ولِلْإِمَامِ عَقْدُ الصُّلْحِ لِمَصْلَحَةٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً فَيَفِي بِمَا وُضِعَ وَلَوْ عَلَى رَدِّ مَنْ جَاءَنَا مُسْلِمًا ذَكَرًا تَخْلِيَةً ولَا مُبَاشَرَةً أَوْ بَذْلِ رَهَائِنَ أَوْ مَالٍ مِنَّا أَوْ مِنْهُمْ وَلَا يُرْتَهَنَ مُسْلِمٌ وتُمْلَكَ رَهَائِنُ الْكُفَّارِ بِالنَّكْثِ ويَرُد مَا أَخَذَهُ السَّارِقُ وجَاهِلُ الصُّلْحِ ويَدِيَ مَنْ قُتِلَ فِيهِ وَيُؤْذَنُ مَنْ فِي دَارِنَا أَنَّهُ إنْ تَعَدَّى السَّنَةَ مُنِعَ الْخُرُوجَ وَصَارَ ذِمِّيًّا فَإِنْ تَعَدَّاهَا جَاهِلًا خُيِّرَ الْإِمَامُ.
فَصْلٌ
ويَجُوزُ فَكُّ أَسْرَاهُمْ بِأَسْرَانَا ولَا بِالْمَالِ ورَدُّ الْجَسَدِ مَجَّانًا وَيُكْرَهُ حَمْلُ الرُّءُوسِ وَتَحْرُمُ الْمُثْلَةُ قِيلَ ورَدُّ الْأَسِيرِ حَرْبِيًّا.
فَصْلٌ
ويَصِحُّ تَأْبِيدُ صُلْحِ الْعَجَمِيِّ والْكِتَابِيّ بِالْجِزْيَةِ وَلَا يُرَدُّونَ حَرْبِيِّينَ ويُلْزَمُونَ زِيًّا يَتَمَيَّزُونَ بِهِ فِيهِ صَغَارٌ مِنْ زُنَّارٍ ولُبْسَ غِيَارٍ وجَزَّ وَسَطِ النَّاصِيَةِ ولَا يَرْكَبُونَ عَلَى الْأَكُفِّ إلَّا عَرْضًا ولَا يُظْهِرُونَ شِعَارَهُمْ إلَّا فِي الْكَنَائِسِ والْأَمْرُ لَا يُحْدِثُونَ بِيعَةً ولَهُمْ فِي تَجْدِيدِ مَا خَرِبَ ولَا يَسْكُنُونَ فِي غَيْرِ خِطَطِهِمْ إلَّا بِإِذْنِ الْمُسْلِمِينَ لِمَصْلَحَةٍ ولَا يُظْهِرُونَ الصُّلْبَانَ فِي أَعْيَادِهِمْ إلَّا فِي الْبِيَعِ ولَا يَرْكَبُونَ الْخَيْلَ ولَا يَرْفَعُونَ دُورَهُمْ عْلَى دُورِ الْمُسْلِمِينَ وَيَبِيعُونَ رِقًّامُسْلِمًا شَرَوْهُ ويُعْتَقُ بِإِدْخَالِهِمْ إيَّاهُ دَارَ الْحَرْبِ قَهْرًا.
فَصْلٌ(1/216)
ويُنْقَضُ عَهْدُهُمْ بِالنَّكْثِ مِنْ جَمِيعِهِمْ أَوْ بَعْضِهِمْ إنْ لَمْ يُبَايِنْهُمْ الْبَاقُونَ قَوْلًا وَفِعْلًا وعَهْدُ مَنْ امْتَنَعَ مِنْ الْجِزْيَةِ إنْ تَعَذَّرَ إكْرَاهُهُ قِيلَ أَوْ نَكَحَ مُسْلِمَةً أَوْ زَنَى بِهَا أَوْ قَتَلَ مُسْلِمًا أَوْ فَتَنَهُ أَوْ دَلَّ عَلَى عَوْرَتِهِ أَوْ قَطَعَ طَرِيقًا.
فَصْلٌ
ودَارَ الْإِسْلَامِ مَا ظَهَرَ فِيهَا الشَّهَادَتَانِ وَالصَّلَاةُ وَلَمْ تَظْهَرْ فِيهَا خَصْلَةٌ كُفْرِيَّةٌ وَلَوْ تَأْوِيلًا إلَّا بِجِوَارٍ وَإِلَّا فَدَارُ كُفْرٍ وَإِنْ ظَهَرَتَا فِيهَا خِلَافَ الْمُؤَيَّدِ بِاَللَّهِ وَتَجِبُ الْهِجْرَةُ عَنْهَا وعَنْ دَارِ الْفِسْقِ إلَى خَلَى عَمَّا هَاجَرَ لِأَجْلِهِ أَوْ مَا فِيهِ دُونَهُ بِنَفْسِهِ وَأَهْلِهِ إلَّا لِمَصْلَحَةٍ أَوْ عُذْرٍ وَيَتَضَيَّقُ بِأَمْرِ الْإِمَامِ.
فَصْلٌ(1/217)
والرِّدَّةِ بِاعْتِقَادٍ أَوْ فِعْلٍ أَوْ زِيٍّ أَوْ لَفْظٍ كُفْرِيٍّ وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدْ مَعْنَاهُ إلَّا حَاكِيًا أَوْ مُكْرَهًا وَمِنْهَا السُّجُودِ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَبِهَا تَبِينُ الزَّوْجَةُ وَإِنْ تَابَ لَكِنَّ تَرِثُهُ إنْ مَاتَ أَوْ لَحِقَ فِي الْعِدَّةِ وَبِاللُّحُوقِ تُعْتَقُ أُمُّ وَلَدِهِ ومِنْ الثُّلُثِ مُدَبَّرُهُ وَيَرِثُهُ وَرَثَتُهُ الْمُسْلِمُونَ فَإِنْ عَادَ رُدَّ لَهُ مَالَمْ يُسْتَهْلَكْ حِسًّا أَوْ حُكْمًا و حُكْمِهِمْ أَنْ يُقْتَلَ مُكَلَّفُهُمْ إنْ لَمْ يُسْلِمْ ولَا تُغْنَمَ أَمْوَالُهُمْ ولَا يَمْلِكُونَ عَلَيْنَا إلَّا ذَوِي شَوْكَةٍ وعُقُودَهُمْ وقَبْلَ اللُّحُوقِ لَغْوٌ فِي الْقُرَبِ وصَحِيحَةٌ فِي غَيْرِهَا مَوْقُوفَةٌ وَتَلْغُو بَعْدَهُ إلَّا الِاسْتِيلَاءَ ولَا تَسْقُطُ بِهَا الْحُقُوقُ ويُحْكَمُ لِمَنْ حُمِلَ بِهِ فِي الْإِسْلَامِ بِهِ وفِي الْكُفْرِ بِهِ ويُسْتَرَقُّ وَلَدُ الْوَلَدِ وَفِي الْوَلَد تَرَدُّدٌ والصَّبِيَّ مُسْلِمٌ بِإِسْلَامِ أَحَدِ أَبَوَيْهِ وبِكَوْنِهِ فِي دَارِنَا دُونَهُمَا بِالدَّارِ والْمُتَأَوِّلُ كَالْمُرْتَدِّ وَقِيلَ كَالذِّمِّيِّ وَقِيلَ كَالْمُسْلِمِ.
فَصْلٌ
وعَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ مُسْلِمٍ الْأَمْرُ بِمَا عَلِمَهُ مَعْرُوفًا والنَّهْيُ عَمَّا عَلِمَهُ مُنْكَرًا وَلَوْ بِالْقَتْل إنْ ظَنَّ التَّأْثِيرَ والتَّضَيُّقَ ولَمْ مِثْلِه أَوْ أَنْكَرَ أَوْ تَلَفِهِ أَوْ عُضْوٍ مِنْهُ أَوْ مَالٍ مُجْحَفٍ فَيَقْبَحُ غَالِبًا ولَا يَخْشُنَ إنْ كَفَى اللِّينُ وَلَا فِي مُخْتَلَفٍ فِيهِ عَلَى مَنْ هُوَ مَذْهَبُهُ وَلَا غَيْرُ وَلِيٍّ عَلَى صَغِيرٍ بِالْإِضْرَارِ بِهِ إلَّا عَنْ إضْرَارٍ.
فَصْلٌ(1/218)
ويَدْخُلَ الْغَصْبَ لِلْإِنْكَارِ ويَهْجُمَ مَنْ غَلَبَ فِي ظَنِّهِ الْمُنْكَرِ ويُرِيقَ عَصِيرًا ظَنَّهُ خَمْرًا وَيَضْمَنُ إنْ أَخْطَأَ وخَمْرًا رَآهَا لَهُ أَوْ لِمُسْلِمٍ وَلَوْ بِنِيَّةِ الْخَلِّ وخَلًّا عُولِجَ مِنْ خَمْرٍ ويُزَالَ لَحْنٌ غَيَّرَ الْمَعْنَى فِي كُتُبِ الْهِدَايَةِ وتُحْرَقَ دَفَاتِرُ الْكُفْرِ إنْ تَعَذَّرَ تَسْوِيدُهَا وَرَدُّهَا وتُضْمَنُ وتُمَزَّقَ وَتُكَسَّرَ آلَاتُ الْمَلَاهِي الَّتِي لَا تُوضَعُ فِي الْعَادَةِ إلَّا لَهَا وَإِنْ نَفَعَتْ فِي مُبَاحٍ ويَرُدَّ مِنْ الْكُسُورِ مَا لَهُ قِيمَةٌ إلَّا عُقُوبَةً وأَنْ يُغَيِّرَ تِمْثَالَ حَيَوَانٍ كَامِلٍ مُسْتَقِلٍّ مُطْلَقًا أَوْ مَنْسُوجٌ أَوْ مُلْحَمٌ إلَّا مُمَوَّهَةً فِرَاشًا أَوْ غَيْرَ مُسْتَعْمَلٍ لَا الْمَطْبُوعُ مُطْلَقًا ويُنْكِرَ غِيبَةَ مَنْ ظَاهِرُهُ السِّتْرُ وهِيَ أَنْ تَذْكُرَ الْغَائِبَ بِمَا فِيهِ لِنَقْصِهِ بِمَا لَا يُنْقِصُ دِينَهُ قِيلَ أَوْ يُنْقِصُهُ إلَّا إشَارَةً أَوْ جَرْحًا أَوْ شِكَاءً ويَعْتَذِرَ الْمُغْتَابُ إلَيْهِ إنْ عَلِمَ ويُؤْذِنَ مَنْ وعِلْمُهَا بِالتَّوْبَةِ كَكُلِّ مَعْصِيَةٍ.
فَصْلٌ(1/219)
ويَجِبُ إعَانَةُ الظَّالِمِ عَلَى إقَامَةِ مَعْرُوفٍ أَوْ إزَالَةَ مُنْكَرٍ والْأَقَلِّ ظُلْمًا عَلَى إزَالَةِ الْأَكْثَرِ مَهْمَا وَقَفَ عَلَى الرَّأْيِ وَلَمْ يُؤَدِّ إلَى قُوَّةِ ظُلْمِهِ وَيَجُوزُ إطْعَامُ الْفَاسِقِ وأَكْلُ طَعَامِهِ والنُّزُولُ عَلَيْهِ وَإِنْزَالُهُ وإعَانَتُهُ وَإِينَاسُه ومَحَبَّتُهُ لِخِصَالِ خَيْرٍ فِيهِ أَوْ لِرَحِمِهِ ولَا لِمَا هُوَ عَلَيْهِ وتَعْظِيمُهُ والسُّرُورِ بِمَسَرَّتِهِ والْعَكْسُ فِي حَالٍ لِمَصْلَحَةٍ دِينِيَّةٍ وَتَحْرُمُ الْمُوَالَاةُ وهِيَ أَنْ تُحِبَّ لَهُ كَلمَا تُحِبُّ وَتَكْرَهُ لَهُ كُلَّمَا تَكْرَهُ فَتَكُونُ كُفْرًا أَوْ فِسْقًا بِحَسَبِ الْحَالِ الْمَنْصُورُ أَوْ يُحَالِفَهُ و يُنَاصِرُهُ.(1/220)