قال محمد بن يحيى عليه السَّلام: لا بأس أن يأخذ حجتين إذا علم أصحاب الحج ورضوا به، ويجوز أن تحج المرأة عن الرجل، على ما دل عليه كلام القاسم، فإذا جاز حج المرأة عن /134/ عن الرجل، فحج الرجل عن المرأة أولى.(1/272)
باب ذكر أفضل الحج
أفضل الحج: الإفراد، كما أطلقه يحيى في (الأحكام) وقد مر له فيه ما يحتمل أن القران أفضل، وروى أحمد بن سلام وابن جهشيار عن القاسم عليه السَّلام، أن القران أفضل، وكان أبو العباس يقول: إن القِرَان أفضل لمن حج، والإفراد أفضل لمن لم يحج، على قول القاسم ويحيى عليهما السَّلام، تَعَلُّقاً بلفظة قد مرت ليحيى عليه السَّلام في (المنتخب) ، وقد ذكرنا ما عندنا في معناها في (شرح هذا الكتاب) ، ولا شبهة على المذهب في أن الإفراد أفضل من التمتع، وقد نصّ القاسم ويحيى على هذا.(1/273)
باب العمرة
العمرة: تطوع وسنَّة مؤكدة، وليست بواجبة، على ما دل عليه كلام القاسم، وعلى ما روي عنه، ويجوز فعلها في كل شهر من السَّنَة كلها، غير أنها تكره في أشهر الحج إلا للمتمتع الذي يريد أن يقيم إلى أن يحج، هكذا قال القاسم عليه السَّلام، وفعلها في أيام التشريق مَنْهِيٌ عنه قضاء لعمرة رفضها أو ابتداءً.
قال القاسم عليه السَّلام في (مسائل يحيى بن الحسين العقيقي) : وأفضل العمرة ما كان في رجب أو في رمضان، ويكره فعلها بعد الحج إذا انقضت أيام التشريق.
وميقاتها - لمن يكون بمكة -: من الحل، ويحرم بها من أقرب مكان منه إلى مكة، إن شاء من مسجد عائشة أو الشجرة أو الجعرانة، ومن يكون خارج مكة من أهل البوادي وسائر البلدان فميقاتهم لها أحد المواقيت الخمسة. ومن يريد العمرة فإنه يفعل في إحرامه لها من الغُسْل، وتجديد النية والإهلال بما أحرم له والتلبية وقطعها عند انتهائه إلى البيت والطواف والسعي، ما ذكرنا أن المتمتع يفعله ثم يُقَصِّر أو يحلق.(1/274)
باب النذور بالحج وما يتعلق به
من أوجب على نفسه المشي إلى بيت اللّه الحرام، لزمه الخروج متوجها إليه، فإن كان نوى بذلك الحج، وجب عليه أن يحج، فإن كان نوى العمرة وجب أن يعتمر، وإن لم ينو حجاً ولا عمرة أجزته العمرة، ويمشي ما أطاق /135/، ويركب إذا لم يطق، وعليه دم لركوبه، وإن كان مشيه أكثر من ركوبه فعليه شاة، وإن كان ركوبه أكثر من مشيه فالمستحب له أن ينحر بدنة، وإن استوى ركوبه ومشيه فالمستحب له أن يهدي بقرة، فإن لم يقدر على بدنة ولا بقرة أجزته شاة.
ولو أن رجلا قال: لله عليّ أن أهدي أبي أو ولدي أو أخي أو أختي أو رجلاً أجنبياً، إلى بيت اللّه الحرام. وجب عليه أن يحج به، فيحمله أو يغرم عنه نفقته ويرده إلى أهله وأوطانه إن طاوعه، وإن لم يطاوعه، فلا يلزمه شيء، تخريجاً لبعضهم.
فإن قال: لله علي أن أهدي عبدي أو أمتي أو فرسي. وجب عليه أن يبيعه ويشتري بثمنه هدايا، ويتصدق بها بمكة أو بمنى على ما نواه.
وإن قال: لله علي أن أذبح نفسي أو ولدي أو أخي أو مكاتبي أو أمَّ ولدي بمكة. وجب عليه ذبح كبش عنه بها.
فإن قال: بمنى، وجب عليه أن يذبحه هناك، وإن قال: أذبح عبدي أو أمتي. وجب أن يبيعه ويهدي بثمنه ذبائح إلى مكة أو منى على ما نواه وذكره.
فإن قال: جعلت مالي في سبيل اللّه أو هدايا إلى بيت اللّه. وجب عليه أن يخرج ثلث ماله فيصرفه في الأمور المقربة إلى اللّه تعالى، إن كان قال في سبيل اللّه، أو يشتري بثمنه هدايا إلى مكة، إن كان قال: هدايا إلى بيت اللّه.
% % %(1/275)
باب ذكر النساء اللواتي يحرم نكاحهن
النساء اللواتي يحرم نكاحهن أصناف: فمنهن من يحرم نكاحها بالأنساب، ومنهن من يحرم نكاحها بالأسباب، ومنهن من يحرم نكاحها بالأحوال.
فالتحريم الواقع بالوجهين الأولين لا يَزُول على وجه من الوجوه، والواقع منه بالوجه الثالث يزول بتغير الحال.
فالمحرمات بالأنساب المذكورات في القرآن سبعٌ، وهن:
الأمهات، ومن جملتهن الجدات، وجدات الجدات وإن عَلَون.
والبنات، ومن جملتهن بنات البنات وبنات البنين وإن سفَلن.
والأخوات.
وبناتهن، وبنات بناتهن وبنات بنيهن.
وبنات الأخوة، وبنات بناتهم، وبنات بنيهم.
والعَمَّات، وعمات العَمَّات وإن بَعُدْنَ.
والخالات، وخالات الخالات/136/، وإن بعدن.
والمحرمات بالأسباب المذكورات في القرآن سبع وهن:
[1] الأمهات من الرَّضَاعة، يحرمْنَ على البنين وبنيهم وأبناء البنات وإن سفلوا.
[2] والأخوات من الرَّضَاعة، يحرمن على إخوانهن وأبناء إخوانهن.
[3] وأم المرأة، تحرم على زوجها دَخَل بها الزَّوج أو لم يدخل، وكذلك جداتها وإن علون، وبناتها يحرمن عليه إن كان دخل بالمرأة، وكذلك بنات بناتهن وإن سفلن، وإن لم يكن دخل بها لم يحرمْنَ عليه.
[4] وحلائل البنين، وبني البنين وإن سفلوا.
[5] وحليلة الأب والأجداد وإن علوا.
[6] والجمع بين الأختين حرتين كانتا أو مملوكتين، سواء كانتا أختين من النَّسَب أو من الرَّضَاع.(1/276)