* وقيل لحكيم: فلان جمع مالاً. قال: هل أعدَّ الحياة على قدر المال؟ قيل: لا. قال: فلم يصنع شيئاً. ما تصنع الموتى بالأموال.
* يحيى بن معاذ: الأمل قاطع من كل خير، والطمع مانع من كل حق، والصبر صائرٌ إلى كل ظفر، والحسد داع إلى كل شر.
* وقال: الدنيا مطلقة الأكياس لا تنقضي عدتها أبداً، ومن طلق الدنيا فالآخرة زوجته.
* وأشرف أبو الدرداء على أهل حمص، فقال: ألا تستحيون؟ تبنون مالا تسكنون، وتأملون مالا تدركون، وتجمعون مالا تأكلون، لا جرم أن من كان قبلكم بنوا شديداً، وأمَّلوا بعيداً، وجمعوا كثيراً فأصبحت اليوم مساكنهم قبوراً، وأملهم غروراً، وجمعهم بوراً.
* مُصَنِّفُه: فلعل ما أدخرته من كسوتك للدنيا كسوة آخرتك، وقوت ابنتك إنما هو قوت جدتك، وما خزنته من عدتك، إنما هو عدة أعدائك، بكسوتك يتجملون وبناضِّكَ يتقوون، فما أعظم حسرتك!! غناؤك الذي غضب اللّه له، وشقيت فيه عمرك، ولأعدائك مهناه، وحسابه عليك، أمسك مذموم، ويومك مغبون، وغدك غير مأمون، وأنت مع هذا الحال منهوم.
* لبعضهم:
المرؤ يسعى بما يسعى لوارثه .... والقبر وارث من يسعى له الرجل
* سفيان الثوري: طول الأمل بطّاءٌ بنا عن سبيل النَّجاة.(1/291)
باب في حدِّ العمر
* قال اللّه تعالى: ?أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَآءَكُمُ النَّذِيرُ ?[فاطر:37].
* عن الحسن: هم أبناء الأربعين.
(295) أخبرنا أبو الحسن، أخبرنا أبو أحمد، حدثنا علي بن الحسين بن إسماعيل، حدثنا عبد الله بن حماد بن بحر، حدثنا المعافى بن سليمان، حدثنا [عبد الله بن حماد بن بحر] ، حدثنا محمد بن سلمه، عن محمد بن عبد الله الفزاري، عن قتادة، عن أنس، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (( لكل شيء حصاد ، وحصاد أمتي ما بين الستين إلى السبعين )).
(296) عن المقبري، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (( معترك المنايا ما بين الستين إلى السبعين )).
* إسماعيل الصفار: أقلهم من يجوز ذلك.
* أبو عثمان الصنعاني، عن وهب بن منبه في قوله تعالى: ?وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا ?[مريم :8]. قال: ذلك وهو بين ستين أو خمس وستين.
* قال رجل لعبد الملك بن مروان: كم تعد يا أمير المؤمنين؟
قال: أنا في معترك المنايا، هذه ثلاثة وستون. فمات فيها.
(297) قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (( أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين )).
(298) عن ابن عباس، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (( إذا كان يوم القيامة نودي: أين أبناء الستين ؟ وهو العمر الذي قال اللّه تعالى: ?أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَآءَكُمْ النَّذِيرُ?[فاطر:37] )).
* وهب بن منبه، قال: إن للّه تعالى منادياً ينادي كل يوم وليله أبناء الستين ماذا قدمتم؟ وماذا أخرتم ؟
* وعنه أيضاً: أن لله منادياً ينادي كل ليلة أبناء السبعين عدوا أنفسكم في الموتى.
(299) وعن رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (( أقل أمتي أبناء السبعين )).(1/292)
(300) قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (( من أتت عليه ستون سنة فقد أعذر اللّه عليه في العمر )).
* وهب: أنَّه لقي عمرو بن دينار. قال: كم أتت عليك؟ قال: ستون سنة.
قال عمرو: إنه ينبغي لمن سار إلى اللّه ستين سنة، أوشك أن تريح راحلتك، وتحط رحلك.
* ولبعضهم:
تزود من الدنيا فإنك راحل .... وبادر فإن الموت لا شك نازل
وإن امرءاً قد عاش ستين حجة .... ولم يتزود للمعاد لجاهل
*وكان أبو علي محمد بن عبد الوهاب كثير مَا ينشد:
إذا كانت الستون عمرك لم تكن .... لدائك إلا أن تموت طبيب
وإن امرؤ قد سار ستين حجة .... إلى منهل من ورده لقريب
إذا ذهب القرن الذي أنت منهم .... وخلفت في الباقي فأنت غريب
*ولبعضهم:
ومن يك رهناً لليالي ومرها .... تدعه كليل القلب والسمع والنظر
*آخر:
من عاش أخلقت الأيام جدته .... وخانه الثقتان السمع والنظر(1/293)
فصل في الأربعين والخمسين
* قال أمير المؤمنين علي عليه السلام: بلغنا أن من أتت له الأربعون سنة، قيل له: خذ حذرك، فإنك غير معذور من حلول المحذور، ليس أبناء الأربعين بأحق بالحذر من أبناء العشرين، فإن الذي يطلبهما واحد، وليس عن طلبهما براقد، وهو الموت، فاعمل لما أمامك من الهول، ودع عنك غرور القول.
* وقيل لأحمد بن عيسى بن زيد العلوي - وكان درياً مفوهاً-: كم سني عمرك؟
فقال: خلفت الخمسين من ورائي، وإن التفاتي إليها لطويل.
* ويقال: أخذ البحتري هذا المعنى وبعض اللفظ، فقال:
وأضللت حلمي والتفت إلى الصبى سفاهاً وقد جزت الشباب مراحلاً
* وهب بن منبه: إنَّ لله تعالى منادياً ينادي كل ليلة: أبناء الخمسين هلموا إلى الحساب.
* ابن أبي الدنيا أنشد لبعض أهل العلم:
إذا كانت الخمسون عمرك لم يَكُنْ .... لدائك إلا أن تموت طبيب
* لبعضهم:
وإذا مضت خمسون عن رجل .... ترك الصبا ومضى على رسل
* لابن الرومي:
فكرت في خمسين عاماً مضت .... كانت أمامي ثم خلفتها
لو أن عمري مائة هدَّني .... تذكري أني تنصفتها
كنز حياة كان أنفقته .... على تصاريف تصرفتها
* أخذه من قول طرفة كنز حياة:
أرى العمر كنزاً ناقصاً كل ليلة .... وما تنقص الأيام والدهر ينفد
أرى الموت يعتام الكرام ويصطفي .... عقيلة مال الفاحش المتشدد
* ويقال: إنه أخذ قوله: (كانت أمامي ثم خلفتها). من قول: أحمد بن عيسى العلوي.
* سفيان بن الحسن، أن عمر بن عبد العزيز رقد ذات ليله فانتبه باكياً.
فقيل له: ما شأنك يا أمير المؤمنين؟ فقال: رأيت شيخاً وقف عليَّ، فقال:
وإذا أتت لك أربعون فعندها .... فاخشَ الإله وكن لموتك حاذراً
* عبد الله بن الحسن عاتب مولى له وقد أتت عليه أربعون: فماذا أنتظر بعدها؟
* مجاهد: ?بَلَغَ أَشُدَّهُ?: أربعين سنة.
* ابن عباس: ?بَلَغَ أَشُدَّهُ ?: بضعاً وثلاثين.
* أبو إسحاق السبيعي: إذا بلغت الأربعين فخذ حذرك، فإن الذنوب عليك أشد استحكاماً.(1/294)
* لبعضهم:
أيجهل بعد الأربعين وقبلها .... حقيق على ذي اللُّب أن يتذكرا
على حين حياني المشيب مقبلاً .... وودع ريعان الشباب فأدبرا
ووافي نذير الشيب ينعاه جهرة .... كفى الشيب عن قرب المنية أخبرا
سيكشف عن عين البصير غطاؤه .... إذا ما ضباب الجهل عنه تحسرا
* لبعضهم:
كيف الصبا والأربعون وراءه وأمامه عمر يجد رحيلا
* أنشد أبو الحسن بن البراء:
أبعد الأربعين وقد تداعا .... بناعيك التكهل والقتير
يروعك أن ترى جدثاً وميتاً .... وأنت غداً إلى جدث تصير
أليس الموت غايتنا جميعاً .... وبعد الموت غايتنا النشور
فإن منَّتك نفسك عمر نوح .... فنوح كان ملبثه يسير
* الحسن، قال: تُعرض على ابن آدم يوم القيامة ساعات عمره فكل ساعة لم يحدث فيها خيراً تقطعت نفسه عليها حسرات.
* وعنه، قال: لقد وقرتني كلمة سمعتها من الحجاج. فقيل له: أوكلام الحجاج يقرك؟
قال: نعم. سمعته يقول: إن امرءاً ذهب من عمره ساعة في غير ما خلق له لحري أن تطول عليها حسرته.
* سفيان الثوري: لا يكون أحد أسعد ببقية عمرك منك، من لعب بعمره ضيع أيام حرثه، ومن ضيع أيام حرثه ندم أيام حصاده.
* وفي بعض مواعظ أهل البيت عليهم السلام: يا ابن آدم، كانت الدنيا ولم تكن فيها، وتكون الدنيا ولا تكون فيها، وإنما لك منها أيام حياتك، إياك وأن تضيعها.
* عبد العزيز بن عمر: ذهب عمري سهواً، والهول الشديد أمامي.
* أبو عبد الله الحنظلي:
أعينيَّ هلا تبكيان على عمري .... تناثر عمري من لديَّ ولا أدري
إِذَا كنت قد جاوزت عشرين حجة .... ولم أتأهب للممات فما عذري
* الصادق عليه السلام: طلبتم الدنيا فلم تجدوها، فكيف تجدون الآخرة وما طلبتموها.
* قيل للمعافى بن عمران: يا أبا مسعود ما تقول في رجل أولغ في الشعر، ويقوله ويلهج به؟ قال: هو عمرك، فافنه كيف شئت.(1/295)