قال رحمه اللّه: فإن قال لها: أنت طالق ثلاثاً للسُنَّة؛ فكأنه قال: أنت طالق عند كل طهر بعد الرَّجْعَة بين كل تطليقتين، فإن راجع بلسانه في كل طهر من غير جماع طلّقت؛ حتى تستوفي ثلاثاً على السُنَّة، فإن قال لها: أنت طالق للسُنَّة، ولم يذكر ثلاثاً، فإن كانت طاهراً ولم يجامعها فيه وقع الطَّلاق، وإن كانت حائضاً أو طاهراً كان جامعها في ذلك الطهر وقع الطَّلاق إذا طهرت طهراً لم يجامعها فيه، فإن قال لها: أنت طالق الساعة إن كان الطَّلاق يقع عليك للسُنَّة. فإن كانت طاهراً ولم يجامعها في ذلك الطهر وقعت تطليقة واحدة، وإن كانت حائضاً أو طاهراً وقد جامعها في ذلك الطهر لم يقع شيء.
فإن قال لها: أنت طالق إن كان يقع عليك الطَّلاق الساعة للبدعة وقعت تطليقة واحدة؛ إن كانت حائضاً أو طاهراً قد جامعها في ذلك الطهر، فإن كانت طاهراً ولم يجامعها فيه لم يقع شيء. فإن قال: إن كان يقع عليك، وقعت تطليقة واحدة على أية حال كانت، تخريجاً على أصل يحيى عليه السَّلام.(1/332)


ولو أن رجلاً قال لنسوة له وهن ثلاث أو أربع: إحداكنَّ طالق. ولم يعيِّن واحدة منهن، طَلَّق من لم يطلّق منهن. فيقول لكل واحدة: أنت طالق إن لم أكن/170/ طلّقتك. ثم يراجع من أحب منهن، فيكون اللبس قد ارتفع. قال أبو العباس رحمه اللّه: وهذا إذا لم يكن قد طَلَّق قبل ذلك شيئاً، أو يكون قد طلّقهن تطليقة وراجع، فإذا طلّق سوى من طلقت بهذا القول، فقد رفع الالتباس وتكافين بتطليقة أو تطليقتين. قال: فإن كان طلّق قبل هذا القول واحدة منهن فقط وراجعها؛ راجعهن كلهن لإمكان تبني الطَّلاق بهذا على تلكالمطلّقة فلا يستفيد بتطليقهرفع الالتباس، ولو كان طلّق بدئاً واحدة تطليقتين وراجعها راجع البواقي وفارق المطلّقة، فإن خفيت عليه فارقهن كلهن، وإن لم يرد رفع الإلتباس راجعهن لا غير؛ قبل انقضاء عدتهن.
قال السيد أبو طالب: قوله: إنه إذا لم يرد رفع الإلتباس راجعهن، على معنى أنه يراجع من لم يطلّقليس بواضح عندي.(1/333)


قال رحمه اللّه: فإن مات قبل مراجعتهن ولم تنقض عدتهن وقد دخل بهن، كان ميراث الأربع بينهن ولهن مهورهن، وإن انقضت عدتهن ولم يدخل بهن؛ فهو الذي نصه القاسم عليه السَّلام في رواية النيروسي، أن ميراث الثلاث بينهن ولهن ثلاثة مهور ونصف مهر إذا لم يكن دخل بهن، وهو أن ينقص من مهر كل واحدة ثمنه إئتلفت أو اختلفت مهورهن، فإن اختلفت مهورهن فإن دخل بهن إلا واحدة منهن فلهن مهورهن، ولتلك الواحدة ثلاثة أرباع مهرها، فإن لم يدخل باثنتين فحسب، فمهرٌ وثلاثة أرباع مهر بينهما، فينقص من مهر كل واحدة ثمن، وأما الميراث فللمدخول بها نصفه ونصف سدسه، وللآخريين ثلثه ونصف سدسه.
قال محمد بن يحيى رضي اللّه عنه فيمن قال: امرأتي طالق، وله أربع نسوة: طلّقن كلهن إذا لم يعين بنِيَّتِهِ واحدةً منهن.
ولو أن رجلاً نادى امرأة من نسائه قد عزم على طلاقها فأجابته أخرى، فقال: أنت طالق. وقع الطَّلاق على من كان أراد طلاقها دون من أجابته.
قال أبو العباس رحمه اللّه: فإن التبست عليه يعني من نواها بالطَّلاق، كان الحكم في ذلك - على ما رواه النيروسي عن القاسم عليه السَّلام - حكم من قال: إحداكن طالق من غير تعيين.
ولو أن رجلاً قال لامرأته: بعضك طالق أو نصفك أو جزء منك طالق أو يدك أو رأسك/171/ أو أصبع منك أو غير ذلك من أعضائها وقع عليها الطَّلاق، على قياس قول يحيى عليه السَّلام.
ولو أن رجلاً قال لامرأته: أنت طالق، أو قال: أنت طالق تطليقة أو تطليقتين أو ثلاثاً أو أكثر من ذلك، أو بعض تطليقة، وقعت تطليقة واحدة.(1/334)


ولو أن رجلا قال لامرأته: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق. وقعت تطليقة واحدة.
فإن قال لها: أنت طالق، ثم قال: راجعتك، ثم قال: أنت طالق، ثم قال: راجعتك. ثم قال: أنت طالق. ثم قال: راجعتك، وقعت ثلاث تطليقات، سواء كان ذلك في مجلس أو مجلسين أو أكثر من ذلك، ولا يكون مطلّقاً على السُّنَّة.
وإذا لم يكن الرجل دخل بامرأته لم يصح منه أن يطلّقها ثلاثاً، حتى يبتدئ النِّكاح ثلاثاً، على أصل يحيى عليه السَّلام.(1/335)


باب الطَّلاق المشروط والمؤقت وذكر الحلف به والإستثناء
الطَّلاق المشروط: هو الذي عُلِّق وقوعه لحادث يحدث، أو انتفاء ما يجوز حدوثه، نحو أن يقول الرجل لامرأته: إن فعلت كذا فأنت طالق، أو إن فعلت كذا فأنت طالق. وكذلك إن قال إن فعل غيرها، نحو أن يقول: إن قدم زيد. أو يقول: إن لم أفعل، أو إن لم تفعلي، أو إن لم يفعل غيرهما.
والمؤقت أن يقول: إذا كان نصف النهار، أو إذا كان غداً، أو رأس الشهر، أو رأس السنة، فأنت طالق.
فإن حلف بالطَّلاق كاذباً، أو حلف به ثم حنث، وقع الطَّلاق، إلا أن يكرهه عليه من يخاف منه القتل، أو الضرب، أو الحبس من سلطان ظالم، أو عدو متعد، وسواء حنث وهو متعمد أو ناس في وقوع الطَّلاق، على قياس قول يحيى عليه السَّلام.
ولو أن رجلاً قال لنسوة له: إن دخلتن الدار فأنتن طوالق، أو قال لواحدة منهن: أنت طالق يا فلانة، وأنت يا فلانة طالق إن دخلتن الدار. وقع الطَّلاق عليهن عند دخولهن على حسب نيته، وذلك يكون على وجوه ثلاثة.
أحدها: أن ينوي بأن أية واحدة منهن دخلت الدار طلقت، فهذا يوجب أن من تدخلها منهن تطلق ومن لا تدخلها لا تطلق.
والثاني: أن ينوي أنهن إن دخلن مجتمعات طلقن؛ وهذا يوجب/172/ أنهن متى دخلنها مجتمعات وقع الطَّلاق عليهن، فإن دخلن مفترقات لم يطلقن.
والثالث: أن ينوي أن جميعهن إن حصل منهن دخولها مفترقات أو مجتمعات طلقن، وهذا يوجب أن جميعهن إذا دخلن الدار مجتمعات كن أو مفترقات طلقن، فإن دخلها بعظهن دون جميعهن لم تطلق من دخلت.(1/336)

67 / 168
ع
En
A+
A-