وإن احتاج إلى لبس ذلك في أوقات متفرقة فعليه للباس الرأس فدية، وللباس/128/ البدن فدية، وللباس الرجلين فدية، فإن لبس شيئا من ذلك، ثم زاد في اللباس نحو أن يلبس قلنسوة، ثم عمامة، ثم مغفراً، أو أن يلبس قميصاً، ثم جبة، ثم قباً وفرواً، وأن يلبس جَوْرَباً ثم خفاً ونحو ذلك، فإنه يجزيه فدية واحدة إذا لم يُكَفِّر، وإذا لبس ذلك لعلة من العلل جاز له أن يداوم لبسه إلى أن تزول علته وتَجْزِيه فدية واحدة إذا لم يُكَفِّر قبل إتمامه، وإذا خَضَّبَتْ المرأة وهي محرمة، يديها ورجليها في وقت واحد فعليها فدية واحدة إذا لم تُكَفِّر لبعض ذلك قبل إتمامه، فإن كَفَّرت للبعض ثم خَضَّبَت من بعد عضواً آخر فعليها كفارة أخرى، وإن فرقت ذلك فعليها لخضاب اليدين فدية، ولخضاب الرجلين فدية كما ذركنا في لبس الثياب، فإن خضبت أصبعاً من أصابعها فعليها أن تتصدق بنصف صاع من الطعام، وإن طَرَّفَتأنملة فعليها نصف المُد، وإن طَرَّفَت جميع أناملها فعليها أن تتصدق عن كل أنملة بنصف مُدّ، وما زادت أو نقصت كان تقدير الطعام على حسابه، فإن قصر المحرم ظفرا من أظافيره فعليه أن يتصدق بنصف صاع من الطعام، فإن قَصَّر جميع أظافير يديه ورجليه كان الحكم في لزوم الفدية له ما ذكرناه في الخضاب، ويعتبر فيه من حال الجمع و التفريق ما بينا اعتباره في ذلك، على قياس قول يحيى عليه السَّلام. وهكذا ذكر أبو العباس، وقول يحيى في (الأحكام) : إن المحرم إذا قَصَّر ظفراً استحب له أن يتصدق بنصف صاع من طعام. ليس المراد به أن الصدقة مستحبة غير واجبة، وإنما المقصود بذكر الإستحباب: التقدير(1/262)


الذي طريقه الإجتهاد.
قال أحمد بن يحيى - في المحرم إذا غطا رأسه ناسياً -: عليه دم بمنى، أو صيام ثلاثة أيام، وكذلك قال أبو العباس في المرأة إذا تنقبت بنقاب يغطي وجهها، إنها تلزمها الكفارة، فإن كَفَّرت ثم عاودت فعليها كفارة أخرى، ولو أن محرماً قَبَّل امرأته فأمنى فعليه بدنة، فإن أمذى فعليه بقرة، فإن كان مع القبلة هيجان شهوة وحركة ولذة فقط، فعليه شاة، وإن حملها من مكان إلى مكان وكان منه شيء، كان حكمه في المني والمذي وتحرك الشهوة من دون خروج شيء ما ذكرنا، وإن نظر لشهوة كان حكمه حكم مَنْ قَبَّلَ، /129/ في جميع ذلك، على قياس قول يحيى عليه السَّلام.
فإن قبلها لا عن شهوة ولم يكن منه بعض ما ذكرناه فلا شيء عليه، ومن تطيب ناسياً لإحرامه، لزمته الفدية، على قياس ما نص عليه أحمد بن يحيى عليه السَّلام في المحرم إذا غطا رأسه ناسياً.
والوطء يفسد الإحرام، عمداً كان أو سهواً، على موجب إطلاق يحيى عليه السَّلام.
والمحرم إذا تعمد قتل صيد، ذاكراً لإحرامه أو ناسياً له، فعليه الجزاء، فإن قتله خطأ فلا شيء عليه، نصّ على هذا القاسم عليه السَّلام، ودل عليه كلام يحيى في (الأحكام) و(المنتخب) .
والمبتدئ لقتل الصيد والعائد فيه سواءً في وجوب الجزاء عليهما، على مقتضى إطلاق يحيى، وقد نصّ عليه محمد بن يحيى.(1/263)


والجزاء إما أن يكون مثل الصيد المقتول في الخلقة، أو طعاماً بعدل ذلك المثل، أو صياماً بعدل الإطعام، والمماثلة بين الجزاء وبين الصيد المقتول في الخلقة يثبت إما بخبر يجب العمل به أو بحكم ذَوَيْ عدل بصيرين بالحكومة مع الصلاح في الدِّين، ومن وجب عليه الجزاء فإنه يكون مخيرا بين الأشياء الثلاثة التي ذكرناها، فإذا كان الجزاء الذي هو مثل الصيد المقتول بدنة وأحب العدول إلى الطعام فهو إطعام مائة مسكين، وإن أراد الصيام فهو صيام مائة يوم، فإذا كان الجزاء بقرة فالإطعام هو إطعام سبعين مسكينا، والصيام هو صيام سبعين يوما، وإذا كان الجزاء شاة فالإطعام هو إطعام عشرة مساكين والصيام صيام عشرة أيام، وفي النعامة بدنة، وفي حمار الوحش بقرة، وفي الظبي شاة.
قال يحيى بن الحسين - في الضبع والسبع إذا قتله المحرم -: فإن كان ذلك في ناحية يفترس فيها فلا شيء عليه، وإن كان في ناحية لا يفترس فيها ففيه شاة. قال: وأعرفه بالحجاز لا يفترس.
قال أبو العباس: وعلى هذا لا شيء في الأسد والدُّب والذئب والفهد والنمر.
قال السيد أبو طالب: هذا التخريج الذي ذكره رحمه اللّه ليس بمعتمد؛ لأن يحيى قد نصّ في (الأحكام) على أن المحرم يقتل السبع العادي إذا عدى عليه. وقال أيضا فيه: يقتل كل دابة خشي ضررها.(1/264)


وقال في الكلب العقور يقتله إذا ألحمه نفسه، فشرط في جواز قتله للسبع أن يكون منه تعرض له، وكذلك في غيره، نحو الكلب العقور، وكذلك شرط في غيرهما إن خشي منه الضرر، وهذا يقتضي أن يكون/130/ المراد بما قاله في الضبع أنَّه إذا كان يفترس في ناحية وخشي منه ذلك بأن يتعرض له جاز له قتله، وإذا كان هذا محتملاً وملائماً لما نصّ عليه في السبع وغيره، ومنع بما قاله رحمه اللّه من أن الدُّبُّ والأسد والفَهْد والنَّمِر يجوز له قتله.
وفي الوَعِل شاة، وفي الحمام شاة، والقُمْرِي والرَّخَمة والوشم والدَبسي في كل واحد منها شاة، وفي الثعلب شاة، وفي اليربوعوالضَّبِّعَنَاقٌمن المعز، وفي صغار الطيور إذا قتلها المحرم كالعصفور والقَنْبَرة والصَعْوة مُدَّان من الطعام، فإن كانت قيمتها أكثر من ذلك فالقيمة.
قال السيد أبو طالب: وهذا يقتضي أنَّه عليه السَّلام يعتبر القيمة فيها، ورأى أن مدين من الطعام على غالب الأحوال يبلغ قيمتها.
قال القاسم عليه السَّلام: في العضايةشيء من الطعام كما في الجرادة.
وقال في فرخ الطائر، أن علياً عليه السَّلام رُوي عنه، أن في كل فرخ وَلَدُ شاةٍ، وفي بيض النعامة إذا كسره المحرم أو أوطأه راحلته في كل بيضة صيام يوم أو إطعام مسكين.
فإن قتل المحرم شيئاً من الصيد في الحرم فعليه الجزاء وقيمة الصيد، وإن قتله فيه حلال فعليه القيمة.
وإن أفزع الصيد بدلالته أو إشارته أو أخذه له ثم أرسله فعليه أن يتصدق بشيء، ويكون كثرته وقلته على حسب ما شاهد من فزعه.(1/265)


والقارن إذا قتل صيداً في الحرم فعليه جزاءان، وكذلك إن فعل ما يمنع الإحرام منه من اللبس والحلق وغير ذلك، فعليه فديتان.
ولو أن مفرداً أو قارناً وحلالاً اشتركوا في قتل الصيد في الحرم فعلى المفرد الجزاء أو القيمة وعلى القارن جزاءان والقيمة، وعلى الحلال القيمة.
ولو أن محرماً حصل في يده صيد عن اصطياد أو شراء أو غير ذلك فأمسكه ولم يرسله حتى مات فعليه الجزاء، فإن أخذ صيداً فحمله إلى بلده فعليه أن يرده إلى مكانه الذي أخذه منه ويرسله هناك، وأن يتصدق بشيء لإفزاعه له وحصره، وقَدَّر يحيى عليه السَّلام فيه مُدَّين من الطعام بمد النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم، فإن مات في يده قبل أن يرده فعليه الجزاء.
وإن اصطاد ظبية فولدت ولداً أو أولاداً، وجب عليه ردها مع أولادها إلى مكانها، فإن ماتت أو مات أولادها كان عليه لكل واحد منها جزاء، ولو أنَّه أخذ طائراً فنتف ريشه أو قصره فعليه أن يكفله ويعلفه ويتعاهده /131/ حتى ينبت جناحاه ثم يرسله، وعليه صدقة لأخذ ريشه وإفزاعه.
ولو أنَّه أخذ صيداً فأخذه منه حلال فأرسله لم يكن على المحرم جزاء ولا على المرسل ضمان، وعلى المحرم أن يتصدق بشيء لإفزاعه.
وإذا أكل المحرم لحم صيد فعليه الفدية، وإن كان ذلك في الحرم فعليه القيمة مع الفدية، على قياس المذهب، فإن كان هو الذي ذبحه فعليه الجزاء أيضاً، وإن أكله في غير الحرم وذابحه غيره فعليه الفدية.(1/266)

53 / 168
ع
En
A+
A-