واللحوم مختلفة الأجناس، فلحم الإبل جنس واحد، ولحم البقر جنس واحد، والجواميس في معناها، والوحشي والأهليجنس واحد، ولحم الغنم جنس واحد والضأن منها، والماعز والظباء في حكمها ومعناها. والألبان والسمون تعتبر باللحوم في التجانس والاختلاف.
فلا يجوز بيع كر حنطة بكُرَّيْ حنطة وإن اختلفت ألوانهماوصفاتهما في الجودة والرداءة، وإنما يجوز بيع كرٍّ واحد بكرٍّ واحد يداً بيد، وكذلك/216/ القول في الشعير والأرز وسائر الحبوب، وكذلك التمر والعنب لا يجوز بيع مكوك تمر بمكوكين وإن تفاوتا في الجودة والرداءة، وكذلك سائر المكيلات والموزونات.
ويجوز بيع الحنطة بالشعير، والتمر بالزبيب متفاضلاً يداً بيد، ولا يجوز نسأ، وكذلك القول في سائر المكيلات والموزونات، ولا يجوز بيع رطل من لحم الإبل برطلين، ولا رطل من لحم البقر برطلين، وكذلك لحم الضأن والمعز، ويجوز بيع رطلين من لحم الإبل برطل واحد من لحم البقر، وبيع رطلين من لحم البقر برطل واحد من لحم الغنم يداً بيد، ولا يجوز نسأ.
ولا يجوز بيع لبن الإبل بلبن الإبل، ولا لبن البقر بلبن البقر، ولا لبن الغنم بلبن الغنم، ولا لبن المعز بلبن المعز إلا مثلاً بمثل يداً بيد، ويجوز بيع لبن الإبل بلبن البقر، ولبن البقر بلبن الغنم متفاضلاً يداً بيد ولا يجوز نسأ، وكذلك القول في السمن.
ويجوز بيع رمانة برمانتين، وكذلك سائر الفواكه إذا كانت من جنس واحد. وبيضة ببيضتين يداً بيدولا يجوز نسأ، ويجوز بيع رمانة بسفرجلتين وبيضة برمانتين يداً بيد ويجوز نسأ، ويجوز بيع تمرة بتمرتين، على مقتضى نص يحيى عليه السلام.(1/407)
ويجوز بيع الحيوان بعضه ببعض مثلاً بمثل ومتفاضلاً يداً بيد، ولا يجوز نسأ، سواء كان الحيوان من جنس واحد أو مختلفاً، نحو أن يشتري الرجل بعيراً ببعيرين، وفرساً بفرسين، وبقرة ببقرتين، وشاة بشاتين، وطيراً بطيرين، ولا بأس أيضا أن يشتري فرساً بجملين، وجملاً بجملين، وعبداً بعبدين. وأمةً بعبدين يداً بيد، ولا يجوز نسأ.
والثياب أجناس مختلفة، فلا يجوز بيع كل ثوب بجنسه متفاضلاً إلا يداً بيد، ولا يجوز النسأ، ويجوز بيعه بثوب من غير جنسه متفاضلاً يداً بيد ونسأ، فلا يجوز بيع ثوب قصببثوبي قصب، ولا بيع ثوب خزبثوبي خز، ولا ثوب دبيقيبثوبي دبيقي، ولا ثوب وشيٍبثوبي وشيٍ، ولاثوب مرويبثوبي مروي إلا يداً بيد، ولا يجوز إلى أجل، ويجوز بيع ثوب قصب بثوبي خز، وثوب ديبقي بثوبي وشيٍ، وثوب مروي بثوبي قوهييداً بيد وإلى أجل.
والحديد كله جنس واحد/217/، وكذلك النحاس، والرصاص، والشَّبَه، ولا يجوز بيع رطل من رصاص قلعيبرطلين من رصاص أسود، ويجوز بيع رطل منه برطل يداً بيد، ولا يجوز نسأ، ويجوز بيع رطل من نحاس برطلين من رصاص يداً بيد ولا يجوز نسأ، وكذلك يجوز بيع رطل من شبه برطلين من حديد يداً بيد ولا يجوز نسأ.
ولا يجوز بيع اللحم بالحيوان الذي يؤكل لحمه.
ولا بأس ببيع صنف من الأصناف مما لا رباً فيه بصنف آخر مع نقد، نحو بيع فرس بفرسين أو بفرسين ودنانير أو دراهم، وجارية بجاريتين وشيء من العين أو الوَرِق، وكذلك سائر الحيوان.
ويجوز شراء ثوب بثوب ودينار إذا كانا مختلفي الجنس، ويجوز شراء ثوب ودرهم بدينار، ويجوز شراء ثوب بدينار إلا درهماً وإلا مكوك طعام.(1/408)
ولا يجوز بيع الرطب بالتمر. ولا يجوز بيع العنب بالزبيب. ولا يجوز بيع الزُّبد بالسمن، ولا بيع اللبن الحليب باللبن المخيض - وهو الذي فيه الماء -. ولا يجوز بيع الحنطة بالدقيق، والمراد به إذا كان دقيق الحنطة، ولا بيع الحنطة المبلولة بالحنطة المقلوة، ولا بأس ببيع العجين بالدقيق أو الحنطة، وكذلك لا بأس ببيع الخبز بالحنطة أو الدقيق، هذا كله إذا كان يداً بيد، ولا يجوز نسأ، على أصل يحيى عليه السلام.
ولا يجوز أن يشتري اللبن الرائب بالزُّبْد إلا أن يعلم أن الزُّبْد الذي في اللبن أقل من الزُّبْد المشترى به، وكذلك لا يجوز بيع الزيتون بالزيت إلا أن يعلم أن الزيت أكثر مما في الزيتون من الزيت، فيجوز ذلك، على قياس قول يحيى عليه السلام.
ولا يجوز أن يُشترى بُرٌّ محصود في سُنْبُلِه ببر سواه، فإن كان البر الذي يشترى به ذلك أكثر منه، ويكون السنبل الذي ينفرد عن ذلك الحب له قيمة، صح البيع، على قياس قول يحيى عليه السلام.
ولا بأس بشراء أرض بالحنطة أو بالحنطة والدراهم إن لم يكن في الأرض حنطة قائمة، فإن كان فيها حنطة قائمة وعلم أن الحنطة التي اشتريت الأرض بها أكثر من الحنطة القائمة في الأرض صح البيع، على أصل يحيى عليه السلام.(1/409)
وقوله في (المنتخب) : إن الأرض إذا اشتريت بطعام وفيها طعام مثلهلم يصح البيع؛ محمولٌ على/218/ أن لا يعلم أن الطعام المشترى به أكثر مما فيها من الطعام من جنسه، فإن اشتريت الأرض مع الحنطة التي فيها بحنطة مع العين أو الورق فالبيع يجب أن يصح على أصله، فإن اشتريت الأرض والحب الذي فيها بحب مخالف له وحده أو مع نقد يداً بيد صح البيع ولا يجوز نسأ.
فإن بيعت الأرض واستثنى زرعها جاز بيعها بما شاء البائع من هذه الحبوب من جنس القائم فيها ومن غيره وحده أو مع نقد يداً بيد ونسأ.
ولا يجوز بيع المزابنة وهو: أن يبيع التمر في رؤوس النخل بتمر مكيل أو غير مكيل .
قال القاسم عليه السلام: ولا بأس بالعرايا، والعرايا هي العطايا، وهي النخلة والنخلتان والثلاث والعشر يعطيها صاحبها فتُجْنَي رطباً.(1/410)
باب الخيار في البيوع وذكر أنواعه
الخيار في البيع ضُرُوب منها: خيار البَيِّعين قبل التفرق بالقول، ومنها خيار الرؤية، ومنها خيار الشرط.
فأما خيار البيعين قبل التفرق قولاً، فهو أن يتساوما ولا يُمْضيا البيع، فيكون لكل واحد منهما الخيار في إمضاء البيع وإتمامه أو الرجوع عنه، فإذا تفرقا قولاً وأمضيا البيع فلا خيار بعد ذلك، تفرقا عن مجلسهما بأبدانهما أو لم يتفرقا.
وأما خيار الرؤية فهو: أن يشتري شيئاً لا يكون قد رآه رؤية مثله، فإن البيع يصح ويكون له الخيار إذا رآه.
وأما خيار الشرط فهو: أن يجعل البائع لنفسه الخيار فيما باعه، والمشتري فيما اشتراه أو هما جميعاً إلى مدة معلومة طالت المدةأم قصرت، فيكون لمن له الخيار فسخ البيع إلى انقضاء مدة الخيار، وإذا كانت مدة خيار الشرط مجهولة فالبيع باطل.
والخيار الذي يفسد معه العقد أو يصح، لا فصل فيه بين أن يكون للبائع أو للمشتري أو لهما جميعاً.
ومن اشترى شيئاً واشترط لنفسه الخيار وقبضه فتلف ذلك الشيء، نحو أن يكون عبداً فيموت أو حدث به عيب قبل أن يختارلزمه الثمن، وكان التالف أو المعيب من ماله، وإن كان الخيار للبائع، انتقض البيع وكان ما تلف أو حدث به من عيب من ملك البائع ولم يلزم/219/ المشتري الثمن ولا القيمة، وإن كان الخيار لهما جميعاً فتلف؛ كان من مال البائع، على قياس قول يحيى عليه السلام.(1/411)