ولا يجوز بيع الخمس قبل القبض ولا بيع الصدقة قبل أن تقبض، ولا يجوز بيع أم الولد سواء ولدت لتمام أو لغير تمام بعد أن يكون ما ولدته مضغة أو نحوها مما يتبين فيه أثر الخلقة. قال أبو العباس رحمه اللّه في أم الولد: إذا ولدت من غير مولاها يعتق كل ولد تلده من الغير، على أصل يحيى عليه السلام.
قال يحيى بن الحسين في (الأحكام) : لو أن رجلاً باع من رجل جارية فأقامت عنده، ثم عُلِم وتُيُقِّن أنها ولدت منه كان البيع مفسوخاً. قال أبو العباس: قوله: عُلِمَ وتيقن يجب أن يكون بالضم لا غير دون النصب؛ لأن علمه لا يُسَوِّغ فسخ البيع.
قال أبو العباس: ولا يجوز بيع المُدَبَّر إلا لضرورة وحاجة داعية إليه.
ولا يجوز بيع الحيتان في الآجاموالأنهار، فإن اصطيدت ثم أرسلت في ماء قليل يمكن أخذها منه لا على سبيل الاصطياد كما يُفْعَل بالعراق جاز بيعها، نص عليه زيد بن علي عليهما السلام.
ولا يجوز بيع اللبن في الضُّروع، ولا بيع ما في بطون الأنعام، ولا بيع ما على ظهورها من جلد أو صوف أو وَبَرٍ أوشَعَر.
ولا يحل أجر عسيب الفحل، ولا يجوز بيع العذرة، ولا الميتة، ولا الخمر.
ويجوز بيع الكلب المعلم والمقتنى لزرع أو صيد أو ضرع، ولا بأس ببيع الهر، ويجوز بيع الفهد، على قياس قول القاسم ويحيى عليهما السلام.
ولا يجوز بيع شيء من الرطاب التي تخرج حالاً بعد حال، نحو البُقُول والقِثَّاء والبَطِّيخ والباذنجان حتى يظهر ويؤخذ، ولا يجوز أن يباع ما لم يظهر منها.(1/402)


ولا يجوز بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها ويؤمن فسادها، ولا يجوز بيعها للسنين، وقد قال القاسم عليه السلام في ورق التوت: إن بيعه للسنين لا يجوز.
ولا/213/ يجوز بيع ما كان كامناً في الأرض كالجزر ونحوه.
قال أبو العباس: ولو باع جِذْعاً في بناء أو فصاً على خاتم أو خاتما دونه جاز البيع، على قياس قول يحيى عليه السلام.
وقال: فيمن له زرع مشترك بينه وبين غيره يجوز له أن يبيع نصيبه إن كان الزرع قد استحصد، وإن لم يكن استحصد فلا يجوز بيعه لما فيه من الإضرار.
قال رحمه اللّه: وبيع مسيل الماء باطل، على تعليل القاسم عليه السلام، فمن أراد خلوص المسيل له ابتاع الدار كلها، ثم أسال إليها الماء، ثم باع الدار واستثنى المسيل.
ولا يجوز بيع العبد الآبقولا بيع المغصوب. قال أبو العباس: المراد بذلك أن العقد لا ينبرم ولا يستقر بحيث يجوز للمشتري التصرف فيه ببيع ونحوه، ويكون له الخيار فيه بين فسخ العقد وبين الرضاء به إلى وقت التمكن من تسليم المبيع. قال: وإن باع الآبقَ ممن أبق إليه فالبيع جائز مُنْبَرِم.
وبيع المستأجر جائز، فإن كان البائع مضطراً إلى بيعه انفسخت الإجارة، وإن لم يكن معذوراً كانت الإجارة بحالها.
ويجوز بيع الجِزَافإذا لم يعلم المتبايعان قدره، فإن علم أحدهما دون الآخر كان البيع باطلاً.
ويكره بيع العصير والعنب ممن يتخذ ذلك خمراً، فإن باع كان البيع جائزاً.(1/403)


ولو أن جماعة اشتركوا في شراء حمل أُدم، أو نعال، أو بيت طعام لم يجز لبعضهم أن يبيع حصته من غير شركائه قبل القسمة والنظر إليه والتقليب له، فإن نظروا إليه وقلبوه جاز بيعها من شركائه ولا يبيعها من غير شركائه، وإذا قسموها جاز بيعها من الشركاء وغير الشركاء.
قال أبو العباس: لو أن رجلا باع أرضا بحدودها وفيها أشجار دخلت الأشجار في البيع؛ لأنها أصول ثابتة لا تبرح الأرض فهي كالبناء، ولو كان فيها ثمار أو زرع لم يدخل فيه وكانت للبائع؛ لأنها غير ذوات أصول وإنما تحدث وتقطع. قال: وعلى هذا لو أجَّرها بحدودها وفيها أشجار ولم يستثنها فسدت الإجارة لدخول ما لا يجوز إجارته فيها وهي الأشجار؛ لأن الغرض باستئجارها ثمارها، وقد نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم عن بيع الثمرة قبل بُدُوِّ صلاحها، وعن بيع السنين.
وقال/214/ رحمه اللّه: ويجوز للمودَّع أن يبيع ما هو وديعة عنده، ولا يجري ذلك مجرى بيع ما ليس عنده. ويجوز بيع الوديعة والعارية ممن هي عنده، فإن تلفت قبل قبض المشتري لها بعد البيع فهي من مال البائع فينفسخ البيع، ولو أنه باعها من غير المودَّع والمعار جاز البيع.
قال القاسم عليه السلام في عبد دفع إلى رجل مالا ليشتريه به، فاشتراه به ثم أعتقه، ثم علم السيد بذلك قبل عتق المشتري له أو بعده فالمال لسيد العبد يسترجعه من المشتري، وثمن العبد عليه، والعتق جائز.
قال أبو العباس الحسني رحمه اللّه: يجوز بيع لبن الآدميات، وأومى فيه إلى تخريج غير واضح، فيجب أن يكون هذا اختياره دون قولهما.
ويجوز بيع المصاحف.(1/404)


قال القاسم عليه السلام: يجوز بيع الماء إذا كان محدودا معلوماً، كما تجوز قسمته. قال السيد أبو طالب رحمه اللّه: هذا يحتمل أن يكون المراد به مجرى الماء، وأن البيع يتناوله دون الماء، وهو الأولى.
قال أبو العباس: إذا كان الماء في نهر أو واد فليس لأحد منع أحد منه لسقيه ولدوابه ووضوئه، وإنما يصير مالكا له إذا استقاه أو أحرزه. وكذلك الحشيش لا يكون ملكا لأحد، ولا يكون أحد أولى به من أحد إلا بأن يحتشه ويحرزه. قال: وسواء كان الحشيش في ملك الإنسان، أو في غير ملكه من الصحاري في أنه لا يملكه إلا بأن يحتشه والناس فيه شرعسواء، إلا بأن يحتشه محتش فيكون مالكاً له كالماء إذا استقاه.
قال محمد بن يحيى: بيض دود القز يجوز بيعه.
والْحُرُّ إذا باع نفسه كان البيع باطلاً، ولم يثبت عليه الرق، فإن كان بالغا أُدِّبَ، والمشتري إذا كان عالماً بأنه حُرٌّ أدب أيضاً، وإن كان البائع له غيره رجع بالثمن عليه، وإن كان هو الذي باع نفسه وكان صبياً أو أعجمياً أفزع ولم يتبع بشيء. قال أبو العباس: إن كان أوهم المشتري أنه مملوك وأن مولاه وكَّلَه ببيعه لم يلزم المشتري التأديب. قال: وإذا وكل رجل عبده ببيع نفسه جاز/215/.(1/405)


باب بيع الأجناس والأصناف بعضها ببعض
الأصل المعتبر في هذا الباب أن كل شيئين من المثَمَّنات إذا اتفقا في الجنس والكيل والوزن، لم يجز بيع أحدهما بالآخر إلا مثلا بمثل يداً بيد، ولا يجوز نسأ. وإن اختلفا في الجنسية واتفقا في الكيل والوزن جاز بيع أحدهما بالآخر متفاضلاً يداً بيد، ولا يجوز نسأ. وكذلك إن اتفقا في الجنس ولم يكونا مكيلين ولا موزونين جاز التفاضل يداً بيد، وحَرُم النسأ. فإن اختلفا في الجنسية وفي الكيل أو الوزن بأن يكون أحدهما - مع اختلافهما في الجنس - مكيلاً والآخر موزوناً جاز التفاضل يداً بيد ونسأ. وكذلك إن اختلفا في الجنس ولم يكونا مكيلين ولا موزونين.
فأما الأثمان التي هي الذهب والفضة فإنهما وإن كانا موزونين فإنهما خارجان عن هذا الاعتبار؛ لأنهما يجوز بيع سائر الموزونات بهما متفاضلاً يداً بيد ونسأ. فأما الذهب بالذهب والفضة بالفضة فلا يجوز فيهماإلا مثلاً بمثل يدا بيد. والذهب بالفضة والفضة بالذهب يجوز متفاضلاً، ولا يجوز إلا يداً بيد.
وعلة الربا: الكيل مع الجنس، أو الوزن مع الجنس في غير أثمان الأشياء كالذهب والفضة، فإنَّ بيع الموزونات بهما يصح متفاضلاً ومتساوياً نقدا ونسأ.
والحنطة مع تنوعها جنس واحد، وكذلك الشعير والتمر والزبيب والعنب، وكذلك سائر الفواكه كالرمان والسفرجل وغيرهما، والاعتبار في الكيل والوزن بعادة البلدان.(1/406)

81 / 168
ع
En
A+
A-