6- الإجابة عن أي استفسار حول فكر أهل البيت وشيعتهم، وتاريخهم، ورجالاتهم.
تقدم المؤسسة إجابات على الاستفسارات التي قد تطرأ على الباحثين، وذلك بالاستعانة بمجموعة من العلماء والباحثين في فكر الزيدية وتاريخها. كما إن هذه الاجابات سوف تكون موثقة ، وذلك ليستعان بها في البحوث العلمية الدقيقة.
نسأل الله تعالى سلامة النيات والقبول.
بسم اللّه الرحمن الرحيم
مقدمة الكتاب
الحمد اللّه رب العالمين، أحمده تعالى على نعمه التي لا تحصى، واستعينه واستهديه، واشهد أن لاإله إلا هو، الحي، القيوم، الباقي، الدائم، الفرد، الصمد، له الأسماء الحسنى، وأصلي وأسلم على عبده ورسوله، خاتم الأنبياء والمرسلين، المبعوث هداية ورحمة للعالمين، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين الذين أذهب اللّه عنهم الرجس وطهَّرهم تَطْهِيْرَا.
وبعد:
فهذا المعجم المتواضع الذي أضعه اليوم بين يدي القارئ الكريم ، وأتشرف بإهدائه إلى المهتمين بالعلم والفكر والتراث ، هو محاولة متواضعة جداً ومحدودة لجمع شتات تراجم أعلام الفكر الإسلامي من المصنِّفين المنتمين إلى مذهب الإمام الأعظم زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ـ عليهم السلام ـ ، في موسوعة ميسرة شاملة لتراجمهم وفهرست مؤلفاتهم وأبحاثهم ورسائلهم ، التي تمثل جزءاً هاماً من تراث الأمة الإسلامية الفكري والإبداعي الحضاري المشرق، لا تقتصر أهميته على أهل مذهب فحسب، بل على المسلمين كافة ، وبني الإنسان عامة ، بما فيه من انفتاح ، وشمولية ، واعتدال ، وتجديد، وإبداع ، وتقريب ، وتوحيد ، وأصالة ، وعمق ، وامتداد للإسلام المحمدي الأصيل ، الذي حمله وجاهد في سبيله رسول البشرية ، وآل بيته الأطهار وصحبه الأبرار.(1/21)
دفعني إلى هذه المحاولة ما أشعر به وأراه من تهديد خطير تعرض ويتعرض له هذا التراث الخالد الزاخر بكل ما يوحِّد الأمة الإسلامية ويجمع شملها، من تجاهل ، ونسيان ، وغمط وإهمال ، وطمس ، وتشويه ، ومسخ ، وهجوم ، وتحامل ،لم يتعرض له تراث مذهب من مذاهب الإسلام . فقد تواطئت على هدمه ومحاولة إلغاء وجوده وطمسه دول الجور والظلم والإرهاب المتعاقبة التي رأت فيه خطراً داهماً عليها، يكشف للأمة ظلمات زيفها وتضليلها وانحرافها، ويدعوها إلى الخروج على الظلم ، والثورة على الجور ، والتفكير بالخلاص من الاستعباد والإذلال ، والجهاد في سبيل رفع كلمة اللّه، وإعلاء راية العدل والتوحيد والحرية والمساواة. وقد شنت على هذا الفكر والمنتمين إليه حرباً لا هوادة فيها، ولُوْحِقَ حاملوه تشريداً ، ونفياً ، وحبساً ، وقتلاً ، في أصقاع الأرض ، وفي شتى الأحقاب والعصور ، حتى انحصر في الأصقاع النائية ، البعيدة عن نفوذ دول الجور ، في الجيل والديلم ، و المغرب ، أو جبال اليمن. وحتى انحصر أخيراً في بقعة ضيقة من رقعة العالم الإسلامي الواسعة ، تمثلث في جزء من أرض اليمن العزيز التي وجد فيها الملاذ ، ووجدت فيه العدل والحق والخير والسلام، وبقي تراثه الخالد محصوراً مدفوناً في زوايا الإهمال والنسيان ، مهدداً عرضة للضياع في آخر معاقله، لظروف كثيرة: أهمها ضعف وتقاعس وإهمال المنتمين إليه من جهة، وقلة الإمكانيات البشرية والمادية التي تمكنه من الإنتشار، وتحفظه من الضياع والاندثار، والهجمة الشرسة التي يتعرض لها اليوم من الحكام ، والفرق ، والطوائف ، والجماعات المختلفة التي اجتمعت على حربه وطمسه ومحاولة إزالته من الوجود ، تحت شعارات ولافتات ومسميات شتى ، ولأسباب سياسية واجتماعية متعددة ، حتى أصبح غريبا ، وأضحت كنوزه المدفونة عرضة للضياع والإندثار، وهاهي آلاف الكتب والأبحاث والرسائل في زوايا الإهمال والنسيان، لم يهتم بنشرها وإخراجها إلى(1/22)
النور إلا القليل ممن أعاقتهم الإمكانيات المادية عن أدنى ما يمكن عمله في هذا الصدد، وهاهي عشرات ومئات وآلاف المخطوطات تسرق ، وتنهب ، وتباع، وتذهب إلى مختلف مكتبات العالم ، وأغلبها في مكتبات العالم الغربي الذي هو في شغل عنها بفكره وتراثه، وهاهي عشرات المخطوطات قد لقيت الإهمال والضياع والتمزيق والاندثار، من خلفٍ جاهلٍ لم يقدر قيمتها ، ولم يعرفها حق المعرفة و يدرك أنها هويته وتاريخه وجزء من كيانه ووجوده.
لقد كان للحرب اليمنية التي اشتعل أوارها في العام المنصرم 1994م أثر كبير على النفوس والقلوب، فبعد وحدة اليمن، وأربع سنوات سمِّيت (بالمرحلة الإنتقالية) سادها الصراع على السَّاحة السياسية، والاختلاف على تقاسم الكراسي والمناصب والنفوذ، والانفلات والفوضى التي هزت اقتصاد اليمن ـ ولم يكن من محاسنها سوى الهامش الضئيل من الحرية الفكرية. فوجئ الناس بالإنفجار المريع ، بعد أحداث وقضايا كانت مقدمة طبيعية لهذا الإنفجار، قادت إليه، وغيَّبت كل أصوات العقل ودعوات السَّلام، كان آخرها الاقتتال المريع بمعسكر الثورة بعمران بين اللواء الأول من الفرقة الأولى مدرع واللواء الثالث مدرع في معركة استمرت قرابة عشرين ساعة اسفرت عن عشرات الضحايا والخسائر المادية.(1/23)
ويوم الاربعاء23 ذي القعدة سنة1414هـ الموافق4مايو سنة1994م، وبين الثامنة والتاسعة مساء اندلعت المعركة في ذمار، وأظلمت العاصمة صنعاء بعد تدمير المحطة التحويلية للطاقة الكهربائية بذمار وأعلنت الحرب الشاملة يومها وليلتها، أذكر ذلك الشعور المريع، والهواجس السوداء، والظلام المخيم الرهيب، والإحساس بالخطر الداهم، والخوف من الغد المجهول في هذا الوطن، يومها بل ليلتها وفي الظلام الحالك وأطفالي يحدقون بي في رعب وتساؤل!! وصوت الراديو يهدر معلنا بداية الحرب الشاملة ، أحسست بأن الموت أصبح قاب قوسين منا وأني وأمثالي عرضة له في أية لحظة، إن لم يكن غيلة واستهدافاً من هذا الفريق أو ذاك، فبقذيفة عشوائية قد تسقط في الدار، أو في الشارع، أو رصاصة طائشة من هنا أو هناك أو!!! أو...(1/24)
شعرت بالخطر ، واقتراب الأجل، وسرحت بعيداً في مراجعة جادة لكل الماضي، وتساؤل وحساب عسير مع النفس؟ ماذا قدمت لذلك اليوم؟ وأين الزاد؟ وما الذي حلمت بتقديمه من خدمة للدين وللفكر والتراث الإسلامي العظيم المهدَّد بالخطر مثلي والمدفون في زوايا الإهمال والنسيان؟ والمحتاج إلى تسجيل ورصد ومتابعة وتعريف؟ ولمعت فكرة هذا الكتاب (الحلم) فأوقدت لي شمعة بددت شيئا من ذلك الظلام!! لماذا لا استغل الوقت والفراغ؟ وأبدأ في تأليف كتاب يجمع تراجم أعلام المؤلفين الزيدية ومؤلفاتهم ، (المخطوطة والمطبوعة والمفقودة) من شتات كبير يمتد من عصر الإمام الأعظم زيد بن علي ـ عليه السلام ـ إلى وقتنا الحاضر؟ و يشمل آثار الزيدية الأول في العراقين والجيل والديلم وطبرستان والجزيرة واليمن وغيرها... سيطرت الفكرة، واستحوذت على العقل والفكر، وقوى العزم على العمل والبدء بالتنفيذ، مستهينا بكل المصاعب والعقبات التي تعترض، من بعد الزمان والمكان، وتشتت المعلومات في بطون المراجع والكتب، وانطماس أغلب آثار المتقدمين بفعل الشتات والهجوم الشرس لحكام الجور والطغيان، وتكالب الفرق والطوائف على رجال وفكر ونتاج هذا المذهب ..الخ. وقد وجدت في الفكرة ما ينسيني بعض آلام الحرب، ومشاعر الاغتراب، وهواجس الخوف والقلق، وما يريحني من عناء السياسة (وساس ويسوس) التي عزمت على طلاقها (ثلاثاً) بعد فشل كل الجهود والنداءات لتحكيم العقل والفكر والحوار، وبعد أن انتصرت لغة الرشاش والمدفع.(1/25)