ويجوز السلم إلى يوم الفطر، ويوم الأضحى، ويوم التروية، وما أشبه ذلك من الأيام المشهورة، ولا يجوز السلم إلى قدوم غائب أو خروج حاضر، أوبرؤ مريض، أو مشي صغير وما أشبه ذلك، ولا إلى وقت الحصاد أو الجذاذ، ولا إلى مجاز الحاج أو رجوعهم أو إلى وقت من الأوقات التي تتقدم أو تتأخر.
وقال في (المنتخب) : ولا يجوز السلم إلى النيروز، وصوم النصارى، والشَّعَانِين. وما ذكره في النيروز محمول على أنه لم يكن معلوماً عندهم على التحقيق.
وإذا أسلم الرجل إلى يوم بعينه كان اليوم كله وقتاً لإيفاء السلم، وللمسلم إليه أن يوفيه حقه في أول ذلك اليوم أو وسطه أو آخره، إلا أن يكون قد عين وقتاً منه، فيجب إيفاؤه في ذلك الوقت من اليوم. وإذا أسلم إلى رأس الشهر كان محله لليلة الأولى التي يُرى فيها هلال الشهر الثاني إلى طلوع الشمس في أول يوم منه. وإذا أسلم إلى رأس السنة، كان محله الليلة التي يرى فيها هلال أول شهر من السنة، وهو هلال المحرم.
ويجوز للمسلم إليه أن يُعَجِّل السلم قبل محله على أن ينقصه صاحب السلم شيئاً، ولا يجوز أن يزيده على التأخير والزيادة في الأجل. ويجوز لكل واحد من المسلم والمسلم إليه أن يطرح عن صاحبه بعض حقه الذي وجب له عليه ويتركه له قبل القبض وبعده.
وإذا عجز المسلم إليه عن إيفاء السلم، كان لصاحب السلم أن يسترجع رأس المال إن كان ما دفعه إليه باقياً بعينه أو مثله، إن كان من ذوات الأمثال أو قيمته، وإن شاء أنظره إلى وقت إمكانه، ولا يجوز أن يأخذ قيمة ما أسلم فيه.(1/442)


فإن قدر المسلم إليه على إيفاء بعض المسلم فيه دون بعض أخذ منه ما قدر عليه، وكان الحكم في المعجوز عنه ما بيناه. وكذلك إن شاء/238/ المسلم أن يقتصر على أخذ بعض حقه وإرتجاع رأس المال جاز ذلك.
والإقالة في السلم جائزة، وكذلك في بعضه، ومن أسلم في شيء فأعطي دونه، لم يلزمه أن يأخذ إلا ما أسلم فيه.
ولا يجوز أن يكون رأس مال السلم ما لا يجوز أن يكون ثمناً له في الأوقات كلها، على أصل يحيى عليه السلام.
ولو أن رجلاً أسلم إلى رجل دراهم في شيء موصوف، ثم اشرك غيره في سلمه وأخذ منه حِصَّته من رأس المال، كان ذلك فاسداً سواء أشركه فيه قبل أن ينقد للمسلم إليه رأس المال أو بعده.
ولو أن المسلم إليه أشرك رجلاً فيما يكون عليه من السلم، على أن يأخذ منه نصف السلم، أو يرده على المسلم حتى يكون الذي يلزمه من السلم للمسلم نصفه، كان ذلك باطلاً.
ولو أن المسلم استوفى حقه من المسلم إليه، ثم أشرك غيره فيه جاز ذلك، ويكون بيعاً جديداً.(1/443)


ولو أن المسلم إليه أسلم نصف ما أخذه من المسلم إلى رجل ليأخذ منه نصف ما يجب عليه للمسلم كان ذلك جائزاً، وإذا اختلف المسلم والمسلم إليه في جنس ما أسلم فيه، أو مقداره، أو مكانه، وادعى المسلم أنه أسلم في بر، وادعى المسلم إليه أنه أسلم في تمر أو شعير، أو ادعى المسلم أنه أسلم في عشرة أقفزة، وادعى المسلم إليه أنه أسلم في خمسة أقفزة، أو ادعى المسلم أنه يجب عليه إيفاء حقه في البلد، وادعى المسلم إليه أنه يلزمه إيفاؤه في السواد، ولم يكن لواحد منهما بَيِّنةٌ حلف كل واحد منهما على دعوى صاحبه، وبطل السلم بينهما، وإن أتيا جميعاً بالبينة كانت البينة بينة المسلم.
فإن قال: أسلمت إليك سلماً فاسداً. وقال المسلم إليه: أسلمتَ إلي سلماً صحيحاً. فأيهما أقام البينة قُبِلَت، فإن أقاما جميعا البينة كانت البينة بينة المسلم إليه المدعي لصحة السلم. فإن كان المدعي لصحة السلم المسلم كانت البينة بينته، فإن لم يكن لهما بينة، فالقول قول من حلف منهما، فإن حلفا جميعاً كان القول فيه قول المثبت للسلم، وإن حلف أحدهما ونكلالآخر فالقول قوله وحكم له على الناكل، فإن نكلا جميعا بطل السلم. ويجوز للمسلم أن يأخذ من المسلم إليه كفيلاً أو رهناً بما أسلم فيه.
فإن أسلم في شيء على أن ذلك الشيء إن لم يتيسر فسلمه في شيء آخر، كان السلم فاسداً، وكذلك إن أسلم إلى وقت على أنه إن لم يتيسر فيه فإلى وقت آخر معلوم كان فاسداً، على قياس قول يحيى عليه السلام.(1/444)


قال القاسم عليه السلام: إذا أسلم رجل في كيل أو وزن أو عدد فلما حَلَّ الأجل لم يكن عنده ذلك فاشتراه من رب السلم ورده إليه عن حقه جاز ذلك.(1/445)


باب ذكر ما تستحق الشفعة فيه وبه وما لا تستحق
كل مبيع تجب فيه الشفعة، من دوروعَقَار وضياع وحَمَّام ورحاء وحيوان وعروض، سواء كان ذلك مما يحتمل القسمة أو لايحتملها.
وما به تستحق الشفعة أربعة أشياء:
[1] الشركة في الشيء المبيع.
[2] والشركة في الشِّرْب.
[3] والشركة في الطريق.
[4] والجوار إذا كان الجوار ملازقاً.
ووجوب هذه الشركة يترتب، فالشركة في الشيء هي المتقدمة في استحقاق الشفعة، ثم الشركة في الشِّرب، ثم الشركة في الطريق، ثم الجوار، ولا شفعة للشريك في الشرب مع الشريك في الأصل، ولا شفعة للشريك في الطريق مع الشريك في الشرب، وكذلك لا شفعة للجار مع الشريك في الطريق، إلا أن يكون مع الجوار شريكاً في الطريق. والشركة في طريق الدار إذا كانت في زقاق لا منفذ لها يستحق الشفعة بها من كان أقرب إليها.
والشفعة تستحق على عدد رؤوس الشفعاء لا على قدر أنصبائهم.
وإذا طلب الشفعة شفيع وأخذ المبيع، ثم جاء شفيع هو أولى منه أخذه من الشفيع الأول.
ولا شفعة في الصِّداق، ولا في الصدقة، ولا في الهبة إلا إذا كانت على عِوَض، ولا في الإقرار، ولا في الإرث، ولا في عوض المستأجر، ولا في عوض الخلع، ولا في الصلح عن دم العمد، على أصل يحيى عليه السلام.
وإذا اشترى رجل ضيعتين متفرقتين في صفقة واحدة ولإحدى الضيعتين شفيع دون الأخرى، كان للشفيع أن يأخذ الضيعة التي له فيها الشفعة بحصتها من الثمن دون الأخرى. وكذلك إن كان للأخرى شفيع فترك شفعته، وتفرق الصفقة.(1/446)

89 / 168
ع
En
A+
A-