عملي في التحقيق
الجهد الذي يبذله المحقق لايعرفه ويقدره إلا من خاض غماره، واكتوى بناره، وأنا أسأل المولى جل وعلا أن يجعله خالصاً لوجهه الكريم.
فكتبنا التراثية القديمة تراكم عليها غبار النسيان في زوايا الإهمال، ولم يزل أغلبها حبيس الخزائن والأدراج وفي هذه الكتب الكثير من الأخطاء في الأسانيد، والمتون، كماكثر فيها التصحيف، والتحريف، والغلط، والوهم إذ ابتليت بنسَّاخ لم يفهموا بعض النصوص، فتركوها كما هي أمامهم رسماً بدون نقاط ولا وضوح ولا تقطيع ولا علامات ترقيم متعارف عليها تجعل النص مفهوماً أو قريباً إلى الفهم.
وقد عانيت كثيراً في تخريج النصوص، وضبط الألفاظ، والتعريف بالرجال، والمراجعة، والتصحيح مؤملاً أن يخرج الكتاب إلى القارىء الكريم،كما أراده مؤلفه، وكما يجب أن يكون مفهوماً واضحاًً، ورغم الجهد المبذول لازلت غير راض كل الرضى عن التحقيق، وحسبي أني حاولت، وقد كان عملي في الكتاب كما يلي:
- أخذت النسخة (أ)، وبدأت بقراءتها قراءة متأنية، محاولاً فهم النص فهماً دقيقاً، وكتبت بالقلم الرصاص رقماً أمام كل كلمة غير مفهومة، أو حديث أردت تخريجه، أو رجل من الرجال يحتاج إلى أن يترجم، فوجدت الكثير من التصحيف، والتحريف، والغلط، واستعصى عليَّ معرفة بعض العبارات، والكلمات، وتعذر عليَّ معرفة وتمييز بعض الرجال، والتأكد من بعض الأسانيد الخ.
- ثم بدأت في قراءة النسخة، ومقابلتها على النسخة (ب)، ثم بعدها على النسخة (ج)، حتى تبين الكثير مما كان قد أشكل عليَّ، وسجلت كلَّ ذلك في حواشي المخطوطة (أ).(1/21)


- جمعت كل رجال الكتاب، سواء كانوا منفردين، أو في أسانيد الأحاديث، ورتبتهم في دفاتر خاصة على الحروف الأبجدية لتمييزهم، والتأكد من كل اسم، ومحاولة معرفته، ومعرفة صحة موقعه من السند، وصحة روايته عمن قبله، ورواية من بعده عنه، وبذلك عرفت كثيراً من التصحيفات، وخلصت عدداً كبيراً من الرواة من الجهالة، ووضعت معجماً متكاملاً كبيراً لكل الرجال أسميته (معجم رجال الاعتبار وسلوة العارفين)، ورغم هذا الجهد، بقى منهم الكثير لم يميزوا ولم أظفر بتراجم بعضهم.
- قمت بترقيم كل أحاديث الكتاب، مسندها، ومرسلها، وانطلقت في تخريجها من كتب الحديث بحسب ما توفر لديَّ من مراجع، لم يتوفر أغلبها إلا بعد أن قطعت شوطاً كبيراً في التحقيق، وبعد أن بذلت الكثير من الجهد والمال للبحث عنها والحصول عليها، فتسنى تخريج غالبية أحاديث الكتاب وضبط متونها وأسانيدها .
- قمت بتمييز ما ورد من نصوص عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، وضبطها، وتصحيحها، وتخريجها من مصادرها الأصلية، كنهج البلاغة، وغيره، و بقي منها النزر اليسير، تعذر علي تخريجه .
- قمت بتخريج وضبط الآيات القرآنية .
- خرَّجت بعض الألفاظ الغريبة وعلقت على ما يحتاج إلى تعليق .
- كتبت الهوامش من تراجم الرجال، وتخريج الأحاديث، وغيرها في كروت، لكل باب ثم قمت بنسخ النسخة (أ)، بعد مقارنتها بنسختي (ب)،(ج)، وإثبات الاختلاف في مجلدات جديدة بخط يدي، وأكملت فيها نقل الهوامش من الكروت، فأصبح ما نسخته أصلاً دفعته إلى الكمبيوتر للطباعة، بعد أن قطعت النصوص إلى فقرات، والفقرة إلى جمل، واستخدمت علامات الترقيم المتعارف عليها، كالنقطة، والفاصلة، والقوس، ثم قابلت ما طبع على الكمبيوتر على الأصل وصححت مرات عديدة .
- لم أكتف بتخريج الأحاديث، أو كلمات أمير المؤمنين، بل حاولت تخريج كل نص وجدت له ذكراً في الكتب الأخرى، والمراجع التي بحوزتي، أو اطلعت عليه عند أحد.(1/22)


- لم أثقل الهامش بتراجم الرجال، واكتفيت بالتعريف الواضح للرجل، وذكر سنوات عمره إن توفرت، ثم الإحالة إلى المعجم . ( معجم رجال الاعتبار وسلوة العارفين) الذي آمل أن يطبع مع الكتاب أو في مجلد منفرد.
- في تخريج الأحاديث حاولت قدر الإمكان أن أخرجها تخريجاً كاملاً، إلا أنني لم أحصل على جميع المراجع اللازمة لذلك.(1/23)


الصعوبات التي اعترضتني
- كثرة التصحيف، والتحريف من النساخ، وبالتالي صعوبة الوصول إلى معرفة بعض الرجال، وإلى تصحيح بعض النصوص، ولقد قضيت ثلاثة أيام وأنا ابحث عن راو باسم محرز بن صفوان البصري ليتضح لي فيما بعد أنه صفوان بن محرز وليس محرز بن صفوان.
- قلة المراجع التي عانيت منها في بداية التحقيق، إذ لم تتوفر بعض المراجع، إلا بعد مدة غير قصيرة من التحقيق.
- ظروف العمل، والتدريس، ومشاغل الحياة، التي جعلت العمل في التحقيق على فترات متقطعة .(1/24)


وصف النسخ
النسخة (أ)
النسخة (أ) مصورة أهداني إياها الأخ الأستاذ محمد يحيى سالم عزان وهي التي وصلتني أولاً وجعلتها أصلا للمقارنة فيما بعد بما وصلني من نسخ خطية، وهي مخطوطة بخط جيد، كانت في ملك علي بن العباس بن الحسين بن أمير المؤمنين ثم تعينت بالقسمة لأخيه سنة 1157 هـ ثم صارت في ملك السيد إسماعيل بن علي بن يحيى بن لطف الله بن محمد بن شمس الدين بن أحمد ثم صارت إلى مالك خدش إسمه 1214هـ ثم انتقلت إلى ملك السيد يحيى بن عبد الله راوية الذماري في 2 القعدة 1393هـ.
في أول أوراقها :
بسم الله الرحمن الرحيم، وبه نستعين. أخبرنا القاضي الأجل نجم الدين أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله بن حمزة بن أبي النجم قراءة عليه بصعدة الخ .
وكان أحد ملاك هذه المخطوطة قد حاول نقل كتاب الترغيب والترهيب في حاشيتها بخط ضعيف، ولم يواصل بعد الخمس الورقات الأولى، ومجموع صفحات المخطوطة المصورة هذه 253صفحة.
كان الفراغ من نسخها صبح الخميس عاشر شهر شعبان المعظم سنة1067هـ بقلم الناسخ الحسين بن عبد الرحمن بن عبد الله وبعناية العلامة عماد الدين يحيى بن أحمد بن محمد الحمزي، خطها جيد لكنها كثيرة السقط والخطأ، قليلة النقط على الحروف فيها ما في أخواتها من أخطاء، وتصحيف، وإبهام لبعض العبارات وكأن جميع نسخ الاعتبار الموجودة في اليمن قد نسخت على أصل واحد.
وهذه النسخة المصورة فيها غلط في ترتيب الأوراق فبعد الورقة 17/18 تأتي الورقة 21 /22 ثم الورقة 23/24 ثم تأتي الورقة 19/20 تم تبدأ الورقة 25/26 الخ .(1/25)

5 / 101
ع
En
A+
A-