وقال فيمن باع ثماراً بعد بُدُوِّ صلاحها وشرط للمشتري تركها بطل العقد، ومَرَّ له في موضع آخر أن العقد لا يفسد. وإن لم تكن بلغت وشرط تركها إلى أن تبلغ بطل العقد.
قال رحمه اللّه: وإن باع أرضاً على خراجمعلوم، وكان خراجها أكثر منهأو أقل بطل البيع.(1/417)


باب تلف المبيع
من اشترى شيئاً ولم يسلمه البائع، وتلف قبل التسليم، فهو من مال البائع، فإن تَسَلَّمه المشتري ثم تركه عند البائع رهناً فهو من مال المشتري، فإن وضعاه على يدي عدل إلى أن يأتي المشتري بالثمن فتلف فهو من مال البائع، فإن وكل المشتري البائع بقبضه من نفسه، فقال: إعزله لي أو كِله، ففعل البائع ذلك ثم تلف، كان من مال المشتري.
قال أبو العباس: لو باع رجل وديعة ممن هي عنده، فتلفت في يد المودَّع، ولم يقبضها بعد البيع، انفسخ العقد، كما ينفسخ إذا هلك في يد البائع قبل القبض وكان من مال البائع.(1/418)


باب استحقاق المبيع
كل من كان في يده شيء فاستُحِقَّوَجَبَ عليه رده إلى مستحقه، سواء أمكنه الرجوع على البائع بثمنه أو لم يمكنه. وإذا استُحق المبيع على المشتري لم يكن له أن يرجع بثمنه على البائع، إلا إذا رده عليه بحكم الحاكم أو بأمر البائع، فإن رده باختياره من غير حكم الحاكم أو إذن من البائع، لم يكن له أن يرجع عليه بالثمن.
وإذا اشترى رجل سلعاً كثيرة في صفقة واحدة، فاستُحق بعضها، رَجَع على البائع بثمن المستَحق وصح البيع فيما سواه.
ولو اشترى عبداً صانعاً فاستغله، ثم استُحق، حُكم به لمستحقه، وكانت الغلة للمشتري (وعليه كراء العبد)ولم يكن للمُسْتَحِق أن يطالبه بها، ولو أنفق على العبد لم يكن له أن يرجع على الْمُسْتَحِق بما أنفقه.
ولو أن رجلا/223/ اشترى ثوباً فقطعه قميصاً ولم يَخِطْهُ أو خاطه ثم استُحق، فإنه يحكم به للمستَحِق ويرجع هو بالنقصان على الغاصب إن شاء أو على المشتري إن أحب، وللمشتري أن يرجع على البائع بما لزمه من النقصان، إن لم يكن علم أنه مغصوب، فإن كان علم بذلك فله أن يرجع عليه بالثمن الذي دفعه إليه دون النقصان، وكذلك القول في الشاة إذا اشتراها وذبحها فاستُحقت.
قال أبو العباس رحمه اللّه: لو اشترى رجل عبدين في صفقة واحدة، فاستُحق أحدهما، كان الآخر للمشتري، وكذلك لو مات أحدهما عند البائع كان الآخر للمشتري، ويرجع على البائع بقسط ثمن الميت.(1/419)


ولو أن رجلاً اشترى جارية فاستولدها أولاداً، ثم استُحقت الجارية، حُكِمَ للمُستَحِق بها، وحكم على المشتري بقيمة أولاده منها، ويرجع المشتري على البائع بثمن الجارية وبما لزمه من قيمة أولاده، والذي يقتضيه أصل يحيى عليه السلام أن المشتري يضمن العُقْرأيضا للمستحق للجارية، ولا يرجع على البائع به، ويجب على أصله أن تكون قيمة الأولاد هي قيمتهم عند المطالبة، فإن مات الولد قبل المطالبة لم يضمن المشتري قيمته. ولو أنه حين اشتراها زوجها من عبده، قُضِيَ للمستَحِق بها وبأولادها من العبد، وكذلك لو علم حين اشتراها أنها مغصوبة فاستولدها، قُضِيَ للمستحق بها وبأولادها.
ولو أن رجلا اشترى من غيره شيئاً كيلاً أو وزناً أو عدداً واستوفى ذلك ثم وجده زائداً على ما ابتاعه، وجب عليه أن يرد الزيادة على البائع.
ومن باع من غيره حُرّاً على أنه عبد كان البيع باطلاً، ويرجع المشتري بالثمن على البائع، ولا سبيل له على الحر المبيع، وإن كان الحر هو الذي باع نفسه، فإن كان بالغاً عاقلاً أُدِّب، ورجع المشتري عليه بما أخذه من ثمنه، وأُدِّبَ المشتري إن كان علم أنه حُرٌّ، وإن لم يكن بالغاً وكان ما أخذه من المشتري قائماً بعينه، أخذه المشتري، وإن كان مستهلكاً لم يرجع عليه بشيء، على أصل يحيى عليه السلام.(1/420)


باب رد المعيب بالعيب وما يتصل بذلك
قال أبو العباس: حقوق العقد تقتضي الصحة وتوجب/224/ رَدَّ المعيب بالعيب، وهو موجَب نص يحيى عليه السلام، فمن اشترى معيباً وهو غير عالم بالعيب ثم علم به، فإن شاء رضي به، (وإن شاء إذا علمه أخذه)، وإن شاء رده وفسخ البيع واسترجع الثمن، وإن اتفق هو والبائع على رد النقصان وأمضى البيع جاز، فإن اشتراه وهو عالم بعيبه لم يكن له رده بذلك العيب، وكذلك إن علم به بعد الشراء فَرَضِيَه لم يكن له رَدُّه، وإن استعمله بعد علمه بالعيب - نحو أن يكون المبيع دابة فيركبها لحاجة له، أو ثوباً فيلبسه، أو أرضا فيستغلها - كان ذلك رضاً بالعيب، على قياس قول يحيى عليه السلام.
فإن كان مملوكاً فاستخدمه لم يكن ذلك رضاً بالعيب ولم يمنع من الرد، على ما خرجه أبو العباس من كلام يحيى عليه السلام، فإن أمره ببيع أو شراء كان ذلك رضاً على ما قاله. قال رحمه اللّه: فإن اشتراه وهو معيب في حال العقد ثم زال العيب عند المشتري لم يكن له رده.
قال رحمه اللّه: إن كان ركوبه الدابة بعد علمه بالعيب لا لحاجة لنفسه ولكن لسقيها الماء أو شراء علفها، لم يكن ذلك رضاً، وإن عرض المشتري ما اشتراه على البَيِّع بعد علمه بالعيب لم يكن ذلك رضاً به.
وإن كان المبيع جارية فوطئها قبل العلم بالعيب، ثم علم به، لم يكن له ردها سواء كانت الجارية بكراً أو ثيباً، وله أن يرجع على البائع بالنقصان. فإن وُطئت الجارية عند المشتري زناً أو عن تزويج لم يكن له ردها، فإن ولدت عنده عن وطء متقدم على الشراء كان له ردها إذا لم يكن الوطء عنده.(1/421)

84 / 168
ع
En
A+
A-