الحمد لله الذي خلقني ولم أكُ شيئًا مذكورًا، وفضّلني على كثير ممن خلق تفضيلا، وملكني ولم أكن أملك قليلاً ولا كثيرًا. والحمد لله على حلمه بعد علمه، والحمد لله على عفوه بعد قدرته، والحمد لله على رحمته التي سبقت غضبه. اللهم صل على محمد عبدك ورسولك وخيرتك من خلقك الذي اصطفيته برسالتك وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل ابراهيم إنك حميد مجيد؛ وبارك وترحم وتحنن وسلم. اللهم إنك تجيب المضطر إذا دعاك وتكشف السوء وتغيث المكروب. اللهم إنك أقرب من دُعِي، وأسرع من أجاب، وأكرم من عفا، وخير من أعطى، يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما، دعوتك فأجبني، وسألتك فأعطني، وفزعت إليك فارحمني، وأسلمت إليك نفسي فاغفر لي ولوالدي وأولادي وأهلي وإخواني، ولكل نسب وسبب لي، ولجميع المؤمنين والمؤمنات. اللهم إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله، ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله، ما علمت منه وما لم أعلم. اللهم إني أسألك من خير ما سألك منه عبدك ورسولك محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وأعوذ بك من شر ما استعاذ منه عبدك ورسولك محمد صلى الله عليه وآله وسلم. اللهم إني أسألك بعظيم ما سألك به أحد من خلقك من كريم أسمائك وجميل ثنائك، أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تجعل عشيتي هذه أعظم عشية مرت علي منذ أنزلتني إلى الدنيا بركة في عصمة من ديني، وخاصة نفسي، وقضاء حاجتي، وإتمام النعمة علي، وأن تجعلني ممن نظرت إليه في هذه العشية برحمتك إنك جواد كريم. اللهم صل على محمد وآله وسلم، ولا تجعل هذه العشية آخر العهد مني. اللهم إني أسألك الجنة وما قرّب إليها من قول وعمل واعتقاد ونية، وأعوذ بك من النار وما قرّب إليها من قول وعمل. اللهم وما قضيت لي من أمر فاجعل عاقبته رشدًا، واجعل كل قضاء لي خيرًا، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله في الدنيا والآخرة. اللهم إني أسألك إخبات المخبتين، وإخلاص الموقنين،(1/126)


ومرافقة الأبرار، واستحقاق حقائق الإيمان. اللهم إني أسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كل برّ، والسلامة من كل إثم، والفوز بالجنة، والنجاة من النار. اللهم لا تدع لي ذنبًا إلا غفرته، ولا همًا إلا فرّجته، ولا دينًا إلا قضيته، ولا داء إلا شفيته، ولا عدوًا إلا كفيته، ولا طفلاً إلا ربيته، ولا شابًا إلا هديته، ولا كبيرًا إلا رحمته، ولا حاجة من حوايج الدنيا والآخرة لك فيها رضا إلا قضيتها يا أرحم الراحمين. اللهم أجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، ومن الفقر والدَّين. اللهم أعنّي على أداء شكرك وذكرك وحسن عبادتك. اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة. اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، والموت راحة لي من كل شر. ربّ اشرح لي صدري، ويسّر لي أمري. ربّ هب لي حكمًا وألحقني بالصالحين، واجعل لي لسان صدق في الآخرين، واجعلني من ورثة جنة النعيم. اللهم أغنني بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، ونوّر قلبي وقبري، وأعذني من الشر كله، واجمع لي الخير كله، واملأ قلبي علمًا وخوفًا من سطوتك، وامدد في طاعتك عمري، وأذقني عافيتك إلى منتهى أجلي. اللهم ارزقني الحب فيك، والبغض فيك. اللهم أرني الحق حقًا وارزقني اتبّاعه، وأرني الباطل باطلاً وارزقني اجتنابه. اللهم صل على محمد وآل محمد، واسمع دعائي، وارحم تضرّعي وتذللي واستكانتي بين يديك وتسليمي لأمرك، لا أرجو نجاحًا ولا معافاة ولا تشريفًا إلا بك ومنك، فأعنيّ على طاعتك وطاعة من أوجبت طاعته. اللهم صل على محمد وآل محمد، ولا تحرمني رحمتك، ولا تكلني إلى غيرك، فإني بحبلك اعتصمت وعليك توكلت. اللهم يا رفيع الدرجات، ومنزل البركات، ويا فاطر الأرضين والسموات، يا من ضجّت إليه الأصوات بمختلف اللغات تسأله الحاجات، حاجتي أن تغفر لي ولوالديّ،(1/127)


وأن تؤنسني في دار البلى إذا نسيني أهل الدنيا، لبّيك وسعديك والخير كله بيديك، والشر ليس إليك، تباركت ربنا وتعاليت، أستغفرك وأتوب إليك. اللهم صل على محمد وآل محمد. اللهم إني أسألك خشيتك في الغيب والشهادة، وأسألك كلمة الحق في الرضا والغضب، وأسألك القصد في الفقر والغنى، وأسألك نعيمًا لا ينفد، وقرة عين لا تنقطع، وأسألك الرضا بعد القضاء، وبرد العيش بعد الموت، والشوق إلى لقائك عن غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة. اللهم زيّنا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهتدين، غير ضالّين ولا مضلّين، سلماً لأوليائك، حربًا لأعدائك. اللهم أعطِ نفسي تقواها، وزكّها أنت خير من زكّاها، أنت ولّيها ومولاها. اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى. اللهم إني في يوم حرام، في بلد حرام، في شهر حرام، أسألك أن لا تجعلني أشقى خلقك المذنبين عندك، ولا أخيب الراجين لما لديك، ولا أحرم الآملين لرحمتك، الزائرين لبيتك، ولا أخسر المنقلبين من بلادك. اللهم استجب لي جميع دعائي، وأشركني في دعاء عبادك الصالحين. اللهم إني قد دعوتك بالدعاء الذي علمتنيه، فلا تحرمني الرجاء الذي عرّفتنيه. اللهم هذا الدعاء ومنك الإجابة، وهذا الجهد وعليك اتّكالنا، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير. سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم إنك حميد مجيد. ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.)).
وتكثر من التلبية وذكر الله سبحانه والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والدعاء والتلاوة ، فهذا يوم عظيم، ومجمع جليل، تسكب فيه العبرات، وتستقال فيه العثرات، وتعتق فيه الرقاب، ويتفضل على عباده رب الأرباب.(1/128)


فصل في الإفاضة
فإذا غربت الشمس ودخل جزء من الليل أفضت، ويستحب أن تمر من بين العلمين إن أمكن بلا مشقة، وقل: (( اللهم صلّ وسلم على محمد وعلى آل محمد، ولا تجعله آخر العهد من هذا الموقف، واقلبني مفلحًا منجحًا مستجابًا لي، مرحومًا مغفورًا لي بأفضل ما ينقلب به أحد من وفدك عليك، وأعطني أفضل ما أعطيت أحدًا منهم من الخير والبركة والرحمة والرضوان والمغفرة، وبارك لي فيما أرجع إليه من ولد وأهل ومال، وبارك لهم فيّ يا كريم، إليك اللهم أرغب، وإياك أرجو، فتقبّل نسُكي، ولا تخيّبني.)). وتلازم التلبية وقراءة القرآن والدعاء، ولا تترك الاستغفار لقوله عزَّ وجل: ? ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم ?، وتقصد في سيرك بسكينة ووقار وتقول: (( اللهم ارحم موقفي، وزكّ عملي، وسلّم لي ديني، وتقبّل مناسكي.)). فإذا وصلت المأزمين قلت: (( الله أكبر الله أكبر، سبع مرات. اللهم صلّ على خيرتك من خلقك محمد الأمين، وعلى آل محمد الطيبين الطاهرين. إلهي إلى ما ها هنا دعوتني، وبما عندك وعدتني، وقد جئتك بتوفيقك وفضلك، فارحمني وتجاوز عني، وامنحني توفيق المتقين، وإخلاص العارفين، وهداية الموقنين، واستغفار الوجلين، واعمر قلبي بذكرك، ولساني بشكرك، واستعمل جوارحي في رضاك، وأغنني عن مدّ يدي إلى سواك، بفضلك وكرمك. وفي خبر جابر: ودفع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقد شنق بالقصوى الزمام حتى أن رأسها ليصيب مورك رحله، ويقول بيده اليمنى: أيها الناس السكينة السكينة، كلما أتى جبلاً من الجبال أرخى لها قليلاً حتى تصعد، حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين، ولم يسبّح بينهما شيئًا...))، إلى آخره.(1/129)


ولم يصم الرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم عرفة، فإنهم لما اختلفوا في ذلك أرسلت أم الفضل زوج العباس رضي الله عنهم بلبن، فشربه صلى الله عليه وآله وسلم على الناقة ليبين لهم، ولعله تركه مع ما قاله فيه صلى الله عليه وآله وسلم من الترغيب لئلا يشق على أمته، كما ترك إحياء ليلة مزدلفة مع تهجده صلى الله عليه وآله وسلم دائمًا، والله أعلم.(1/130)

26 / 57
ع
En
A+
A-