نصيحة لطلاب العلم
أيها الطالب للعلم النافع، إن العلم النافع ما بلَّغك الجنة وأنقذك من النار وأنت محتاج لهذا العلم بقدر حاجتك لفائدته، وإن العلم لا ينفع إلا من عمل به، فعليك بتلاوة القرآن في كل يوم مع تفهّم معانيه وتدبُّر آياته وعليك بقراءة كتاب (الاعتبار وسلوة العارفين) ادرسه دراسة تفَهُّم وحفظ لا دراسة مرور الكرام، وعليك بملازمة درس القرآن كل يوم لإحياء قلبك ودفع الغفلة عنه وبملازمة درس أو تدريس كتاب الاعتبار ما دمت حياً لإحياء قلبك أيضاً، وأنت إذا جرَّبت الدرس فيه ستعرف أن ملازمته طريقة مفيدة نافعة.
وفقنا الله وإياكم وصلى الله على محمد وآله وسلم.
وكتب بدر الدين الحوثي.
بتاريخ 25 شهر ربيع الثاني سنة 1420هـ.(1/31)


سند الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين وصلى اللّه على سيدنا محمد وآله وسلم
أخبرنا القاضي الأجل تقي الدين أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله بن حمزة بن أبي النجم قراءة عليه بصعدة، قال: أخبرنا الشيخ العالم محيي الدين فقيه السلف الصالحين محمد أحمد بن الوليد العبشمي القرشي مناولة، وقراءة لأكثره، قال: أخبرنا القاضي الأجل الإمام شمس الدين جمال الإسلام والمسلمين جعفر بن أحمد بن أبي يحيى رضي اللّه عنه قراءة عليه، قال: أخبرنا الشيخ الأديب محمد بن الحسن ذنك الأذوني قراءة عليه، قال: أخبرنا الشيخ الإمام الزاهد الحسن بن علي بن إسحاق الفرزاذي قال: حدَّثنا السيد الإمام الموفق بالله أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل بن زيد الحسني، الشجري، الجرجاني رحمه اللّه تعالى قال:(1/32)


خطبة المؤلف
الحمد لله الذي له العزَّة، وذلَّت دونه الأعزَّة، والغني الذي افتقر إلى رحمته الأغنياء، وبنعمته استقلت الأعداء والأولياء، فأفصحت ألسنة الآمال بالافتقار إليه، ولا غنية لأحد عما لديه، تسبح له السموات والأرض، ومن فيهن ناطق بربوبيته، وشاهد بوحدانيته، وأشهد أن لا إله إلا اللّه العلي الأبد، الدائم الصمد، القيوم الأحد، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أفضل الرسل، وخير من هدى إلى خير السبل، صلوات اللّه عليه وعلى آله الخِيَرَةُ البرَرَة الأطهار الذين أذهب اللّه عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً.
أما بعد: فقد سألتَ إملاء مختصر في المواعظ عن أشتات الناس، ونبذ من فنون ما نقل عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وأهل البيت عليهم السلام، فأجبتك إليه متوكلاً عليه، واستمددت من فضله عون التسديد ونجح التوفيق فإنه مجيب. هذا وفقك اللّه لرشاد الدارين وسداد الحظين، وكساك فضل العارفين، وجمال المتنسكين، وكمال المتقربين، وآنسك بوحدة المريدين، وأذاقك حلاوة المنقطعين، وخصَّكَ بخشية المتألهين، وزينك بوقار المتعبدين، وأكرمك بمقام المستبينين، وأصبح عقلك مستنيراً بمصباح المتقين، وضاءً بنور الفائزين، وخفف عليك عبء المجتهدين، وجلا عنك جهد المستبقين، وصبر المنيبين، ووعظتك نفسك قبل الاتعاظ بك، وزجرتك عن زخرف الغرور قبل الانزجار بك، وألهمك سنة الاستعداد لمشقة المعاد، قبل انقطاع اللحاق، وفوات الارتفاق، وانقراض الحياة، وترادف الحسرات، وتحزب العبرات، وأيقظتك الخلفتان بالتأهب، قبل انكشاف التحزن والتلهب، وفجأة هادم اللذات، وذكرك مصرع البلوى والبلى هجر الشهوات والغفلات والاشتياق إلى الطاعات.(1/33)


قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: المدة وإن طالت قصيرةٌ، والماضي للمقيم عبرةٌ، والميت للحي عظة، وليس المرء من غدٍ على ثقة، فكأنك (قد) نصبت على سرير المنايا، ووُقِفت مسؤلاً عن الخطايا، فألْجمَكَ الحياء، لما قد أنعم عليك من نعم بما لا يعد ولا يحصى ولا يقدر عليه إلا رب الآخرة والأولى، فسبَّبَتهَا لمعاصيه وذرعتها إلى سخطه وتجافيه، وتجاسرت عليه غير مكترث بأيام البلوى والبلى والليلة التي تتوسد فيها على الثرى، لا تلوي على يومٍ لا ينفعُ فيه مالٌ ولا بنون، ويوم ?نُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُون?[الزمر:68].ويوم ?يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ، وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ، وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْويهِ، وَمَن فِي الأرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنجِيهِ?[المعارج:1114].
كلا يا أيها المغتر، أما تستحي من طول ما تهمل، وتمادي ما تمطل، الآن، الآن، قبل مفارقة الأحباب، ومباينة الأصحاب، وفوات التوبة، وهجوم النوبة، وقبل أن تقول:?يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ? [الزمر:56]. فانكمش في جمع خير الخصال، ومحمدة الخلال، التوبة، واستماع العلم النافع، والدليل الناصح، والبيان الفاصح، والجهد الدائم، والقرين الصالح، ومفارقة رق الشهوات، وذكر الموت واستعداده، وفكر العرض وزاده، وتحاشي ما يلجيك إلى اعتذاره، وأفض إليه رق السر لطوع العبودية، وألزم قلبك الخشية لعظمة الربوبية، وأيقن عجز البشرية، وأكشف صداه برهبة المنية ورغبة الأمنية، وليكن قلبك في سر الخلوص أنقى عنده من جلاء العلانية وأحسن واتق فـ ?إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ? ? [النحل: 128].(1/34)


وبنيت هذا المختصر على أبواب منها: 1- صفة الزهد. 2- وفضل الزاهد وصفته. 3- وهوان الدنيا ومذمتها. 4- القناعة والحرص. 5- وترك الإهتمام بالرزق. 6- وفضل الفاقة على الغنى والثروة. 7- ومحبة المساكين ومجانبة الأغنياء. 8- فضل العزلة. 9- إيثار البلاء على الرخاء، والشدة على النعمة. 10- ترك التنعم والاجتزاء باليسير. 11- المال وفتنته. 12- رفض الشهوات. 13- صرف الدنيا عن المؤمنين ومنعها عنهم. 14- في علماء السوء. 15- فضل العلم والعلماء. 16- الحث على إظهار العلم. 17- فضل مجالس الذكر. 18- في كراهية الفتوى والحديث. 19- باب في النفاق والرياء (كتاب في السمعة). 20- رياء القرَّآئين وصفات المنافقين. 21- في الرياء بلباس الصوفية. 22- في علامات المنافقين. 23- مداناة العلماء من الأمراء ومخالطتهم. 24- في كراهية ولاية القضاء وفضله. 25- في سرعة زوال النعم والملك. 26- في من رفض الملك وساح. 27- في احتضار الموت. 28- في التفويض إلى اللّه سبحانه والتوكل عليه. 29- الفزع إلى اللّه عند النوائب والاستعانة به والانفراج عنها. 30- في التخويف. 31- في الخوف من اللّه سبحانه وعذابه. 32- في الغموم والأحزان للقيامة. 33- باب في كلمات النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأمير المؤمنين علي عليه السلام. 34- فيما وعظ به اللّه المسيح عليه السلام. 35- في الحكم التي في بعض مواعظ أهل البيت عليهم السلام. 36- باب آخر في المواعظ عنهم وعن غيرهم. 37- فيما جاء في كيف الحال وكيف أصبحت. 38- باب في ذكر من حضره الموت. 39- باب آخر ولَمَّا حضر يعقوب الموت. 40- باب في اتباع الميت، وحمل الجنازة، وزيارة القبور. 41- في القبور والمقابر. 42- في الموت. 43- في إستراحة المؤمنين بالموت. 44- في عذاب القبر. 45- فيما قرئ على القبور ووجد عليها. 46- باب آخر في استراحة المؤمن بالموت. 47- في الأمل والأجل. 48- في حد العمر (فصل في الأربعين والخمسين). 49- في ذم(1/35)

7 / 101
ع
En
A+
A-