* وعن عبد الله بن أبي نوح، قال: رأيت رجلاً من العباد في بعض الجزائر. فقلت: يا أخي، أما تستوحش؟ قال: الوحشة في غير هذا الموضع. فقلت: من أين يأتيك الرزق؟ قال: قد ضمن لي من لا تأخذه سنة ولا نوم.
* وقيل لبعضهم: من أين تأكل؟ قال: من عرف اللّه ولم يستغن به فلا أغناه.
* وعن المسيح عليه السلام: تعملون للدنيا وأنتم ترزقون فيها بغير عمل، ولا تعملون للآخرة وأنتم لا ترزقون فيها إلا بعمل.
* وقيل لورَّاق: من أين تأكل؟ فأشار إلى يديه. فأصبح وقد شلتا.
* وقيل: سئل بعض العمال ما حرفتك؟ فقال: إن عمَّال اللّه لا يحتاجون إلى حرفة.
* ولبعضهم (وهو النابغة):
ولست بحابس لغد طعاماً حذار غد لكل غد طعام
* وما هو أتم للنفس وآخذ قوله تعالى: ?وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى? [طه:132].
* وفي بعض مواعظ أهل البيت عليهم السلام: إن اللّه تعالى قال: يا عيسى إنك تفنى وأنا أبقى، ومني رزقك، وعندي ميقات أجلك، وإليَّ إيابك، وعليَّ حسابك، فسلني ولا تسأل غيري، فمنك الدعاء ومني الإجابة.
* وعن زيد بن علي عليه السلام: يا ابن آدم، تتكلف ما قد كفيت، وتُضيِّع ما قد ولِيت.
* مُصَنِّفُه: تثق بضمان المخلوق، ولا تثق بضمان الخالق، فالمخلوق منا لا يضيع عبده فكيف بخالقك.
* وقد حكي، عن بعضهم: إني أقنع بزاوية من الجنة ليتها أعطيت. فقال له حكيم: أرض بدلها من الدنيا بزاوية لتنال ما شئت منها في الآخرة.(1/66)


باب في فضل الفاقة على الغنى والثروة
* قال تعالى: ?لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ ?... الآية[الحجر:88].
* وقال تعالى: ?وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ?.. الآية[التوبة:92].
* وقال تعالى: ?إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ?[التغابن:15].
* وقال تعالى: ?إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلاَدِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ ?[التغابن:14].
* وقوله تعالى: ?وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ ? [الإسراء:83].
* وقيل: في قوله: ?سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ ?..[الرعد :24]. أي: على الفقر.
* وما شكى اللّه تعالى إلا من الأغنياء قال: ?وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ، وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالاً وَأَوْلاَدًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ? [سبأ:34، 35].
* وقيل: في قوله تعالى: ?لَوْلاَ نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ?[الزخرف: 31]. أي: في الغنى.
(36) حدثنا إسماعيل بن العباس الورَّاق، حدَّثنا محمد بن إسماعيل بن الحساني، حدَّثنا أبو يحيى الحماني، حدَّثنا صالح بن حسان، عن عروة، عن عائشة قالت: قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (( إنما يكفيك من الدنيا كزاد الراكب ، فإن سرَّك اللحوق بي فإياك ومخالطة الأغنياء، ولا تستبدلي ثوباً حتى ترقعيه )).(1/67)


(37)حدثنا عبد الله بن أحمد، حدَّثنا عثمان بن أبي شيبة، حدَّثنا عبدالرحيم بن سليمان، حدَّثنا جنيد بن أبي وهرة، عن محمد بن سعيد، عن إسماعيل بن عبيدالله، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (( تفرغوا من هموم الدنيا ما استطعتم فإنه من كانت الدنيا أكبر همه أفشى اللّه على ضيعته، وجعل فقره بين عينيه، ومن كانت الآخرة أكبر همه جمع اللّه أمره، وجعل غناه في قلبه، وما أقبل عبد بقلبه إلى اللّه إلا جعل اللّه قلوب المؤمنين تفد إليه بالمودة والرحمة، وكان إليه بكل خير أسرع )).
(38) أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن فضالة، حدَّثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن إسماعيل، حدَّثنا أبو مطيع مكحول بن الفضل، حدَّثنا إسماعيل بن بشر، حدَّثنا عصام بن يوسف، عن أبي بكر بن عياش، عن عبد الله بن سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: ((اللهم من أحبني فارزقه الكفاف والعفاف ، ومن أبغضني فأكثر ماله وولده)).
(39) وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( اطلعت على الجنة فإذا عامة من دخلها الفقراء والمساكين ، وإذا ليس فيها أحد أقل من الأغنياء والنساء )).
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد، أخبرنا ابن الليث، أخبرنا سريح بن يونس، أخبرنا وكيع، عن سفيان، عن مجمع بن يحيى، عن شيخ له، قال: رأيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام خرج بسيف له إلى السوق فقال: من يشتريه؟ أما [إنه] لو كان عندي ثمن إزار ما بعته.
* وعن جعفر بن محمد؛ في بعض مواعظ أهل البيت عليهم السلام: لا تجالسوا الأغنياء، فإنكم تستحقرون نعم اللّه عليكم.
* وعن الباقر عليه السلام: لا تجالسوا الأغنياء، فإن العبد يجالسهم وهو يرى أن للّه تعالى نعمة عليه، فما يقوم حتى يرى أن ليس لله عليه نعمة.(1/68)


* وفيه أيضاً عنه: في التوراة إذا رأيت الفقر مقبلاً فقل: مرحباً بشعار الصالحين، وإذا رأيت الغنى مقبلاً فقل: ذنب عُجلت عقوبته.
(40) وفي بعض مواعظ أهل البيت عليهم السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (( جالسوا العلماء وخاطبوا الحكماء وجالسوا الفقراء )).
* وعن أبي عبد الله الصادق عليه السلام في قوله: ?وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ? [إبراهيم:5] أي: بآلاء الله.
* المسيح عليه السلام: لو لم تكن للفقر فضيلة على الغنى غير أنه يُعصى اللّه ليُستغنى ولا يُعصى ليُفتقر لكفى بها فضيلة.
* وقد جعله بعضهم شعراً فقال:
يا عائب الفقر ألا تزدجر .... عيب الغنى العيب لو تعتبر
إنك تعصي لتنال الغنى .... ولست تعصي اللّه كي تفتقر
* وقال تعالى: ?وَلَوْلاَ أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ? [الزخرف:33].
* وفي الفقر ثلاثة، وفي الغنى ثلاثة.
ففي الفقر: راحة النفس، وفراغة القلب، وخفة الحساب.
وفي الغنى: تعب النفس، وشغل القلب، وشدة الحساب.
* وزاد مُصَنِّفُه: والتواضع لمن وضعه الله، زيادة [في] التكاليف التي لا يؤمن من خلالها الموبقات.
(41) وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( الأكثرون هم الأسفلون يوم القيامة )).
* وعن لقمان، قال لابنه: يابني، لا تحقرن أحداً لخلقان ثيابه، فإن ربك وربه واحد.
* وقال اللّه تعالى لموسى: إذا رأيت الفقراء فسائلهم كما تسائل الأغنياء، فإن لم تفعل فاجعل شيء علمتك تحت التراب، وما أهلك قوماً وإن عملوا ما عملوا حتى أهانوا الفقراء وآذوهم.
* وعن ابن عباس: ملعون من أكرم بالغنى، وأهان بالفقر.
* وفي بعض مواعظ أهل البيت عليهم السلام: أنه دخل رجل على أبي ذر؛ فلم ير شيئاً في بيته.فقال: أين رحلك؟ فقال: إن لنا داراً أخرى نوجه مع رحلنا إليها.(1/69)


* وعن بعض الحكماء: مسكين ابن آدم، لو خاف من النار كما خاف من الفقر نجا منهما، ولو رغب في الجنة كما رغب في الغنى لوصل إليهما، ولو خاف اللّه في الباطن كما خافه في الظاهر لسعد في الدارين.
* وعن بعضهم: درهم الفقير أزكى عند اللّه من دينار الغني.
* وعن بعضهم: في التوراة أمهات الخطايا ثلاث: الحسد، والحرص، والكبر. وزِيدَ: النوم، والراحة، وحب المال، وحب المَحمَدةِ، وحب الرئاسة.
* وعن أبي هريرة: يسبق درهم مائة ألف درهم.
* وعن المسيح عليه السلام: الفقر مشقة في الدنيا ومسرة في الآخرة، والغنى مسرة في الدنيا ومشقة في الآخرة.
* ولبعضهم:
حلالها حسرة تفضي إلى ندم وفي المحارم منها السم مدرورُ
* لمُصَنِّفِه:
ولو زاد الغنى بفضل مال .... عقولاً أو كمالاً في الحلوم
لكان أحقهم بمزيد مال .... نبي اللّه ذا الشرف العظيم
(42) وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( ما أوحى اللّه إليَّ: أن أجمع المال ، وكن من التاجرين، ولكن أوحى إليَّ أن: ?سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِن السَّاجِدِينَ ، وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ? [الحجر:98،99] )).(1/70)

14 / 101
ع
En
A+
A-