قال أبو العباس: إن كانت الرَّجْعَة بالوطء - فهو فيء -.
معنى قول يحيى عليه السَّلام: ثم راجعها ولم يفء. المراد به إذا كانت الرَّجْعَة بالقول دون الوطء.
قال رحمه اللّه: وإن انقضت عدتها قبل الفيء، بانت منه ولم يكن مُوْلِياً، فإن تزوَّجها بولي وشهود، عاد عليهالإيلاء في مدة الإيلاء.
قال رحمه اللّه: ولو طلّقها ثلاثاً ثم تزوَّجها في مدة الإيلاء، لم يكن مُوْلِياً.
وقال: روى بعض أصحابنا فيما جمعه عن القاسم عليه السَّلام: أن الحُرّ والعبد سواء في مدة الإيلاء، حُرَّة كانت الزَّوجة أو أمَة. قال: وعلى هذا المدخول بها وغير المدخول بها، والصحيح من الأزواج والخصي مجبوباً كان أو غيره، والصحيحة من النساء والرتقاء سواء في صحة الإيلاء.
قال رحمه اللّه: ولا يصح إيلاء الكافر، ذمياً كان أو غير ذمي، على أصل يحيى عليه السَّلام.
قال: ولو حلف أن لا يقرب نساءه أربعة أشهر فصاعداً، كان مُوْلِياً منهن إذا نوى الإيلاء من كل واحدة منهن، على أصل يحيى عليه السَّلام.
قال: ويوقف بعدانسلاخ المدة لكل واحدة منهن حتى يطأ الثلاث، وتبقى واحدة، فإن ماتت واحدة بعد إيلائه منهن أو أكثر فهو مولٍ من البواقي، على أصل يحيى عليه السَّلام، وإن سقط الحنث. ولو طلّق بعضهن كان مُوْلِياً ويوقف للواتي لم يطلّقهن.(1/367)


قال: ولو ظاهر ثم آلى فعليه كفارة الظِّهار، وكفارة الإيلاء، وهو ممنوع بالظِّهار من وطئها حتى يُعتِق، فإذا وطئها فعليه كفارة الإيلاء؛ لأن كفارته بعد الوطئ، وكفارة/191/ الظِّهار قبله، وكذلك لو آلى ثم ظاهر كان ممنوعاً من الوطءِ للظهار، والكفارتان على الترتيب الأول. فإن كفر لإيلائه ووطأ، عادت الكفارة عليه ثانياً، إذ لا كفارة قبل الحنث.
وقال: ولو قال: والله لا أقربك أربعة أشهر حتى أحرر عبدي، لم يكن مُوْلِياً، على أصل يحيى عليه السَّلام، وكذلك لو قال: لا أقربك أربعة أشهر إلا يوماً.
قال: فإن حلف أن لا يطأها خمسة أشهر إلا يوماً، وكان باقي المدة بعد الوطئ أربعة أشهر فصاعداً فهو مولٍ، وإن كان دونها فهو غير مولٍ.
قال: ولو قال: والله لا أقربك سَنَة، ثم بعدها سنة، يكون الإيلاء الثاني بعد السنة، فيوقف للأول بعد أربعة أشهر، ثم للثاني إذا مضت من السنة أربعة أشهر. قال: وسواء فاء في الأول بعد المدة أو طلّق وراجع، أو كان الطَّلاق بائناً فتزوَّج بها، فإن كان رجعياً ولم يراجعها حتى مضت مدة الإيلاء الثاني، لم يوقف، على أصل يحيى عليه السَّلام؛ لأنه يأبى الطَّلاق بعد الطَّلاق، إذا لم يكن بينهما رجعة. قال: وعلى هذا الأصل لا يصح الإيلاء من المطلّقة.
قال: ولو قال: والله لا أقربك سنة، ثم شَرَك بينها وبين غيرها من امرأةٍ له أخرى، كان مُوْلِياً من الأولى فقط، ولا يشبه الظِّهار والطَّلاقفإنما يكون مظاهراً من الثانية أو مطلّقاً لها.
وإن آلى بالفارسية بلفظ يفيد معناه، كان مُوْلِياً، على قياس قول القاسم و يحيى عليهما السَّلام.(1/368)


ولو قالت امرأة الْمُوْلِي: قد عفوت عن مطالبته بالوقف، ثم طالبته بذلك صحت المطالبة، على قياس قول يحيى عليه السَّلام.(1/369)


باب اللعَان
اللعان يثبت بين الزَّوج والمرأة، إذا كان الزَّوج ممن يجب عليه حد القاذف، وتكون المرأة ممن يستحق قاذفها الحد، على مقتضى نصوص يحيى، فحصل من هذا العَقْد: أن مِنْ شرط اللعان بينهما أن يكونا جميعاً بالغين عاقلين مسلمين حرين، أو تكون الزَّوجة حُرَّة. فإن كانا صغيرين أو أحدهما صغيراً فلا لعان بينهما، وإن كانا مجنونين أو أحدهما مجنوناً فكذلك/192/، وإن كانا كافرين أو مملوكين فكذلك، فإن كان الزَّوج مملوكاً والمرأة حُرَّة صح اللعان بينهما. وإن كانت المرأة مملوكة والزوج حراً أو عبداً فلا لعان بينهما.
قال أبو العباس: وإن كان الزَّوج محدوداً في القذف صح لعانه قبل التوبة وبعدها، وإن كانت المرأة رَتْقَاء، فلا لعان.
قال: ولا لعان بين الرجل وأم ولده، ولا بين المجنونة وزوجها، فإن قذفها في حال الصحة ثم جُنَّت ثم ثاب إليها عقلها، لاعنها إذا طالبت به.
ويجب اللعان إذا قذف الزَّوج امرأتهورماها بالزنا، أو نفى ولدها، ولم يأت بأربعة يشهدون بما رماها به من الزِّنا، فحينئذ أحضرهما الحاكم ووعظهما وخوفهما بالله من الإقدام على اللعان، وحثهما على التصادق والتوبة، فإن نكل الزَّوج، حُدَّ حَدَّ القاذف ثمانين، وألحق به الولد، وإن نكلت المرأة حُدَّت حد مثلها.
قال أبو العباس: وإذا كان الزَّوج عبداً، حُدَّ أربعين.(1/370)


وذكر أن نكول المرأة يجب أن يكون أربع مرات، حتى تستوجب الحد، ونكول الزَّوج يكفي مرة. قال: لأن نكول المرأة كالإقرار على نفسها بالزنا، وتصديق للرجل فيما رماها به. والإقرار بالزنا لايثبت به الحد، إلا إذا أقر أربع مرات، ونكول الرجل تحقيق للقذف وإقرار به، والإقرار بالقذف مرة واحدة يحب به الحد.
فإذا أرادا اللعان أحضرهما الحاكم ويكون الولد في حجر المرأة إن كان هناك ولد منفي، فيقول الحاكم للزوج: قل - مشيراً إلى المرأة -: والله العظيم إني لصادق فيما رميتكِ به من الزِّنا ونفى لولدك، ويأمره بأن يكرر ذلك أربع مرات، فإذا كرره يقول في الخامسة: لعنة اللّه علي إن كنت من الكاذبين فيما رميتك به من الزِّنا ونفي لولدك. فإذا قال ذلك، تقول المرأة: والله العظيم إنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزِّنا ونفي ولدي هذا، وتكرر ذلك أربع مرات، ثم تقول في الخامسة: غضب اللّه علي إن كان من الصادقين في ما رماني به من الزِّنا ونفي ولدي هذا. فإذا قالا ذلك فقد تم اللعان بينهما وانتفى نسب الولد.
وإذا تلاعنا فرَّق الحاكم بينهما ولم يجتمعا أبداً، نص على هذا في (الأحكام) ، وفي رواية (المنتخب) /193/: إذا رجع الزَّوج عن دعواه بعد اللعان واكذب نفسه وتاب وأقيم عليه الحد جاز أن يتزوَّجها بنكاح جديد.
ويُبدأ في اللعان بالزوج، على مقتضى نص يحيى عليه السَّلام.
قال القاسم عليه السَّلام - فيما حكاه عنه أبو العباس -: لا يسع فعل اللعان في مسجد من المساجد.
وفُرقة اللعان فسخ، على قياس قول يحيى عليه السَّلام فيما خرجه عنه أبو العباس.(1/371)

74 / 168
ع
En
A+
A-