(390) أبو الدرداء، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (( يا أهل الحجرات، تسعرت النار ، وجاءتكم الفتن، فلو تعلمون ما أعلم، لضحكتم قليلاً، ولبكيتم كثيراً، وهانت عليكم الدنيا، ولآثرتم الآخرة )).
(391) أبو سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ?وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ ?[المؤمنون:104]. قال: (( تشويه النار فتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه، وتسترخي شفته السفلى حتى تضرب سرته )).
(392) حمران بن أعين، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قرأوا عنده: ?إِنَّ لَدَيْنَا أَنكَالاً وَجَحِيمًا، [وَطَعَامًا]?[المزمل12،13]. فصعق صلى الله عليه وآله وسلم.
* وعن السدي في قوله تعالى: ?وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ ?[ص: 3]: حين نزل بهم العذاب لم يستطيعوا الرجوع إلى التوبة، ولا إلى الفرار من العذاب. المناص: طلب المنجى والخلاص. يقال: ناص ينوص نوصاً ومناصاً.
(393) أنس، عن رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم، قال: (( يؤتى يوم القيامة بأنعم أهل الدنيا من الكفار ، فيقال: أغمسوه غمسة، فيغمسوه غمسة في النار. فيقال: هل رأيت نعمة قط؟
فيقول: لا. ويؤتى بأشد المؤمنين ضرراً، فيقال: اغمسوه في الجنة فيغمس. فيقال: هل رأيت ضراً قط أو مسك ضرَّة قطَّ؟ فيقول: لا )).
(394) يزيد الرقاشي، عن أنس، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (( يرسل على أهل النار البكاء فيبكون حتى تنقطع الدموع ، ثم يبكون دماً حتى تنقطع الدماء، حتى يرى في وجوههم كهيئة الجداول لو سلكت فيه السفن لجرت )).
* أبو هريرة، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( إن أدنى أهل النار عذاباً الذي يجعل له نعلان يغلي منهما دماغه )).
(395) أبو إسحاق: سمعت النعمان بن بشير يخطب، يقول: سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم، يقول: (( إن أهون أهل النار عذاباً يوم القيامة لرجل يوضع في أخمص قدميه جمرة تغلي منها دماغه )).(1/341)


(396) مطر الوراق، عن أنس، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (( يقال للكافر يوم القيامة: أرأيت لو كان لك ملءالأرض ذهباً أكنت تفتدي به؟ فيقول: نعم. فيقال له: كذبت قد سئلت ما هو أهون من هذا فأبيت )).
(397) أبو إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن أمير المؤمنين علي عليه السلام، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (( تعوذوا من وادي الحزن ))؟ قيل: فما وادي الحزن؟ قال: (( وادي في جهنم، إذا فتح استجارت منه سبعين مرة، أعده اللّه للقراء المرائين بأعمالهم، وإن من شرار القراء الذين يزورون الأمراء )).
(398) وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أنه قال: (( تعوذوا بالله من جب الحزن ))؟ قيل: وما جب الحزن يا رسول الله؟ قال: (( وادي في جهنم ثم ذكر نحوه )).
(399) أنس بن مالك، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم ليلة أسري به وهو مع جبريل عليه السلام: (( سمع هدَّة . فقال: ياجبريل ما هذه الهدَّة ؟
قال: حجر أرسله اللّه من شفير جهنم فهو يهوي سبعين خريفاً بلغت قعرها الآن )).
(400) أبو موسى، إن رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم قال: (( لو أن حجراً قذف به في جهنم لهوى سبعين خريفاً قبل أن يبلغ قعرها )).
* حميد بن هلال، قال: خطبنا عتبة بن غزوان فقال: ألا وإن الدنيا قد آذنت بصرم، وولَّت حذاَّء، فلم يبق منها إلا صُبابة، كصبابة الإناء، ألا وإنكم منتقلون من هذه الدار إلى غيرها فانتقلوا بخير ما يحضرنكم، ألا وإنه قد بلغني أن الحجر يرمى به من شفير جهنم فما بلغ قعرها سبعين عاماً، وأيم اللّه لتمتلِئَنَّ، ألا وإنَّه قد بلغني أن ما بين مصراعين من مصارع الجنة مسيرة أربعين عاماً وليأتين عليه يوم وهو كظيظ بالزحام.(1/342)


* عبد الله بن عمر، في قوله تعالى: ?وَنَادَوْا يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَارَبُّكَ ?[الزخرف:77]. قال: أهل جهنم ينادون مالكاً أربعين عاماً فلا يجيبهم. ثم قال: ?إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ?[الزخرف:77]. فيدعهم قدر الدنيا. فيقولون: ?رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ?[المؤمنون:107]. فيقول: ?اخْسَئُوا فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ?[المؤمنون:108]. فما تنبس القوم بعدها بكلمة إنما هو الزفير والشهيق.
* قتادة، في قوله: ?اخْسَئُوا فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ?[المؤمنون: 108]. قال: بلغني أنهم ينادون مالكاً. فيقولون: ?لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ?[الزحرف:77]. فيسكت عنهم قدر أربعين سنة. ثم يقول: ?إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ?[الزخرف: 77]. قال: ثم ينادون ربهم فيدعهم قدر الدنيا مرتين. ثم يقول: ?اخْسَئُوا فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ?[المؤمنون:108]. قال: فما نبس القوم ولا تكلموا بعدها بكلمة، إنما هو الزفير والشهيق.
* قتادة: صوت الكافر في النار، مثل صوت الحمار أوله زفير وآخره شهيق.
* أبو عبيدة الناجي، عن الحسن، قال: ضرب اللّه مثلاً فأقل الناس انتفع به، يقول اللّه عز وجل: ?أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ?[البقرة:266].(1/343)


ثم قال: هذا الإنسان حين كبرت سنه، وكثر عياله، ورق عظمه، بعث اللّه على جنته ناراً فأحرقتها، أحوج ما كان إليها فهذا مثل ضربه اللّه ليوم القيامة يوم يقول ابن آدم: غرثان ظمآن ينتظره ويحذر شِدَّةَ ذلك اليوم، فأيكم يسره أن يذهب عمله أحوج ما كان إليه، تخانقوا على جيفة كسبوها من كل حرام، وأنفقوها في كل سرف، وطبقوا الأرض ظلماً قاتلهم اللّه وهو قاتلهم، اتخذوا عباد اللّه خولاً، وجعلوا المال بينهم دولاً، ثم ?كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا ?[النازعات: 46].?كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلاغٌ?[الأحقاف: 35].
ثم قال: بُلغَةٌ والذي لا إله إلا هو لا يهلك فيها إلا فاسق.
* وعن الحسن أيضاً: إن الدنيا دار عمل، ومن صحبها بالبغض لها، والزهادة فيها، والهضم لها، سعد بها، ونفعته بصحبتها، ومن صحبها بالرغبة فيها، والمحبة لها شقي بها. وأجحفت بحظه من الله، ثم أسلمته إلى ما لا صبر له عليه من عذاب اللّه وسخطه، فأمرها صغير، ومتاعها قليل، والفناء عليها مكتوب، والله وليُّ ميراثها، وأهلها يتحولون منها إلى منازل لا تبلى، ولا يغيرها طول زمن، لا العمر فيها يفنى فيموتون، ولا إن طال الثوى فيها يخرجون، فاحذورا ولا قوة إلا بالله همة ذلك الموطن، وأكثروا ذكر ذلك المنقلب.
(401) أبو صالح، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قوله:?وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ ?[مريم: 39]. قال: (( ينادى أهل الجنة فيشرفون وينظرون ، وينادى أهل النار فيشرفون وينظرون. فيقال: هل تعرفون الموت؟(1/344)


فيقولون: نعم. فيجاء بالموت في صورة كبش أملح فيقام بين الجنة والنار. ويقال: هذا الموت ثم يذبح. ويقال: يا أهل الجنة خلود ولا موت، ويا أهل النار خلود ولا موت، ثم قرأ: ?وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ?[مريم:39]. المراد بذلك ضرب المثل لأن الموت لا يكون على صورة الكبش لأنه عرض، وكيف ينقلب كبشاً.
(402) و أخبرني عبد الرحمن بن محمد بن فضالة، أخبرنا أبو بكر، أخبرنا مكحول، أخبرنا محمد بن صالح التميمي، حدَّثنا قتيبة ابن سعيد، عن ابن لهيعة، عن دراج. قال: سمعت عبد الله بن جزء يقول: قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (( إن في النار لحيات مثل أعناق البخت ، تلسع أحدهم اللسعة يجد حموتها أربعين خريفاً، وإن في النار لعقارب أمثال البغال تلسع أحدهم يجد حموتها أربعين خريفاً )). يريد بحموتها حرَّها.
* أوحى اللّه إلى المسيح عليه السلام: ياعيسى، كم نفس صحيح، ووجه صبيح، ولسان فصيح غداً بين أطباق النيران يصيح.
* مُصَنِّفُه: عجباً لابن آدم يتقي من البرد بالدفئ، ومن الشمس إلى الظل والفئ شفقة على نفسه، ولا يشفق عليها وهو يعرضها لنار جهنم كل يوم بمعصية اللّه تعالى.
* لبعضهم: لو أزيل أصبع من أصابعك بمائة ألف ما وقَّعت وتقول نفسي أكرم، ولعلك تعرضها كل يوم على جهنم مرات بالموبقات.
* مُصَنِّفُه: تتكلف أخطار التلف صيانة عن ضر وذلة ربما لم تكن، وتغفل عن أعظم الأخطار فلا تصونها لشهوة بهيمية منقطعة عن يسير.
* يحيى بن معاذ: لا أدري أي المصيبتين أعظم؟ فوت الجنان أم دخول النيران؟ ذكر الجنة موت، وذكر النار موت فيا عجباً!! لنفس تحيا بين موتين، أما الجنة فلا صبر عنها، وأما النار فلا صبر عليها، وعلى كل حال فوات النعيم ، آنس من مقاساة الجحيم.(1/345)

69 / 101
ع
En
A+
A-