ولو تزوَّج حُرّ أمَة فاستولدها، كان الأولاد مماليك لسيد الأمَة، إلا إن يشترط الزَّوج عليه حريتهم فيكونون أحراراً، وإن تزوَّج العبد حُرَّة فاستولدها، كان أولادها أحراراً، وإن تزوَّج مملوكةً، كان الأولاد مماليكاً لمولى الأمَة، فإن اشترط مولى العبد أن يكون الأولاد بينهما، كان هذا الشرط باطلاً، فإن وفي مولى الأمَة بالشرط كان حسناً. قال أبو العباس: وإن كان مولى العبد زاد في مهرها لأجل هذا الشرط أسقطت الزيادة على مهر المثل، إن لم يفِ به.
وإذا تزوَّج العبد بإذن مولاه فالمهر عليه، فإن طلّقها العبد قبل الدخول فعليه نصف المهر، فإن لم يكن فرض لها مهراً فعليه المتعة.
وإذا تزوَّج حُرّ أمَة كانت نفقتها على الزَّوج إذا سُلِّمت إليه وخُلِّي بينه وبينها، فإن جرى بين الزَّوج وبين مولى الأمَة شرط في النَّفَقَة كانت النَّفَقَة على من شُرطت عليه منهما، وليس لمواليها أن يمنعوها من الزَّوج ولا من المبيت عنده، ولهم أن يبيعوها، وأن يخرجوها من بلد إلى بلد، فإن استولدها كانت نفقة الأولاد على مولى الجارية، إلا أن يشرطها على الزَّوج، فتلزمه.
وإذا تزوَّج العبد حُرَّة فسُوفِر به، كان له أن يخرج زوجته ونفقتها على مولى العبد، فإن اشْتُرِيَ العبد، كانت نفقتها على المشتري، فإن ولدت منه أولاداً، كانت نفقة الأولاد على الأم.(1/317)
وورود الملك على النِّكاح يفسده، سواء تناول الملك جميع الرقبة أو جزءاً منها. فإذا تزوَّج العبد بِحُرَّة ثم ملكته الحُرَّة أو بعضه بطل النِّكاح وانفسخ، ولم يكن ذلك طلاقاً، فإن أعتقته جاز لهما أن يستأنفا النِّكاح. قال أبو العباس: إن لم يكن الزَّوج دخل بها فلا مهر لها، على قياس قوله [يعني يحيى عليه السَّلام]. قال: فإن اشترته بمهرها صح الشراء عيناً كان المهر أو ديناً، وتغرم قيمته إن اشترته قبل الدُّخول إن كان عيناً، أو مثله إن كان ديناً، سواء كان المولى ضامناً للمهر أو لم يضمنه/161/.
وإذا تزوَّج الحر أمَة ثم اشتراها قبل الدخول أفسد الملكُ النِّكاحَ، وكان له أن يطأها بالملك، ويكون فساده انفساخاً لا طلاقاً، ولم يكن لمولاها البائع لها أن يطالبه بنصف صَدَاقها الذي تزوَّجها عليه، وإن أحَبَّ هذا الذي اشتراها أن يزوجها أو يبيعها أو يهبها أو يعتقها، كان له ذلك. فإن كان حين تزوَّجها دخل بها فسد النِّكاح أيضا، وكان له أن يطأها بالملك، ويجب لبائعها عليه المهر مهر مثلها، وإن أراد هذا الذي اشتراها أن يبيعها أو يزوجها لم يجز له ذلك حتى يستبرئها بثلاث حيض. قال أبو العباس: ويطئها من غير استبراء، فإن كان الزَّوج طلّقها ثم اشتراها، كان له أن يطأها وهي معتدة منه.(1/318)
ولو أن مُكَاتَباً كان تزوَّج أمَة قبل كتابته بإذن سيده، ثم اشتراها في حال كتابته لم يفسد النِّكاح، وكان له أن يطئها بالنكاح، فإذا أدَّى مالَ الكتابة وعتق، فسد النِّكاح، وكان له أن يطئها بالملك، ويجب لها المهر، وليس للمكاتب إذا اشترى جارية أن يطئها أو يزوجها أو يعتقها، فإن اعتقها، كان العتق موقوفاً، على قياس قول يحيى عليه السَّلام.
ولو أن رجلاً كانت تحته أمَة فطلّقها ثلاث تطليقات، ثم مَلِكَها لم يجز له أن يطأها حتى تنكح زوجاً غيره ويدخل بها، وكذلك إن كان سيدها وطأها بعد تطليقه لها ثلاثاً لم تحل له.
ولا يجوز للرجل أن يجمع بين أختين مملوكتين في وطء، ويجوز له أن يجمع بينهما في الملك، ويجوز له أن يطأ كل واحدة منهما على الانفراد من دون صاحبتها، فإذا وطئ إحدهما لم يجز له أن يطأ الأخرى، حتى تخرج الموطؤة عن ملكه ببيع أو هبة لا يجوز له الرجوع فيها، أو عتق، فإن زوجها لم يجز له أن يطأ الأخرى، سواء زوجها من عبد له أو حُرّ أجنبي.
قال أبو العباس: إن ملك إحدى الأختين المملوكتين ووطئها وعقد على الأخرى نكاحاً، كان النِّكاح باطلاً، وإن لم يكن وطئها، كان النِّكاح صحيحاً ويطأ إحداهما ولا يطأ الأخرى، فإن كان تزوَّج بإحداهما أولاً ووطئها ثم اشترى الأخرى، لم يجز له وطئها حتى يطلّق الأولى منه طلاقاً بائناً لا رَجْعَة له فيه.
وإن أذن المولى لعبده في النِّكاح فتزوَّج نكاحاً فاسداً، ودخل بها لم يلزم سيده مهر المثل، على قياس قول يحيى عليه السَّلام/162/.(1/319)
باب أحكام الإماء في الإستبراء واستباحة الوطء وما يتصل بذلك
استبراء الأمَة واجب على البائع والمشتري جميعاً، فمن كانت عنده جارية وأراد يبعها وجب عليه أن يستبرئها قبل البيع بحيضة، وكذلك المشتري يجب عليه أن يستبرأها قبل وطئها بحيضة، ولا يجوز أن يطئها قبل ذلك، فإن كانت آيسةمن الحيض بأن تكون صغيرة أو كبيرة أُسْتُبرأت قبل البيع بشهر، وكذلك بعده بشهر.
قال أبو العباس: روى علي بن العباس عن يحيى بن الحسين عليه السَّلام بطلان البيع بترك الإستبراء. قال أبو العباس: وسواء كان البائع لها رجلا أو امرأة باعت أو ابتاعت، وسواء كانت المبيعة ثيبةً أو بِكْراً في وجوب الاستبراء.
فإن اشترها وهي حائض لم يجز للمشتري أن يعتد بتلك الحيضة في الإستبراء، ووجب عليه أن يستبرئها بحيضة مستأنفة في ملكه.
فإن اشتراها فحاضت حين حصلت في ملكه اعتدت بتلك الحيضة، فإن اشتراها وهي حامل فوضعت عنده، كان ذلك استبراء وجاز له وطئها عند انقضاء نفاسها.
وإذا يئست المرأة لم يجز وطئها حتى تستبرئ بحيضة إن كانت حائلاً، أو تضع إن كانت حاملاً.
ومن اشترى أمَة وأعتقها وتزوَّج بها، لم يجز له أن يطئها إلا بعد الإستبراء.
وإذا قال رجل أو امرأة لرجل: قد أحللت لك فَرْجَ جاريتي هذه، أو أنحلتك، أو أعرتك، لم يحل له وطئها بهذا القول، فإن وطئها عالماً بالتحريم لزمه الحد، وإن لم يكن عالما بالتحريم درئ عنه الحد للشُّبْهة، ولزمه المهر.(1/320)
قال القاسم عليه السَّلام: لا يجوز لمسلم أن يطئ أمته إذا كانت مجوسية، كما لا يجوز أن يتزوَّج بها إذا كانت حُرَّة، وعلى هذا نص يحيى عليه السَّلام في جميع الذِّمِّيَّات.
وقال في بعض المسائل: ولا يجوز أن يفرق بين الجارية المسبية وولدها. قال القاسم عليه السَّلام: إذا كان الولد كبيراً جاز التفريق، ولا يجوز ذلك إذا كان صغيراً.
وإذا اشترك رجلان في أمَة لم يحل لواحد منهما وطئها، فإن وطئها أحدهما درئ عنه الحد للشبهة، وكان لشريكه عليه نصف عقرها، فإن استولدها ضمن لصاحبه مع نصف العقر نصف قيمتها يوم حملت، ونصف/163/ قيمة الولد يوم ولد، فإن كان الواطئ أخا شريكه فيها أو أباه أو جدَّه أو ابنه لزمه نصف عقرها ونصف قيمتها، وسقط عنه نصف قيمة الولد، وكذلك القول إذا كانت الأمَة بين شركاء.
قال أبو العباس: إذا وطئاها جميعاً ولم تلد فالعقر بالعقر قصاصاً ولا يلزمهما شيء، وإن ولدت ولداً فادعياه لم يلزمهما شيء؛ لأن ما يجب لأحدهما على صاحبه يقاص ما لصاحبه عليه.(1/321)