* عبد الواحد الخطاب العابد عن محمد بن واسع: اغتنم طول العمر فإنك صرت إلى دار ليس فيها معتمل.
* أمير المؤمنين عليه السلام: اليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل.
* مُصَنِّفُه: طالب الدنيا في فقر وعناء وأمل ولا ينسل عنه إلا الموت.
* أبو وائل: دخلت على الأسود بن هلال المحاربي، فقال له رجل: وددت أني وإياك ميتان. فقال: بئس ما قلت. أليس تسجد في كل يوم سبعة عشرة سجدة؟
* لأبي العتاهية:
كأني بالتراب عليك ردماً .... بربع لا أرى لك فيه رسما
أيا هذا الذي في كل يوم .... يساق إلى البلى قدما فقدما
ضربت عن أدكار الموت صفحا .... كأنك لا تراه عليك حتما
أشد الناس للعلم ادعاء .... أقلهم لما هو فيه فهما
* لبعضهم:
فكيف تريد أن تدعي حكيما .... وأنت لكل ما تهوى ركوب
* مُصَنِّفُه: طالب الدنيا في عناء فإذا خرج منها وقع فيما هو أعنى منها.
* ولبعضهم:
وللموت بين الناس كأس مريرة .... وساق على كره بها طال ما سقى
فإن يك في الدنيا نعيم فخطرة .... وإن يك تنغيص وشيك فبالحرى
أخا الموت وابن الموت جداً ووالدا .... ومن أصله الأموات يوماً إذا انتمى(1/261)


(275) عن معاذ بن جبل قال: مات لي ابن وأنا باليمن فكتب إليَّ رسول اللّه صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: (( من محمد رسول اللّه صلَّى الله عليه وآله وسلَّم إلى معاذ بن جبل : سلام عليك فإنِّي أحمد اللّه إليك الذي لا إله إلا هو. أمَّا بعد: فعظم اللّه أجرك، وألهمك الصبر، ورزقنا وإياك الشكر، فإن أنفسنا وأموالنا وأهلينا من مواهب اللّه الهنية وعواريه المستودعة، وإنّ ابنك متّعك اللّه به في غبطة وسرور وقبضه منك بأجر كبير إن صبرت واحتسبت فلا تجمعن على نفسك، يا معاذ خصلتين: أن يهلك ابنك وتضيع نصيبك، ولا يحبطنّ جزعك أجرك فتندم على ما فاتك إذا قدمت على ربّك إنّك إن أطعته وتنجَّزت موعده علمت أنّ مصيبتك قد صغرت عن ثواب أجرك واعلم أن الجزع لا يدفع حزناً ولا يردّ ميتاً فاحسن العزاء، وتنجَّز الموعود، وليُذْهِب أسفك ما هو نازل بك فكأن قد )) .
* لبعضهم:
هون الدنيا وما فيها عليك .... واجعل الهم لما بين يديك
إن هذا الدهر يدنيك إلى .... ملك الموت ويدنيه إليك
فاجعل العدة ما عشت له .... إنما يأتيك إحدى ليلتيك
أنت محتاج فقير أبدا .... دون أن ترضى بأدنى ما لديك
* أنشدني محمد بن أبي العتاهية:
وربما غوفص ذو شرة .... أصحَّ ما كان ولم يسقم
يا واضع الميت في لحده .... خاطبك اللحد ولم تفهم
* لبعضهم يرثي نفسه:
فيارب قد أحسنت عودا وبدأة .... إليَّ فلم أنهض بإحسانك الشكر
فما كان ذا عذري لديك وحجة .... فعذري إقراري بأن ليس لي عذر
* أبو العباس بن عمار لأبي العتاهية:
بكيتك يا علي بدر عيني .... فلم يغن البكاء عليك شيئا
كفى حزناً بدفنك ثم أني .... نفضت تراب قبرك عن يديا
وكانت في حياتك لي عظات .... فأنت اليوم أوعظ منك حيا
* لصالح بن عبدالقدوس:
واعظات وما وعظت بشيء .... مثل وعظ السكوت إذ لا يجيب(1/262)


وأخذه صالح من نثر لأرسطاليس حين ندب الإسكندر فقال: طالما كان هذا الشخص واعظاً، ناصحاً، بليغاً، وقط ما وعظ بموعظة أبلغ من موعظته بسكوته الآن. وقد نقل عن اليونانية هذا الكلام عن ارسطاليس وترحم عليه فقال: كان أمس يعظنا بكلامه وهو اليوم يعظنا بسكوته.
* لأبي العتاهية:
تعطش وجع إن كنت تطلب رأفة .... وعلماً بعطشان الزمان وجائعه
ولا تنسين الموت في كل لحظة .... فإنك منه راتع في مراتعه
أخبرني أبو الحسن، أخبرنا أبو أحمد، سمعت أبا العباس بن عمار يقول: كان أبو العتاهية ينظم شعره ويصوغه على الأحاديث، وإنما أخذ هذا من قول يوسف النَّبيّ عليه السلام لما قيل له في سني المجاعة: أتجوع وتحتك الخزائن؟ فقال: أخاف أن أشبع فأنسى الجائع.
* وأنشد أبو العتاهية:
كل حي سوف يلقى حتفه .... في مقام أو على ظهر سفر
اذكر الموت وجَدِّ ذكره .... إن في الموت لذي اللب عبر
وكفى بالموت فاعلم واعظاً .... لمن الموت عليه قد قدر
لا يغرنك عيشٌ ساكنٌ .... قد تُوافَى بالمنيات سحر
* وكان لمحمد بن حسان الضبي ابن يحبه، فمات، فرثاه بهذه الأبيات:
طامن حشاك فكلنا مَيْت .... وإذا ظفرت فقصرك الفوت
فبُنيَ لأحمد في الثرى بيت .... وخلى له من أهله بيت
فكأن مولده ووقت وفاته .... صوت دعا فأجابه صوت
* أنشد ابن دريد، للرقاشي:
وإنك لا تجدي عليك مودة .... إذا ضمنت يوماً صداك قليب
مقيم إلى أن يبعث اللّه خلقه .... لقاؤك لا يرجى وأنت قريب
تزيد بلى في كل يوم وليلة .... وتنسى كما تبلى وأنت حبيب
* مات ابن لأعرابي فقلق عليه فلما أدخل قبره أنشأ يقول:
لمَّا ملا أعيناً كانت تؤمله .... وشدَّ ركني واشتدَّت له عضدي
وقلت: عوني على ما كان من زمنيِ .... البسته مكرهاً أكفانه بيدي
وقلت: أدخل في غبراء مظلمة .... يا حزن منفرد يبكي لمنفرد
* محمد بن أبي العتاهية قال: قال إبراهيم بن المهدي لأبي: عظني فأنشده:(1/263)


لا تأمن الموت في طرف ولا نفس .... وإن تسترت بالحُجَّابِ والحرس
واعلم بأن سهام الموت قاصدة .... لكل مدرَّع منا ومترَّس
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها .... إن السفينة لا تجري على اليبس
فبكى إبراهيم حتى بلَّ كمَّ قميصه.
* لبعضهم:
إذا ما المنايا أخطأتك وصادفت .... حميمك فاعلم أنها ستعود
وإن امرأ ينجو من النار بعدما .... تزود من أعماله لسعيد
* محمد بن الحسن، قال: قال الحسن ذات يوم لإخوانه وكانوا عنده: إنما يتوقع الصحيح داءاً يصيبه، والشاب هرماً يفنيه، والشيخ موتاً يأتيه، إخواني أليس غداً يفارق الروح الجسد؟ فيكون هو المسلوب ماله وولده، الملفوف في كفنه، المنفرد في حفرته، المنسي من قلوب أحبابه الذين كان لهم كدُّه وكدحُه، ابن آدم نزل بك الموت فما ترى غادياً ولا رائحاً، ولا ترد سلاماً، ولا تفهم كلاماً، قد اصفر وجهك، وشخص بصرك، وحرج صدرك، ويبس ريقك، واضطربت أوصالك، وقلقت أحشاؤك، والأحبة حولك، ترى ولا تعرف، وتسمع فلا تجيب، أخلفت القصور، وخلت منك الدور، وقضيت في أموالك بعدك الأمور، وصرت معترضاً على أعناق الرجال. يسرعون بك الإنطلاق من عمران دارك إلى لحد قبرك، ومن بهاء مجلسك إلى بيت الوحدة والغربة، ثم أتوا مالك فاقتسموه، ومنزلك فسكنوه، وورثت من لا يحمدك، وقدمت على من لا يعذرك، فرحم اللّه عبداً أخذ من الدنيا صفواً وجعل الهم واحداً بكسرة أكلها، وخرقة لبسها، غير منافس فيه، ولا محسود عليه قد لصق بالأرض تواضعاً، مؤدياً لفرضه، منتظراً لأمر ربه.
* لبعضهم:
يا غافلاً تُبْدَر بالصوت .... لم يأخذ الأهبة للفوت
من لم تزل نعمته قبله .... زال عن النعمة بالموت
* عن الحسن، قال: الموت أشد من ضربة ألف سيف يقعن جميعاً، وأشد من طبخ في القدور وقطع بالمناشير.(1/264)


* وعنه قال: إن الأنبياء قالوا لإبراهيم بعد الموت: كيف وجدت الموت؟ قال: شديداً كما أدخل في كل عرق مني وعظم، ومفصل السُّلاء ثم استل استلالا. قالوا: أما أنه قد يسر عليك.
* ولما دنى فراق المسيح عليه السلام عن أصحابه فسألوه: يا روح اللّه بما ندعوا لك؟ قال: بتخفيف سكرات الموت عليَّ.
* الرياشي:
فما تزود مما كان يجمعه .... إلاحنوطاً غداة البين في خرق
وغير نفحة أعوادٍ تشبُ له .... وقلَّ ذلك من زادٍ لمنطلق
بأي ما بقعة [كانت] منيته .... إن لم يسر طائعاً في قصدها يُسق
* لسليمان بن يزيد:
أحمد لنفسك حان السقم والتلف .... ولا تضيعن نفساً مالها خلف
العمر ينفد والأيام دائرة .... والسبل شتى وسعي الناس مختلف
والناس في غفلة والموت يرصدهم .... كلٌّ يعلل والأرواح تختطف
وكل يوم خلا أو ليلة سلفت .... فيها النفوس إلى الآجال تزدلف
والمرء ضيف بدار لا مقام لها .... فيها الفجائع والروعات ترتدف
(276) عن ثابت، عن أنس، قال: قالت أم سليم: يا رسول اللّه،خويدمك أنس أدع اللّه له فإنه كَيِّس وهو عار فلو كسوته [أزارقيه] يستتر بها؟ فقال: (( يا أم سليم الكَيِّس من عمل لما بعد الموت ، والعاري العاري من الدين اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة فارحم الأنصار والمهاجرة )).(1/265)

53 / 101
ع
En
A+
A-