وتودّع أهلك وجيرانك وإخوانك، فيقول المودِّع: ((أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك.))؛ وهذا مرويّ عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم. وروي أيضًا قوله صلى الله عليه وآله وسلم في الوداع: ((زوّدك الله التقوى، وغفر ذنبك، ويسّر لك الخير حيثما كنت.)). ويقول المسافر: ((أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه.))؛ وهذا مأثور. وتقول إذا مشيت: ((اللهم بك انتشرت، وعليك توكلت، وبك اعتصمت، وإليكتوجهت. اللهم أنت ثقتي، وأنت رجائي، فاكفني ما أهمني وما لم أهتم به وما أنت أعلم به مني، عزّ جارك وجلّ ثناؤك ولا إله غيرك. اللهم زودني التقوى واغفر لي ذنبي ووجهني للخير أينما توجهت.)). وإذا أشرفت على قرية فقل ما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام: ((اللهم ربَّ السموات وما أظلّت ورب الأرضين وما أقلَّت، ورب العرش العظيم. هذه كذا (اسم القرية) أسألك من خيرها وخير ما فيها، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها. اللهم أنزلنا فيها خير منزل وأنت خير المنزلين.)). وتقول في المساء والصباح وإذا نزلت منزلاً: ((أعوذ بكلمات الله التامات كلها من شر ما خلق.)) ثلاثًا؛ وتقول: ((اللهم إني أصبحت في ذمة منك وجوار، وأعوذ بك من شر خلقك يا عظيم.))، وتقول: ((أصبحت وأصبح الملك لله، وأعوذ بالذي يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه من شر ما خلق وذرأ وبرأ، ومن شر الشيطان وشركه.))، وفي المساء تقول: أمسيت.
وباب الأذكار والأوراد متسع المجال، ومن استكثر استكثر من خير، وفيها مؤلفات على الاستقلال.(1/11)


كتاب الحج
وجوبه معلوم من الدين ضرورة، بل هو من الأركان الخمسة، وهو من الواجبات المقيدة بالاستطاعة. قال الإمام الأعظم زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي عليهم السلام في قول الله عزَّ وجلَّ ? ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ً?. قال عليه السلام: (( السبيل: الزاد والراحلة.)). والمراد بالزاد: ما يكفيه وعوله ذهابًأ وإيابًا، وأمن وصحة يستمسك معها قاعدًا على تفصيلٍ في ذلك. فعن الإمام القاسم والناصر والمرتضى ومالك: من قدر على المشي لزمه، لقوله تعالى ? يأتوك رجالاً ?.
والأمن على النفس والمال والبضع شرط إجماعًا؛ والمذهب، وهو قول القاسم والهادي والحنفية والشافعية، أنه شرط في الوجوب، كالزاد؛ وعند المؤيد بالله: لا، إذ فسّر صلى الله عليه وآله وسلم الاستطاعة بالزاد والراحلة فقط. قلنا: والأمن مقيس عليهما. قلت: وهو من قياس الأَولى.
والراحلة لمن كان على مسافة قصر، والزاد وكفايته وعوله حتى يرجع. أبو طالب: يكفي التكسب في الأوب، لا في الذهاب خشية الانقطاع، ولا ذا العول في ذلك. وهذا هو المراد بالقول: تحصيل شرط الواجب ليجب لا يجب، فأما الواجبات المطلقة فيجب تحصيل شروطها كالصلاة، وهذا هو المراد بالقول: ما لا يتم الواجب إلا به يجب كوجوبه، وقد مثِّل لذلك بقوله: اصعد السطح إن كان السلم منصوبًا فهذا في المقيد، وقوله: اصعد السطح فإنه يجب عليه تحصيل ما لا يتم الصعود إلا به.
وهو من فروض الأعيان المعينة لا الكفاية كصلاة الجنازة، ولا المخيرة مثل خصال الكفارة.
وهو من المؤقتة الفورية لا المطلقة ولا الموسعة على خلاف في ذلك.(1/12)


باب في أركان الحج ومناسكه
أركانه ثلاثة:
الإحرام.
والوقوف.
وطواف الزيارة.
هذه الثلاثة لا يجبرها شيء، ويفوت الحج بفوات أحد الأولين.(1/13)


فصل في مناسك الحج
ومناسكه اثنا عشر :
الثلاثة الأركان
الإحرام.
والوقوف.
وطواف الزيارة.
و
وطواف القدوم
والسعي
والمبيت بمزدلفة
وجمع العشائين فيها
والدفع منها قبل الشروق
والمرور بالمشعر
والرمي
والمبيت بمنى
وطواف الوداع(1/14)


فصل في النسك الأول: الإحرام
أول مناسك الحج الإحرام، وله في الشرع معنيان :
أحدهما الدخول في حرمة أمور بنية الحج أو العمرة، وهذا هو المراد بقولهم: لا ينعقد الإحرام إلا بنية. وحقيقته: الدخول في أحد النسكين أو كليهما أو ما يصلح لأحدهما. قوله: أحد النسكين، يدخل الإفراد والتمتع والعمرة المفردة. وقوله: أو كليهما، يدخل القِران. وقوله: أو ما يصلح لأحدهما، المطلق. وهذا أوضح الحدود للإحرام وفي الفتح الذي يظهر أنه الصفة الحاصلة من تجرد وتلبية.
والثاني: النية المذكورة نفسها، وهو المراد بقولهم الإحرام أحد أركان الحج والعمرة.(1/15)

3 / 57
ع
En
A+
A-