اللهم اغفر لي الذنوب التي تهتك العصم، واغفر لي الذنوب التي تورث الندم، واغفر لي الذنوب التي تغير النعم، واغفر لي الذنوب التي تحبس القِسم، واغفر لي الذنوب التي تكشف الغطاء، واغفر لي الذنوب التي ترد الدعاء، واغفر لي الذنوب التي تحبس غيث السماء، واغفر لي الذنوب التي تدخل في الهوى. اللهم وفقني لما تحب وترضى، واعصمني من الزلل والخطأ، إنك أنت الواحد العلي الأعلى، وصلى الله على محمد وآله وسلّم، واغفر لي ولوالديّ ومن ولدا، والمؤمنين والمؤمنات إنك على كل شيء قدير.
ثم تأتي جمرة العقبة، وترميها بسبع حصيات، تقول مع كل حصاة: لا إله إلا الله، والله أكبر كبيًرا، والحمد لله كثيًرا، وسبحان الله بكرة وأصيلاً. ثم تنصرف ولا تقف عندها، ويقول في طريقه:
اللهم تولّني فيمن تولّيت، وبارك لي فيما أعطيت، وعافني فيمن عافيت، وقني شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك، تباركت ربنا وتعاليت، لا يذلّ من واليت، ولا يعزّ من عاديت، سبحانك لا إله إلا أنت، عزّ من نصرت، وذلّ من خذلت، وأصاب من وفقت، وحار عن رشده من رفضت، واهتدى من هديت، وسلم من الآفات من صحبت ورعيت، أسألك أن ترعاني وتصحبني في سفري ومقامي، وفي كل أسبابي، يا إله الأولين، ويا إله الآخرين؛ ربنا اغفر لي ولوالديّ وللمؤمنين يوم يقوم الحساب، ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، واغفر لنا إنك على كل شيء قدير.
فائدة: من نسي حصاة والتبس من أي جمرة هي، رمى كل جمرة بحصاة ليتيقن التخلّص، وكذا اثنتين أو ثلاثًا أو أربعًا.
مسألة: وما فات من الرمي في وقت أدائه قضي إلى آخر أيام التشريق، ويلزم دم، ولا بدل له. فإن أخَّر رمي كل يوم عن وقته، أو أكثره، أو أخَّر الرمي جميعه إلى الرابع، لم يلزم إلا دم واحد. وعند الإمام الناصر والشافعي وأبي يوسف ومحمد: لا دم إذ أيام التشريق وقت له، كالظهر في وقت العصر.(1/156)


فرع: ولا يلزم في القضاء أن يكون بعد الزوال، ولا يجب الترتيب فيه. فأما بعد أيام التشريق فلا قضاء، لكن يجبر بدم واحد إلا أن يتخلل تكفير التأخير.(1/157)


فصل في الاستنابة
وتصح الاستنابة للعذر، ولو مرجو الزوال في الرمي، وليلة مزدلفة، وليالي مِنى لأنها مؤقتة، لا في سائر المناسك لأنه لا وقت لها فيخشى فواتها. ويستثنى من ذلك الوقوف، لقوله صلى الله عليه وآله وسلّم: (( الحج عرفة ))، فلا يستناب فيه إلا لعذر مأيوس، هذا فيمن أحرم لنفسه. أما الأجير فله الاستنابة للعذر من غير فرق بين المؤقت وغيره. في الجامع الكافي عن محمد: (( ولا كفّارة عليه عندنا لأن الحديث جاء: (( يرمي عن المريض ))، ولم يذكر فيه كفارة.))، انتهى.
فرع: ويشترط أن يكون النائب عدلاً، وسواء كان حلالاً أم محرمًا، ذكرًا أم أنثى. فلو زال عذره والوقت باقٍ بنى على ما فعله النائب. ومن الأعذار: خشية فوات الرفقة، حيث يخشى ضررًا في نفسه أو ماله، ولا يعتبر الإجحاف. فإن رمى النائب عن المستنيب، وترك الرمي عن نفسه حتى خرجت أيام التشريق، صح الرمي عنه، لا عن المستنيب على المذهب.(1/158)


فصل في النقص في الرمي
وحكم الرمي حكم طواف القدوم في النقص، فيلزم دم بنقص أربع حصيات فصاعدًا، قالوا: إذ الأكثر كالكل. ويشترط أن تكون من جمرة واحدة، في يوم واحد، وفيما دون ذلك عن كل حصاة صدقة نصف صاع. وعن مالك: عن كل حصاة دم، وأجاب عليه في البحر: بأنه إذا وجب في كله دم، وجب في الأقل صدقات. وثمة خلافات في مثل هذا، قد أترك التعرض لها لقلة جدواها وللاختصار.
فرع: ومن ترك حصيات والتبس عليه كونها من جمرة أم من جمرات، ومن يوم أم من أيام، لزمه عن كل حصاة نصف صاع إلى أن تبلغ ثلاثين، لجواز أنه ترك من كل جمرة ثلاث حصيات، فإن زادت واحدة لزم دم لأن فيها أربعًا من جمرة واحدة وفي يوم واحد، فيجزي الدم عن الجميع. وإن نفر في النفر الأول لزم الدم باثنتين وعشرين، ولا يصير مفرقًا بين ترك جمرتين برمي جمرة بينهما بثلاث حصيات أو دونها، بل بأربع فما فوقها، ويجزي الدم عن الطعام. وحكم تفريق الجمار الثلاث حكم تفريق الطواف.
وأما التفريق بين الحصى فلا يوجب دمًا، ولا تجب الموالاة بينهما. وللتفريق صور منها: أن يترك رمي الجمرة الأولى في ثاني النحر أو أربعًا من حصياتها، ويترك في اليوم الثالث رمي الثالثة أو أربعًا من حصياتها. ومنها أن يترك رمي اليوم الأول والثالث ويرمي في اليوم الثاني، فيلزم في كل واحدة من هاتين الصورتين دمان، للترك والتفريق. والمراد في تفريق الترك لا تفريق الفعل فلا يلزم إلا دم واحد. وضابطه أن كل فعل بين تركين أوجب دمين، وكل ترك بين فعلين أوجب دمًا واحدًا، وكذا في المبيت بمنى.(1/159)


وفي حاشية: والمختار أنه يعتبر في التفريق بالترك، هل متوالٍ أو متفرق؟ لا بالجمار نفسها، نحو أن يترك الأولى في الثاني، والثانية في الثالث، فهذا ترك متفرق يجب فيه دمان وإن كانت الجمرتان متواليتين، ولو كانت في يومين وجب دم واحد لأن الترك متصل، كأن يترك الثلاث في اليوم الثاني، والأولى في الثالث، ولا شيء لترك الترتيب، ولا يجب للفعل بين تركين دمان إن قضى المتروك، بل يلزم دم التأخير على المذهب.
فائدة: يشترط في لزوم الدم للتفريق أن يكون عالمًا غير معذور وألا يستأنف.
مسألة: ولا يجزي الدم للنقص والتفريق وصدقاته إلا بعد خروج وقته أداء وقضاء.(1/160)

32 / 57
ع
En
A+
A-