(193) الحسن، عن أنس، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (( لو أن غرباً من جهنم في وسط الأرض لآذى ريحه وشدة حره من بين المشرق والمغرب. ولو أن شرارة من جهنم وضعت في وسط الأرض لآذى حرَّها ما بين المشرق والمغرب )) .
(194) وعن أبي الدرداء، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (( يلقى على أهل النار الجوع حتى يعدل ما هم فيه من العذاب فيستغيثون بالطعام فيغاثون بطعام [ذي] غصَّة ضريع ?لاَ يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِي مِنْ جُوعٍ ?[الغاشية:7] فيذكرون أنهم كانوا يجيزون الغصص في الدنيا، فيستغيثون بالشراب فيغاثون بالحميم. فإذا دنت من وجوههم شوت وجوههم. فإذا دخلت بطونهم قطعت أمعاءهم. فيقولون: لخزنة جهنم?ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ ، قَالُوا أَوَ لَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ?[غافر:49،50]، فيقولون:?يا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ ?[الزخرف:77]. قال: فيجيبهم:? إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ?. قال: فيقول: ادعوا ربكم فيقولون:?رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ، رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ?. قال: فيجيبهم: ?اخْسَئُوا فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ?[المؤمنون:106108]. قال: فعند ذلك ييأسون من كل خير وعند ذلك يأخذون في الزفير والحسرة والويل )).
* وعن قتادة في قوله تعالى: ?إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ?[غافر:18] . قال: شخصت من صدورهم فنشبت في حلوقهم فلم تخرج ولم ترجع.(1/196)


(195) زيد الخثعمي، عن أسماء الخثعمية، قالت: سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (( بئس العبد عبد تجبَّر واعتدى ونسي الجبار الأعلى. بئس العبد عبد تُخِيُّل [به] واختال ونسي الكبير المتعال. وبئس عبد سهى ولهى، ونسي المقابر والبلى. وبئس العبد عبد طغى وبغى، ونسي المبتدى والمنتهى. وبئس العبد عبد يختل الدنيا بالدين، وبئس العبد عبد يختل الدين بالشبهات. وبئس العبد عبد طمع يقوده. بئس العبد عبد هوى أضله )) .
(196) العلاء بن الفضل، عن أبيه،عن جده،قال: قال قيس بن عاصم: وفدت مع جماعة من بني تميم إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فدخلت ومعه الصلصال بن الدلهمس، فقلت:يا رسول اللّه عظني موعظة ننتفع بها، فإنا قوم نعبر البرية؟ فقال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (( يا قيس إن مع العز ذلاً ، وإن مع الحياة موتاً، وإن مع الدنيا آخرة، وإن لكل شيء حسيباً، وعلى كل شيء رقيباً، ولكل حسنة ثواباً، ولكل سيئة عقاباً، ولكل أجل كتاباً، وإنه لابد لك يا قيس من قرين يدفن معك وهو حي، وتدفن معه وأنت ميت، فإن كان كريماً أكرمك، وإن كان لئيماً أسلمك. ثم لا تحشر إلا معه، ولا تُسأل إلا عنه. فلا تجعله إلا صالحاً، فإنه إن صلح أنست به، وإن فسد فلا تستوحش إلا منه وهو فعلك )) .
فقال: يا نبي اللّه أحب أن يكون هذا الكلام في أبيات من الشعر نفخر به على من بيننا من العرب ونزجره. فأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم من يأتيه بحسان. قال الصلصال: فأقبلت أفكر فيما أشبه هذه العظة من الشعر. فاستقام لي، وانتظم القول قبل مجيء حسان. فقلت: يا رسول اللّه قد قلت أبياتاً أحسبها توافق ما تريد. فقلت لقيس:(1/197)


تخير خليلاً من فعالك إنما .... قرين الفتى في القبر ما كان يفعل
ولابد بعد الموت من أن بعده .... ليوم ينادى المرء فيه فيقبل
فإن كنت مشغولاً بشيء فلا تكن .... بغير الذي يرضى به اللّه تشغل
فلم يصحب الإنسان من بعد موته .... ومن قبله إلا الذي كان يعمل
ألا إِنَّمَا الإنسان ضيف لأهله .... يقيم قليلاً عندهمثم يرحل
فقال قيس: يا نبي الله قد اكتفينا.
(197) أنس بن مالك: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (( يتبع الميت إلى قبره ثلاثة : يتبعه عمله، وأهله، وماله. فيرجع أهله وماله ويبقى عمله )) .
* الحرث بن طنب القرشي قال: أوحى اللّه تعالى إلى عيسى عليه السلام: حتى متى أطيل النسيئة والقوم في غفلة ما يرهبون. يتعرضون لمقتي، فبي حلفت لآخذنهم أين يهرب مني الظالمون يا عيسى من نار ذات أغلال لا يدخلها روح أبداً، ولا يبرح منها غم أبداً، من ينج منها تقر عينه .
* عيينه بن أبي عمران الجوني لبعضهم: ما بين الجنة والنار طريق ولا مأوى ولا منزل. من أخطأ الجنة دخل النار.
* سفيان: عن الحسن، كان أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا تلاقوا يقول الرجل لصاحبه: هل أتاك أنك خارج منها؟ فيقول: لا. فيقول: ففيم الضحك إذاً.
* وفي بعض مواعظ أهل البيت عليهم السلام قال سلمان: أضحكتني ثلاث، وأبكتني ثلاث. فأما الذي أبكاني ففراق محمد صلى الله عليه وآله وسلم وحزنه، وهول المطلع، والوقوف بين يدي اللّه تعالى. وأما الذي أضحكني: فغافل وليس بمغفول عنه، ومؤمل دنيا والموت يطلبه، وضاحك ملئ فيه وهو لا يدري أساخط اللّه عليه أم راض.
* وفيها أيضاً: عجباً لقوم حبس أولهم على آخرهم، ونودي عليهم بالرحيل وهم يلعبون.
* وفيها أيضاً: عن المسيح عليه السلام: هول لا تدري حتى يغشاك ما يمنعك أن تستعد قبل أن يفاجئك.
* وفيها: أحذروا سطوات اللّه بالليل والنهار. قيل: وما سطوات الله؟ قال: أخذه على المعاصي.(1/198)


* نعيم بن ميسرة: عن الحسن: الأغلال لم تجعل في أعناق أهل النار لأنهم أعجزوا الرب، ولكن إذا طغى اللهب ارسبتهم في النار. قال: ثم خر مغشياً عليه. ثم قال: ودموعه تجري: يا ابن آدم نفسك نفسك، فإنما هي نفس واحدة إن نجت نجوت، وإن هلكت لم ينفعك من نجا.
* وكان ابن مسروق يهاجر مضجعه ويكابد ليله. فقامت ليلة من الليالي امرأته وهو يقول في مناجاته: النار النار. فقالت: إلى متى ؟ النار النار فكأن النار لم تخلق إلا لك. فقال: مالي نفس إلا هذه فإذا دخلت النار فكأن النار ما خلقت إلا لي.
* الحسن بن واصل قال: قال الحسن: اعلم يا ابن آدم أنك لو جعلت بين الجنة والنار. ونظرت إليهما لهربت من النار أشد الهرب، ولعمدت إلى الجنة قاصداً إليها حريصاً عليها، ولكرهت كل شيء يحبسك عنها من مال أو أهل أو ولد أو صديق، فانزل نفسك يا ابن آدم تلك المنزلة ، فقد أتاك اليقين عنهما حتى كأنك تنظر إليهما، واعلم أنه لابد من المصير إلى أحدهما ليس هناك منزل ثالث. يا ابن آدم فاطلب الجنة حق الطلب، وأهرب من النار حق الهرب، أعاذنا اللّه وإياكم من ناره ومنَّ علينا وعليكم بالخلود في داره، دار السلام برحمته ومنِّه.(1/199)


* مُصَنِّفُه: اذكر ما عليك من صنوف الإنعام ، وما توعد من شدة الإنتقام وتفضله عليك بطول الإمهال ، واغترارك ساعة الإمهال. لا تجعلن ما عليك من نعمته، ذريعة إلى مخالفته، ونقمته كأنك وقد فوجئت بمصرع المنايا، وأحاط بك وبال الخطايا، وزالت عنك أسباب الاختيار، وعلقت بك جبر الإضطرار، فلا أنت إلى أهلك عائد، ولا في عملك زائد، ولا لنفسك نافع، ولا عنها مدافع، فاعمل قبل هجوم النازل المُبِيْرُ للمنازل، وقبل زحوف الشغل الشاغل، والهول الهائل، فيالك من عين مغموضة، ونفس مقبوضة، ومسافر لا يرجع، ومُنَبِّه لا يقلع، فكأنك يا رضيع الدنيا وقد آن فطامك، وانقضى بالدنيا اهتمامك، وحان حمامك. الآن قبل غصص الندامة، والحلول بميقات القيامة، وقبل ?أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ ?[الزمر:56].(1/200)

40 / 101
ع
En
A+
A-