الكتاب : متن الأزهار في فقه الإئمة الأطهار
المؤلف : الإمام أحمد بن يحيى المرتضى(عليه السلام)

بسم الله الرحمن الرحيم
مُقَدِّمَةٌ لَا يَسَعُ الْمُقَلِّدَ جَهْلُهَا.
فَصْلٌ :
التَّقْلِيدُ فِي الْمَسَائِلِ الْفَرْعِيَّةِ الْعَمَلِيَّةِ الظَّنِّيَّةِ وَالْقَطْعِيَّةِ جَائِزٌ لِغَيْرِ الْمُجْتَهِدِ لَا لَهُ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى نَصٍّ أَعْلَمَ مِنْهُ وَلَا فِي عَمَلِيٍّ يَتَرَتَّبُ عَلَى عِلْمِيٍّ كَالْمُوَالَاةِ وَالْمُعَادَاةُ.
فَصْلٌ
وَإِنَّمَا يُقَلَّدُ مُجْتَهِدٌ عَدْلٌ تَصْرِيحًا وَتَأْوِيلًا وَيَكْفِي الْمُغْرِبَ انْتِصَابُهُ لِلْفُتْيَا فِي بَلَدٍ شَوْكَتُهُ لِإِمَامِ حَقٍّ لَا يَرَى جَوَازَ تَقْلِيدِ فَاسِقِ التَّأْوِيلِ.
فَصْلٌ
وَكُلُّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ فِي الْأَصَحِّ وَالْحَيُّ أَوْلَى مِنْ الْمَيِّتِ وَالْأَعْلَمُ مِنْ الْأَوْرَعِ وَالْأَئِمَّةُ الْمَشْهُورُونَ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ عليهم السلام أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِمْ لتواتر صحة اعتقادهم وتنزيههم عما رواه البوطي وغيره عن غيرهم من إيجاب القدرة وتجويز الرؤية وغيرهما، ولخبري السفينة، وإني تارك فيكم.
فَصْلٌ
وَالْتِزَامُ مَذْهَبِ إمَامٍ مُعَيَّنٍ أَوْلَى وَلَا يَجِبُ وَلَا يَجْمَعُ مُسْتَفْتٍ بَيْنَ قَوْلَيْنِ فِي حُكْمٍ وَاحِدٍ عَلَى صُورَةٍ لَا يَقُولُ بِهَا إمَامٌ مُنْفَرِدٌ كَنِكَاحٍ خَلَا عَنْ وَلِيٍّ وشُهُودٍ لِخُرُوجِهِ عَنْ تَقْلِيدِ كُلٍّ مِنْ الْإِمَامَيْنِ.(1/1)


فَصْلٌ :
وَيَصِيرُ مُلْتَزِمًا بِالنِّيَّةِ فِي الْأَصَحِّ وَبَعْدَ الِالْتِزَامِ يَحْرُمُ الِانْتِقَالُ إلَّا إلَى تَرْجِيحِ نَفْسِهِ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ طُرُقِ الْحُكْمِ فَالِاجْتِهَادُ يَتَبَعَّضُ فِي الْأَصَحِّ أَوْ لِانْكِشَافِ نُقْصَانِ الْأَوَّل فَأَمَّا إلَى أَعْلَمَ منه أَوْ أَفْضَلَ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ فَإِنْ فَسَقَ رَفَضَهُ فِيمَا تَعَقِبَ الْفِسْقِ فَقَطْ وَإِنْ رَجَعَ فَلَا حُكْمَ لَهُ فِيمَا قَدْ نَفَذَ وَلَا ثَمَرَةَ لَهُ كَالْحَجِّ. وَأَمَّا مَا لَمْ يَفْعَلْهُ وَوَقْتُهُ بَاقٍ أَوْ فَعَلَ وَلَمَّا يَفْعَلْ الْمَقْصُودَ بِهِ فَبِالثَّانِي فَأَمَّا مَا لَمْ يَفْعَلْهُ وَعَلَيْهِ قَضَاؤُهُ أَوْ فَعَلَهُ وَلَهُ ثَمَرَةٌ مُسْتَدَامَةٌ فَخِلَافٌ.
فَصْلٌ :
وَيَقْبَلُ الرِّوَايَةَ عَنْ الْمَيِّتِ وَالْغَائِبِ إنْ كَمُلَتْ شُرُوطُ صِحَّتِهَا ولَا يَلْزَمُهُ بَعْدَ وُجُودِ النَّصِّ الصَّرِيحِ وَالْعُمُومِ الشَّامِلِ طَلَبُ النَّاسِخِ والْمُخَصِّصِ مِنْ نُصُوصِهِ وَإِنْ لَزِمَ الْمُجْتَهِدَ وَيَعْمَلُ بِآخِرِ الْقَوْلَيْنِ وأَقْوَى الِاحْتِمَالَيْنِ. فَإِنْ الْتَبَسَ فَالْمُخْتَارُ رَفْضُهُمَا وَالرُّجُوعُ إلَى غَيْرِهِ كَمَا لَوْ لَمْ يَجِدْ لَهُ نَصًّا وَلَا احْتِمَالًا ظَاهِرًا.(1/2)


فَصْلٌ:
وَلَا يَقْبَلُ تَخْرِيجًا إلَّا مِنْ عَارِفٍ دَلَالَةَ الْخِطَابِ وَالسَّاقِطُ مِنْهَا وَالْمَأْخُوذُ بِهِ وَلَا قِيَاسًا لِمَسْأَلَةٍ عَلَى أُخْرَى إلَّا عَارِفٍ بِكَيْفِيَّةِ رَدِّ الْفَرْعِ إلَى الْأَصْلِ وطُرُقَ الْعِلَّةِ وكَيْفِيَّةِ الْعَمَلِ عِنْدَ تَعَارُضِهَا وَوُجُوهُ تَرْجِيحِهَا لَا خَوَاصُّهَا وشُرُوطِهَا وَكَوْنِ إمَامِهِ مِمَّنْ يَرَى تَخْصِيصَهَا أَوْ يَمْنَعُهُ وَفِي جَوَازِ تَقْلِيدِ إمَامَيْنِ فَيَصِيرُ حَيْثُ يَخْتَلِفَانِ مُخَيَّرًا بَيْنَ قَوْلَيْهِمَا فَقَطْ خِلَافُ.وَبِتَمَامِ هَذِهِ الْجُمْلَةِ تَمَّتْ الْمُقَدِّمَةُ.
كِتَابُ الطَّهَارَةِ
بَابُ النَّجَاسَاتِ.
هِيَ عَشْرٌ مَا خَرَجَ مِنْ سَبِيلَيْ ذِي دَمٍ لَا يُؤْكَلُ أَوْ جَلَّالٍ قَبْلَ الِاسْتِحَالَةِ والْمُسْكِرُ وَإِنْ طُبِخَ إلَّا الْحَشِيشَةَ وَالْبَنْجَ وَنَحْوَهُمَا والْكَلْبُ و الْخِنْزِيرُ والْكَافِرُ وبَائِنُ حَيٍّ ذِي دَمٍ حَلَّتْهُ حَيَاةٌ غَالِبًا والْمَيْتَةُ إلَّا السَّمَكَ، وَمَا لَا دَمَ لَهُ وَمَا لَا تَحُلُّهُ الْحَيَاةُ مِنْ غَيْرِ نَجِسِ الذَّاتِ وَهَذِهِ مُغَلَّظَةٌ، وَقَيْءٌ مِنْ الْمَعِدَةِ مَلَأَ الْفَمِ دَفْعَةً ولَبَنُ غَيْرِ الْمَأْكُولِ إلَّا مِنْ مُسْلِمَةٍ حَيَّةٍ والدَّمُ وَأَخَوَاهُ إلَّا مِنْ السَّمَكِ وَالْبَقِّ وَالْبِرْغَوثِ وَمَا صُلِبَ عَلَى الْجُرْحِ وَمَا بَقِيَ فِي الْعُرُوقِ بَعْدَ الذَّبْحِ وَهَذِهِ مُخَفَّفَةٌ إلَّا مِنْ نَجِسِ الذَّاتِ وَسَبِيلَيْ مَا لَا يُؤْكَلُ وَفِي مَاءِ الْمَكْوَةِ وَالْجُرْحِ الطَّرِيِّ خِلَافٌ ومَا كُرِهَ أَكْلُهُ كُرِهَ بَوْلُهُ كَالْأَرْنَبِ.(1/3)


فَصْلٌ : وَالْمُتَنَجِّسُ إمَّا مُتَعَذِّرُ الغُسْلِ فَرِجْسٌ وَإِمَّا مُمْكِنُهُ فَتَطْهِيرُ الْخَفِيَّةِ بِالْمَاءِ ثَلَاثًا وَلَوْ صَقِيلًا والْمَرْئِيَّةُ حَتَّى يَزُولَ وَاثْنَتَيْنِ بَعْدَهَ أَوْ بَعْدَ اسْتِعْمَالِ الْحَادِّ الْمُعْتَادِ وَأَمَّا شَاقُّهُ فَالْبَهَائِمُ وَنَحْوُهَا وَالْأَطْفَالُ بِالْجَفَافِ مَا لَمْ تَبْقَ عَيْنٌ وَالْأَفْوَاهُ بِالرِّيقِ لَيْلَةً وَالْأَجْوَافُ بِالِاسْتِحَالَةِ وَالْآبَارُ بِالنُّضُوبِ وبِنَزْحِ الْكَثِير حَتَّى يَزُولَ تَغَيُّرُهُ إنْ كَان وَإلَا فَطَاهِر فِي الْأَصَحِّ وَالْقَلِيلُ إلَى الْقَرَارِ وَالْمُلْتَبِسُ إلَيْهِ أَوْ إلَى أَنْ يَغْلِبَ الْمَاءُ النَّازِحَ مَعَ زَوَالِ التَّغَيُّرِ فِيهِمَا فَتَطْهُرُ الْجَوَانِبُ الدَّاخِلَةُ وَمَا صَاكَّ الْمَاءُ مِنْ الْأَرْشِيَةِ وَالْأَرْضُ الرَّخْوَةُ كَالْبِئْرِ.
فَصْلٌ : وَيَطْهُرُ النَّجِسُ وَالْمُتَنَجِّسُ بِه بِالِاسْتِحَالَةِ إلَى مَا يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهِ كَالْخَمْرِ خَلًّا وَالْمِيَاهُ الْقَلِيلَةُ الْمُتَنَجِّسَةُ بِاجْتِمَاعِهَا حَتَّى كَثُرَتْ وَزَالَ تَغَيُّرُهَا إنْ كَانَ قيل وبالمكاثرة وهي ورود أربعة أضعافها عليها أو ورودها عليها فيصير مجاورا ثالثا إن زال التغير وإلا فأول، وَبِجَرْيِهَا حَالَ الْمُجَاوَرَةِ وَفِي الرَّاكِدِ الْفَائِضِ وَجْهَانِ.
بَابُ الْمِيَاهِ :
فَصْلٌ : إنَّمَا يَنْجُسُ مِنْهَا مُجَاوِرَا النَّجَاسَةِ وَمَا غَيَّرَتْهُ مُطْلَقًا أَوْ وَقَعَتْ فِيهِ قَلِيلًا وهُوَ مَا ظَنَّ اسْتِعْمَالَهَا بِاسْتِعْمَالِهِ أَوْ الْتَبَسَ أَوْ مُتَغَيِّرًا بِطَاهِرٍ وَإِنْ كَثُرَ حَتَّى يَصْلُحَ وَمَا عَدَا هَذِهِ فَطَاهِرٌ.(1/4)


فَصْلٌ : وَإِنَّمَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ مُبَاحٌ طَاهِرٌ لَمْ يُشْبِهْ مُسْتَعْمَلٌ لِقُرْبَةٍ مِثْلُهُ فَإِنْ الْتَبَسَ الْأَغْلَبُ غُلِّبَ الْأَصْلُ ثُمَّ الْحَظْرُ وَمِنْ شُرُوطِ الْمَاءِ وَلَا غَيَّرَ بَعْضَ أَوْصَافِهِ مُمَازِجٌ إلَّا مُطَهِّرٌ أَوْ سَمَكٌ أَوْ مُتَوَالِدٌ فِيهِ لَا دَمَ لَهُ أَوْ أَصْلُهُ أَوْ مَقَرُّهُ أَوْ مَمَرُّهُ وَيَرْفَعُ النَّجِسَ وَلَوْ مَغْصُوبًا وَالْأَصْلُ فِي مَاءٍ الْتَبَسَ مُغَيِّرُهُ الطَّهَارَةُ وَيُتْرَكُ مَا الْتَبَسَ بِغَصْبٍ أَوْ مُتَنَجِّسٍ إلَّا أَنْ تَزِيدَ آنِيَةُ الطَّاهِرِ فَيَتَحَرَّى وَيَعْتَبِرُ الْمُخَالِفُ الِانْتِهَاءَ قِيلَ : وَلَوْ عَامِدًا.
فَصْلٌ : وَإِنَّمَا يَرْتَفِعُ يَقِينُ الطَّهَارَةِ وَالنَّجَاسَةِ بِيَقِينٍ أَوْ خَبَرِ عَدْلٍ قِيلَ وَالْأَحْكَامُ ضُرُوبٌ ضَرْبٌ لَا يُعْمَلُ فِيهِ إلَّا بِالْعِلْمِ و ضَرْبٌ بِهِ أَوْ الْمُقَارِبِ لَهُ وضَرْبٌ بِأَيِّهِمَا أَوْ الْغَالِبِ وضَرْبٌ بِأَيِّهَا أَوْ الْمُطْلَقُ وضَرْبٌ يُسْتَصْحَبُ فِيهِ الْحَالُ وضَرْبٌ عَكْسُهُ وَسَتَأْتِي فِي مَوَاضِعِهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ-تَعَالَى-.(1/5)

1 / 45
ع
En
A+
A-