* وعن المسيح: أخرج الطمع من قَلْبِك تحل القيد من رجلك.
* ولبعضهم: أذلَّ الحرص أعناق الرجال.
* ولبعضهم: فإن النفس ما طمعت تهونُ.
* وعن أمير المؤمنين علي عليه السلام: استغن عمن شئت تكن نظيره، وافتقر إلى من شئت تكن أسيره، وامنن على من شئت تكن أميره.
* وما أحسن ما قال القائل:
والنفس راغبة إذا رغبتها وإذا ترد إلى قليل تقنع
واليسير مع الطمأنينة خير من الكثير مع الوجل.
* ولبعضهم: سخاء النفس عما في أيدي الناس أكبر من سخاء النفس بالبذل، ومروَّة القناعة، أو الرضى أكبر من مروة الإعطاء.
* وعن المسيح عليه السلام: يا معشر الحواريين، لأنتم أغنى من الملوك. قالوا: كيف يا روح اللّه، ولم نملك شيئاً؟ قال: أنتم ليس عندكم شيء ولا تريدونه، وهم عندهم أشياء ولا تكفيهم.
(33) وعن رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: (( القناعة مالٌ لا ينفد )).
* وعن معاذ بن جبل: من جعل القناعة في قلبه فقد أفلح، ومن لم يجعل غناه في قلبه فليست بنافعته الدنيا.
* وعن بعضهم: من أراد أن يستغني من الدنيا بالدنيا؛ كان كمن طفىَّ النار بالتبن.
* مُصَنِّفُه: ولو لم يكن فيها إلا سلامة الدين وراحة النفس وعزها، وفك قيد الطمع، وصيانتها عن الذلة، وتحريرها عن رِقِّ الهوان، [ومساواتها رتبة من الطمع فيه فيهينك، وسؤاله فيشينك] كما قال بعضهم:
ما ماء كفك إن جادت وإن بخلت من ماء وجهي إذا أفنيته عوض
* وعن بعضهم:
يقولون هذا منهل قلت قد أرى ولكن نفس الحر تحتمل الضمأ
* لبعضهم:
لاتغضبنَّ على الأكف المانعة .... واغضب على نفس تهينك طامعة
ذلت لغالب حرصها لو أنها .... سارت ولم تهلع لعدت قانعة
أنشدنيها المخزومي لنفسه.
* وعن أمير المؤمنين علي عليه السلام:
ألا يانفس إن ترضي بقوت .... فأنت عزيزة أبداً غنيه
فدع عنك المطامع والملاهي .... فكم أمنية جلبت منيه(1/61)
(34) وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (( الظالم نادم وإن مُدح ، والمظلوم ممدوح وإن ذم، والحريص فقير وإن ملك الدنيا، والقانع غني وإن عري وجاع )).
* ومَرَّ رجل بعامر بن عبد قيس وهو يأكل ملحاً وبقلاً، فقال له: يا أبا عبد الله أرضيت من الدنيا بهذا؟ فقال: ألا أدلك على من رضي بأيسر من هذا؟ قال: بلى. قال: من رضي بالدنيا عوضاً عن الآخرة.
* وعن أبي الدرداء: ذو الدرهمين أشدُّ حساباً يوم القيامة من ذي الدرهم، ومن أخذ من الدنيا فوق ما يكفيه خنقته وهو لا يشعر.
* وعن أمير المؤمنين علي عليه السلام: من لم يرض بما يجزيه، فليس في الدنيا شيء يكفيه.
* ولبعضهم في قوله تعالى: ?يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ? [الروم:7]. يعلم أحدكم كم حُبُّه في درهم وهو غافل عن ذنبه.
* ولبعضهم:
قَنِّع النفس بالكفاف وإلا .... طلبت منك فوق ما يكفيها
إنما هذه الحياة متاع .... فالسفيه الجهول من يصطفيها
ما مضى فات والمؤمل غيبٌ .... ولك الساعة التي أنت فيها
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد، أخبرنا علي بن محمد بن داهر، أخبرنا [عبد الله بن] محمد بن سواد الهاشمي، أخبرنا ضرار بن صرد، أخبرنا يحيى بن يمان، عن منهال بن خليفه، عن أبي كريمة، عن أبي الزناد، عن أمير المؤمنين علي عليه السلام في قوله تعالى: ?فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً? [النحل:97]. قال: القناعة.
* عن أمير المؤمنين علي عليه السلام: من قنع شبع، ثلاث من مناقب الإيمان: الإستعداد للموت، والرضاء بالكفاف، والتفويض إلى اللّه في حالات الدنيا.
* ولبعضهم:
أشاب رأسي ورأس الحرص لم يشب إن الحريص على الدنيا لفي تعب
* ولبعضهم:
كلما زادك من ثروة زاد الذي زادك في همه
* عن إسحاق بن غالب، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام قال: من كثر ماله كثر همه.(1/62)
* أبو الحسن الرضا عليه السلام قال: قال عيسى بن مريم عليه السلام للحواريين: يا بني إسرائيل، لا تأسوا على ما فاتكم من دنياكم، كما لا يأسى أهل الدنيا على ما فاتهم من دينهم إذا أصابوا دنياهم.
* ولبعضهم:
إن الملوك بدون الدين قد قنعوا .... وفي المعيشة لا يرضون بالدون
فاستغن بالدينعن دنيا الملوك كما .... استغنى الملوك بدنياهم عن الدين
* وعن الباقر عليه السلام قال: أوحى اللّه تعالى إلى موسى عليه السلام: لا تفرح بكثرة المال، ولا تدع ذكري على كل حال، فإن كثرة المال تنسي الذنوب، وترك ذكري يقسي القلوب.
* أبو الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام: إذا شبع البطن طغى.
* وعن أبي جعفر يقول: أتى رجل أبا ذر فبشره بغنم له قد ولدت، فقال: يا أبا ذر، قد ولدت غنمك وكثرت. فقال: تبشرني بكثرتها؟ فما قل وكفى أحب إليَّ مما كثر وألهى.
* عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: اصبروا على طاعة الله، واصبروا عن معاصي الله، فإنما الدنيا ساعة ما قد مضى، فليس يجد سروراً ولا حزنا، وما لم يأت منها فليس تعرفه، فاصبر على تلك الساعة التي أنت فيها.
* ولبعضهم: الدنيا ساعة فاجعلها طاعة.
* وعن بعضهم: عن ابن الكلبي، عن عوانة، أنه رأى مكتوباً في عوالي قصور تبع في اليمن:
اصبر لدهر نال من .... ك فهكذا مضت الدهور
فرحاً وحزناً قد مضى .... لا الحزن دام ولا السرور
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد، أخبرنا أبي، أخبرنا الحسن بن معاذ، أخبرنا سفيان بن وكيع، أخبرنا أبي، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن علقمة، قال: دخلنا على أمير المؤمنين عليه السلام وبين يديه طبق من خوص عليه قرص أو قرصان من خبز شعير، وإن أشطان النخالة لتبين في الخبز وهو يكسره على ركبتيه، ويأكله على جريش.
فقلنا لجارية له سوداء اسمها [فضة]: ألا نخلت هذا الدقيق لأمير المؤمنين عليه السلام؟
فقالت: يأكل هو المهنَّىء، ويكون الوزر في عنقي.(1/63)
فتبسم عليه السلام، وقال: أنا أمرتها أن لا تنخله.
فقلنا: فَلِمَ يا أمير المؤمنين؟
قال: ذلك أحرى أن تَذِلَّ النفس، ويقتدى بي المؤمنون، وأَلْحَقَ بأصحابي.(1/64)
باب في ترك الإهتمام بالرزق
* قال تعالى: ?وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأْرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا ? [هود:6].
* وقال تعالى: ?وَكَأَيِّن مِنْ دَابَّةٍ لاَ تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا ?[العنكبوت:60].
* وقال تعالى: ?وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ?[الطلاق:2،3].
* وقال تعالى حاكياً عن إبراهيم عليه السلام: ?وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ، وَإِذَا مَرِضْتُ فَهوَ يَشْفِينِ? ?[الشعراء:79،80].
* وعن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: في التوراة مكتوب: يا ابن آدم تفرغ لعبادتي أملأ قلبك غنى، ولا أكلك في طلب معاشك إلى طلبك، وعليَّ أن أَسُدَّ فاقتك، وآملك إلى طلبك.
(35) أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد، أخبرنا الحسن بن علي بن عاصم، أخبرنا قيس بن حفص الدارمي، أخبرنا جعفر بن سليمان الضبعي، عن ثابت [البناني]، عن أنس بن مالك، يقول: أهديت إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثلاثة طوائر فأعطى خادمه طائراً فلما كان الغد أتته به فقال لها رسول اللّه: (( ألم أنهك أن ترفعي لغد شيئاً ، وإن اللّه يأتي برزق كل غد )).
* وفي بعض الكتب: يا ابن آدم إن كنت لا تصلح لتدبيري لك، فإنك لا تصلح لتدبيرك لنفسك.
* وفي حكمة آل داود عليه السلام: أطعني فيما أمرتك، ولا تعلمني ما يصلحك، من لم يدَّبر فإني أُدَبِّرُه.
* وعن أمير المؤمنين عليه السلام: ما أبالي وقع الموت عليَّ أم وقعت على الموت.
* وسئل راهب: من أين تأكل؟ قال: هذا العلم ليس عندي ولكن سل ربي من أين يطعمني؟
* وقيل لحكيم: ألا تسأل فلاناً من أين يأكل؟ فقال: لم أشك في خالقه حتى أشك في رزقه.
* وسئل بعض الرهبانية: من أين تأكل؟ فقال: خالق الرحى يأتيها بالطحين.(1/65)