وإذا كانت أمَة بين رجلين، فوطئاها جميعاً، فجاءت بولد، فادعياه جميعاً وكانا حُرَّيْن مسلمين، ألحق الولد بهما يرثهما ويرثانه، وإن مات أحدهما، كان للباقي منهما، على معنى أنهما يتوارثان، وإن ادعاه أحدهما وشك فيه الآخر فلم يدعه، أُلحق بمن ادعاه، فإن كان أحدهما مسلماً والآخر ذمياً، أو كان أحدهما حُراً والآخر عبداً، ألحق الولد بالمسلم دون الذمي، وبالحر دون العبد.
ولا يصح الرجوع إلى قول القَافَةفي إثبات الأنساب، على أصل يحيى (ع).(1/312)


باب ما يُرَدُّ به النِّكاح وما لا يُرَدُّ
يرد النِّكاح بأربعة من العيوب: الجنون، والجذام، والبرص، والقَرَن. والرَّتَق في معنى القرن، على قياس قول يحيى عليه السَّلام، وكذلك الزَّوج إذا كان به أحد هذه العيوب الثلاثة ردت المرأة النِّكاح إن أحبت، نص عليه أحمد بن يحيى عليه السَّلام. قال: فإن كان دخل بها فلها المهر، وإن لم يكن دخل بها فلا مهر لها؛ لأن الفسخ جاء من قِبَلها.
وإذا تزوَّج الرجل بامرأة ثم علم أن بها أحد هذه العيوب، كان له الخيار إن شاء رضي بالعيب، وإن شاء فسخ النِّكاح. فإن كان وطئها كان للمرأة المهر، وإن لم يكن وطئها فلا مهر لها، وإن كان خلا بها خلوة توجب المهر إذا كانت سليمة فلها المهر، وعليها العِدَّة إذا وطئها. وإن كان قد دخل بها على علم بالعيب فلا خيار له، ويرجع الزَّوج بما لزمه من المهر بالدخول على وليها إن كان علم بعيبها ودَلَّسَها ، إذا كان الزَّوج لم يعلم بالعيب قبل الدخول.
قال أبو العباس: والولي لا يرجع عليها بما لزمه كما يرجع الوكيل على الموكِّل، وكذلك لا يرجع الزَّوج عليها إن كانت هي المدَلِّسة.
وإذا تعاقد الزَّوج والمرأة النِّكاح وهما سليمان، ثم حدث العيب كالجنون، والجذام، والبرص، كان لكل واحد منهما الخيار في الفسخ، على قياس قول يحيى (ع).
وإذا كان الزَّوج عِنِّيناً، فلا خيار للمرأة ولا يُفَرَّق بينهما، وكذلك المعسر العاجز عن نفقة امرأته لا يفرق بينه وبينها.(1/313)


قال محمد بن يحيى: من تزوَّج امرأة على أنها بِكْرٌ فوجدها ثيباً، لم يكن له الخيار، ولا يُنَقِّصُ من مهرها؛ لأن البكارةتذهب بالحيض والخرق والوثبة. قال أبو العباس: ويرد إلى مهر المثل إن كان قد زيد عليه لشرط البكارة.
ولو أن أمَة دَلَّسَت نفسها على حُرّ فأوهمته أنها حُرَّة واستولدها، كان على الزَّوج مهرها لمولى الأمَة، ولا يرجع عليها بالمهر، ويلحق نسب الأولاد به، ولزمته قيمة أولاده لمولى الجارية، ولزم سيدها أن يغرم ما لزم الزَّوج بجنايتها إلى قدر قيمتها، فإن كانت قيمتها أقل من قيمتهم طرح قيمة ذلك عنه من قيمة ولده، وطولب بباقي قيمتهم يسلمه إلى سيدها، وإن طلب الزَّوج تسليمها بقيمتها/159/، كان له ذلك. قال أبو العباس: إن كان قيمة الأولاد مثل قيمة الجارية تقاضيا، وإن كان قيمة الأولاد أكثر من قيمة الجارية، فإن شاء الزَّوج أوفى سيدالجارية القدر الزائد من قيمة الأولاد على قيمة الجارية، ويرجع عليها بالزيادة إذا اعتقت، وإن شاء طالب بتسليم قيمة الجارية إليه والتزم جميع قيمة الأولاد، ويفسخ النِّكاح من شاء من سيد الأمَة أو الزَّوج، على قياس قول يحيى عليه السَّلام.(1/314)


ولو أن عبداً دلس نفسه على حُرَّة فأوهمها أنه حُرٌّ فتزوَّجته، ثم علمت أنه مملوك، فلها أن تفسخ النِّكاح، هذا إذا كان سيده قد أذن له في النِّكاح أو أجازه بعد العَقْد. فإن كان دخل بها فالمهر على سيده لها، وإن لم يكن دخل بها فلا مهر لها؛ لأن الفسخ كان من قِبَلِها، على قياس قول يحيى عليه السَّلام، وإن لم يكن منه إذن ولا إجازة وقد دخل بها كان المهر دينا لها في ذمته تطالبه به إذا عتق، وإن كان العبد أوهمها أن سيده أذن له في النِّكاح، كان ذلك خيانة منه وتلزم رقبته أو تلزم سيده لها إلى قدر قيمته.(1/315)


باب نكاح المماليك
المماليك حكمهم في عقد النِّكاح والطَّلاق والعِدَّة حكم الأحرار سواء، للعبد أن يتزوَّج أربعاً، ويملك من التطليقات ثلاثاً، والعِدَّة عنه مثل ما يكون عن الأحرار، سواء كانت تحته حُرَّة أو أمَة.
ولا يجوز نكاح العبد إلا بإذن سيده، وإن أجازه بعد العَقْد صح. قال محمد بن يحيى عليه السَّلام: إن قال رجل لعبده - وقد تزوَّج بغير إذنه -: طلّق. أو قال له - وقد تزوَّج أربعاً -: طلّق واحدة منهن وأمسك البواقي. كان ذلك إجازة.
ويجوز للرجل أن يكره أمته ومُدَبَّرته على التزوُّج. قال أبو العباس: وكذلك العبد، وحكاه عن يحيى، والأظهر أنه تخريج.
ولا يجوز تزويج المكاتبة إلا إذا أذنت فيه، ويكون المهر لها تؤديه في كتابتها، وكذلك لا يجوز للرجل أن يزوج أمَّ ولده، إلا إذا أبت عِتْقها وأذنت في التزويج.
وإذا زُوِّجت الأمَة ثم أعتقت كان لها الخيار، إن شاءت أقامت على نكاحها، وإن شاءت فسخته، سواء كان الزَّوج حراً أو عبداً.
قال القاسم عليه السَّلام: إن مسها زوجها برضاها وقد علمت أن لها/160/ الخيار لم يكن لها الخيار، وكذلك القول في المُدَبَّرة إذا عتقت. قال أبو العباس: فإن لم يكن الزَّوج دخل بها وفسخت النِّكاح، سقط المهر، على أصل يحيى عليه السَّلام، فإن تزوَّجها من بعد، تكون عنده على ثلاث تطليقات.(1/316)

63 / 168
ع
En
A+
A-