فإن زادت السلعة في يد المشتري والخيار للبائع كان على خياره، وإن نقصت صار للمشتري فيها الخيار، وإن كان الخيار للبائع والمشتري جميعاً فمات أحدهما وبقي الآخر بطل خيار الميت وكان الحي على خياره، وإن ماتا جميعاً بطل خيارهما.
والخيار لا يورث، فإن حان الوقت الذي هو أمد الخيار فسكتا بطل الخيار، فإن كان الخيار للمشتري ومات قبل انقضاء مدته بطل الخيار، وإن مات البائع كان المشتري على خياره، وإن كان الخيار للبائع ومات قبل انقضاء مدة الخيار بطل الخيار، وإن مات المشتري كان البائع على خياره. وإذا زال عقل من له الخيار ثم ثاب إليه عقله كان على خياره، فإن لم يثب ناب عنه مِنْ ورثته من كان ولياً له. فإن ارتد من له الخيار ولحق بدار الحرب صار الخيار لورثته، فإن عاد إلى الإسلام قبل مضي مدته كان على خياره، فإن رجع بعد انقضاء مدة الخيار فلا خيار له، وإن أبطل الخيارَ وَلِيُّ زائلِ العقلِ أوالمجنون بطل الخيار.
ومن اشترى حيواناً له لبن فشرط لنفسه الخيار أو شرطه له البائع أو هما جميعاً، فاختار من له الخيار فسخ البيع، كان لبنه المحلوب في مدة الخيار للبائع، وكذلك علفه في هذه المدة يلزم البائع، وكذلك إن كان مما يستغل من حيوان أو غيره كانت الغلة للبائع.
قال أبو العباس رحمه اللّه: لو اشترى رجل أباه أو ابنه أو ذا رحم مُحَرَّم على أن البائع بالخيار لم يعتق عليه. وإذا كان الخيار (للمشتري عتق عليه، وإذا كان الخيار)في البيع للمشتري ثم حدث به عيب وهو في يده فله رده بالخيار إذا كان قد سَخِطَه قبل حدوث العيب، فإن كان حدوثه قبل سخطه لم يرده.(1/412)


قال أبو العباس في (الشرح) : لو أن رجلين ابتاعا شيئاً في صفقة واحدة وجعلا لأنفسهما الخيار فيهفمن رده منهما جاز رده وإن لم يرد الآخر وكان المبيع مردودا، فإن كانا ابتاعاه صفقتين فلا يكون رد أحدهما ولا إجازته رداً من الآخر ولا إجازة /220/.(1/413)


باب شروط البيع وذكر أحكامها
حكم الشروط التي تذكر في البيوع تختلف: فشرط يُفْسد عقد البيع، وشرط يثبت مع العقد، وشرط يبطل ويثبت العقد دونه.
فالشرط الذي يُفسد البيع، هو: كل شرط يقتضي جهالة في العقد، أو المعقود عليه، أو الثمن.
فالأول منه: نحو أن يشتري شيئاً أو يبيع، ويجعل لنفسه أو لغيره خياراً إلى أمد غير معلوم؛ لأن استقرار العقد يكون مجهولاً.
والثاني: نحو أن يبيع ثياباً أو أغناماً ويستثني منها واحداً لا بعينه، ونحو أن يبيع تمراً في ظرف لا يعرف وزنه على أنه أرطال معلومة، ويشترط أن يستثني للمشتري منهامقداراً معلوماً لأجل ذلك الظرف الذي لا يعرف وزنه.
والثالث: نحو أن يبيع شيئاً بكذا ديناراً على أن يدفع بتلك الدنانير كذا وكذا قفيزاً من الطعام.
قال القاسم عليه السلام: إن اشترى شيئاً وشرط على البائع أن يرجحهكان البيع فاسداً، فإن لم يشترط ذلك واسترجح البائع فطابت نفسه به جاز.
وأما الشرط الذي يفسد ويثبت العقد دونه، فهو: ما لايكون صفة للمبيع ولا للثمن ولا هو مما يصح إفراده بالعقد، نحو ما نص عليه يحيى في (المنتخب) فيمن اشترى جارية وشرط أن يتخذها أم ولد، أن البيع صحيح والشرط باطل، فإذا اشترى ناقة أو بقرة أو شاة على أنها لبون فالبيع صحيح عندنا، كما نص عليه يحيى في (الأحكام) .(1/414)


وأما الشرط الذي يثبت مع العقد: فكل شرط يكون صفة للمبيع أو للثمن أو للبيع من غير أن يقتضي جهالة فيه، أو يكون مما يصح إفراده بالعقد على العوض. والشرط الذي يكون صفة للمبيع: نحو أن يشتري ما يُحْلَب من الإبل والغنم على أنه لبون. والشرط الذي يكون صفة للثمن: نحو أن يكون الثمن مؤجلاً إلى مدة معلومة. والشرط الذي يكون صفة للبيع من غير جهالة: نحو أن يشترط فيه خياراً معلوماً. والشرط الذي يصح إفراده بالعقد على العوض: نحو أن يبيع رجل من غيره شيئاً على أن يحمله إلى منزله. أو يبيع حنطة على أن يطحنها.
(فإن اشترى شاة مصراة صح البيع وثبت له الخيار بين الرضا والرد/221/، وإذا ردها عَوَّض اللبن).
فإذا اشترى ما يُحْلب على أنه يَحلب كل يوم قدراً من اللبن، أو على أنه حامل كان البيع صحيحاً، فإن لم يجده على الصفة المشروطة كان له الخيار في فسخ البيع. قال أبو العباس: فإن اشتراه على أنه لبين فسد البيع.
فإن اشترى طعاماً على أن يحمله البائع إلى منزله، أو حنطة على أن يطحنها، أو ثوباً على أن يخيطه، أو ناقة على أن تُرضع فصيلاً للبائع مدة معلومة، أو جملاً على أن يركبه إلى موضع معلوم صح البيع والشرط جميعاً.
فإن اشترى جارية على أن يتخذهاأم ولد، أو شرط أن لا يطأها صح البيع وبطل الشرط، وكذلك إن شرط أن يعتقها، وكذلك إن شرط الولاء لبائعها، على أصل يحيى عليه السلام. قال في (المنتخب) : فإن كان البائع قد نقص من الثمن شيئاً لهذه الشروط فله أن يرجع فيه، ويستحب الوفاء بهذه الشروط ما لم تؤد إلى المآثم.(1/415)


فإن باع عبداً أو جارية وشرط على المشتري أن لا يبيعهما ولا يهبهما كان البيع باطلاً، [نص عليه القاسم عليه السلام في (مسائل النيروسي) ].
فإن اشترى ثوباً على أنه هروي أو مروي فوجده من جنس آخر، أو مملوكاً على أنه عبد، فوجده جارية فالبيع فاسد، على قياس قول يحيى عليه السلام.
وإن باع شجرة قائمة في الأرض على أنها تكون قائمة فيها مدة بقائها كان البيع فاسداً، على قياس قول يحيى عليه السلام. وكذلك إن شرطه المشتري على البائع.
وإن اشترى شيئاً على أن يبيعه كذا بثمن كذا، أو يقرضه قرضاً أو يتصدق عليه بصدقة أو يعطيه عطية كان البيع فاسداً، على قياس قول يحيىعليه السلام، لأنه اعتمد نهيه صلى اللّه عليه وآله وسلم عن سلف وبيع، وهذا في معناه.
قال محمد بن يحيى رضي اللّه عنه في رجل باع أرضاً من رجل بثمن معلوم، وشرط عليه أن يطعم عشرين رجلاً: إن جعل الطعام معلوماً بالكيل صح البيع، وإن لم يشترط كيله لم يصح.
وإن اشترى عبداً وشرط على البائع أن عليه رد ثمنه إن أبق إلى وقت معلوم، صح البيع والشرط جميعاً. والمراد بهأنه إن كان العبد آبقاً أو أبق إلى مدة معلومة على ما بيناه من تفصيله ووجهه في (الشرح) .
وإن اشترى زرعاً وشرط على البائع أن يحصده، أو باع داراً وشرط على المشتري أن يسكنها شهراً، صح البيع/222/ والشرط جميعاً، على قياس قول يحيى عليه السلام.
وذكر أبو العباس في (النصوص) أنه يجوز أن يشتري نعلاً ويشرط على البائع أن يشركه.(1/416)

83 / 168
ع
En
A+
A-