ولا تجب التسوية بينهن في الوطئ، وإنما يلزمه التعديل في المبيت بينهن فقط، كما نص عليه القاسم عليه السَّلام، ولو وطئ في قسممن لها القسم غيرَها جاز ذلك، ويستحب أن يكون سراً تجنباً للإيحاش، على قياس قول القاسم ويحيى عليهما السَّلام.
ولو أن امرأة وهبت ليلتها لبعض نساء زوجها، جاز ذلك، وكذلك لو أسقطت قسمها جاز، ولها أن ترجع فيما وهبت.
وإذا تزوَّج الرجل بِكْراً أقام عندها سبعاً، وإن تزوَّج ثيباً أقام عندها ثلاثاً يقيم هذه الأيام بلياليها.
قال أبو العباس: فإن أقام عند واحدة منهنَّ أكثر مما لها، وجب عليه أن يوفي البواقي مثل ذلك/155/.
ويجوز العَزْلُعن الحُرَّة، إذا لم يكن على وجه المضارةلها وأذنت فيه، والأمَة يجوز العزل عنها وإن أنكرت.
وإتيان النساء في أدبارهن حرام، ويجوز مجامعة المرأة في فَرْجِها مقبلاً ومُدَبَّراً، ويجوز لكل واحد من الزوجين أن ينظر إلى فَرْجِ الآخر، ولايجوز للرجل أن يجامع امرأته بحيث ينظر إليهما غيرهما، ويكره أن لا يكون عليهما عند المجامعة ثوب يسترهما، ويكره أن يجامعها في بيتيكون معهما فيه غيرهما، إلا من ضرورة مع اجتهاد في إخفاء ذلك.
ويجوز للرجل إذا أراد أن يتزوَّج امرأة أن ينظر إلى وجهها نظرة واحدة، ووجهها ليس بعورة.
ويجوز للرجل أن يدخل بامرأته إذا صلحت للجماع، والرجوع في ذلك إلى معرفة النساء بحالها.
وإذا كان لزوجة الرجل ولد من غيره فمات، فإنه ينبغي له أن يكفَّ عن جماعها شهراًليتبين أن بها حملاً أم لا، هذا إذا لم يكن للميت من يحجب الأخوة من الأم عن الإرث، كالأب والجد أب الأب والولد وولد الابن.(1/307)
قال أبو العباس: فإن كف عن الجماع واستبرأها جاز له وطئها بعد الاستبراء، على موجب قول يحيى عليه السَّلام، فإن تبين الحِبَل بعد ذلك وجاءت بولد لأقل من ستة أشهر بعد وطئها، ورثه الحمل، وإن كان لأكثر من ستة أشهر، لم يرث.
قال: فإن أنكر الوطئ أصلاً، صُدِّق على ذلك في نصيبه دون نصيب سائر الورثة، فإن انقطع دمها، وقفإلى ثلاث سنين وستة أشهر ويوم من آخر الوطئ؛ لأنه لا حمل أكثر من أربع سنين عندهولا دون ستة أشهر.
ويجب على الرجل أن يقوم بما تحتاج إليه المرأة خارج المنزل، وعلى المرأة القيام بما يحتاج إليه الزَّوج داخل المنزل. [قال السيد أبو طالب:] وما ذكرناه في المرأة خصوصاً من لزومها القيام بما يحتاج إليه الزَّوج داخل المنزل الأولى فيه عندي الاستحباب والإيثار لمساعدة الزَّوج، وهو الذي أراده يحيى عليه السَّلام بما أطلقه، وأصوله تقتضي ذلك.(1/308)
باب الفراش ولحوق الولد بالوالد
فراش الحُرَّة يثبت بنكاح صحيح، أو نكاح فاسد، أو شبهة نكاح ثبت به المهر، فإذا ثبت الفراش، فالولد تابع له، والنَّسَب لاحق بمن يثبت له الفراش. فأما الأمَة فليس لها فراش كما/156/ للحُرَّة، وإنما يثبت لها الفراش بالوطئ إذا حصل في ملك أو شبهة ملك مع ادعاء الولد، فيثبت نسبه منه بالدِّعْوَة، على قياس قول يحيى عليه السَّلام.
قال أبو العباس: فإذا صارت الجارية أم ولد، ثبت بعد ذلك نسب ولدها منه إذا جاءت به، لموضع الفراش وضعف الرق.
والمعتبر في ثبوت الفراش ولحوق النَّسَب بصاحبه: إمكان الوطئ بعد عقد النِّكاح، دون العَقْد، ومضي ستة أشهر فقط، على مقتضى نص يحيى عليه السَّلام.(1/309)
وإن اتفق فراشان أو ما يجري مجرى الفراشين، وكان أحدهما متقدماً على الآخر وجاءت بالولد نُظِرَ في ذلك، فإن أمكن أن يلحق بأحدهما دون الآخر ألحق به، فإن لم يمكن أن يلحق بواحد منهما لم يلحق، وإن أمكن أن يُلحق بهما جميعاً ألحق بالثاني دون الأول. وإنما يمكن أن يلحق بأحدهما دون الآخرإذا جاءت بولد من اليوم الذي ثبت فيه الفراش الثاني لأقل من ستة أشهر، ويكون منذ انقطع الفراش الأول إنما مضت مدة أكثر الحمل أو دونه، وهذا يقتضي إلحاقه بالأول لا محالة، ويمنع من الحاقه بالثاني. وإنما لا يمكن أن يلحق بواحد منهما إذا جاءت بالولد لأقل من ستة أشهر منذ ثبت الفراش الثاني، وأكثر من أقصى مدة الحمل منذ انقطع الفراش الأول، أو تكون قد حاضت بعد انقطاع الفراش الأول ثلاث حيض. وإنما يمكن أن يلحق بهما جميعاً إذا جاءت به لستة أشهر أو أكثر من يوم ثبت الفراش الثاني، ولأقصي مدة الحمل أو دونها منذ انقطع الفراش الأول.
ولو أن رجلا تزوَّج امرأة وهي في عِدَّة من زوجها جهلاً بذلك، وجاءت المرأة بولد لستة أشهر من يوم دخل بها الثاني، ولأربع سنين أو أقل من يوم فارقها الأول، ألحق به دون الأول، فإن جاءت به لأقل من ستة أشهر من يوم دخوله بها، وللأربع سنين أو دونها منذ فارقها الأول ألحق بالأول.
وإن تزوَّجت امرأة المفقود لقيام بينة بموته، وجاءت بولد لستة أشهر أو أكثر، ثم جاء الأول ألحق الولد بالثاني، وإن كان لأقل من ستة أشهر ولأربع سنين أو دونهما من غيبته، ألحق بالأول.(1/310)
ويدخل الأول عليها بعد الاستبراء، والاستبراء يكون بثلاث حيض على ما ذكره أبو العباس/157/ وحصَّله من المذهب، وعليه دَلّ كلام القاسم عليه السَّلام الذي رواه عنه يحيى.
قال يحيى عليه السَّلام في (المنتخب) - فيمن طلّق امرأته فحاضت بعد الطَّلاق ثلاث حيض، ومكثت سنة ثم تزوَّجت ثم جاءت بولد لأربعة أشهر -: لا يلحق الولد بواحد منهما.
ولو أن رجلاً وطئ جارية ثم باعها قبل أن يستبرئها، واشتراها آخر فوطئها من غير استبراء، ثم اشتراها ثالث فوطئها من غير استبراء، ثم ولدت، فإن جاءت بالولد لأقل من ستة أشهر منذ ملكها الأول لم يلحق الولد بواحد منهم، وهو لمن ملكها قبلهم، والجارية أم ولد له ويُرْجَع بثمنها عليه، وإن جاءت به لستة أشهر فصاعداً منذ مَلَكَها الأول من هؤلاء الثلاثة ولأقل من ستة أشهر منذ ملكها الثاني ألحق بالأول، والجارية أم ولد له ويُرْجَع عليه بثمنها، وإن جاءت به لستة أشهر فصاعداً منذ ملكها الثاني، ولأقل من ستة أشهر منذ ملكها الثالث، ألحق بالثاني، والجارية أم ولد له، وعليه أن يرد على الثالث ما أخذ منه من ثمنها، فإن جاءت به لستة أشهر فصاعداً منذ ملكها الثالث، فالولد يلحق به والجارية أم ولد له. وإن كانوا تبايعوها في طهر واحد بعد وطئهم لها، فجاءت به لستة أشهر فصاعداً إلى أقصى مدة الحمل، فالولد لمن ادعاه، فإن ادعوه كلهم فهو ولد لهم كلهم ونفقته واجبة عليهم، ويرجع الثالث على الأوسط بثلثي القيمة، والأوسط على الأول بثلث القيمة.
وأقل الحمل ستة أشهر، وأكثره أربع سنين.(1/311)