ولو قذف أربع نسوة بكلمة واحدة، وجب عليه اللعان لكل واحدة منهن، على قياس قول يحيى عليه السَّلام.
ولو قذف رجل امرأة ثم تزوَّج بها فرافعته إلى الحاكم، لم يجب اللعان بينهما ولزمه الحد، على قياس قول يحيى عليه السَّلام. فإن قذفها في حال الزوجيَّة بزنا قبلهالزمه اللعان، على قياس قول يحيى عليه السَّلام.
قال أبو العباس: فسق الزوجين لا يمنع من اللعان، وهذا يقتضي أن الزَّوج إذا قذف امرأته ثم زنت قبل أن يلاعنها لم يسقط اللعان، ويجب على هذا إذا قذف الرجل محصنا أو محصنةثم ظهر من المقذوف أنه زنا بعد/197/ القذف، لم يسقط الحد عنه.(1/377)


باب الحضانة
الأم أولى بولدها الصغير إلى أن يعقل ويستغني بنفسه عن غيره، ما لم تتزوَّج، فإذا تزوَّجت بطلت حضانتها، سواء طلّقها الزَّوج أو لم يطلّقها، فإن لم يكن له أم فالجدة أم الأم أولى به، ثم سائر الجدات من قِبَل الأم، على ما ذكره أبو العباس وخرجه من كلام يحيى عليه السَّلام. وإذا لم يكن أم ولا جدات من قِبَل الأم، فالأب أولى به، فإذا لم يكن أب فالخالة أولى به. وقال في رواية (المنتخب) : الخالة أولى من الأب، ثم الأب بعدها، فإذا لم يكن خالة، فالجدة أم الأب أولى به، وكذلك الجدات من قِبَله وإن علون. فإذا لم تكن الجدات فالأخت من الأب والأم، فإذا لم تكن، فالأخت من الأم، على ما ذكره أبو العباس تخريجاً من قول القاسم عليه السَّلام.
قال أبو العباس: إذا انقطعت حضانة النساء لعدمهن وصارت الحضانة إلى الرجال، فأولاهم الأقرب فالأقرب من العصبات ذوي المحارم، كالأخ والعم، ومن لم يكن منهم محرماً كابن العم، وابن الخال، وابن الخالة، وابن العمة، فلا يد له في الجارية، كما نص عليه يحيى عليه السَّلام من أنهم غير أوليائها في السفر، ولهم في الغلام مثل ما للعصبة دون ذوي الأرحام.
قال رحمه اللّه: ومن كان من ذوي الأرحام كأب الأم والخال، ومن يكون من قِبَل النساء كالأخوة من الأم، والأخوة من الأم أولى من أب الأم والخال.
والصبي إذا عقل أمره واستغنى بنفسه عن غيره، فالأب أولى به من الأم، فإن لم يكن له أب، فالأم أولى به ما لم تتزوَّج، فإن تزوَّجت، خُيِّر الصبي بين أمه وعصبته.(1/378)


قال أبو العباس: في حد استقلال المولود بنفسه وانقطاع حضانة الأم عنه، هو: أن يتمكن من أن يأكل بنفسه ويشرب بنفسه ويلبس بنفسه.
وإذا تزوَّج الرجل امرأة ولها ولد من غيره، فليس له أن يمنعها من تربيته، إلا أن يقيمبإذنها من يكفله ويقوم مقامها في حضانته، ولا يجوز استرضاع الكافرة إلا لضرورة، فإذا كانت الحُرَّة تحت عبد، فولدت منه، كانت الأم أولى بالولد من الأب، وإن عقل الولد واستقل بنفسه وأطاق الأدب، فإن عتق الأب صار أولى به من الأم إذا بلغ الصبي هذا المبلغ.
وإذا/198/ خير الصبي بين أمه وعصبة أبيه، فاختار أحدهما ثم اختار الآخر حُوِّل إلى من يختار، على قياس قول يحيى عليه السَّلام.(1/379)


باب ذكر النَّفَقَة للزوجات
نفقة الزَّوجة واجبة على زوجها، وتجب عليه نفقتها على قدر يساره وإعساره على حسب الكفاية، وسواء كانت المرأة صغيرة أو كبيرة، مدخولا بها أو غير مدخول، ممن تصلح للجماع، أو لا تصلح، في وجوب النَّفَقَة، ما لم تحبس نفسها منه مع التمكن، فإن حبست نفسها منه مع التمكن، أو كانت كبيرة فنشزت فلا نفقة لها.
قال القاسم عليه السَّلام: إن منعت المرأة نفسها من زوجها مطالبة بمهرها؛ لم تسقط نفقتها. قال السيد أبو طالب: هذا إذا لم يكن دخل بها زوجها برضاها، فإن كان دخل بها زوجها برضاها، فليس لها أن تمنع نفسها منه لأجل المهر، فإن امتنعت فلا نفقة لها.
قال أبو العباس - في المرأة إذا كانت طاعنة في السن، أو رتقاء وقد رضي الزَّوج بها -: فلها النَّفَقَة، وكذلك التي جُنَّت.
والمطالبة بالنَّفَقَة إلى الزَّوجة إذا كانت بالغة، فإن كانت صغيرة، فلوليها أن يطالب عنها.
قال أبو العباس: الأولياء الذين لهم المطالبة بالنَّفَقَة عنها هم: الذين لهم الولاية في مالها، كالأب، أو الوصي، أو الجد، أو الحاكم.
قال: والوصي أولى من الجد، فأما من له مجرد ولاية النِّكاح فإنه ليس له أن يطالب بها كالأخ والعم وابن العم، وإن غاب الزَّوج وجبت عليه نفقة الزَّوجة مدة الغيبة طالت أم قصرت، فُرضت لها النَّفَقَة أم لم تفرض، نص عليه يحيى في (الفنون) .
وإذا مات الزَّوج وجبت لها النَّفَقَة في تركته، وإن ماتت هي كانت لورثتها، والذي حصله أبو العباس من المذهب أنها كالدين لو ماتاستحقتها من ماله، ولو ماتت لكانت لورثتها كالدين.(1/380)


قال رحمه اللّه: ولو أنفق ولي الصغيرة عليها عند مماطلة الزَّوج بنفقتها، أو أنفق وكيل الكبيرة بإذنها، أو أنفقت هي على نفسها، رُجِع على الزَّوج بما أنفق، إذا كانت النَّفَقَة بالمعروف، فإن وقع فيها سرف رجع بقدر المعروف.
ويُحبس الزَّوج بنفقة /199/ زوجته إذا امتنع منها، ولا يجوز للمرأة أن تَحْتَبس عنه إذا كان موضع الحبس مستوراً عن الناس، فإن لم يكن مستوراً جاز لها الإحتباس، وإذا عرف الحاكم إعساره خلى سبيله.
وإذا أسلم الكافر ولم تسلم امرأته، فلا نفقة لها، فإن أسلمت ولم يسلم الزَّوج، فلها النَّفَقَة ما دامت في العِدَّة، وللمطلّقة النَّفَقَة مادامت في عدتها قصر زمان العِدَّة أو طال، سواء كان الطَّلاق رجعياً أو بائناً. فإن كان الطَّلاق رجعياً فلها النَّفَقَة والسُّكْنى، وإن كانت مبتوتة فلها النَّفَقَة دون السُّكْنى. والمختلعة إن كانت خُولعت لا على النَّفَقَة فلها النَّفَقَة دون السُّكْنى. والمتوفى عنها زوجها فالنَّفَقَة واجبة لها - ما دامت في العِدَّة - من جميع التركة. قال أبو العباس: ولا سكنى لها.
وإذا تزوَّج حُرٌّ أمَةً، كانت نفقتها على الزَّوج إذا سُلِّمَت إليه، فإذا استولدها كانت نفقة الأولاد على مولى الجارية، إلا أن يشترطها على الزَّوج فتلزمه.
والأمَة إذا تزوَّج بها عبد كانت نفقتها على سيد العبد، إذا سُلِّمت الأمَة إلى زوجها. قال أبو العباس: متى كانت الأمَة مشغولة بخدمة مولاها، فلا نفقة لها إلا في النادر من الخدمة ويسيرها التي لا يُبَالى به.(1/381)

76 / 168
ع
En
A+
A-