وصدقة الفطر سبيلها سبيل سائر الصدقات في أن استيفائها وتفريقها إلى الإمام، إذا كان في الزمان إمام حق، على موجب قول القاسم عليه السلام.(1/197)


باب ما يجب فيه الخمس
الخمس واجب في كل ما يُغْنَم من الأموال قليلة وكثيرة، ولا يعتبر فيه النِّصاب ولا الحول، والغنيمة أصنافٌ كثيرة، فمنها: ما يُغْنَم من أموال أهل الحرب وأهل البغي، وما يؤخذ من الأرضين المنتقلة عن الكفار إلى المسلمين، من أموال الصلح والخراج، وما يؤخذ من أهل الذمة من الجزية وغيرها، وفي السَّلب الذي يستحقه المقاتل إذا جعله الإمام له على قتل العدو.
ومنها: ما يستخرج من المعادن كالذهب والفضة واليواقيت والدر واللآلئ والزمرد والفصوص والنحاس والرصاص والحديد والشَّبُّ والكحل والمسك والعنبر والزرنيخ والزئبق والكبريت والنفط.
ومنها: ما يصطاد في بَرٍّ أو بحر أو نهر كالسموك والطيور.
ومنها: ما يؤخذ من الرِّكاز - وهي كنوز الجاهلية -، وإن كان ما يؤخذ منها مِنْ ضَرْبِ الإسلامفهي لُقَطَة، وهكذا روى محمد ابن منصور المرادي عن القاسم عليه السَّلام، على ما حكاه أبو العباس.
قال أبو العباس رحمه اللّه: ما يستخرج من المعدن يجب فيه الخمس سواء كان المعدن في دار الإسلام أو خارجاً عنها، ومن وجد ما يجب فيه الخمس من الركاز فعليه الخمس والباقي له، سواء وجده الإنسان في ملكه أو خارجاً عنه، والصحراء وغير الصحراء سواء في وجوب الخمس على الواجد.
وإذا دخل المسلم دار الحرب بأمان، فوجد ركازاً فهو له، سواء وجده في دار بعضهم أو في الصحراء ويخمس، على قياس يحيى عليه السَّلام.
قال القاسم عليه السَّلام - فيمن دخل دار الحرب من المسلمين فوجد فيها الطعام والعلف -: إن كان ذلك مما يُسَهَّلُ فيه، فيجوز له تناوله من غير إخراج الخمس.(1/198)


باب كيفية إخراج الخمس
من وجد أو استخرج أو اصطاد ما يجب فيه الخمس، وجب عليه دفع خُمسه إلى الإمام، إن كان في الزمان إما حق، وإن لم يكن فَرَّقَه هو في مستحقه.
وكل ما يجب فيه الخمس يجب أخذه من عينه، ولا تَجْزِي قيمته، إلا أن يكون مما لا يمكن تجزئته، أو يُنَقِّص ذلك من قيمته، على قياس قول يحيى عليه السَّلام.
ومن باع ما يجب فيه الخمس وجب على المشتري إخراج الخمس منه، ويَرْجِع على البائع بقدره، على قياس قول يحيى عليه السَّلام.
ومن أنفق على تحصيل ما يجب فيه الخمس، وجب عليه إخراجه من جميعه قليلاً كان أو كثيراً، ولا يجوز أن يحتسب بشيء مما أنفق عليه.
ولا يتكرر وجوب الخمس في شيء مما يجب فيه.
قال أبو العباس - فيمن استخرج معدناً ثم باعه قبل أن يخلصه -: يؤخذ منه قيمة خمس المعدن، وكذلك لو استهلكه أُخِذ منه قيمة المُسْتَهْلَك.(1/199)


باب ذكر أهل الخمس وكيفية قسمته فيهم
أهل الخمس بعد إخراج السهمين المفروضين لله عز وجل وللرسول صلى اللّه عليه وآله وسلم: ذوو قربى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم، وهم أولاد علي، وأولاد جعفر، وأولاد عقيل، وأولاد العباس، وسائر من بقي من بني عبد المطلب، نحو ولد الحارث بن عبد المطلب، واليتامى، والمساكين، وبنوا السبيل.
ويقسم الخمس على ستة أسهم: فسهم منها يكون لله تعالى، والواجب صرفه/91/ إلى ما يراه الإمام من الأمور المقربة إلى اللّه تعالى، نحو إصلاح طرق المسلمين، وبناء مساجدهم، وحفر آبارهم، وما يجري مجرى ذلك. وسهم منها لرسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم، وهو مصروف بعده إلى إمام المسلمين لمقامه مقامه، ينفق منه على نفسه وعياله وكراعه وخدمه وعلى سائر مصالح المسلمين. وسهم لذوي قربى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم، وهو مصروف إلى البطون الأربعة التي ذكرناها. وسهم لليتامى. وسهم للمساكين. وسهم لابن السبيل.
وسهم ذوي القربى يقسم بينهم قَسْماً بالسوية لا يفضل ذكورهم على إناثهم، ويُشْرَك فيه بين غنيهم وفقيرهم. وإنما يستحق ذلك منهم من كان متمسكا بالحق تابعا لإمام المسلمين، فأما من انحرف عنه ومال إلى أهل البغي فلا حق له فيه.
وآل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم من الأصناف الثلاثةأولى بهذه السهام من غيرهم، فإن لم يوجدوا فيهم، كانت مصروفة إلى هذه الأصناف من أولاد المهاجرين، فإن لم يوجدوا فيهم، كانت مصروفة إلى أولاد الأنصار، فإن لم يوجدوا فيهم، كانت مصروفة على هؤلاء الأصناف من سائر المسلمين.(1/200)


باب ذكر من يلزمه صيام شهر رمضان وبيان أنواع الصوم الواجب
يجب صيام شهر رمضان بالبلوغ، هكذا ذكر أبو العباس، وحكاه عن محمد بن يحيى، وما أطلقه يحيى من أنَّه يجب بالإطاقة، وأنه متى أطاق صيام ثلاثة أيام كان مطيقاً له، فإنه محمول على أنَّه يؤمر به عند ذلك للتعويد.
قال القاسم عليه السَّلام: أنواع الصوم الواجب سبعة، وفصلها بأنها: صوم شهر رمضان. وصوم كفارة اليمين. وصوم الظهار عند العجز عن الرقبة. وصوم قتل المؤمن، ومن أُمِّنَ بالعهد، إذا لم يجد القاتل رقبة مؤمنة. وصوم المتمتع، إذا لم يجد الهدي. وصوم المحرم فدية لما يمنع الإحرام منه وتدعو الضرورة إليه. ومنها صوم النذر.(1/201)

40 / 168
ع
En
A+
A-