* وعن جعفر بن محمد عليه السلام: أبعد ما يكون العبد عن اللّه العزيز الجبار إذا لم يهمه إلاَّ بطنه وفرجه.
(69) وأُتِيَ رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم بسويق اللوز فلما خيض قال: (( ما هذا ))؟
قالوا: هذا سويق اللوز.
فقال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (( أخروه عني هذا شراب المترفين )).
(70) وما رفع خوان رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم وعليه طعام قط .
* وقيل ليوسف: أتجوع وفي يدك خزائن الأرض؟ قال: إني أخاف أن أشبع فأنسى الجائع.
* وعن أمير المؤمنين علي عليه السلام: أنه كان لا يتناول اللَّحم إلا في أيام التشريق.
فقيل له: في ذلك؟
قال: أبيت شبعاناً، وحوالي في المدينة يتامى يتضورون.
* وفي التوراة: اتق اللّه، وإذا شبعت فاذكر الجائع.
* ولبعضهم: وشبع الفتى لؤم إذا جاع صاحبهُ.
* ولبعض الحكماء: الحكمة كالعروس تريدُ البيت الخالي.
* وقال لقمان لابنه: إذا امتلأت المعدة نامت الفكرة، وخرست الحكمة، وقعدت الأعضاء عن العبادة.
* وعن ابن عباس: ليأتي على الناس زمان، هَمُّ أحدهم بطنه، ودينه هواه.
* وقيل لبعضهم: بما أُوتيت الحكمة؟
قال: نلت خلاء البطن، وسخاوة النفس، ومكابدة الليل.
* ولبعضهم: جَوِّعُوا أنفسكم لوليمة الفردوس، فإن شهوة الطعام على قدر تجويع الأنفس.
(71) أنس بن مالك: ما رأى رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم رغيفاً محوراً حتى فارق الدنيا.
* المسيح عليه السلام: ماذا يغني عن البر ان ينقىِ، ويطيب، ويطحن، وينخل، ثم يعود نتناً، وماذا يغني المتنعم في دار الدنيا إذا دخل بعدها النار!
* الشافعي: ما رأيت سميناً عاقلاً قط إلا واحداً، وهو محمد بن الحسن. يعني: الشيباني.
* وعن القاسم: لأن أنقص من عشائي لقمة أحب إليَّ من قيام تلك الليلة.
فقيل للقاسم: أي شيء أراد بها؟(1/86)
فقال: خفة الحساب، وذل النفس، واستنارة القلب، والله تعالى أمر أنبياءه عليهم السلام بالجوع في شهر الصيام، وحين أراد اللّه أن يكلم موسى عليه السلام، أمره ألاَّ يأكل شهراً ثم زاد عشرة، ولما كسرت الألواح أمره بأن يصوم أربعين يوماً إن أراد الألواح. فلما صام ردت عليه الألواح.
* مُصَنِّفُه: وعظم ما يزلق به المرء الأخبثان، فمتى راضهما بتأديب تقتير الإمساك ارتاضت نفسه لما يسومها كما قال بعضهم: هي النفس ما حملتها تتحمل.
(72) أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد، أخبرنا أبو أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد، حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثنا محمد بن المصفى، حدثنا بقية، عن يوسف بن أبي كثير، عن نوح، عن أخيه، عن الحسن، عن أنس، قال: أكل رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم جشباً ولبس خشناً .
(73) حدثنا ابن عفير، حدثنا محمد بن عاصم، حدثنا أبو أسامة، عن الأحوص بن حكيم، عن خالد بن معدان، عن عبادة بن الصامت، قال: خرج علينا رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم وعليه جبة صوف ضيقة الكمين فصلى بنا ليس عليه غيرها، وقبض رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم في إزار غليظ مما يصنع باليمن، وكساء من هذه التي تسمى الملبدة.
(74) وعن أنس قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو في عباة يهنأ بعيراً له ، ورداءه صلى الله عليه وآله وسلم أربع أذرع وشبر في ذراع، وضجاعه من أدم حشوه ليف.
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد، أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن سعيد الحضرمي، حدثنا زياد بن أبي يزيد، حدثنا ابن فضيل، حدثنا مجالد، عن الشعبي، عن الحارث، عن أمير المؤمنين علي عليه السلام قال: أهديت فاطمة بنت رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم فما كان فراشنا إلا مسك كبش.(1/87)
* وكان أمير المؤمنين عليه السلام يقتصد في ملابسه كاقتصاده في مأكله، فروي أنه كان يلبس الغلاظ من الثياب، ولا يزيد كمه على يده، ويخير قنبر ما يقطع لنفسه، وله فما بقي منه قطعه لنفسه.
* وعن أمير المؤمنين عليه السلام: لقد رقعت مدرعتي هذه حتى استحييت من راقعها.
* وخرج أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام إلى السوق وعليه ثوب غليظ غير غسيل متقلص فقيل: يا أمير المؤمنين لو لبست ألين من هذا؟
قال: هذا أسبغ للقلب، وأشبه بشعار الصالحين، وأحسن أن يقتدي به المؤمن.
* وعن سلمان الفارسي: من ركب المنظور ولبس المشهور واستلقى على الموثور لم يرح رائحة الجنة.
* وكان أويس القرني: يلتقط من المزابل الثياب المتحربة فيخيطها فيلبسها.
* ودخل حاتم في أصحابه على عصام بن يوسف وعليهم الثياب الخُلق فقال له عصام: يا حاتم ما هذه الشهرة؟ فقال له حاتم: أشهرتمونا. فقال: لم؟ قال: أرأيت إن دخل النبي صلى الله عليه وآله وسلم من بابك هذا كان يرضى زينا أو كان يعيبنا به؟ قال: فتنفس عصام وقال: صدقت يا حاتم.(1/88)
باب في المال وفتنته
* قال اللّه تعالى: ?الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا? [الكهف:46]. قيل: فرح.
* وقال تعالى: ?إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ?. أي: إبتلاء.?وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ?[التغابن:15]. أي: إن صبرتم.
(75) وعن رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (( ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حب المال والشرف للرجل في دينه )).
(76) وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( لكل أمة فتنة وعجل ، وإن فتنة أمتي وعجلها المال )).
(77) أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن فضالة، حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن إسماعيل، حدثنا مكحول بن الفضل، حدثنا أبو عيسى الترمذي، حدثنا محمود بن غيلان، عن وهب بن جرير، عن شعبة، عن قتادة، عن مطرف، عن أبيه، أنه انتهى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقول: (( ألهاكم التكاثر يقول ابن آدم: مالي مالي وهل لك من مالك إلا ما تصدقت فأمضيت، وأكلت فأفنيت، ولبست فأبليت )).
* قال أمير المؤمنين علي عليه السلام: العلم خير من المال، العلم يحرسك، وأنت تحرس المال.
* وقال: العلم حاكم، والمال محكوم عليه.
(78) وفي بعض مواعظ أهل البيت عليهم السلام: إن رجلاً من الأنصار قال: يا رسول اللّه مالي لا أحب الموت؟
قال: (( هل لك من مال ))؟
قال: نعم يا رسول الله. قال: (( قدم مالك، فإن قلب المرء مع ماله ، إن قدمه أحب أن يلحقه، وإن خلفه أحب أن يتخلف معه )).
(79) وفي بعض مواعظ أهل البيت عليهم السلام: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (( أخلاَّء ابن آدم ثلاثة : واحد يتبعه إلى قبض روحه، والثاني إلى قبره، والثالث إلى محشره، فالذي يتبعه إلى قبض روحه فماله، والذي يتبعه إلى قبره فأهله، والذي يتبعه إلى محشره فعمله )).
(80) وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( إذا مات ابن آدم تقول الملائكة بعضهم لبعض ما قدم ويقول ابن آدم ما خلف )).(1/89)
* لبعضهم: أربعة من طلبها أخطأ: الغنى من المال، والراحة من الثروة، والكرامة من الخلق، والنعمة في الملابس والمطاعم فإن الغنى في القناعة، والراحة في القلة، والاجتزاء و الكرامة في التقوى، والنعمة في العفاف والإسلام.
* ولبعضهم: إنما سمي المال مالاً لأنه مال بصاحبه من الطاعة.
* وعن بعضهم: لا يجتمع المال في الزمان لأحد إلا بخمس: بطول الأمل، و الحرص الغالب، والشح الشديد، وقلة الورع، ونسيان الآخرة.
(81) وعن رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (( ما أخاف على أمتي إلا من ثلاث : جدال منافق في القرآن، ودنيا تقطع رقابهم )) .
* وعن بعضهم: ما أعز أحد الدرهم إلا أذله.
(82) وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( إن هذه الدنانير و الدراهم أهلكا من كان قبلكم وهما مهلكاكم )).
* وعن أمير المؤمنين عليه السلام: يا صفراء ويا بيضاء غرِّي غيري.
* وروي أنه سار رجل مع المسيح عليه السلام وكان يكثر خوفه. فقال له المسيح: لعل معك شيء من حطام الدنيا؟ فقال: بلى صرَّة. فقال: ألقها واسترح.
* وروي أن عمر بن عبدالعزيز قال لأبي قلابة: ما نجاتنا من هذا الأمر؟ فقال: كيف حبك للدرهم؟ قال: لا أحبه. قال: لا تخف إن اللّه سيعينك.
* ورأى الحسن: في يد رجل درهماً. فقال: تحبه؟ قال: نعم. قال: لا يكون لك حتى تفارقه.
* يحيى بن سليمان: قال لي كهمس بن الحسن: أيهما أحب إليك جراب من دينار أم جراب من بعر؟ فقلت: يا سبحان اللّه هل رأيت رجلاً يخير بين هذين؟ قال: لكني والله جراب من بعر أحب إليَّ من جراب من دينار. لو كان في بيتي جراب من دينار شغلني عن الطواف والصلاة و إيثار المساجد وجراب من بعر لا أخشى عليه وأوقد به القدر وأسجر به التنور.
* وعن أمير المؤمنين:
إذا كُنْتَ جماعاً لمالك ممسكاً .... وأنت عليه حارس وأمين
تؤديه مذموماً إلى غير حامد .... فيأكله عفواً وأنت دفين(1/90)