* لبعضهم:
تحث بتر حال ونحن قعود .... كأنَّا ذوو غيب، ونحن شهود
أيا جامع الدنيا لغير بلاغها .... قصاراك منها تربة ولحود
* ولبعضهم:
لا تحزنن على الدنيا وما فيها .... واحزن على صالح لم يكتسب فيها
واذكر ذنوباً عظاماً منك قد سلفت .... نسيت أكثرها والله محصيها
* وروى أبو علي بن عبدالوهاب عن أمير المؤمنين علي عليه السلام أنه قال: اتقوا اللّه عباد اللّه، فكم من مؤمل ما لا يبلغه، وجامع ما لا يأكله، ولعله من باطل جمعه، ومن حق منعه، أصاب حراماً، وأورثه عدواً، واحتمل إصره، وباء بوزره، وورد على ربه آسفا لاهثاً، قد خسر الدنيا والآخرة، ذلك هو الخسران المبين.
* وعن أمير المؤمنين عليه السلام: لا يدع الناس شيئاً من أمر دينهم لاستصلاح دنياهم إلا فتح اللّه عليهم ما هو أضر لهم.
(83) وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ما أحد طلب أمراً بمعصية إلا كان أبعد لما رجى ، وأقرب لمجيء ما اتقى.
* وسئل إبراهيم عليه السلام: بأي شيء اتخذك اللّه خليلاً؟ قال: بثلاثة أشياء:
أولها: ما خيرني بين أمرين إلا اخترت الذي لله على غيره.
والثانية: ما اهتممت لما تكفل اللّه لي.
والثالثة: ماتغديت ولا تعشيت إلا مع الضيف.
* مُصَنِّفُه: أعز دينك لإذلال مالك، ولا تعز مالك لإذلال دينك فتذل، فخير المال ما أثمرك محمدة العاقبة، وشره ما سلبك منفعة الخاتمة، وكساك سوء الرادفة، فإن خير الزاد ما بلغ المحل، وخير ما تخزنه لسانك لا إحسانك، وعاديتك لا عائدتك.
* وعن أمير المؤمنين عليه السلام: ووضع درهما على كفه. فقال: أما إنك ما لم تخرج عني لا تنفعني.(1/91)
باب رفض الشهوات
* قال اللّه تعالى: ?فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاَةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا?[مريم:59].
قيل: غيَّا: اسم وادٍ في جهنم.
وقيل: جزاءهم على غيهم.
وقيل: أي ضلالاً عن طريق الجنة يوم القيامة.
* وقال اللّه تعالى: ?أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمْ الدُّنْيَا? [الأحقاف:20].
(84) وقال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (( حُفَّتِ الجنة بالمكاره ، وحفت النار بالشهوات )).
* وعن المسيح عليه السلام: يا معشر الحواريين إنكم لا تنالون ما تريدون إلا بترك ما تشتهون، ولا تبلغون ما تأملون إلا بصبركم على مَا تكرهون.
(85) وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( من غلب علمه هواه فذاك العلم النافع ، ومن جعل شهوته تحت قدمه فر الشيطان من ظله، ومن فرح ببعض الدنيا فقد أخطأ الحكمة)).
* وقال اللّه تعالى لعيسى بن مريم عليه السلام: وكم من ناظر نظرة قد زرعت في قلبه شهوة، فوردت به موارد حياض الهلكة.
* وقال اللّه تعالى لداوُد: يا داوُد حرام على كل قلب عالم محب للشهوات أن أجعله إماماً للمتقين.
(86) وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( إن من السرف أن يأكل الرجل ما يشتهيه )).
(87) أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد، أخبرنا أبو أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد، أخبرنا ابن عفير، أخبرنا أبو حاتم محمد بن إدريس، أخبرنا الحسن بن سعيد، أخبرنا عبد العزيز بن عمر، عن عفيف بن سالم، عن العلاء بن سليمان، عن أبي جعفر قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (( ما زين اللّه رجلاً بزينة أفضل من عفاف بطنه )).(1/92)
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد، أخبرنا أبو أحمد الحسن بن عبد الله، أخبرنا الحسين بن إسماعيل القاضي، أخبرنا محمد بن خلف التيمي، أخبرنا أبو نعيم، أخبرنا عبدالجبار بن العباس، أخبرنا جعفر بن سعيد، قال: لما دخل الشهر - يعني رمضان - كان أمير المؤمنين عليه السلام يفطر ليلة عند الحسن وليلة عند الحسين عليهما السلام وليلة عند عبد الله بن جعفر لا يزيد على لقمتين أو ثلاث. فقيل له، فقال: إنما هي ليال قلائل حتى يأتي أمر اللّه وأنا خميص البطن. قال: فقتل عليه السلام من ليلته.
(88) أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد، أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن الحسن بن عبد الله، حدثنا محمد بن علي بن عمران الجنابي، حدثنا أحمد بن يحيى بن يونس، حدثنا الحسن بن علي بن البصري، حدثنا أبو عمرو الضرير، حدثنا يوسف بن خالد، حدثنا سلم بن بشير، عن حبيب المري، أنه سمع أفلح مولى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (( أخاف على أمتي ثلاثاً : ضلالة الأهواء وإتباع الشهوات في البطون والفروج، والغفلة بعد المعرفة )).
* وعن حذيفة بن اليمان: كم من شهوة ساعة أورثت حزناً طويلاً.
* وروى قالت امرأة العزيز ليوسف بعدما ملك خزائن الأرض: يا يوسف إن الحرص والشهوة صيرا الملوك عبيداً، وإن الصبر والتقوى صيرا العبيد ملوكاً. قال: ?إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ?[يوسف:90].
* بعض الحكماء: أربعة أبحر لأربعة: عفو اللّه بحر الجنايات، والموت بحر الحياة، والنفس بحر الشهوات، والقبر بحر الندامات.(1/93)
* مُصَنِّفُه: حُفَّتِ الجنة بالراحات والشهوات، فلن ينالها إلا بترك راحة الدنيا وشهواتها، ولإن ترفض اليسير ابتغاء الكثير، خير من إيثار اليسير وفوات الكثير، فلا الكثير لك ولا اليسير، ولن تنال مثوى المقدسين من النبيين والشهداء والصديقين، إلا إذا رفضت له تعالى شهواتك، وهجرت هوى اللذات لسرائر الخلق، فاملك نفسك عند الرغبة والحدة والرهبة والشهوة، أو أعد نفسك بعدها للنار ولم تكظم له غيظاً، ولم تدن من نفسك ما هو بعيد، ولا أبعدت منها ما هو قريب، ولم تصل رحماً قاطعة، ولا ذا جريرة فاضعة.
* ولبعض الحكماء: حب الشهوة يرهق القلب.
* وقيل لبعضهم: ما تشتهي؟ فقال: وهل أبقى خوف النار في قلبي موضعاً لشهوة؟
* ولبعضهم: من أرضى الجوارح بالشهوات فقد غرس في قلبه شجرة الندامات.
* مُصَنِّفُه: ولو لم يكن لغلبة الشهوات إلا أن المغلوب عليه لا يفلح في الدنيا ولا في الآخرة لكفى. فإن صاحب الدنيا إذا أراد أمراً شهوته بخلافه خذلته، وصاحب الآخرة إن أراد الآخرة فغلبته شهوته خذلته.
* ولبعضهم: إذا عصتك نفسك فيما تأمرها فلا تطعها فيما تشتهي.
* ولبعضهم شعراً:
إذا طالبتك النفس يوماً لشهوة .... وكان عليها للخلاف طريق
فخالف هواها ما استطعت فإنما .... هواها عدوٌّ والخلاف صديق(1/94)
باب في صرف الدنيا عن المؤمنين ومنعها عنهم
* قال اللّه تعالى: ? وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ ?[الشورى:27].
(89) وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( إن اللّه تعالى يحمي الدنيا عن المؤمنين كما يحمي أحدكم مريضه الطعام والشراب )).
* وعن عيسى بن مريم عليه السلام: يقول اللّه تعالى: يفرح عبدي المؤمن إذا وُسِّع له في الدنيا وذلك أبغض ما يكون إليَّ وأبعد ما يكون مني ويحزن أن أُضيِّقَ عليه في الدنيا وذلك أحب ما يكون إليَّ وأقرب ما يكون مني.
* وعن عيسى بن مريم عليه السلام: أوحى اللّه تعالى إلى الدنيا، أن مرِّيْ على المؤمن فيؤجر عليه و لاتحلولي له فتفتنيه.
(90) وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( المؤمن بين شدائد خمس : مؤمن يحسده، ومنافق يبغضه، وكافر يقاتله، وشيطان يضله، ونفس تنازعه )).
* وقال تعالى: ?وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ ?[الفرقان:31].
* وكذلك قال: ?وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ ?[الفرقان:20].
(91) وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( لو أن مؤمناً على ذروة جبل لقيض اللّه إليه منافقاً ليؤذيه فيؤجر عليه )).
* وفي بعض الأخبار: من لم يُبتلَ بسقم فهو من المنسيين.
* وعن الضحاك بن مزاحم: من لم يُبتلَ كل أربعين ليلة ببلية أو مصيبة فليس له عند اللّه خير.
(92) وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( الموت راحة المؤمن ورائحته )).
* وروي أن عائشة لما بلغها نعي أمير المؤمنين علي عليه السلام أنشدت:
فألقت عصاها واستقر بها النوى كما قر عيناً بالإياب المسافر
(93) وروي أن رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم كان يجود بنفسه فكانت فاطمة عليها السلام تقول: وا كرب أبتاه. فقال: (( لا كرب على أبيك بعد اليوم )).(1/95)