا عدي بن الفضل، حدَّثنا الحريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (( إن اللّه جل ذكره لما حاط حائط الجنة ، لبنة من ذهب، ولبنة من فضه، وغرس غرسها، فقال لها: تكلمي. فقالت: ?قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ?[المؤمنون:1]. فقال تبارك وتعالى: طوبى لك منزل الملوك )).(1/351)


(406) أبو هريرة، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (( ما رأيت مثل الجنة نام طالبها، ولا مثل النار نام هاربها )).
(407) ثابت، عن أنس، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (( حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات )).
(408) الحارث، عن أمير المؤمنين علي عليه السلام، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (( من اشتاق إلى الجنة سارع إلى الخيرات، ومن أشفق من النار؛ لهى عن الشهوات، ومن ترقب الموت هانت عليه المصيبات )).
(409) أبو سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (( لما خلق اللّه الجنة، قال لجبريل عليه السلام: اذهب، فانظر إليها فنظر إليها.
فقال: لا يسمع بها أحد إلا دخلها. ثم حفها بالمكاره. ثم قال: اذهب، فانظر إليها فنظر. فقال: يارب، وعزتك، لقد خشيت أن لا يدخلها أحد. فلما خلق اللّه النار. قال: اذهب، فانظر إليها. فقال: لا يسمع بها أحد فيدخلها، ثم حفها بالشهوات. وقال: اذهب، فانظر إليها. فقال: يارب، وعزتك، لقد خشيت أن لا يبقى أحد إلا دخلها )).
(410) أبو هريرة، قال: قال رجل يارسول اللّه صلى اللّه عليك وآلك: ما بناء الجنة؟
قال: (( لبنة من فضة، ولبنة من ذهب ، ملاطها المسك الأذفر، وحصباؤها الدر والياقوت، من يدخلها ينعم؛ ولا يبأس، ويخلد؛ ولا يموت، ولا يفنى شبابه؛ ولا تخلق ثيابه )).
(411) أبو نضرة، عن أبي سعيد: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: (( إن اللّه لما خلق جنات عدن ، بناها بلبنة من فضة، ولبنة من ذهب، وجعل ملاطها المسك، وترابها الزعفران، وحصباؤها الدر واللؤلؤ، ثم قال لها: تكلمي.
فقالت: ?قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ?[المؤمنون:1]. فقالت الملائكة: طوبى لك منزل الملوك )).
(412) وعن رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (( لشبر من الجنة خير من الدنيا وما فيها )).(1/352)


(413) وعن سهل بن سعد، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( موضع سوط من الجنة خير من الدنيا وما فيها، وروحة في سبيل اللّه، أو غدوة خير من الدنيا وما فيها، ثم تلى هذه الآية: ?فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ?[آل عمران:185] )) .
(414) سهل بن سعد، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (( إنَّ في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها )).
* مُصَنِّفُه: قيل: إنها شجرة طوبى. وعلى هذا حمل بعضهم طوبى لهم، أي: الجلوس في ظلها.
* مُصَنِّفُه: قال اللّه تعالى: ?وَظِلٍّ مَمْدُودٍ ?[الواقعة:30]. قيل: يسير الراكب فيها سبعين ألف سنة.
(415) وعنه: صلى الله عليه وآله وسلم: (( إن في الجنة لمراغاً من مسك مثل مراغ دوابكم في الدنيا )).
* وقرأت، أن اللّه أوحى إلى المسيح عليه السلام: أني قد أعددت لعبادي الصالحين، ما لو رأت عيناك لذاب قلبك، وزهقت نفسك.
* وقال تعالى: ?فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ?[السجدة:17].
وعن أمير المؤمنين علي عليه السلام: أخفوا لله طاعة فأخفى لهم ثواباً.
وروى أبو صخر ذلك، عن محمد بن كعب وزاد: لما قدموا أقر تلك الأعين.
* وعن الحسن فيه، قال: أخفي ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر .
(416) وروى سهل بن سعد، قال: بينما نحن عند رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم، وهو يصف الجنة حتى أنتهى.
ثم قال: (( فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. ثم قرأ هذه الآية: ?تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ، فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ?[السجدة:16،17] )).
* مُصَنِّفُه: والمراد بذلك تفاصيل ما أعده لأن جنس الثواب على الجملة معلوم.(1/353)


(417) أبو هريرة: أن رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم قال: (( أول زمرة تدخل الجنة، على صورة القمر ليلة البدر ، ثم الذين يلونهم على صورة أشد كوكب في السماء إضاءة، ولا يبولون، ولا يتغوطون، ولا يتفلون، ولا يتمخطون، أمشاطهم الذهب، ورشحهم المسك، ومجامرهم اللؤلؤ، وأزواجهم الحور العين )).
(418) أبو الزبير، عن جابر، قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( إنَّ أهل الجنة: يأكلون، ويشربون، ولا يتمخطون، ولا يتغوطون ، ولا يتبولون، ولكنها رشح؛ كرشح المسك، قد أُلهموا التسبيح والتحميد والتكبير )).
(419) أبو هريرة: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (( إن أول زمرة تدخل الجنة، وجوههم مثل القمر ليلة البدر لا يتمخطون ولا يبصقون ولا يتغوطون آنيتهم وأمشاطهم الذهب والفضة، ومجامرهم اللؤلؤ، ورشحهم المسك، لكل امرئ منهم زوجتان، يرى مخ ساقها من وراء اللحم من الحسن، لا حسد بينهم؛ ولا تباغض، قلوبهم على قلب واحد، يسبحون اللّه بكرة وعشيا )).
(420) زيد بن أرقم، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: يا أبا القاسم، تزعم أن أهل الجنة؛ يأكلون ويشربون؟
قال: (( نعم والذي نفسي بيده إن أحدهم ليعطى قوة مائة رجل في الأكل والشرب )).
قال: فإن الذي يأكل تكون له الحاجة والجنة طيب لا خبث فيها؟
فقال: (( عرق يفيض من أحدهم كرشح المسك فيضمر له بطنه )).
(421) أبو هريرة، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: (( ينادي منادي في الجنة: آن لكم أن تحيوا فلا تموتوا ، وآن لكم أن تصحوا فلا تسقموا، وآن لكم أن تشبُّوا فلا تهرموا أبداً، وآن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبداً، فذلك قول اللّه عز وجل: ?وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ?[الأعراف: 43])).(1/354)


(422) علقمه، عن عبد الله، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (( يسطع نور من الجنة، فيرفعون رؤوسهم ، فإذا هو حوراء ضحكت في وجه زوجها )).
(423) وعن رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم قال: (( الجنة مائة درجة ما بين كل درجة خمسمائة عام )).
(424) وعن أبي وائل، عن عبد الله، قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( إنَّ الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله ، والنار مثل ذلك ))
(425) عن أنس بن مالك، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (( يبعث أهل الجنة على صورة آدم عليه السلام في ميلاد ثلاثة وثلاثين سنة، جرداً مرداً؛ مكحلين، ثم يذهب بهم إلى شجرة في الجنة، فليبسون منها ثياباً، لا تبلى ثيابهم، ولا يفنى شبابهم )).
(426) أبو سعيد، قلت: يارسول اللّه، أيولد لأهل الجنة؟
فقال: (( والذي نفسي بيده، إن الرجل ليتمنى أو ليشتهي أن يكون له ولد، فيكون حمله ووضعه وشبابه الذي ينتهي إليه، في ساعة واحدة )).
(427) وعن عبد الله، قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( إنك لتنظر إلى الطير في الجنة ، فيخر بين يديك مشوياً )).
(428) وعن أمير المؤمنين علي عليه السلام، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (( إنَّ في الجنة لغرفاً يرى بطونها من ظهورها ، وظهورها من بطونها )).
فقيل: لمن هي يا نبي الله؟
قال: ((لمن أطاب الكلام، وأطعم الطعام، وأدام الصيام، وصلَّى والناس نيام )).
(429) قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (( لو أنَّ امرأة من نساء أهل الجنة أشرفت إلى الأرض، لملأت الأرض بريح المسك، ولأذهبت ضوء الشمس والقمر )).
* ويحكى، عن سعيد بن عامر بن جذيم، وهو راوي الخبر عنه: صلى الله عليه وآله وسلم، أنه كان يقول لامرأته: إني والله لا أختارك عليهن، ودفع يده في صدرها.(1/355)

71 / 101
ع
En
A+
A-