* وعن عقبة بن عامر: الدنيا فتنة المؤمن وسنته، فإذا خرج من الدنيا نجى من الفتنة والسنة.
* وعن عائشة: ما زالت الدنيا علينا متعسرة متكدرة حتى نقل اللّه تعالى نبيه صلى الله عليه وآله وسلم فانصبت علينا الدنيا انصبابا.
* وقال سلمان: كانوا يصبحون ويمسون وما عندهم دينار ولا درهم.
* مُصَنِّفُه: فدولة المتقين الآخرة، ومن الدنيا يكسبونها وهي سجنهم، وبلائهم وابتلائهم بالصبر، واختبارهم بكظم الغيظ، والأخذ بالفضل، فهي مزرعتهم، وحصادها في الآخرة.
(94) ورأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما ينال أمته من بعده فما رؤي ضاحكاً مستبشراً حتى أتاه اليقين.
* وروي أنه صلى الله عليه وآله وسلم قص على فاطمة عليها السلام ما يلحق ذريتها فقالت: ما خلفنا يا رسول اللّه صلى اللّه عليك إلا للبلاء .
* مُصَنِّفُه: واعتبر بالصالحين من ذريته، كيف امتحنوا بالبأساء، والضراء، والضيق، والحبس، والجوع، والخوف، والقتل الفظيع، مُشرَّدون، مُطَرَّدون، تقلب الأيام بهم طوراً إلى صقع، وطوراً إلى آخر.
* كما قال دعبل:
مشردون نفوا عن عقر دارهم كأنهم قد جنوا ما ليس يغتفر
* وكما قال:
وأين الأُلى شطت بهم غربة النوى أفانين بالأطراف مختلفات
* وقال ابن مسعود: يأتي على الناس زمان يكون المؤمن فيه أذل من الأمة، يعيش كديدان الخل في الخل.
* وقيل لبعضهم: أي شيء تخاف؟ قال: أخاف أن أجوع.
قال: لا تخف أنت أهون على اللّه من ذلك وأدنى منزلة إنما كان يجوع محمد وأصحابه.(1/96)


(95) و أخبرني عبد الرحمن بن محمد بن فضالة، أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن إسماعيل، حدثنا مكحول، حدثنا سليمان بن أحمد النهرواني، حدثنا نصر بن علي الجهضمي، عن أبيه، حدثنا شداد أبو طلحة، عن أبي الوازع الراسبي، عن عبد الله بن مغفل، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: والله أني لأحبك في الله. فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( إن كنت تحبني فاعد للفقر تجفافا ، فإن الفقر أسرع إلى من يحبني من السيل إلى منتهاه( )). وقيل: الخميص وهو أن يخف بدنه من شدة الضر وتقشفه.
* وروى الباقر عليه السلام: أن ملكين هبطا من السماء فالتقيا في الهواء، فقال أحدهما لصاحبه: فيم هبطت؟
قال: بعثني اللّه تعالى إلى بحر أبل أحشر سمكة إلى صياد جبار من الجبابرة فاشتهى عليه سمكة في ذلك البحر فأمرني أن أحشر إلى الصياد سمك ذلك البحر حتى يأخذها ليبلغ اللّه [الكافر] مناه في كفره. ففيم بعثت أنت؟
قال: بعثني اللّه في أعجب من الذي بعثك فيه بعثني إلى عبده المؤمن، الصائم، القائم، المعروف دعاءه وصومه، لأكفأ قدره التي طبخها ليبلغ اللّه بالمؤمن الغاية في اختبار إيمانه.
* وعن ابن عباس: من حبس الله عنه الدنيا ثلاثة أيام وهو عنه راضٍ، فقد أوجب اللّه له الجنة.
* وقال اللّه تعالى لموسى صلى اللّه عليه: إني لأُجَنِّب أوليائي عن سلوة الدنيا وعيشتها كما يجنب الراعي الشفيق غنمه من مراتع الهلكة وإني لأذودهم عن بهجتها ورخائها كما يذود الراعي إبله عن مبارك الغرَّة وما ذاك لهوانهم عليَّ، ولكن ليستكملوا نصيبهم من كرامتي.
* وروي أنه رأى رجلٌ رجلاً فقال: يا فلان لم نر خيراً قط إلا من ربنا؟ قال: أجل. قال: فما لنا نكره لقاء من لم نر الخير إلا منه؟
ثم قال: يا فلان، إن منع اللّه عطاك فاعلم أنه لم يمنعك عن بخل، ولا عدم، وإنما منعه نظراً واختباراً.
ثم قال: إن فيك لأنساً، وإن معك لشغلاً، فأدبر عليه ومر.(1/97)


باب في علماء السوء
* قال اللّه تعالى: ?مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ?[الجمعة: 5].
* وقال تعالى: ?أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ ?[البقرة: 44].
* وقال تعالى: ?وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ? [آل عمران: 79].
(96) أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد، أخبرنا أبو أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد، أخبرنا الحسن بن محمد بن عفير الأنصاري، أخبرنا أحمد بن منيع، أخبرنا أنس بن معاوية - وكان ثقة - عن بكر بن خنيس، عن يزيد بن يزيد بن جابر، عن أبيه، عن معاذ بن جبل قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (( تعلموا ما شئتم أن تعلموا فلن ينفعكم اللّه بالعلم حتى تعملوا )).
(97) أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد، قال: حدثنا الهمداني، حدثني بحر بن نصر، حدثنا يحيى بن سلام، عن عثمان بن مقسم، عن المقبري، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (( إن من أشد الناس عذاباً يوم القيامة ؛ عالم لم ينفعه اللّه بشيء من علمه )).(1/98)


(98) حدثنا عبد الله بن أحمد بن موسى، حدثني يحيى بن المغيرة المخزومي، حدثني أخي، عن أبيه، عن عثمان بن عبد الرحمن، عن ابن شهاب، عن أبي إدريس، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (( نزَّل اللّه في بعض كتبه وأوحى إلى بعض أنبيائه : قل للذين يتفقهون لغير الدين، ويتعلمون لغير العمل، ويطلبون الدنيا بعمل الآخرة، يلبسون للناس مسوك الكباش، وقلوبهم كقلوب الذئاب، ألسنتهم أحلى من العسل، وقلوبهم أمر من الصبر، إياي يخادعون! وبي يستهزئون! [فبي حلفت] لأتيحن لهم فتنة تذر الحليم فيها حيران )).
(99) وعن رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (( مثل الذي يُعلِّم الخير ولا يعمل مثل السراج يضيء للناس؛ ويحرق نفسه )).
(100) وعن أنس قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (( اللهم، إني أعوذ بك من علم لا ينفع وعمل لا يُرفع، وقلب لا يخشع، وقول لا يسمع )).
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد، أخبرنا أبو أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد، حدثنا عبد الله بن أحمد بن إسحاق بتستر، حدثني يعقوب بن إسحاق القلوسي، حدثني الحسن بن بشر بن سلم، حدثني أبي، عن سفيان الثوري، عن ثوير بن أبي فاخته، عن يحيى بن جعدة، قال: قال علي بن أبي طالب: يا حملة العلم اعملوا به، فإنما العالم من علم ثم عمل، ووافق عمله علمه، وسيكون أقوام يحملون العلم لا يجاوز تراقيهم، تخالف سريرتهم علانيتهم، ويخالف عملهم علمهم، يعقدون حلقاً، فيباهي بعضهم بعضاً، حتى إن الرجل ليغضب على جليسه أن يجلس إلى غيره ويدعه، أولئك لا تصعد أعمالهم في مجالسهم تلك إلى اللّه عزوجل.
* وعن بعض حكماء العرب: إذا دخلت الموعظة أذن الجاهل مرقت من الأذن الأخرى.
* ولبعضهم: إن الموعظة لمن لا ينتفع بها كالمطر على الصفا لا ينبت وكالغيث على السبخة لا ينبت.(1/99)


* ولبعضهم:
إذا قسى القلب لم تنفعه موعظة .... كالأرض إن سبخت لم يحيها المطر
والقطر تحيا به الأرض التي قحطت .... والقلب فيه إذا ما لان مزدجر
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد، أخبرنا أبو أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد، حدثنا عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي، حدثنا أبي، حدثني الرضى، عن أبيه موسى، عن أبي جعفر، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه عليهم السلام قال: كان نقش خاتم الحسين بن علي عليهما السلام: علمت فاعمل.
* وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: الناس ثلاثة: عالم ربَّاني، ومتعلم على سبيل النجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق.
* ولبعضهم: أول العلم الإستماع، ثم الإنصات، ثم الحفظ، ثم العمل، ثم النشر، وهو سر الخمسة.
* ولبعضهم: أبو قلابة: العلماء ثلاثة: رجل عاش بعلمه ولم يعش به الناس، ورجل عاش بعلمه وعاش به الناس.
(101) أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد، أخبرنا أبو أحمد الحسن بن عبد الله، أخبرنا علي بن الحسين الفوطي، أخبرنا الباساني، أخبرنا إسحاق بن بشر، أخبرنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن، عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (( لا تكون مسلماً حتى يسلم الناس من لسانك ويدك ، ولا تكون عالماً حتى تكون بالعلم عاملاً، ولا تكون عابداً حتى تكون ورعاً، ولا تكون ورعاً حتى تكون زاهداً، وأطل الصمت، وأكثر الفكر، وأقل الضحك، فإن كثرة الضحك مفسدة للقلب )).
* وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: إذا تعلمتم فأكظموا عليه، ولا تخلطوه بضحك ولا لعب فتمجه القلوب.
* ولبعضهم: أشد الناس حسرة يوم القيامة رجلان: رجل نظر إلى ماله في ميزان غيره سعد به وشقي هو به. ورجل نظر إلى علمه في ميزان غيره سعد هو به وشقي.
* وعن عمر بن عبد العزيز: قال لمحمد بن كعب: يا أبا حمزة، إن استطعت أن لا يكون أحد أسعد بما سمعت منك فافعل.
* وعن الحسن: لا تكن ممن جمع علم العلماء، وظرائف الحكماء، وتجري في العلم مجاري السفهاء.(1/100)

20 / 101
ع
En
A+
A-