باب نفقة الْمُرْضَع ونفقة الرقيق وسائر الحيوان
يجب على الوالد أن يستأجر من يرضع ولده إذا ولد، بعد أن ترضعه أمه اللبا، من يوم إلى ثلاثة أيام، وبعد ذلك فالإسترضاع على الأب، فإن رغبت الأم في إرضاعه بِجَعْلٍ، وجب على الأب أن يعطيها ذلك إذا رضيت بأجرة المثل، ويحكم عليه بذلك بعد فراقه لها إلى وقت الفصال، وهو حولان.
قال أبو العباس: على رب المملوك أن يطعمه من نحو ما يأكله مما يسد به جوعته من تمر أو ذرة أو شعير أو بُرٍّ، وتأول قول يحيى عليه السَّلام: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم أمر بأن يطعم المماليك مما يأكل أربابها ، على هذا الجنس من الطعام. قال: لأنه/103/ نَصّ على هذا في موضع.
قال رحمه اللّه: وإن كان صاحبه يأكل الفائق فإنما عليه سد جوعته.
قال: وعلى الحاكم أخذه بنفقته وكسوته أو تخليته لكسب نفقته، فإن لم يفعل باعه عليه أو استدان إن أعوز ذلك، أو جعلها من بيت المال ديناً على مولاه أو مواساة له على ما يرى.
قال رحمه اللّه: وكذلك لو كان بين شريكين أو شركاء، أنفق كل واحد قدر حصته.
قال: فإن أنفق أحد الشركاء النَّفَقَة كلها بأمر الحاكم رجع على الآخرين بحصصهم، عند يحيى عليه السَّلام.
والأرحاءوالحمامات والأنهار والسواقي بين الشركاء، على هذا يرجع - في صلاح ما استَرَمَّمنه - من أنفق على شركائهم بحصصهم.(1/387)


قال: وكذلك إن لم يكن إمام فأنفق أحدهم، رجع على الباقين؛ لأنه فعل لهم ما لو كان إمام كان حقاً أن يأمره ويرجع عليهم، كما نص يحيى عليه السَّلام فيمن أخذ دابة ضالة أن يرجع على صاحبها إذا جاء بما أنفق عليها، إذا لم يكن إمام قد أمر بعلفها.
فإن كان العبد ممن لا يمكنه التكسب بأن يكون صغيراً أو كبيراً زَمِناً أو أعمى، فإن سيده يلزمه أن ينفق عليه أو يزيل ملكته، على قياس قول يحيى عليه السَّلام.
قال أبو العباس - في صاحب الحيوان من ماشية أو دابة -: أنه يؤخذ بعلفها، أو بتسييبها ترعى، أو ببيعها.(1/388)


باب ما يحرم من الرَّضَاع
يحرم من الرَّضَاع ما يحرم من النَّسَب، ولبن الفحل في التحريم عليه وعلى المرضعة سواء، وهما كأولاد الرحم، وتُحرم العمة والخالة من الرَّضَاعة، على أصل يحيى عليه السَّلام.
قال أبو العباس: وكذلك الجمع بين العمة وبنت أخيها، والخالة وبنت أخيها، فأما ما ذكره يحيى في كتاب الرَّضَاع من الفرق في الجمع بينهما وبين أن يكون من النَّسَب أو يكون من الرَّضَاع، فإن أبا العباس رحمه اللّه كان يقول: إنه فَرْقٌ في العلة لا في الفتوى.
قال أبو العباس: وإذا أرضعت المرأة غلاماً بلبن حملته من زوج، حَرُمَ عليه كل من ولده ذلك الزَّوج منها، أو من غيرها من نسائه، وحَرم كل امرأة لهذا الغلام على ذلك الزَّوج، لأنها تكون حليلة ابنه، وحَرم/204/ كل امرأة للرجل على هذا الغلام؛ لأنها تكون حليلة أبيه.
قال رحمه اللّه: فإن بانت هذه المرأة من زوجها هذا، وتزوَّجت بعد العِدَّة غيره، وأرضعت بذلك اللبن مولوداً، كان المولود ولداً للزوج الأول المباين لشربه من لبنه، فإن علقت من الثاني وقد بقي من لبنها، وقد قاربت ميلادها من الثاني، فإنه يكون لهما جميعاً، ويكون الْمُرْضَع ولداً للأول والثاني، فإن ولدت من الثاني فاللبن يكون للثاني دون الأول، ولو أن امرأة أرضعت صبياً وصبية في وقت واحد، أو في وقتين متقاربين، أومتباعدين بلبن ولد واحد أو ولدين لم يصح النِّكاح بينهما، وكان الصبي أخاً للصبية من الرَّضَاعة، ولايجوز النِّكاح بينهما وبين أحد من ولد هذه المرضعة، ولا ولد زوجها الذي أرضعته بلبنه.(1/389)


فإن كان لهذا المرضَع أخ أو أخت لم يرتضعا معه، جاز التناكح بينهما وبين ولد هذه المرضعة.
ولو أرضعت امرأة غلاماً مع بنت لها ثم ولدت بنتاً أخرى، لم يجز لهذا الغلام المرضَع أن يتزوَّج الأخرى، كما لا يجوز أن يتزوَّج الأولى.
فإن كان لهذا الغلام أخ لم ترضعه المرأة، جاز له أن يتزوَّجها؛ لأنها أجنبية منه، إذ هي أخت أخيه ولم يشرب من لبنها.
وكذلك لو أرضعت امرأة غلاماً، ولها ابن وللمرضَع أخت، جاز لابن المرضِعة أن يتزوَّج بأخت المرضَع، على قياس قول يحيى عليه السلام .
ويجوز للرجل أن يتزوَّج بامرأة أرضعت ابنه وبابنتها وأمهاعلى الانفراد، على قياس قول يحيى عليه السَّلام.(1/390)


باب كيفية الرَّضَاع الموجب للتحريم
وذكر مدته وصفة اللبن المُحَرِّم
يُحَرِّمُ من الرَّضَاع قليله وكثيره، إذا وُجد قبل انقضاء مدته، وسواء أُرضع المولود من الثدي أو حلب له فجعل في لخىوسقي، في إيجاب التحريم. قال أبو العباس: وكذلك السعوط، على أصل يحيى عليه السَّلام. قال رحمه اللّه: فإن حقن لم يحرم. قال رحمه اللّه: وإن خلط باللبن غيره من الماء، أو طعام، أو طبخ حتى يحيل اللبن/205/ وصار اللبن مغلوبا عليه، فإنه لايحرم، وإن كان اللبن غالبا حَرَّم.
قال: ولو خلط بلبن امرأة لبن غيرها من النساء كان القليل والكثير من المخلوط سواء في التحريم؛ لأن الشيء لا يغلب جنسه وإنما يغلب غيره.
قال القاسم عليه السَّلام - فيما حكاه عنه علي بن العباس -: لبن الميتة يُحَرِّم كلبن غيرها.
قال رحمه اللّه: ولبن البِكْر التي لم تنكح، كلبن غيرها في إيجاب التحريم، ولا يجوز استرضاع الكافرة إلا عن ضرورة، فإن أرضعت أوجبت التحريم، على ما ذكره أبو العباس رحمه اللّه.
ومدة الرَّضَاع حولان، فإن أرضع الصبي بعد استكماله الحولين لم يُحَرِّم.
ولو أن امرأة سقت زوجها لبنها بعد الحولين طالبة لفراقه لم تحرم عليه، على أصل يحيى عليه السَّلام.(1/391)

78 / 168
ع
En
A+
A-