قال: فيقول: بعداً وسحقاً عنكن كنت أجادل. قال اللّه عز وجل:?يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ?[النور:24]، وقال
عز وجل: ?وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ ، حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ، وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ، وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَارُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لاَ يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ?[فصلت:1922] )) .
(369) أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قوله[تعالى]: ?يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا ?[مريم:85].
قال: (( والله ما يحشرون على أقدامهم ولا يساقون سوقاً ولكن يؤتون بنوق من الجنة، لم ينظر الخلائق إلى مثلها، رحالها الذهب فيقعدون عليها حتى يردون باب الجنة )).
(370) عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ما المقام المحمود الذي ذكره لك ربك؟
قال: (( يحشر الناس يوم القيامة حفاةً عراةً غرلاً كهيئتهم يوم ولدوا ، وقد هالهم الفزع الأكبر، وكظَّهم الكرب العظيم، وبلغ بهم الرشح أفواههم، وبلغ بهم الجهد والشِّدَّة ))(1/331)


فقالت ميمونة بنت الحارث، وكانت شديدة الحياء: يا رسول اللّه إني لمكروبة لشدَّة حياء ذلك اليوم. فقال: (( ?لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ?[عبس:37] )). فقيل: فكيف بالخلائق يومئذ من هول ذلك اليوم؟ فقال: (( بالحق ينزل صاحب الحق منازل الحق ولا يقضي يومئذٍ إلا بالحق )).
(371) وفي حديث آخر قال: (( أنا أول من يُدعى، وأول من يُعطى ، ثم يُدعى إبراهيم عليه السلام فيُكسى من ثياب الجنة، ثم يُؤمر فيجلس قبل الكرسي، ثم أقوم عن يمين العرش وأتكلم وأشهد فيصدقوني )).
(372) يعلى بن منبه: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: (( تقول جهنم للمؤمن يوم القيامة: يا مؤمن جز فقد أطفأ نورك لهبي )).
* قال تعالى: ?لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لاَ يَسْمَعُونَ ، إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ، لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ، لاَ يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ?[الأنبياء:100103].
* قال اللّه تعالى: ?كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ ..?[الأحقاف:35].
(373) أنس، قال: تلى رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم هذه
الآية: ?فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ?[البقره:24].
فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( أُوقد عليها ألف عام حتى احمرت ، وألف عام حتى اسودت فهي سوداء مظلمة لا يطفى لهيبها )).
قال: وبين يدي رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم أسود حبشي يهتف بالبكاء وأشتدَّ بكاؤه، فنزل جبريل عليه السلام فقال: يا محمد من هذا الباكي؟
قال: هذا عبدٌ من الحبشة، وأثنى عليه معروفاً.(1/332)


فقال: يا محمد إن اللّه تعالى، يقول: وعزتي، وجلالي، وكرمي، وسعة رحمتي، لا تبكينَّ عين عبد في الدنيا من مخافتي، إلا أكثرت ضحكه في الجنة.
* ميسرة، عن الحسن، في قوله تعالى: ?فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى ?[النازعات:34]. قال: يوم يدفع الناس إلى مالك.
* وعنه: في قوله: ?لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ?[الأنبياء: 103]. قال: إذا أطبقت جهنم.
(374) أبو هريرة: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( نعم البيت الحمام يدخله المسلم ، لأنه إذا دخله سأل اللّه الجنة واستعاذ من النار )).
(375) أبو موسى، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: (( أول من دخل الحمام ووضعت له النورة سليمان بن داود عليه السلام وجد حرَّها، فقال: أوهٍ أوهٍ من عذاب اللّه أوهٍ أوهٍ قبل أن لا تنفع أوه )).
* أبو عمران الجوني، قال: قرئ عند عمر بن الخطاب ?سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ?[إبراهيم: 50]. فسمعها أعرابي كان عنده، فبكى حتى انتحب.
* وقال: أمير المؤمنين والله رأيتني أهنأ البعير بالقطران فيجرح البعير فكيف بابن آدم عليه سرابيل من قطران، وثياب من نار، ثم جعل يبكي.
* السدي في قوله تعالى: ?ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لإِلى الْجَحِيمِ ?.[الصافات:68] قال: هي في قراءة ابن مسعود ?ثُمًّ إِنَّ مُنْقَلَبَهُمْ لإِلَى الْجَحِيم?.
* وكان ابن مسعود يقول: والذي نفسي بيده لا ينتصف النهار يوم القيامة حتى يقيل أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار، ثم قرأ: ?أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً ?[الفرقان: 24].
* وعن الحسن في قوله: ?يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ ?[الذاريات: 13]. قال: يقرون والله بذنوبهم.(1/333)


* وعن قتادة: ?يَوْمَ التَّنَاد ?[غافر: 32]. يوم ينادي كل قوم بأعمالهم، وينادي أهل النار أهل الجنة، وأهل الجنة أهل النار?يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ ?[غافر: 33]. قال: إلى النار.
* وعن كعب الأحبار: ?إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ ?[التوبة: 114]. قال: كان إبراهيم إذا ذكر النار قال: أوهٍ أوهٍ من النار.
(376) زيد بن أرقم، عن أبي بكر، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (( إنَّ اللّه حرَّم الجنة أن يدخلها جسد غُذيَ بحرام )).
(377) ابن عمر، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (( إنَّ الكافر ليلجمه العرق يوم القيامة حتى يقول: يارب أرحني ولو إلى النار )).
(378) جابر: أن رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم، قال: (( والذي نفسي بيده إنَّ العار والتخزية ليبلغ من أهل القيامة في المقام بين يدي اللّه عزَّ وجلَّ ، ما يتمنون أنَّهم صرف بهم إلى النار من ذلك المقام )).
* أحمد بن خلف، سمعت أبا الوليد، يقول: إن العبد ليوقف بين يدي اللّه كأنه بذج فلا يزال يوبخ حتى تقول الملائكة: أف لك من آدمي عليك لعنة اللّه بكل هذا بارزت اللّه، قال: ثم يقول للزبانية القاسية الجافية: خذوه إلى أمه الهاوية.
(379) أبو أمامة، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: (( تدنوا الشمس يوم القيامة على قيد ميل ويزاد في حرها كذا وكذا، يغلي منها الهام كما يغلي القدر على الأثافي يعرقون منها على قدر خطاياهم، فمنهم من يبلغ كفيه، ومنهم من يبلغ إلى ساقيه، ومنهم من يبلغ إلى وسطه، ومنهم من يلجمه العرق )).
* مُصَنِّفُه: أيها المغرور إلى متى تفرغ أذنك وتصك أسماعك بنداء القيامة، ونياح القبر، وصياح الحشر، وأنت في رقدة الغفلة، وسكرة الجهلة فلا تنتبه فالويل لمن لا ينتبه إلاَّ بالنفخة في الصور، وإزعاج من في القبور، وحشر الخلائق، لما وعد من إنجاز الجزاء، وفصل القضاء.(1/334)


* ولقي عيسى بن مريم جبريل عليه السلام، فقال: يا جبريل، متى الساعة؟
فانتفض في أجنحته، وقال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل?لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ?[الأعراف: 187].
* وهيب بن الورد المكي: عجيب للعالم كيف تجيبه دواعي قلبه إلى ارتياح الضحك، وقد علم أن لله في القيامة حملات ووقفات ثم غشي عليه.
* وقيل لعبد الله بن الفرح العابد: أخوف ما يكون العبد من ربه متى يكون؟
قال: إذا جعل الذنوب نصبه بين عينيه، وهون الدنيا وما فيها، وجعل الهم لما بين يديه.
* مُصَنِّفُه: لا تكن ممن يفضحه حين موته عدوانه، وحين الحشر ميزانه.
* حاتم الأصم: ليس في القيامة من الحسرات أشدَّ من ثلاث: رجل ملك عبداً، وعلمه الإسلام والشرائع فأطاع السيدين، فهو يوجه به إلى الجنة، وسيده إلى النار، ورجل كسب مالاً من كل وجه فلم يقدمه حتى ورثه غيره، وقدمه لنفسه فهو ناج به، وصاحبه مأخوذ به، ورجل علم الناس علماً فعملوا به ولم يعمل به، ففازوا بسببه وهلك هو.
* عن الشعبي: كان المسيح عليه السلام إذا ذكر الساعة صاح صياح الثكلى، ويقول: لا ينبغي لابن مريم أن تذكر عنده الساعة فيسكت.
* وقيل للمسيح عليه السلام: أحي لنا بإذن اللّه سام بن نوح.
فقال: أروني قبره فأروه. فقال: ياسام بن نوح: أحي بإذن اللّه تعالى، فحي فإذا رأسه ولحيته أبيض. فقال: ما هذا؟ قال: لما سمعت النداء ظننت أنها القيامة فشاب رأسي. فقال: عليه السلام: منذ كم أنت ميت؟ قال: منذ أربعة الآف سنة فما ذهبت عني سكرات الموت.
* الفضيل: في قوله تعالى:?وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لاَ يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى ?[فاطر: 18]. قال: هي الوالدة تلقى ولدها يوم القيامة.
فتقول: يا بني ألم يكن بطني لك وعاء؟ ألم يكن حجري لك حوى؟ ألم يكن ثديي لك سقاء؟
فيقول: إليك عني فإني اليوم مشغول.(1/335)

67 / 101
ع
En
A+
A-