فإن نكل الزَّوج أو المرأة عن اللعان ثم عاد إليه بعد الأخذ في إقامَة الحد عليهما، قُبِل ممن يعود إلى اللعان منهما، وسقط عنه ما بقي من الحد.
وإذا نفى الزَّوج حمل امرأته، فإن وضعت لأقل من ستة أشهر من وقت النفي لاعنها، وإن وضعت لأكثر من ذلك لم يلاعنها.
ولا يصح اللعان على نفي الحمل مطلقاً، على قياس قول يحيى عليه السَّلام فيما خرجه أبو العباس. ولا لعان في النِّكاح الفاسد، على قياس قول يحيى عليه السَّلام فيما خرجه أبو العباس الحسني رحمه اللّه.
وإذا لاعن الرجل امرأته ونفى ولدها ومات الولد فاقتُسم ميراثه، ثم أكذب نفسه وأقر بالولد، لم يستحق شيئاً من إرثه، ولا يرجع على الذين اقتسموا ميراثه من أمه وعصبة أمه بشيء، فإن كان لهذا الابن الميت ولد ثبت نسبه من جده واعْتَزا إليه.
وإذا قذف الرجل امرأته برجل بعينه أقيمعليه الحد للمقذوف، سواء لاعن زوجته أو لم يلاعنها، فإن كان حين قذفها بالرجل نسب الولد إليه، فادعى المقذوفُ الولد الذي نفاه القاذف سقط الحد عن القاذف، ولم يثبت نسب الولد من المقذوف، ويكون الولد ملحقا بالزوج القاذف حتى يلاعنها، فإذا لاعنها على نفي الولد انتفى نسبه منه.
قال أبو العباس: إذا قذف امرأته ونسب الولد إلى رجل بعينه لا يكون قاذفاً له بهذا القول، حتى يقول: إنه من فلان من زوجتي، فقد يجوز أن يقول: إنه من فلان من زوجته. وإذا أقر المقذوف بالولد وأنه منه من زوجة فلان يكون مقراً بالزنا، ولكن لا يحد بإقراره بذلك مرة واحدة. قال رحمه اللّه: فإن أقر على هذا الوجه أربع مرات، حُدَّ.(1/372)


وإذا جاءت المرأة بولد فنفاه الزَّوج عن نفسه وعنها، فعلى المرأة البَيِّنة أنها ولدته على فراشه، فإن أقامت البَيِّنة ثم نفاه الرجل بعد/194/ ذلك، وجب اللعان.
قال أبو العباس: ولو قذف رجل امرأته في حال الصحة، ثم جُنَّت، لاعنها إذا ثاب عقلها وطالبت به. قال السيد أبو طالب رحمه اللّه: وكذلك لو قذفها في حال الجنون مضيفاً للزنا إليها في حال الصحة، على قياس قول يحيى عليه السَّلام.
وإذا طلّق الرجل امرأته ونفى ولدها وهي في عِدَّة منه، لاعنها، سواء كانت في عدتها عن طلاق رجعي أو بائن، أو بتطليقتين أو ثلاث.
قال أبو العباس: وإن قذفها وطلّقها بعد قذفها، فطالبته باللعان بعد انقضاء العِدَّة، حُدَّ لها ولم يكن بينهما لعان، وإن طالبته به قبل مضى العِدَّة لاعنها.
وإذا أقر الرجل بالولد مرة واحدة أو سكت حين يولد على فراشه أو بشر به، ثم نفاه بعد ذلك، لم يصح نفيه وكان نسبه ثابتاً منه.
قال أبو العباس: يجب على أصل يحيى عليه السَّلام أنه إن وُلِدَولم يعلم بولادته يكون لهنفيه إذا علم بذلك، فإن علم به ولم ينفه لا يكون له نفيه إلا أن لا يعلم أن له نفيه، فإن لم يعلم ذلك كان له نفيه متى علم، والقول قوله في ذلك مع يمينه.
قال رحمه اللّه: وإذا نفاه وأعلنه بالإشهاد، صح النفي منه، تلاعنا أو لم يتلاعنا، ولكن لا ينتفي الولد مالم يتلاعنا.(1/373)


ولا يبطله ترك الإلتعان شهد أو غاب، استحضره السلطان أم لا؛ لأن المطالبة باللعان إليها، فإن رافعته إلى الحاكم فأبا لم يبطل نفيه، وكذلك لو أحضره فلم يلتعن حتى يحدّ لإبائه الإلتعان، فيبطل حينئذ ويلزمه الولد، على موجب نص يحيى عليه السَّلام.
قال رحمه اللّه: والولد ينتفي بنفي الحاكم، كما أن الفرقة تقع بتفريق الحاكم عنده.
وإن نفى الولد بعد الإقرار به أو بعد زمان طويل من وقت الولادة، وجب اللعان، ونسب الولد ثابت، التعنا أو لم يلتعنا، على قياس قول يحيى عليه السَّلام.
وإن مات أحدهما بعد القذف وقبل الملاعنة، ورثه الآخر.
قال السيد أبو طالب رحمه اللّه: ولو التعنا ولم يفرق الحاكم بينهما، توارثا أيضا، على موجب نص يحيى عليه السَّلام.
ولو أن امرأة تزوَّجت وهي في عِدَّة من زوجها، فجاءت بولد لأقل من ستة أشهر منذ دخل بها الثاني، ولدون أربع سنين منذ طلّقها الأول، فهو للأول، فإن نفاه لاعَنَها، وهو منه/195/ حتى يلتعن، أو يُحَدّ إن لم يلتعن.
وإن ولدته لأكثر من ستة أشهر منذ دخل بها الآخر فهو للآخر، وكذلك لو جاءت به لأقل من ستة أشهر منذ طلّقها الأول، فهو للأول أقرت بانقضاء العِدَّة أم لا.
وإن نكحت بعد انقضاء العِدَّة، فأتت به لدون ستة أشهر، لم يكن لواحد منهما، وحُدّت، فإن نقص منها يوم، فهو للثاني؛ لأن الشهر قد يهل تسعة وعشرين يوماً.
ولو قال لها: يا زانية. فقالت: زنيتُ بك أو زنيتَ بي، فلا حد على واحد منهما. قال أبو العباس: ولا لعان بينهما.
ولو قال لها: لم أجدك عذراء، فلا لعان؛ لأن العُذْرة قد تذهب بغير الوطئ.(1/374)


قال أبو العباس: ولو قال: زنيتِ وأنتِ يهودية أو مملوكة أو مجنونة أو صبية. وقد كانت على التهود، أو الرق، أو الجنون، فلا لعان.
قال رحمه اللّه ولو قال لها: ما هذا الذي ولَدتِ مني. ثم قال: هو مني. ثبت نسبه بإقراره، وحُدَّ لها بتكذيب نفسه. فإن قال: عنيت بأنه ليس مني أنها لم تلده، فلا حد ولا لعان، فإن أتت بامرأة عدلة تشهد بأنها ولدته، ثبت نسبه منه إلا أن ينفيه باللعان.
قال: ولو أقر بولده وقال: هو ابني، ثم قال: ليس بابني، التعنا، كما لو نفاه كبيراً أو ثابت النَّسَب منه لاعنها، فإن ولدت بعد اللعان آخر لدون أدنى الحمل، فأقر به، حُدَّ ولزمه الولدان؛ لأنه حمل واحد. قال: وقد نص على معناه في باب العِدَّة، يعني يحيى عليه السَّلام. فإن نفاه انتفا واكتفي باللعان الأول عن ملاعنتها آخراً. قال السيد أبو طالب: وعلى هذا إن ولدت توأمين فنفى أحدهما، كان نافيا للآخر وإن أقر بأحدهما كان مقراً بالآخر.
قال أبو العباس: فإن اتت به بعد اللعان لأربع سنين أو ستة أشهر فهو حمل ثانٍ، ويلزمه الولد لموضع الفراش بكل حال، ولا ينتفي إن نفاه؛ لأن النفي يكون باللعان ولا مساغ له لتأبد التحريم، والفرقة باللعان الأول قد حصلت.
قال محمد بن يحيى - في رجل قال لامرأته: أنت أزنا الناس -: يُسألُ عما أراد بهذا القول، فإن قال: أردت بأنها تزني، لاعنها، وإن قال: أردت الاستفهام، لم يكن قاذفاً.
فإن قال لها: ما أظنك إلا زانية، فليس بقاذف/196/؛ لأنه لم يقطع باليقين فيه.(1/375)


قال: ولو قال لها ومعها أجنبية: إحداكما زانية. فإنه لم يرم بالزنا واحدة منهما بعينهافلا يكون قاذفاً، فإن قال: أردت فلانة منهما، كان قاذفاً.
ولو قال لامرأته: خذي مني زنوتك، وقال: أردت أنها حملته من زنا، لاعنها إن قال ذلك حين الولادة، فإن قال ذلك بعد مدة أو إقرار به، لم يكن له نفيه وحُدَّ لها - يعني إذا لم يلاعنها -.
قال رضي اللّه عنه: فإن قال لامرأته: يازاني، وقال: إنما عنيت رجلاً ولم أعْنِها؛ لأنه من خطاب التذكير، فلا حَدَّ، فإن قال: أردتها كان قاذفاً ووجب الحد.
قال أبو العباس: إذا نفى الرجل ولد زوجته فمات الولد قبل اللعان، ثم رافعته لزمه الولد، وكذلك لو كانا ولدينفماتا أو مات أحدهما قبل اللعان، لزمه اللعان ويرثهما.
قال رحمه اللّه: فإن عفت المرأة عن زوجها القاذف لها عند الحاكم، لم يسقط اللعان بعفوها عنه - عند القاسم -، كما لا يُسْقِط عفوُ المقذوف الحد عن قاذفه بعد الرفع.
ومن قال لابن ملاعنة: لَسْتَ بابن فلان يعني الملاعن لأمه، حُدَّ للملاعنة إن طالبته به. قال أبو العباس: هذا إذا لاعنها بغير الولد، فإن كان لاعنها بالولد فالنفي صدق، إلا أن ينسبها إلى الزِّنا، فيحد إن طالبته به.
قال القاسم عليه السَّلام - فيما حكاه عنه علي بن العباس في مجموعه -: لا لعان بين الأخرس والخرساء، وهذا يقتضي أن لا لعان بين الأخرس وبين امرأته سواء كانت سليمة أو خرساء.
وإذا لاعن الرجل امرأته بالفارسية، صح اللعان، على قياس قول القاسم عليه السَّلام.(1/376)

75 / 168
ع
En
A+
A-