ولا يجوز أن يبتاع مصحف محلىبفضة أو سيف محلى بفضة بدراهم، إلا بعد أن تفصل الفضة عن المصحف والسيف فتشترى الفضة بمثلها، والمصحف أو السيف بثمنه. قال السيد أبو طالب: ولهذا تفصيل قد ذكرناه في (الشرح) .
فإن اشتراه بالذهب وكان محلى بالفضة، أو كان محلى بالذهب فاشتراه بالفضة، جاز ذلك إذا كان يداً بيد.
ومن اشترى دراهم وزناً لم يجز أن يأخذها عدداً، فإن اشتراها جِزَافاً عدداً جاز له أخذ ذلك عدداً.
ولو أن رجلاً باع من رجل سبيكة فيها ستة مثاقيل بخمسة دنانير، كان البيع فاسداً، فإن كان البائع تصرف في هذه الدنانير بهبة أوصدقة أو صرف في شيء لم يكن للمشتري أن يطالب البائع بتلك الدنانير بعينها، وإنما يلزم البائع أن يرد على المشتري خمسة دنانير مثل دنانيره ويرتجع سبيكته أو يعطيه ديناراً آخر مضموما إلى الخمسة التي ارتجعها منه على أن يستأنفا صرفا ثانيا.
وإذا كان لرجل على رجل خمسة دراهمجاز له أن يأخذ بصرفها دنانير، وكذلك إذا كان له عليه دنانير جاز له أن يأخذ منه بصرفها دراهم. قال السيد أبو طالب: هذا إذا لم يكن الذي في الذمة من ثمن الصرف، فإذا كان من ثمن الصرف لم يجز عند يحيى عليه السلام، نحو أن يشتري رجل من رجل دنانير بدراهم، ثم يشتري منه بتلك الدنانير التي في ذمته دراهم، هذا غير جائز.
ولو كان لأحدهما على الآخر دنانير، وللآخر عليه دراهم، جاز لهما أن يصارفا ما في الذمة من الدنانير بالدراهم، ومن الدراهم بالدنانير إذا وفَّى كل واحد منهما صاحبه ما وجب عليه قبل أن يتفرقا، إذا لم يكن ذلك من ثمن الصرف، على قياس قول يحيى عليه السلام.(1/432)
ويجوز بيع الذهب مع الفضة بالذهب، وبيع الفضة مع الذهب بالفضة متفاضلاً، وكذلك إذا كان مع الذهب أو الفضة غيرهما من فلوس أو عروض، على قياس قول يحيى عليه السلام.
ولا يجوز التعامل بالربا بين المسلم والحربيفي دار الحرب ولا في غيرها، ولا بين المسلم والذمي، نص عليه أحمد بن يحيى عليه السلام.(1/433)
باب القروض
لو أن رجلاً استقرض من رجل دراهم والصرف على عشرين درهما بدينار، ثم تزايد سعر الدنانير أو تناقص أو كان على حاله، كان عليه دراهم مثل دراهمه، ومن نقدها سواء، وكذلك القول في استقراض الطعام أو غيره مما يكال أو يوزن، على قياس ما نص عليه يحيى عليه السلام. فإن ردالمستقرض عليه أكثر مما أخذه شرطاً لم يجز ذلك له، وإن أعطاه من غير شرط جاز.
قال أبو العباس: إذا طالب من عليه الحق صاحبه بقبض ماله عليه من حقه لتبرأ ذمته لزمه أن يستوفيه، فإن امتنع أجبرهالحاكم عليه، وكذلك إذا كان الحق مؤجلاً فعجله من هو عليه لزمه أن يستوفيه.
ولا يجوز قرض الحيوان، ويجوز قرض الحطب والخشب، والرياحين والبقول وزناً ولا يجوز موصوفاً.
قال القاسم عليه السلام في السفاتج: ليس يخلو الذي قبضها من أن يكون أميناً أو ضميناً، فإن كان أميناً فحاله فيها حال الأمين، وإن كان ضميناً فحاله فيها حال الضمين، وقد جوز الناس ذلك فيما بينهم وتساهلوه.
قال أبو العباس: أجرة الناقدعلى من عليه المال ما لم يقبضه مستحقه، فإن قبضه وانتقده بعد القبض فالأجرة على القابض.
وقال رحمه اللّه: إعارة الدراهم والدنانير تكون قرضاً وهي مضمونة وإن لم يشترط الضمان.
ومن أقرض غيره مالاً فتعذر عليه استيفاؤه منه، لم يجز له أن يتناول من ماله - إذا تمكن منه - قدر حقه، على أصل يحيى عليه السلام.
قال القاسم عليه السلام فيمن مات وعليه دين مؤجل: إنه لا يصير معجلاً بموته إلا أن يتبرع ورثته بتعجيله.
قال أبو العباس: يجوز لمن له عند غيره وديعة أن يقرضها المودَّع.(1/434)
وقال رحمه اللّه في القرض: الإنظار به يصح، تخريجاً، ويصير له مستحقاً، ومَرَّ له في موضع آخر أنه لا يصح، ويصير مستحقاً على قياس قول يحيى عليه السلام.(1/435)
باب المأذون له في التجارة وما يتصل بذلك
المأذون له في التجارة والبيع والشراء يصح تصرفه في ذلك عبداً كان أو حراً، إذا كان مراهقاً يعقل التصرف. قال أبو العباس: والمُدَبَّر وأم الولد في معنى العبد في ذلك، فأما المعتَق بعضه ففي معنى الحر، وكذلك المكاتب.
وقال: إذا أذن للمملوك مولاه في شراء حاجة من طعام يأكله أو إدام يأتدم به، فإنه يكون مأذوناً له في التجارة إذناً عاماً، وكذلك إذا أذن له في شراء جنس من الأجناس للتجارة، كان ذلك إذناً له في سائر الأجناس، وإذناً له في التجارة، وإذناً في الإجارة.
قال محمد بن يحيى عليهما السلام: وإذا رأى عبده يتصرف في الشراء والبيع فسكت ولم ينهه، كان إذناً له في التجارة، وهو قياس قول يحيى عليه السلام.
قال أبو العباس في العبد المأذون له: إنه إذا اشترى أو باع وزاد في الثمن أو نقص منه قدر ما يتغابن الناس بمثله بطل، على أصل يحيى عليه السلام.
وإذا لزم العبد المأذون له - في التجارة - دين مما تصرف فيه من بيع وشراء وجب على سيده أن يبيعه بذلك الدين، ويوفر ثمنه على الغرماء، وكذلك يبيع ما يتصرف فيه العبد مما في يده له. قال أبو العباس: هذا إذا طلب الغرماء بيعه، فإن أرادوا اقتضاءه من كسبه فلا يباع. وقال: إن أبق العبد المأذون له في التجارة صار رافعاً للإذن.(1/436)